الأربعاء، 10 يوليو 2013

حوار صريح مع ذ عبد العزيز البعلي ( الجزء الأول) - الأستاذ حكيم وردي

حوار مع ذ عبد العزيز البعلي ( الجزء الأول)
ذ عبد العزيز البعلي
حاوره الأستاذ حكيم وردي

على إثر ما تم تداوله من أخبار بالصحف الوطنية حول استقالة الأستاذ عبد العزيز البعلي من نادي قضاة المغرب، واعتبارا للجدل المحتدم منذ إعلان انسحابه رفقة أساتذة آخرين من المجلس الوطني الأخير واستقالته من لجنة التضامن، ومن منطلق الحرص على الوضوح المطلوب، ومحاصرة لأي تأويل أو تضليل قد يستفيد من الفراغ، أو من التعفف عن النزول إلى لغة المجاري التي لا تليق بنا كقضاة، ولأنني أعرف الشخص، وأعرف معدنه، وغيرته، ونزاهته، وجرأته في قول الحقيقة بلا مساحيق، وقدرته التنظيمية الجبارة التي جعلته يسمع صوت النادي بأكبر دائرة استئنافية بشمال افريقيا، فقد ألححت على الأستاذ عبد العزيز البعلي أن يجيبني عن مجموعة من الأسئلة التي طرحتها عليه، فكان الحوار التالي:
  •  ما مدى صحة الخبر الذي نشرته بعض الصحف الوطنية من أنك قدمت استقالتك من نادي قضاة المغرب وأن هناك انشقاقا يعرفه النادي؟
بداية أكذب الخبر وأؤكد على أنه منذ أن تشرفت إلى جانب زملائي بالانخراط في نادي قضاة المغرب سيجت عملي بخطوط حمراء لا يمكنني أن أتجاوزها : وحدة النادي تنظيميا، احترام القضاة والمؤسسات، العمل الميداني الجاد دون طموحات، وبالتالي لا يمكنني أن أتصور يوما أنني أساهم في انشقاق النادي، كما أن خبر تقديم استقالتي منه هو الآخر غير صحيح، اعتبارا لكوني أحمل إلى جانب إخوتي في المكتب الجهوي للدارالبيضاء أمانة تمثيل قضاة الجهة، ولا يمكنني أن أخون هذه الأمانة، ولعل الصحفي الذي نقل الخبر التبس عليه الأمر حيث حسب استقالتي من لجنة التضامن استقالة من النادي.
  • ما هي أسباب استقالتك من لجنة التضامن ولماذا قمت بنشر الخبر على مستوى وسائل الإعلام بدلا من اللجوء إلى الأجهزة التنظيمية للنادي؟
أولا حتى لا يقع أي لبس، فقد اتصل بي بعض الصحفيين مستفسرين عما نشر بهذه الصفحة من تعليقات تشي بوجود انشقاق داخل النادي إزاء قضية المستشار عنبر، ومتسائلين عن أسباب انسحابي من لجنة التضامن وتقديم بعض أعضائها لاستقالتهم، وأحلت الصحفي على المكلف بالاعلام داخل النادي، واعتبارا لكون استفسار الصحفي في شق منه يخصني شخصيا وسعيا مني لتوضيح الرؤية قطعا للطريق عن كل من يسعى إلى الاصطياد في الماء العكر بادرت إلى توضيح الأمر.
فبخصوص الاستقالة من لجنة التضامن فقد جاءت نتيجة لمجموعة من الأسباب الموضوعية والذاتية التي يضيق عنها المقام، من بينها ما وصلني من أن هناك من يعتقد بأن ما كان يقوم به أعضاء اللجنة محكوم بدوافع ذاتية، بل وبلغني أن هناك من أعضاء المجلس الوطني من عاب على اللجنة أن تصدر بيانا تعبر فيه عن تضامنها مع عنبر، وتعلن عن زيارة تضامنية لأعضائها معه، وتم تأويل الأمر على أنه قفز على الأجهزة، وسعي إلى خلق نادي داخل النادي،وفرض لسياسة الأمر الواقع ... وما حز في نفسي أن النقاش لم يكن بريئا، ومجردا، وعلى مستوى من الرصانة التي ينبغي أن تطبع عمل القضاة، بل جاء في بعض جوانبه مشككا في النوايا التي لا يعلمها إلا الله، وفي كثير من الأحيان مشحونا بالأحقاد على الأشخاص، فما معنى أن يتم اتهام أعضاء اللجنة بأن لهم أجندات انتخابية، وما معنى أن يكثر الغمز واللمز حول فلان أو علان، والأخطر من كل هذا أن يتم السماح بنشر هذه الأحقاد بصفحة النادي التي أعتبرها بمثابة وسيلة إعلامه الرسمي، بهويات مجهولة، ودون أن يتدخل مسيروا الصفحة لحذفهم،
لقد قلت مع نفسي أنه مادام البعض يعتقد أن عملنا التطوعي محكوم بغايات مجهولة فليس أفضل لي من الاستقالة لأنني طيلة أكثر من عقدين من الممارسة القضائية، وحتى قبل نشأة النادي لم أسمح لأي أحد أن يمس بكرامتي،أو يجعلني محط شبهة، واحتراما مني للمؤسسات، انتظرت عقد المجلس الوطني الأخير لأقدمها رسميا للسيد الرئيس.
  • سؤال: مادمت تحترم المؤسسات لماذا انسحبت من المجلس الوطني الأخير؟
لا يمكن لأي قاض يحترم نفسه، ويغار على صفته أن يسمع زميلا له ينعت بالجنون، أو يسخر ، أو يستهزؤ منه، و لا سيما في غيبته ويقبل ذلك على نفسه، واحتراما مني لمؤسسة المجلس الوطني الذي هو أعلى سلطة تقريرية داخل النادي، فإنني كنت أنزهه أن أسمع فيه ما يمس بكرامة قاض داخله، فلذلك وحتى لا يسجل علي التاريخ أنني كنت صامتا في مجلس أهين فيه قاض فإنني لم أجد بدا من الانسحاب.
  • لقد قيل بأن انسحابكم جاء بعد رفضكم نتيجة التصويت على النقطة المتعلقة بتثمين مساعي المكتب التنفيذي في قضية عنبر، والتي تم اتخاذها وفقا للآليات الديمقراطية؟ في الوقت الذي كنتم تنادون بالتوافق؟
إنها كلمة حق أريد بها باطل، فقبل انعقاد المجلس الوطني اجتمعنا أنا وبعض الزملاء بالأستاذ عنبر، وأنصتنا إلى مطالبه في نقاش هادئ، ومسؤول، أقنعنا خلاله أنه يطلب منا فقط التضامن معه، ولا داعي للجوء لأي منظمة دولية مادام أنه اختار التحصين بالشرعية الدستورية ممثلة في صاحب الجلالة الضامن دستوريا لاستقلالية القضاء، وعقب انعقاد دورة المجلس الأخيرة، تناولت الكلمة و طلبت من الإخوة احترام إرادة المستشار، وأنه لا داعي لإضفاء الطابع الدولي على قضيته ولو من باب الإشارة مادامت هذه إرادته التي يتعين على الجميع احترامها، وأننا لسنا إزاء مسألة عامة حتى يلتجأ فيها إلى التصويت، وإنما ينبغي أن يسود التوافق على هذه المسألة بالذات لأنها ينبغي أن تكون محل إجماع، ولسبب ما وضدا على إرادة من انعقد المجلس لفائدته تم الإصرار على أن يتم إضفاء الطابع الدولي على قضية المستشار.
  • سؤال: إذا كان المجلس سيد نفسه ويتخذ قراراته بالأغلبية ووفقا للآلية الديمقراطية لماذا تتمردون عليه ألا يشكل ذلك إضعافا للنادي، ومحاولة لتغليب رأي الأقلية؟
غريب منذ متى والمجلس الوطني ينعقد ولم يسبق أن سمعنا هذا الكلام، ثم كيف يمكن لعاقل أن يعارض في المنهجية الديمقراطية التي تعد مبعث فخر داخل النادي، في المجلس الوطني الأخير لم تكن الديمقرطية موضوع نقاش، بل كيف نحترم إرادة شخص في التضامن معه، ثم إن ما يشكل خطرا على النادي هو أولا صفحته المفتوحة على الهويات المجهولة لنفت سمومها وتصفية حساباتها على مرأى من مسييرها، ثم السعي إلى تسويق نوع من الإجماع الوهمي، وتغييب الرأي الآخر، والسعي إلى ترهيبه من طرف ما أعتبرهم بالبلطجية الفايسبوكيين أصحاب ألف وجه ووجه. وللأسف بدلا من أن تتحول إلى وسيلة للتوحيد استحالت إلى آلية للهدم والتفريق، لقد كنت أعتبر أن الصفحة ينبغي أن تظل آلية بيد المنخرطين المعلومين للتعبير عن آرائهم بكل حرية إزاء أداء النادي، وأن ينأى كل ذي تمثيلية ( مكتب تنفيذي، مجلس وطني، مكتب جهوي ) عن التكتل مع هذا الرأي أو ضده، لأننا من جهة لا نعكس وجهة نظرنا الشخصية شئنا أم أبينا، ومن جهة أخرى لكوننا ممثلون رسميا ولنا الفضاءات المناسبة للتعبير عن آرائنا.
  •  ألا ترى بأن نشأة النادي ارتبطت بهذه الصفحة، وأن مؤسسيه الأوائل أصحاب الشرعية التاريخية التئموا افتراضيا قبل الالتقاء واقعيا؟
لا أحد ينكر ما للصفحة من دور وأهمية ، ورغم أنني لست من روادها لكثرة انشغالاتي المهنية، إلا أنني أعتبرها بمثابة وسيلة إعلام النادي، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل ما ينشر فيها، وكل ما في الأمر أنها تحولت مؤخرا إلى رهينة بيد أصحاب الهويات المجهولة، فحسبما وصلني أن هناك قذف وسبا في القضاة يحترفه بعض مجهولي الهوية، ولا أخفيك أن هناك من فاتحني بضرورة اللجوء إلى القضاء من أجل رد الاعتبار على ما لحقه من سب وشتم على هذه الصفحة، إذ ليس من حرية التعبير في شيء، ولا المروءة ولا من الرجولة، أن نختار اسما مجهولا ونلج به إلى الصفحة ونبدأ في نشر الأحقاد، وسب الأعراض، إننا نقدم صورة مشوهة عن القضاة، ورفعتهم، وأنه إذا كان بإمكاني أن أتغاضى عما قد يصيبني من سباب على صدر هذه الصفحة فإن غيري مستعد بأن يجعل الفرقة الوطنية تحقق فيما ينشر بها من إهانة للقضاة، وواهم من يعتقد أن بإمكانه أن يستمر في الاختباء وراء هوية مستعارة، لأن تطور آليات البحت بإمكانها أن توصلنا ليس لهوية الناشر، ولكن للرقم التسلسلي للحاسوب الذي ارتكب به جريمته، كما أن موقف مسيريها سوف لن يخلوا من حرج، ولكم أن تتصورا حجم الضرر الذي سيلحق النادي جراء اللجوء إلى القضاء عند التصدي لبعض الممارسات غير المسؤولة والأفعال الجرمية التي يرتكبها خفافيش الظلام على هذه الصفحة، لقد بحت الأصوات من أجل طرد المجهولين، ولكن لا أفهم لماذا يتم الإبقاء عليهم، وأظن أنه إذا لم يتم إيقاف النزيف بحذف الهويات المجهولة والاعتذار لكل من مسه سوء منها فإن الآتي لا يبشر بخير.
وأعتقد أنه ينبغي على المكلفين بالاعلام داخل النادي أن يحصروا أعضاءها في أسرة العدالة: قضاة، محامون، وغيرهم من المتدخلين في المنظومة ، وان تكون هويتهم معلومة، وأن يحترموا ميثاق تحريرها إن كان لها ميثاق.
  •  لقد قدمت استقالتك من لجنة التضامن برفقة بعض الزملاء، مثلما جمد الحاج أيت أرجدال عضويته بالمجلس الوطني، ماذا يقع بالضبط؟
ينبغي أن تكون لنا الشجاعة لنعترف بأن هناك أزمة يتخبط فيها نادي قضاة المغرب بعدما يقرب من السنتين من نشأته، أختزلها في مظهرين : أزمة تنظيم، وأزمة أفكار، فمن حيث التنظيم رغم تأسيس مجموعة من المكاتب الجهوية إلا أن أغلبها يعاني من شلل تنظيمي حاد، وإذا كان مألوفا على القضاة عدم انشغالهم بالعمل الجمعوي وانصرافهم عن منغصاته لعدة أسباب تاريخية ونفسية، فإنني لا استوعب كيف لأعضاء منتخبين من طرف زملائهم أن لا يلتئموا دوريا لتسطير برامج وأن يشتغلوا لتحقيقها بما يسعف في توسيع قاعدة النادي وجعلها منخرطة يوميا في هم الشأن القضائي العام، حقيقة أن هناك العديد من المكاتب التي تشتغل ويبدل أعضاؤها جهدا مشكورا وملحوظا لتحقيق إشعاع النادي، إلا أننا عجزنا على جعل جميع قضاة المملكة على قلب مطلب واحد، وهنا أؤاخذ على المكتب التنفيذي أنه لا يتوفر على استراتيجية واضحة لتنشيط المكاتب الجهوية وتتبع أدائها، ليس هناك برنامج سنوي مضبوط لأنشطته، ولا رؤية استشرافية لمستقبله. ويعزى الخلل بنظري إلى عدم تحمل الجميع للمسؤولية، هناك إرهاق لمؤسسة الرئيس بالعديد من المهام، ونوع من الاتكالية إن لم أقل عدم الاهتمام، والنتيجة هي ضعف الأداء والمردودية، دعك من البيانات التي على أهميتها، إلا أنها لا تحقق منجزا على الأرض، بل والأخطر من كل هذا أن يتم التعامل بنوع من الانتقائية مع أنشطة المكاتب الجهوية، وأن تتحكم الفئوية في التضامن، وأن يعود بنا النادي إلى التناقضات التاريخية التي كانت تطبع العمل الجمعوي للقضاة، بين قضاة الشمال، وقضاة الجنوب، وإذا كان الأمر لا يتخذ طابعا رسميا فإنه بات محسوسا في الكثير من المبادرات، فهناك قضاة تعرضوا للإهانة لم يتضامن معهم أحد، وهناك أنشطة نظمتها مكاتب جهوية لم تحظ بأية التفاتة.
سيكون فشلا دريعا أن يتم ترسيخ الاعتقاد بأن هناك من يسعى إلى تقسيم القضاة، وعلى هذا الأساس فنحن مدعوون إلى قمع الأنانيات الضيقة، وتغليب المصلحة العليا للنادي. وأن نقر بوجود خلل ما جعلنا نعجز عن تحقيق إنجاز حقيقي على الأرض يدفع القضاة إلى الالتحاق بنا ولاسيما على مستوى محاكم الاستئناف، بل على العكس تبنينا خطابا تنفيريا، في بعض الأحيان إقصائيا، ولم نستطع استثمار الاجماع الذي تحقق حول النادي نتيجة لانحسار فكري واضح في إبداع البدائل ورسم الخطط،
إن أخطر ما يهدد النادي هو السعي إلى إشاعة ثقافة الإجماع البليد، والرؤية الأحادية، ثقافة الزعيم الملهم، والمناضل القديس، ثقافة من ليس معنا فهو ضدنا، ثقافة من ينتقد فهي بالضرورة إما خائن، أو ساعي إلى الانشقاق، أو له أجندة انتخابية، ثقافة نحن من أسس، ونحن من ناضل، ونحن من حرقتنا الشمس، ارحمونا من هذا الإرهاب الفكري الذي لن يسهم سوى في دفع شرفاء هذا النادي إلى الانسحاب بهدوء،
وينبغي أن نعلم بأن جزءا كبيرا من مصداقية النادي هي من مصداقية منخرطيه ومسييريه داخل الوسط القضائي، وسمعتهم بين القضاة، فأن يعتبر تجميد الحاج أيت أرجدال، أو المهراوي، أو أكناو أو رزقي أو غيرهم لعضويتهم عاديا هو أمر غاية في الخطورة، واستهتارا بدورهم في التعبئة لمختلف المحطات التي عرفها النادي، كما أن ذلك يرسل إشارة سيئة لكل من يتردد في الالتحاق بالنادي، ويزعزع ثقة القاعدة، فضلا عما يعكسه من هزال في الفكر التنظيمي ننزه الأجهزة التقريرية عن التشرب به.
لقد كنت ولا زلت أعتبر أن أكبر مؤامرة ضد النادي، هي مؤامرة الصمت على عيوبه، مادام الانتقاد ملتزما بالاحترام، والموضوعية، والسعي إلى خدمة الصالح العام.



حاوره الأستاذ حكيم وردي
نادي قضاة المغرب 

ليست هناك تعليقات: