الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

أوباما المواطن - معمر حبار

أوباما المواطن  - معمر حبار
ظل أوباما ينتظر نتائج الانتخابات الأمريكية الرئاسية كغيره من عامة الناس، لم يستطع الجزم بالفوز حتى قيل له أنك الفائز، حينما حانت ساعة إعلان النتائج التي لايملك إلا الانصياع لها.
اعتلى منصة النصر والتتويج بخفة نادرة ورشاقة باهرة، ولمدة 25 دقيقة ارتجل خطابا في غاية البلاغة، لم يتلعثم في حرف ولم يتعثر في كلمة، لم يتوعد أحد ولم يهدّد أيّ كان، بل هنّأ منافسه رومني وتمنى له التوفيق والنجاح، طالبا منه الجلوس سويا لإيجاد أفضل الحلول، وفي نشوة النصر يُعرف الكبار، وبالمثل عامله رومني حينما هنّأ أوباما بالفوز وتمنى له النجاح ولأسرته وللفريق الذي ساعده وأيّده طيلة الحملة الانتخابية.
أعلن الفائز أوباما على مسمع الكرة الأرضية أنه يحب زوجته حبّا جمّا، وأن حبّه لها امتد واشتد، فحب الشعب والوطن يبدأ من حب الزوج لزوجه، ومن لاخير في زوجه لاخير فيه، وقيادة الأمم تبدأ من قيادة الأسرة.
يقال إن عظمة الولايات المتحدة الأمريكية لاتكمن في كونها أقوى دولة من الناحية العسكرية، والتي لايمكن أن ينافسها أحد في العدد والعدة، لكن عظمتها تكمن في المساواة بين أفراد شعبها، والفرص المتاحة للجميع دون استثناء، والقيم الانتخابية التي تميّز الجميع ولا تحابي أحدا، وإلا كيف يمكن لإفريقي الأصل أسود اللون أن يعتلي سدة حكم الولايات المتحدة الأمريكية مرتين، يقول أوباما مفتخرا بأصله ولونه، معتزّا بما قدّم، حافظا للجميل غير ناكر له، معترفا بمن أوصله وساعده.

قال أحد الناقمين على أوباما، إنه لم يفعل أيّ شيء من أجل العرب، ردّ عليه صاحب الأسطر ضاحكا، ومن ذا الذي أعلمك أنه رئيسا للعرب، إنه لم يذكرهم قط في خطابه، وهم الذين انتظروه طيلة الحملة الانتخابية ليجد حلا لدماء الأخوة في سورية، والأشلاء المتناثرة في العراق،والقنابل المتساقطة في أفغانستان، والرماح المعلنة في تونس، والنزيف المستمر في ليبيا، و"الجهاد!" المعلن في مالي.

أوباما في 49 من عمره، سيخرج من عهدته الثانية في كامل قواه العقلية والبدنية معزّزا مكرّما، حين دخل وحين حكم وحين يخرج في اليوم المعلوم المحدّد له سلفا، بينما ملوك ورؤساء العرب الذين قدّموا له التهاني يتساوى عندهم عيد الميلاد بعيد العرش، فهم دخلوا وأدخلوا لكي لايخرجوا، وخرجوا وأخرجوا إلى حيث القبور المجهولة، والجهات غير المعلومة، فالحكم عندهم من المهد إلى اللّحد.

لو بقي أوباما في موطنه الأصلي، فإنه في أحسن الأحوال سيكون حاكما عسكريا يحكم شعبه بالحديد والنار، فمن ذا الذي يجعل من الأفراد بردا وسلاما على أمتهم؟.

ليست هناك تعليقات: