الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

قرار مجلس الأمن حول الاستيطان، العبر والاستخلاصات - د. رياض عبدالكريم عواد

قرار مجلس الأمن حول الاستيطان، العبر والاستخلاصات
د. رياض عبدالكريم عواد

أقر مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة مشروع قرار لوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث وافق 14 عضوا في مجلس الأمن على القرار، بينما امتنعت الولايات المتحدة وحدها عن التصويت، في خطوة نادرة ولأول مرة بعد ان استخدمت حق النقض الفيتو ٣٦ مرة ضد القضية الفلسطينية. 

وهذا القرار، هو نفس مشروع القرار الذي صاغته مصر بالتعاون مع المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، حيث أزيل اسم مصر من مقدمة المشروع ووضعت فيه أسماء الدول الأربع، وهي السنغال وفنزويلا وماليزيا ونيوزيلندا.

يعتبر هذا القرار "صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لـحل الدولتين". كما يعتبر، هذا اليوم، يوما تاريخيا في حياة الشعب الفلسطيني، وهو انتصار للشرعية الدولية والقانون الدولي والمواثيق الدولية خاصة أنه يعتبر الاستيطان لاغيا وباطلا وغير شرعي". يؤكد القرار على عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، ويعد إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل. 

كما يطالب القرار بوقف فوري لكل الأنشطة الاستيطانية على الأراضي المحتلة، معتبرا أن أي تغييرات على حدود عام 1967 لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين، ومطالبا دول المجلس بالتمييز في معاملاتها بين إقليم دولة إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1967.
لقد اراد العالم ان يتحرك ويضع "ميزان" للقضية قبل أن "يختل" في ظل إدارة ترامب، كما استشعر العالم ان هناك حاجة ماسة لاتخاذ اجراءات عملية ضد الاستيطان والمستوطنات التي تهدد إمكانية قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة. وقالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة سامنثا باور: يؤكد مجلس الأمن، اليوم، أن الاستيطان غير شرعي وغير قانوني وأن تجميد الاستيطان يساعد على الدخول في مفاوضات جادة. 

تتهم اسرائيل الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري انهما "دبرا سرا" مع الفلسطينيين ومن خلف ظهر إسرائيل قرارا متطرفا معاديا لها، سيفيد الإرهاب وحركة المقاطعة وسيكون له أثر فاعل على جعل الحائط الغربي (حائط البراق) جزءا من الأراضي الفلسطينية". 

كما أكد نتنياهو أن تل أبيب لن تنفذ قرار مجلس الأمن بشأن الاستيطان، وقال ان إسرائيل تتطلع إلى العمل مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإبطال أضرار (هذا) القرار السخيف". حيث عبر ترامب عن رفضه لعدم استخدام واشنطن لحق النقض الفيتو، وقال أن "الأمم المتحدة ستكون مختلفة بعد أن أتولى مهام منصبي في 20 يناير/كانون الثاني" المقبل". وادان الكونجرس الامريكي عدم استخدام ادارة اوباما حق الفيتو في مجلس الامن.

اننا في هذه المناسبة نستطيع تسجيل عددا من الملاحظات والاستخلاصات:
أولا: أن النجاح في اصدار هذا القرار من مجلس الامن، بأغلبية ساحقة، يؤكد للمرة الالف أن القضية الفلسطينية هي قضية تحرر وطني عالمية وعادلة وان النضال الفلسطيني يحظى بتأييد عالمي جارف ما زلنا كفلسطينيين لم نستطع التعرف على كل مكوناته ولم نقدر على الافادة الكامله منه. ثانيا: أن النضال السياسي والدبلوماسي الهادي الذي تقوم به دولة فلسطين بالتعاون مع الاشقاء والاصدقاء سيحقق النتائج المرجوة منه خاصة إن ترافق مع نضال شعبي واسع على الارض الفلسطينية . ثالثا: ان هذا نجاح هام يسجل للدبلوماسية الفلسطينية بقيادة الرئيس ابو مازن الذي يوعد ولا يخلف ولا يرضخ للضغوطات، اي كان مصدرها، ان تعارضت مع الحق والمصلحة الفلسطينية، ان هذا النجاح يؤكد على اهمية ان تستنفر الدبلوماسية الفلسطينية بقيادة وزير الخارجية الكفؤ د. رياض المالكي كل اجهزتها ومؤسساتها وتجدد في ممثليها وسفرائها وفقا للكفاءة والجدارة والعامل الميداني. رابعا: ان المقاومة الشعبية السلمية، التي طالب الرئيس بتأجيجها في كل الاراضي الفلسطينية المحتلة ضد الاحتلال والاستيطان، هي خط صحيح ونهج يتوافق مع ظروف قضيتنا وامكانياتنا وهذا يتطلب من كل القيادات والكوادر الوطنية والشعبية ان تشحذ الهمم وتنزل الى الميدان لتكون في مقدمة الشعب في مواجهة الاحتلال والاستيطان. خامسا: ان حجم التأييد الدولي الرسمي والشعبي للقضية الفلسطينية وللحقوق الوطنية في تزايد مستمر وهذا يتطلب تعزيز علاقتنا مع كل دول العالم وحركات التحرر الوطنية والمؤسسات الشعبية والنقابية الدولية. سادسا: ان هذا القرار هو وسيلة نضالية جديدة يحتاج الى نضال طويل وشاق لاجبار اسرائيل عل تطبيقه والرضوخ للارادة الدولية وكنس الاحتلال ومستوطنيه واقامة الدولة الوطنية الفلسطينية. سابعا: يعتبر هذا القرار نجاحا جديدا للجان مناصرة فلسطين ومقاطعة اسرائيل BDS المنتشرة في كل العالم وهذا يحتاج الى تعزيز العلاقات معها والتنسيق والدعم الكامل لمختلف نشاطاتها الدولية في كافة المجالات الاقتصادية والاكادمية والشعبية والقانونية والسياسية. ان هذا القرار سيساعد هذه اللجان في نضالها على تجريم كل من يتعامل مع المستوطنات اقتصاديا. ثامنا: كشف القرار عن ضعف التحرك الشعبي الفلسطيني والوعي باهمية التفاف الجماهير حول قيادتها لتدعمها في تحقيق اهدافنا المشروعة، ان المؤسسات والاحزاب والمنظمات الشعبية والمدنية مطالبة ان تنزل للميدان لتحريض الشارع وقيادته دعما ومناصر لقضيته الوطنية.


ليست هناك تعليقات: