السبت، 29 يونيو 2013

حوار جلالة الملك مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية

حوار جلالة الملك مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية:

كنت أظن أنني سأبقى كما كنت الا أن الحكم يغير الإنسان وأنا لا أشكل استثناء للقاعدة


الأسلوب هو الرجل، وفي السياسة نميز سمات وطبائع الشخصية السياسية من خلال سلوكها وممارساتها في الحقل السياسي تجاه القضايا المصيرية للأمة، وأيضا من خلال خطابها الرسمي أو حواراتها الصحافية في سياقات متعددة، لذلك نلجأ في "الهدهد" إلى استعادة كل حوارات الملك محمد السادس وهي نادرة، لكنها بإمكانها أن تساعدنا على الجواب على سؤال مركزي، وهو: كيف يفكر الملك محمد السادس؟ وهذا حوار ثالث للعاهل المغربي مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ، الثلاثاء 4 شتنبر 2001، ندرج هنا جزأه الأول.
لقد اعتليتم العرش في يوليوز 1999 بعد وفاة المرحوم والدكم الملك الحسن الثاني. ما هي الحصيلة التي تضعونها لهاتين السنتين الأوليين من حكمكم؟
انني لم أتجاوز بعد الثامنة والثلاثين من عمري كما أنني لم أقض في الحكم سوى سنتين لذلك أفضل استعمال كلمة أخرى غير كلمة حصيلة. إن وضع حصيلة في مثل هذه الحالة يبدو أمرا سابقا لأوانه وينطوي على نوع من الغرور فضلا عن كونه يوحي بنهاية شيء ما والحال أنني مازلت في البداية. لقد اخترت عن قصد نهجا غير استعراضي يتمثل في تأسيس اختياراتي على المكتسبات وعلى قاعدة الاستمرارية. فانا لا أستيقظ كل صباح لأقول لنفسي.. " يتعين علي اليوم لكي أحظى بالإعجاب وأتصدر الصفحات الأولى للجرائد أن أغير الأمور" فذلك سيكون مثيرا للسخرية ومن باب الديماغوجية. إن مقاربتي هي في الآن نفسه أكثر براغماتية وأكثر عمقا. ووتيرتي في العمل هي وتيرة المغرب ككل، وليست بالضرورة الوتيرة التي يريد أن يفرضها علينا، بعجرفة وعن جهل، بعض المراقبين الذين نصبوا أنفسهم مدعين عامين. إنهم يسعون، وانطلاقا من مجالسهم في المقاهي، الى جعل المغرب وعاهله يسيران حسب هواهم.. لكن ذلك الزمن قد ولى.
ولكن هل تسايرون تطلعات الرأي العام المغربي؟
إن هذا بالضبط هو ما يهمني، وما آخذه بعين الاعتبار هو نظرة الغالبية العظمى من المغاربة الى عملي. فهذه النظرة تلتقي مع نظرتي في كون المهمة جسيمة بقدر ما هي مثيرة للحماس. فنحن معا نريد اتمام بناء الصرح الديموقراطي في شكله الأكثر اكتمالا كما نريد أن تكون هذه الديموقراطية محققة للرخاء أي ديمقراطية بلد اختار اعادة التوازن الاجتماعي المبني على النمو وعلى الواقعية والانصاف أيضا. إن هذا التصور العقلاني يدركه المغاربة جيدا.. فهم يعرفون إلى أين يتجه المغرب.
بما أنكم تعلنون عن نهج جديد هو نهج الاصلاحات فأين وصلتم الآن؟
إن الاشارات التي أعطيت والنتائج المحصل عليها عديدة وملموسة سواء تعلق الأمر بحقوق الانسان وهو المجال الذي برهن المغرب عن جدارته فيه أو تعلق بمنطق الإدماج الاجتماعي الذي جعلت منه أولى أولوياتي. وليس المغاربة وحدهم هم من أدرك ذلك بل المجتمع الدولي أيضا وخاصة أصحاب القرار في عالم الاعمال إذ أن المغرب سيتجاوز،لأول مرة في تاريخه، عتبة الثلاثة ملايير دولار كاستثمارات خارجية مباشرة علما أنه قبل عشر سنوات فقط كانت هذه الاستثمارات دون الخمسين مليون دولار في السنة.
ولكنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية اقتصادية بدون وجود تنمية اجتماعية؟
هذا أمر بديهي. يتعين علينا أن نكافح على جبهتين.. اقتصادية واجتماعية. فمحاربة الفقر والأمية هدف يحظى بالأولية.
كيف تدبرون العلاقة الجدلية بين الديموقراطية والتنمية وكيف تتجاوزون التناقض بين إرادتكم في التحديث وواقع عالم قروي تسود معظمه الأمية؟

إنه من الممكن الجمع بين التقاليد والحداثة. بل أعتقد أن الحداثة يمكنها أن تساعد على ترسيخ نوع من التقاليد. وتجربة اليابان خير مثال على ذلك. فالمهم هو إيجاد صيغة ملائمة للمغرب. وبما أن غالبية المغاربة يعيشون في الوسط القروي فانه يتعين أن تأتيهم الحداثة بحلول في عين المكان بحيث لا يذهبون إلى المدن بحثا عن حلول لمشاكلهم. إن المغرب كما تعلمون يواجه دورات جفاف تاريخية شبه قارة، وبالرغم من المآسي التي يسببها ذلك فإننا لم نستسلم للقدر وواصلنا تقدمنا. وأود أن أشير هنا الى رقمين اثنين.. ففي ما بين عام 1990 و عام 2000 انتقلت نسبة القرى التي تم تزويدها بالطاقة الكهربائية من 15 الى 45 في المائة أما في ما يتعلق بالتزويد بالماء الشروب فقد انتقلت من 14 الى 42 في المائة.
إنكم حسب هذه الأرقام لم تبلغوا حتى منتصف الطريق فكيف يمكن السير إذن بكيفية أسرع والى مدى أبعد؟
جواب جلالة الملك.إن تنمية البنيات التحتية تعني في المقام الاول إيصال الماء والكهرباء. بينما تعني إعادة النظر في السياسة الفلاحية تحديد ما إذا كان ينبغي تركيز الانتاج المغربي على الحبوب أو على المنتجات الفلاحية ذات القيمة المضافة المرتفعة. إن مراكز محو الأمية لا يجب أن تفتح في المدن بل في البوادي وذلك لتمكين الفتيات من التربية ومساعدة الناس على البقاء حيث هم وعلى تنمية معارفهم في عين المكان وتحسين وسطهم الطبيعي. إن المهمة لجسيمة والدولة لا تتوفر على وسائل تحمل جميع هذه المسؤوليات وحدها. فعلى المنظمات غيرالحكومية أن تساهم بدورها في هذا المجهود وخاصة منها مؤسسة محمد الخامس التي أترأسها والتي تقوم بالشىء الكثير في مجال التربية ومحاربة الامية.
ما هو التعريف السياسي الذي تعطونه لملكية لا تريد أن تكون لا مطلقة ولا برلمانية؟
إنه لا مقارنة مع وجود الفارق. فعلى سبيل المثال دأب الكثيرون على مقارنة شخصي بشخص الملك خوان كارلوس. ومع أنني احترم العاهل الاسباني وأعزه كثيرا فليس هناك وجه للشبه بين النظامين الملكيين الاسباني والمغربي. فالمغاربة لم يتشبهوا أبدا بأحد ولا يطلبون من الآخرين أن يتشبهوا بهم. إنهم يريدون ملكية قوية وديموقراطية وتنفيذية. فملكيتنا ملكية دستورية يحكمها قانون أساسي يعود الى سنة 1962 تم إعداده بتشاور وثيق مع التشكيلات السياسية التي كانت موجودة آنذاك. غير أن الملك عندنا لا يكتفي بأن يسود. إنني أمارس الحكم وأشتغل مع حكومتي في إطار دستوري واضح يحدد مسؤولية كل طرف. ولا أجد أي لبس أو غضاضة في ما أقوله لكم. فمنذ 13 قرنا من وجود النظام الملكي بالمغرب ونحن سائرون على هذا النهج وهو النهج الذي يريده المغاربة.
لكنكم مع ذلك لا تنفردون بالحكم؟
في العالم الحالي حتى الملك لايمكنه أن يتصرف بمفرده. ثم إن ذلك لا يتناسب لا مع اختياري ولا مع فلسفتي. فأنا أشتغل مع فريق ولدي مستشارون يعبرون لي عن آرائهم بكل صراحة. أثق بهم ويثقون بي. وعلى كل فإنني لا آخذ أبدا برأي شخص واحد، ربما كنت ميالا إلى الأخذ بأكبر عدد من الآراء لكن لا أريد قطعا أن أقع في خطأ تأسيس قراري على وجهة نظر واحدة أو رأي شخص واحد.
كيف تنظمون عملية توزيع المهام مع الوزير الأول اليوسفي؟

ليس هناك أي ارتجال. فالسيد اليوسفي يقوم بعمله وأنا أقوم بعملي. ولا أحد يتطاول على اختصاصات الآخر. فقبل قليل اتصل بي السيد اليوسفي بواسطة الهاتف عقب انعقاد مجلس للحكومة وطرح علي سؤالين أو ثلاثة أسئلة وطرحت عليه بدوري بعض الأسئلة وتبادلنا المعلومات. فالأمور تتم بهذه الطريقة. وقبيل انعقاد مجلس الوزراء يزورني السيد اليوسفي ونناقش ما سيتم قوله ثم نتقاسم المهام سؤ في ما يتعلق بالسياسة الداخلية أو بالديبلوماسية. وعلى سبيل المثال فقد ساعدنا السيد اليوسفي كثيرا على إقناع عدد من البلدان بتغيير موقفها من قضية الصحراء. فمرة أكون أنا صاحب الاستراتيجية ومرة يكون هو صاحبها. وتارة أكون أنا صاحب التكتيك وأخرى يكون هو. لكن ليس هناك السيد اليوسفي وحده بل هناك الحكومة بأكملها من وزراء وكتاب دولة. إننا نشكل فريقا وهو فريق متماسك للغاية.
في حوار أجرته مؤخرا جريدة «لوفيغارو» مع جيل كيبيل انتقد هذا الاستاذ الجامعي والمتخصص في شؤون العالم العربي والاسلامي التنفيذ الخجول للاصلاحات من طرف حكومة اليوسفي معتبرا أن انتخابات سبتمبر 2002 ستكون هي المحك الحقيقي للتغيير في المغرب هل تشاطرونه هذا الرأي؟
كلا. فالانتخابات بالنسبة إلي ليست محكا ولا عقابا. إنها ليست المرة الأولى التي سيتوجه فيها المغاربة إلى صناديق الإقتراع. وإذا كان الاقتراع المقبل موضع كثير من الاهتمام فلأن الأمر يتعلق بأول انتخابات تجرى في عهدي. ففي النظام الديموقراطي تشكل الانتخابات مسلسلا عاديا والحال أن المغرب بلد ديموقراطي. إن الانتخابات المقبلة ستكون شفافة وستعكس إرادة المواطنين المغاربة. والناس يدركون تمام الادراك أين يتجه المغرب كما يدركون جيدا وجهتي.
غير أنه ومنذ توليكم الحكم خلفا للمرحوم الملك الحسن الثاني ساد نوع من الغموض لم تعملوا على رفعه؟
الكل في المغرب يعرفني جيدا. فالمغاربة يعرفون طبعي وأفكاري وهم يعلمون كل شىء عني. وفكرة الغموض هاته غذتها بعض الصحف الساعية الى رفع مبيعاتها لا لشىء إلا لأنني قررت ألا أتسرع في الحديث قبل الاحاطة التامة بالامور. ولعل هذا الموقف هو ما فاجأ وخيب أمل أولئك الذين كانوا ينتظرون أو يرغبون في أن أنهج أسلوبا مثيرا من الناحية الإعلامية. وعلى كل حال فأنا لست مرشحا لاستعراض في "الهيت باراد".
لا يبدو أنكم تكنون الكثير من الحب للصحافة؟
لا أدعي أنني أملك القدرة على إرضاء جميع الناس. وقد تعلمت أنه لا يجب على المرء أن يسعى لإرضاء الجميع مهما يكن الثمن. لكن ماهي الحرية. إنها بالنسبة إلي احترام الآخر واحترام القانون. والحرية لا تعني الفوضى والنقد بناء بطبيعته لكن الإفتراء ليس كذلك. إن حرية الصحافة ليست هي أن يكتب أي كان مايشاء عن أي كان. بل يجب أن نكتب مع مراعاة الوقائع حتى ولو كانت أقل إثارة من تهيؤات أولئك الذين اختاروا الإنتقاد من أجل الإنتقاد. غير أنه في المغرب كما في غيره من البلدان لابد أن تنقلب الحقائق العنيدة على أولئك الذين يودون تجاهلها.
تلكم هي المفارقة التي تنطوي عليها الحرية إذ تقترن دائما بالنقد. فقد سمحتم للشيخ ياسين بالتعبير عن آرائه ولم يمنعه ذلك من مهاجمتكم؟
لقد مكنته من أن يعيش حياته كأي مواطن مغربي.
بمعنى أن الوجه الاخر لتسامحكم هو احتجاج الشيخ ياسين؟
على إخلاء سبيله ربما ..

هل هذا هو ردكم على كل المنتقدين الذين يقولون إن ««الظن قد خاب والتغيير بدأ بوتيرة سريعة ثم ما لبث أن تباطأت؟
إذن كان علي أن أبقي ياسين رهن الإقامة المحروسة و السرفاتي منفيا. كان بإمكاني الإبقاء على الوضع على ما كان عليه لمدة سنة أو سنتين وعندما أشعر بأن شعبيتي تراجعت يكفيني للرفع منها تمكينهما من حقوقهما. كلا إنني لن أضحي بمبادئي من أجل مواقف شعبوية. وبما أنني غير منتخب فلماذا ألجأ لحسابات لا تمت الى أخلاقي بصلة. كلا.. إنه لا يمكنني أن أجمد حالة أناس لاستخدامهم كورقة رابحة عند الحاجة. إن ما قررته بشأن عبد السلام ياسين وأبراهام السرفاتي جاء متمشيا مع قناعاتي ولأن الوقت كان قد حان للقيام بذلك.
هناك أيضا مشكل النساء في مواجهة الاسلام فقد تولدت لدى المغربيات اللائي يطالبن بتحسين أوضاع المرأة أمال كبيرة مع اعتلائكم العرش. غير أنه في السنة الماضية أبان الاسلاميون عن قوتهم من خلال تنظيم مظاهرة كبيرة بالدار البيضاء ضد ««الخطة الوطنية لادماج المرأة»« فيما لم تعرف المسيرة المضادة التي نظمتها القوى التقدمية بالرباط مشاركة أعداد كبيرة. ويبدو أنه تم اهمال قضية المرأة منذ مشروع اصلاح مدونة الأحوال الشخصية؟
لقد تم تنظيم التظاهرة أشهرا قليلة بعد اعتلائي العرش ولم أكن حينها قد أبديت رأيا في الموضوع كما لم أتقدم بأي تصريح بهذا الخصوص وأعتقد أن مسيرة الدار البيضاء كانت مهربا ومتنفسا نوعا ما وبالنسبة لي فان قضية المرأة تتجاوز مسميات «« اسلامي»« و»« غير اسلامي»« وكدليل على ذلك فقد ضم الوفد النسائي الذي جاء ليطلب مني اعادة النظر في مدونة الأحوال الشخصية نساء محجبات. فالمرأة المغربيةلاتقل في شيء من حيث المؤهلات والطموحات عن مواطنيها الذكور لذلك يتعين في الوقت الراهن فتح المجال أمامها لاستثمار كفاءاتها وهناك نساء يعملن في الديوان الملكي وفي الحكومة كما عينت نساء في مناصب رئيسية في جميع القطاعات بيد أنني لا أقبل بنظام الكوطا لأنه يحشر النساء وبشكل أوتوماتيكي في خانة الأقلية. فالانتقاء يجب أن يتم على أساس الكفاءة وليس لاعتبارات ديماغوجية تعتمد الجنس كمعيار.
ألم تكشف مظاهرة الدار البيضاء عن وجود خطر تطرف اسلامي بالمغرب كما هو الشأن في الجزائر وايران؟
لا أعتقد ذلك لأن المغرب بلد راسخ التقاليد. ايران والجزائر مرتا بفترة طويلة لم يعد فيها للدين وجود يذكر في الحياة اليومية أما هنا في المغرب فان الدين جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية اضافة الى أن الملك يتمتع بشرعية دينية باعتباره أميرا للمؤمنين. فمن واجبي ضمان حرية العبادة وأود أن أوضح أن الأمر لايتعلق بالعبادة لدى المسلمين فقط. فممارسة شعائر الديانات الثلاث الاسلام و اليهودية والمسيحية تتم بكل حرية وأمن وصفاء. إنني اعتبر نفسي اسلاميا اذا كان هذا المفهوم يعني احترام الدين لكنني لست متطرفا. وعلى العكس من ذلك من البلادة القبول بلباس غير محتشم وفي نفس الوقت الاشارة بأصبع الاتهام الى النساء المحجبات فهذه أشياء ليس لها مكان في المغرب.
اذا كان من غير الممكن انتقال العدوى الجزائرية عن طريق التطرف الديني أفلا يوجد احتمال لانتقال هذه العدوى من جانب البربر. لقد نزل هؤلاء الى الشارع للتعبير عن تضامنهم مع القبائل الذين يناهضون النظام الجزائري على الجانب الاخر من الحدود؟
إن مطالبهم ليست هي نفسها مطالب القبائل. فعندنا الحساسية الأمازيغية - وليس البربرية- هي حساسية اندماجية. فأنا مغربي قبل أن أكون بربريا أو عربيا وهناك مغاربة بربر ؤاخرون من أصل عربي أو افريقي أو أندلسي، فأبي كان من أصل عربي فيما أمي بربرية وهذه الحقيقة تعبر عن العبقرية المغربية.
لكن الجميع لا يشاطركم هذه النظرة للأشياء ما دام ابن عمكم الأمير مولاي هشام لا يوافق على بعض اختياراتكم السياسية؟
أفضل أن تحل مشاكل العائلة-إن وجدت- داخل العائلة وهذا أيضا جزء من أخلاقياتي.
هل يشكل الجيش حصنا للملكية؟
من بين كل النظريات التي تم نسجها عن المغرب كانت الأكثر غرابة هي تلك المنسوجة حول دور الجيش. فقبل وفاة والدي رحمه الله ببضعة أشهر كان البعض يقول أن الجيش اسلامي وأنه يوم يموت الحسن الثاني ستغرق البلاد في فوضى عارمة ثم بعد ذلك ذهب البعض الى عكس هذا وقيل أن البلاد مهددة بخطر التطرف الديني وأن الجيش يمثل حصنا ضد التيار الاسلامي وهناك سيناريو أخر يقول بأن المغرب يسير من طرف مجموعة محدودة من الضباط وهذه كلها لا تعدو كونها مغالطات. إن الجيش في المغرب يحتل مكانة مهمة غير أنه ليس له دور سياسي. فسلطة الجيش مستمدة من السلطة الملكية ولست في حاجة للجيش لممارسة السياسة وقد تمت الاساءة للمغرب كثيرا من خلال هذا الهذيان.
لقد ساد الاعتقاد خلال هذا الصيف أنه تم حل لغز اختفاء بن بركة. فحسب التصريحات التي نشرت بالصحافة الفرنسية والمغربية على السؤ فان جثته نقلت الى المغرب بعد اختطافه في باريس وتم تذويبها في مادة كيميائية غير أنه تم تكذيب هذه المعلومات بشدة من طرف السلطات المغربية فيما تم الحكم بالحبس سنة نافذة على صاحب هذه التصريحات ألا وهو عميل المخابرات المغربية السابق أحمد البخاري في قضية إصدار شيكات بدون رصيد. فمن سخر من في هذه القضية؟
لو كان هناك من يعرف الحقيقة لما حدثت تجاوزات.. لو تمت معرفة حقيقة ما جرى بالضبط في فترة اختفاء بن بركة أومعرفة مكان تواجد جثته لما كانت هناك كل هذه المزايدات. فأنا لا أعرف ما حدث بالضبط ولقد كان من الممكن أن أسأل والدي تغمده الله برحمته غير أنني لم أفعل. لم أفعل لأنه هو نفسه لم يحدثني عن ذلك قط وقد احترمت ذلك منه.
لكن جوابكم غامض بدوره؟
أؤكد لكم أنني لا أعرف ما حدث والفاعلون الرئيسيون في قضية بن بركة لم يعودوا موجودين بيننا لكنني أعتبر أنه تم التعامل مع روح بن بركة بطريقة غير مقبولة بحيث أصبحت بالنسبة للصحافة ولبعض الأشخاص بمثابة بضاعة تجارية. انها اهانة لأسرته. فمن الطبيعي أن تحرص زوجة بن بركة وابنه على معرفة مكان جثته. وإنني اتفهم مسعاهما جيدا لاسيما وانني تقريبا في نفس سن البشير بن بركة. وليس من اللياقة من جهتي أن أطلب من البشير بن بركة نسيان ومحو الماضي بجرة قلم. لا لن أفعل ذلك. غير أنه ربما حان الوقت للنظر في هذا الملف بشكل مغاير. وفي ما يخصني فأنا على استعداد للمساهمة في كل ما من شأنه المساعدة على معرفة الحقيقة لكنني سأقف وبنفس الطريقة ضد كل استغلال أو استعمال لهذه القضية لاغراض ميركانتيلية أو ايديولوجية.
هل غيركم الحكم؟
لما اعتليت العرش قلت لشقيقي "اذا ما تغيرت نبهني لذلك". وقبل مدة سألته ان كنت قد تغيرت فأجابني:" نعم بعض الشيء". لكن لا اعتقد أن هذا التغيير كان سلبيا. في البداية كنت اظن أنني سأبقى كما كنت إلا أن الحكم يغير الانسان وأنا لا أشكل استثناء للقاعدة.


 شتنبر 2001

ليست هناك تعليقات: