الأحد، 9 أغسطس 2015

مظاهرات العراق ..و«تيار ثالث» ضد الفساد والطائفية - محمد السيد حمادة

مظاهرات العراق و«تيار ثالث» ضد الفساد والطائفية
محمد السيد حمادة

اندلعت مظاهرات عديدة فى مدن العراق خلال الأسبوع الماضى، احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية وتردى الخدمات الأساسية، تحت شعار "لا سنية لا شيعية تسقط شلة الحرامية"، و"يا منطقة خضراء نسقطكم بالكهرباء". وهو ما اعتبره المراقبون يؤشر لظهور "تيار ثالث" يتجاوز الطائفية والمذهبية ويضع مصلحة الوطن العليا فى قمة أولوياته.


وقد تجسدت مطالب المتظاهرين فى الدعوة إلى تفعيل جهاز الإدعاء بوصفه ممثلا لحقوق الشعب العراقى، بالإضافة إلى تشكيل مظلة لحماية الجهاز القضائى من ضغوط الساسة الفاسدين، و إنشاء هيئة لجمع ملفات الفساد وتقديمها للقضاء بشكل مباشر،

وإبعاد القضاء وهيئة النزاهة عن المحاصصة الطائفية والقومية ، و إصدار قوائم باسماء الفاسدين ومنع انتخابهم .

ووفق رؤية الإعلامى العراقى ليث عبد الغنى فإنه فى الوقت الذى يشهد العراق حربه مع عصابات داعش الاجرامية من أجل الدفاع عن الوطن أرضا وشعبا، يشهد تصاعد عمليات الفساد وحرمان المواطن من أبسط حقوقه من قبل الحكومات المحلية وبعض السياسيين ، مما دفع الشعب فى مدن الجنوب والوسط إلى حراك شعبى سلمى راح ضحيته شاب فى مدينة البصرة والتعامل بقسوة مع المتظاهرين فى مناطق متعددة من قبل الأجهزة الأمنية، مضيفا أن هناك تقارير تشير إلى أن بعض الميليشيات المسلحة فى البصرة هددت بعض الناشطين بارسالها رسائل سرية إلى منازلهم، وهذا الأمر أوجد رد فعل عنيفا تصاعد بسرعة فى الشارع العراقى ليشهد عدة مظاهرات عفوية، و منها مظاهرات أهالى مدينة "المدينة" فى البصرة وأهالى حى الشهداء فى الناصرية. وفى الوقت نفسه انطلقت مظاهرات منظمة فى سوق الشيوخ وفى ساحة التحرير شارك فيها نواب فى البرلمان وشخصيات ثقافية وسياسية مستقلة. ثم نظمت فى مدينة الشطرة والناصرية، فضلا عن اعتصام عمال السكك الحديدية منذ أيام وسط بغداد فى تقاطعات الكرخ بعربات القطارات التى أدت إلى ازدحامات قطعت طرق المواصلات.

وكان لافتا إطلاق المتظاهرين هتافات منها "سارقون، سارقون، سارقون"، وهو ما عكس الغضبة الشعبية القوية تجاه انتشار الفساد وسارقى أموال الشعب وزاد المخاوف من أن تتحول هذه المظاهرات والاحتجاجات إلى اعتصام مفتوح إن لم تتحقق مطالب المشاركين فيها، وهى مشروعة وفق تأكيدات بعض النخب السياسية وفى مقدمتهم زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر الذى أعلن تأييده لها ودعا إلى التحقيق مع مسئولين حاليين وسابقين اتهمهم بسرقة المليارات.

وفى هذه الأثناء، بدا واضحا أن رئيس الوزراء حيدر العبادى منحاز لمطالب المظاهرات والاحتجاجات، فقد أكد فى بيان اصدره تأييده حق المتظاهرين فى عرض مطالبهم بشكل سلمى، مشيدا بسلمية المظاهرات وبتعامل قوات الأمن معها وفى ضوء ذلك فقد استدعى وزير الكهرباء للتعرف منه عن أسباب مشكلة انقطاع الكهرباء وتكرارها وهو ما كان سببا رئيسيا فى تفجر الأحداث الأخيرة فى العراق. وقد عبر العراقيون عن استيائهم نتيجة لعدم تحقق الوعود التى قطعتها الحكومة مراراً، على الرغم من أن درجة الحرارة ناهزت فى الآونة الاخيرة الخمسين درجة مئوية، وأكدوا أنهم لا يستطيعون تحمل المزيد.

ويبقى أن هذا الحراك الشعبى الكبير أثبت فعاليته خلال الأيام القليلة الماضية فى تصعيد المطالب الحقيقية للشعب العراقى إلى خطاب وأولويات النخب السياسية، وقد يكون له دور فى بلورة طريق ثالث لإنقاذ العراق فى ظل التحديات والظروف العصيبة التى يواجهها اليوم.


ليست هناك تعليقات: