السبت، 7 يونيو 2014

قراءة في رواية (رأيت رام الله ) للكاتب والشاعر مريد البرغوثي - غادة البــاز

قراءة في رواية (رأيت رام الله ) للكاتب والشاعر مريد البرغوثي
 بقلم الشاعرة غادة البــاز 
..حين تقرأ لبعض الكتاب تشعر أنه تسلل بخفة لداخلك..وكشف سترا ما وأعلن عن بعضك الذي تركته ولم تحك عنه شيئا هروبا أو خجلا أو ربما لم تعطه الإهتمام الكافي ..في ظل أحداث تتناوب وتتلاحق على الذاكرة تفقدها القدرة على تمييز كل حدث واﻹحتفاظ بوقعه ومعناه وملامحه وأهميته كما ينبغي أن تكون...
إن الكاتب يعقد صفقته منذ اللحظة اﻷولى مع قارئه..
حين قرأت رواية (رأيت رام الله ) للكاتب والشاعر الفلسطيني الكبير مريد البرغوثي ..كان أول ماتبادر لذهني كيف لم أفطن لهذه الرواية من قبل تلك الصادرة عام 1997م وتم إعادة طباعتها عدة مرات وتم ترجمتها للعديد من اللغات اﻷجنبية...
إنها رواية تغوص في عمق الوجع تبعثرك على سطورها ثم تجمعك في لحظة ترقب للأمل ماتلبث أن تنفرط على وقع حقيقة اﻹحتلال القاسية ..
فهذا العائد لوطنه بعد ثلاثين عاما من الغياب يجتر ذكرياته ويجعلك تتنفس معه الوطن ..هذا العائد الذي رحل من مقر إقامته عدة مرات ..وألقت الغربة بظلالها الحزينة على مفرداته ولغته ..يسير معك فوق الجرح فتتذوق معه اﻷلم وهو ليس ألما عاديا إنه ألم الشتات والمنافي والحياة قسرا ..إنه روح اﻷرض التي تدخل وتخرج من أجساد أصحابها في مشاهد حزينة فهو يشاهد بلاده ويقول في عبارة مؤثرة أن سجادة الوطن صارت لهم والنقوش لنا في اشارة للمستوطنات ذاك العالم البعيد المحاط بالحماية ..
تعتاد مفردات شديدة الخصوصية بالبيت الفلسطيني اﻷسرى الشهداء أبناء الشهداء جمعيات تعني بهم مفاوضات تقتات معها فتات حقك وكلها تدور في مشهد غياب تتكبد معه المرأة اﻷم واﻹبنه ألما كبيرا.فهي التي تدبر الحياة باجتهاد وإصرار وعزيمة وتركض لتبحث عن سجون المعتقلين وتودع الشهداء وتربي أجيالا أخرى تنتظر دورها أيضا..
إنك مع السطور تتنفتح بحزنك على وجع أكبرللحياة والبشر يجعلك تبرأ وتدخل بيوت ألمهم المغلقة وتقول لهم أنا منكم..أنا أشعر بكم وأحلم مثلكم بالخلاص..
قلة هم الكتاب الذين يحتفظون بانتباهك ومتابعتك الشغوفة من البداية للنهاية أما وإنك تقرأ لهذا الكاتب الفذ النبيل الذي يحكي دون أن يلوم أو يوجه مرارته ﻷحد ممن يشعر نحوهم بالخذلان فإنك تبحث عن مزيد من السطور ..عن أمل جديد تعيشه أو حزن تربت عليه..وعن فلسطين الغائبة في يد محتل وهي حاضرة في عمق السطور ..
إن بعض اﻵلام جرم أن نعتادهاوبعض الحقوق لاتسقط بالتقادم..وحق الوطن دونه الدماء ...إن هذا النزيف اﻹنساني الذي بدأ مع ميلادنا ولم ينته..كدائرة نار لاعهد لها ولاوفاء وإن بدأت سحبت الجميع لقرارتها هشيما لايرى ..
إنها قراءة إنسانية أحببت أن أوضحها وأن أتابع صمود اﻷسرى وتجرعهم ماء الكرامة وملح الصمود... لاتكفي ولاتفي بما يحمله القلب وبما نود أن نقول... 

ليست هناك تعليقات: