الأحد، 29 مايو 2016

عرفات الشهيد الحي - الشاعر . عبد الجواد مصطفى عكاشة

عرفات الشهيد الحي 
الشاعر.عبد الجواد مصطفى عكاشة
...
لم أكن أحلم بأن أقف أمامه شخصيا و تلامس يدي يده تلك اليد التي حملت الهم الفلسطيني على أكثر من أربعين عاماً لم أكن أتصور يوماً أن يأتي اليوم الذي أراه فيه و أنظر في عينيه فمجرد رؤية وجهه كانت بالنسبة لي هي رؤية فلسطين كيف لا و هو من ارتبطت فلسطين به في وعي العالم الخارجي فلن أنسى ما حييت أيام دخولي المشفى مريضا في ألمانيا . و عندما سألني بعضهم و هم من أبناء ألمانيا الشرفية سابقاً التي كانت داعماً أساسياً لمنظمة التحرير الفلسطينية عندما سألني هؤلاء عن جنسيتي فقلت لهم فلسطيني فكان ردهم و ما هي فلسطين فقربتها لهم عندما قلت القدس فقالوا اسرائيل قربتها أكثر و قلت بيت لحم و بكل أسف كأنهم لم يسمعوا بها و هنا قلت ياسر عرفات فرؤية البشر في وجوههم و أدركت انهم الآن قد عرفوا من أكون. ففلسطين في وعيهم كانت ياسر عرفات بكوفيته و زيه العسكري و مسدسه عندها زاد تعلقي به أكثر و زاد احترامي له أكثر و أكثر فبت أرى فيه ما يرونه , أجل قد رأيت فيه فلسطين بمساجدها و كنائسها بأطفالها و رجالها و شيوخها و نسائها فوددت لو أني أقابله فأنحني أمامه و أمسح له حذاءه الطاهر و أزيل غباره و هل غيره يستحق ذلك و هل غير فلسطين تستحق ذلك فأبو عمار كان فلسطين و فلسطين كانت أبو عمار و أهم دليل على كلامي حالة الضياع التي نعيشها بعد رحيله فبعده ضعنا و ضاعت فلسطين و ما زلنا نفتقده كما نفتقد فلسطين , لذلك عندما لامست يدي يده الشريفة عام 1996 أحسست بأني أداعب بأصابعي جميع أطفال فلسطين و تعلو اصابعي لتلامس مآذن القدس و كنائسها و كيف أصدق نفسي و قد أصبح حلمي حقيقة و ها أنا ذا أقف قبالة فلسطين أراه في عينية و أسمعها تنطق بلسانه أجل هذا هو ابو عمار هذه هي فلسطين
أقول هذا الكلام و أنا أرى حالة التشرذم الفتحاوي أولا بعد رحيله و حالة الشعب الفلسطيني ثانيا الذي انقسم على نفسه بعد رحيله أيضا و كأنه كان صمام الأمان و برحيله كسر هذا الصمام و هذا أكبر رد على المرجفين و أصحاب الخزعبلات الذي يحاولون التطاول على سيرته بعد رحيله لا لشيئ إلا لكي تُقترن أسماؤهم باسمه فقط بحثاً عن مزيد من الشهرة و حب التسلط .
هذا هو عرفات و كأن الموت لم يخطفه منا فهو مازال حياً في وعينا و وعي من عرفه من أبناء العالم الخارجي عربيا كان أم أجنبيا .
هذا هو عرفات الذي رغم رحيله مازال فينا حياً ما حيينا و كأننا لم نواريه الثرى و لم نحمله على أكتافنا . هذا هو عرفات الشهيد الحي
فسلام عليه يوم ولد و يوم مات و يوم يبعث حيا
سلام عليه في عليين مع الانبياء و الشهداء و الصديقين و حسن أولئك رفيقا
..
الشاعر . عبد الجواد مصطفى عكاشة

ليست هناك تعليقات: