الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

سياسة القنوت - معمر حبار

سياسة القنوت   -   معمر حبار
قال للإمام الشاب وهو يحدّثه عن فضائل دعاء القنوت، أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مازال يقنت حتى مات، وأن الأمة بمذاهبها الأربعة،مازالت تقنت منذ تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يخالفها في ذلك أحد.
رد الإمام الشاب باستحياء، لكن قيل لي أن دعاء القنوت لايكون إلا بأمر من ولي الأمر! 
راح يؤكد له أن الفقه يعلو ويعلو ليجد حلا لأدق الأمور وأجلها، ومازال في علياءه وصفاءه، حتى إذا مادخلت عليه السياسة أفسدت صاحبه، والأمة التي تتبناه.
وللتدليل على ذلك، يكفي القول أنه أثناء الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، سعى المسلمون بفطرتهم السليمة، ليدعوا لإخوانهم العراقيين عبر دعاء القنوت، عسى أن يُرفع عنهم ذل الاحتلال ومقت الأمريكان، الذين أباحوا حضارة عمرها عمر الكون، فإذا بهم يتلقون صدمة أشد من صدمة الاحتلال، حينما قيل لأبناء الحجاز أن الاحتلال لايعتبر نازلة تستوجب القنوت !، وأنه لايمكن دعاء القنوت دون رخصة من ولي الأمر !.
والحقيقة التي لاتقال، أن الاحتلال الأمريكي للعراق جاء عبر فتوى تجيز الاستعانة بالكفار، وبطلب من ولي الأمر، ولايمكن للطرفين ممن أفتى واستعان بالأمريكان، أن يقنت ويرخص في دعاء القنوت، ضد من فتحت لهم الأرض والسماء.
أليست غزة الآن تدمر تدميرا، أليس قنبلة الأخوة وتدمير المباني وقصف الجامعات والمقرات على رؤوس الأشهاد، نازلة تستحق من المتفرجين أمثالنا دعاء قنوت، لعله يشفع لما فرطنا في إخوتنا، وإذ لم يكن العدوان الصهيوني يوميا بالعرض والأرض نازلة، فمن هي النازلة إذن !.
المعروف في فقهنا النّاصع، أن العدو إذا دخل أرضا، لايستأذن الولد والديه، ولا تستأذن الزوج زوجها، لما في الدفاع عن المحارم والأرواح والممتلكات، قداسة مقدمة على طاعة الوالدين والزوج.
في هذه اللحظة التي تُكتب فيها هذه الأسطر بمرارة، يهاتف أوباما زميله النَّتِنْ يَاهُو، ويشجعه على الاستمرار في قنبلة وقصف الرّكع الرّضع في غزة، ويطمئنه أن من حق الصهاينة الدفاع عن النفس، وتتساءل مراسلة عن مصير صاروخ واحد حطّ بالأرض المغتصبة، فكيف بالمرء ينتظر ترخيصا من أجل أن يدعو دعاء القنوت، على عدو اقتحم فراشه، واستولى على متاعه.

ليست هناك تعليقات: