السبت، 9 فبراير 2013

قراءة في رواية نورس باشا للروائية الجزائرية هاجر قويدري. مريم التيجي

قراءة في رواية نورس باشا للروائية الجزائرية هاجر قويدري
الرباط/مريم التيجي *
ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﻧﻮﺭﺱ ﺑﺎﺷﺎ " ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻫﺎﺟﺮ ﻗﻮﻳﺪﺭﻱ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺩﺍﺭ ﻃﻮﻯ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻋﺎﻡ 2012 ﻭﺍﻟﻔﺎﺋﺰﺓ ﺑﺠﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﺎ ﺟﻤﻴﻼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ، ﻓﻬﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﻣﻤﺘﻌﺔ ﻓﻲ ﺩﺭﻭﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺿﺎﻭﻳﺔ ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻓﻲﺟﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴي.
ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻐﺮﻕ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺗﻨﻘﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﻦﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ، ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲﺗﻨﺴﺞ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﻋﻮﺍﺩ ﺍﻟﻘﺼﺐ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ؛ ﻣﺸﺪﻭﺩﺍ ﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻋﻦ ﺯﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺭﺳﻢ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﺍﻟﺨﻄﻲ.


الروائية الجزائرية هاجر قويدري
ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻟﻢ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻳﻦ ﺃﺻﻨﻒ ﺿﺎﻭﻳﺔ ﺑﻄﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﻋﺰﻳﺰ ﺑﺘﺴﻜﻴﻦﺍﻟﻌﻴﻦ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ.. ﻬﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﺒﻨﺎﺕ ﺟﻴﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻓﺮ ﺣﻈﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻄﻔﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﺻﺒﺎﺡ ﻓﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﺍﻷﻏﺎﻭﺍﺕ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ، ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﺯﻭﺟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﺒﻴﺘﻪ ﺍﻟﻔﺨﻢ ﺏ "ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺎﺕ"، ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎﺕﺑﺎﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻓﻌﺎﺩﺕ إلى ﺑﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺌﻴﺲ ﻭﺇﻟﻰ ﻭﺯﻭﺝ أمها، ﻣﺨﻠﻔﺔ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻜﺮﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ؛ ﻭﻟﻴﺸﻜﻞ ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻨﻌﻄﻔﺎ ﺳﻌﻴﺪﺍ، ﺑﻪ ﺑﻌﺾﺍﻟﻤﻨﻐﺼﺎﺕ ﺣﺴﺐ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ التي كانت تعيشها البلاد .
ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﺯﻟﺖ ﺿﺎﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﺭﺛﻬﺎ ﻣﻦ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺯﺍﻳﺮ، ﻛﻤﺎﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻲ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻋﺎﺷﺖ ﺣﻠﻤﺎ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻊ ﺳﺮﻗﺔ ﺧﺎﺩﻣﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﻟﻄﻲﻛﺘﻮﻧﻴﻮﺱ ﻟﻜﻞ ﻣﺪﺧﺮﺍﺗﻬﺎ ﻭﻫﺮﻭﺑﻪ ﺍﻟﻰ ﻭﻃﻨﻪ.

ﺍﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﺓ ﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﺗﻨﻌﻄﻒ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﻗﺪﺭ ﺷﻘﻲ ﺗﻘﻮﺩﻫﺎ من جديد ﺍﻟﻰ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺯﻭﺝ ﺃﻏﻨﻰ ..
لكن ﺍﻟﺴﺤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺃﻣﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﻓﺠﺮ ﻳﻨﻐﺺ ﺳﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻭﻳﺤﺮﻣﻬﺎ ﻣﻦﺍﻹﻧﺠﺎﺏ ﺭﺑﻤﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ ...
في الختام ﺍﺧﺘﺎﺭﺕ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، ﺗﺘﺮﻙ ﻛﻞ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺗﻤﻴﺰﺍ ﺁﺧﺮ .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺃﺛﺎﺭ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺑﺤﻜﻢ ﻋﻤﻘﻬﺎ ﻭ ﻗﻮﺓ ﺣﺒﻜﺘﻬﺎ ﻭﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺯﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥﺗﻜﻮﻥ ﺃﻃﻮﻝ ﻭﺃﻛﺒﺮ ﺣﺠﻤﺎ، ﻓﻔﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﻌﻄﻔﺎﺕ ﺷﻌﺮﺕ ﻛﻘﺎﺭﺋﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺮﺕ ﺑﺄﺳﺮﻉ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ، حيث ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﻣﻄﻮﻻ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.
وفي المقابل يطرح ﻋﻤﻞ ﺇﺑﺪﺍﻋﻲ بهذا ﺍﻟﺤﺠﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺸﺎﺭﻛﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻬﺘﻢﺑﺎﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻓﺘﺢ ﻧﻘﺎﺵ ﻣﺎ ..
ﺃﻭﻻ ﻟﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺾ ﻋﻤﻞ ﺭﻭﺍﺋﻲ ﻣﻬﻢ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻡ ﺇﻋﻼﻣﻲ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ؟ ﻓﻠﻮ ﻧﺸﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﺣﻀﻲ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﺳﻢ ﺃﺩﺑﻲ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺸﺮﻗﻴﺎ ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﻌﺎﻉ
ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ؟
ﺭﺑﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻳﺤﻴﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻤﻐاﺮﺏ ..ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺈﻥﺧﻄﻮﺓ ﻫﺎﺟﺮ ﻗﻮﻳﺪﺭﻱ ﺍﻟﻮﺍﺛﻘﺔ ﺗﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﻤﻮﺍﻃﻨﺘﻬﺎ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﺴﺘﻐﺎﻧﻤﻲ ﻭﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺨﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻣﺎ ﺇﺫﺍﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺸﺎﺋﺮ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻤﺠﺪ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺏ ﻟﻜﻦ ﺑﺄﻗﻼﻡ ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ؟

مريم التيجي
* كاتبة وصحفية مغربية من مواليد الرباط 1969 ، حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة محمد الخامس بالرباط/ لها مجموعة قصصية قيد النشر

ليست هناك تعليقات: