الأحد، 18 أغسطس 2013

صفقة العهد والوعد - وليد ظاهر

صفقة العهد والوعد - وليد ظاهر

وليد ظاهر
تأتي صفقة تحرير أسرى ما قبل اوسلو، وتحرير الدفعة الأولى من أسرانا البواسل خلف قضبان المحتل، لترسم الفرحة وتبعث الأمل في صفوف شعبنا الفلسطيني البطل، وخاصة لذوي الأسرى الذين طال انتظارهم للقاء أحبتهم. وبدورنا نهنئ شعبنا وأسرانا بهذا الاستحقاق والإنجاز، الذي لطالما ماطلت به حكومة التطرف اليمينية في تل أبيب، حتى أنها اطلقت سراحهم في وقت متأخر من الليل في محاولة يائسة منها لحرمان شعبنا من الاحتفال بحرية أسرانا. ولربما أن دعا إلى الغرابة والاستهجان أن حركة "حماس" التي يفترض أنها شريك فلسطيني حريص على حرية الشعب الفلسطيني ووحدة صفوفه قامت بمنع الاحتفال والفعاليات الخاصة باستقبال أسرى الحرية.

إن هذا الانجاز الناجع والهام للقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن)، يُضاف الى سجل طويل وحافل من الانتصارات والإنجازات للثورة الفلسطينية المعاصرة، بدءاً من الشهيد الرمز الخالد في عقول وقلوب الفلسطينيين ياسر عرفات (ابو عمار) وانتهاءاً بالقيادة الفلسطينية الحالية، وذلك لأن العزيمة والإرادة الفلسطينية فرضتا نفسيهما بكل قوة في صفقات تحرير الأسرى التي أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بما فيها الصفقة الأخيرة.

ولربما أن الحقائق التالية تشهد على:

- إعتادت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على التصريح بأنها لن تسمح بإطلاق سراح الأسرى "الملطخة أيديهم بالدم الاسرائيلي"، على حسب زعمهم.

- كما واعتادت على التصريح بأنه لن يتم الإفراج عن أسرى فلسطينيي القدس ومناطق 48.

- دأبت الحكومات الإسرائيلية على القول أنه عندما يتم الإفراج عن أسرى فلسطينيين، سوف يُصار إلى إبعادهم عن ارض الوطن.

لكن سرعان ما تهاوت تلك التصريحات الإشتراطية الجائرة بحق أسرانا أمام صخرة الإرادة والإصرار الفلسطينيين.

تكتسب الصفقة الحالية أهمية خاصة، من حيث التوقيت في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من تراجع على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكن بفضل حكمة القيادة أُعيدت الى الصدارة.

ويؤكد الدكتور مجدي سالم في تقرير إحصائي خاص بجولات المفاوضات التي جرت بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومات إسرائيل المتعاقبة حول ملف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في إطار العملية السلمية أنه تم الإفراج عن قرابة 13026 ألف أسير فلسطيني خلال جولات المفاوضات التي أعقبت توقيع اتفاقية إعلان المبادئ في 13 أيلول من العام 1993 مروراً باتفاق غزة أريحا وطابا وشرم الشيخ وواي ريفر في واشنطن وشرم الشيخ ثانية وأنابوليس.

وفي ذات السياق تعول الحركة الوطنية الأسيرة داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية على جولات مفاوضات إضافية بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والحكومة الإسرائيلية الحالية من أجل استئناف المشاورات بشأن الإفراج عن الأسرى، في ظل الحديث عن الإفراج عن دفعة مماثلة لصفقة شاليط تشمل الأسرى القدامى وأصحاب الأحكام العالية وتشمل ألوان الطيف السياسي وقادة الحركة الوطنية الأسيرة ونواب المجلس التشريعي أمثال الأسير مروان البرغوتي وأحمد سعدات. وفي حال تم تنفيذ مثل هذه الاتفاقية من المتوقع أن يصل عدد الأسرى المفرج عنهم بالمفاوضات إلى 14124 أسير فلسطيني ( أربعة عشر ألف ومائة وأربعة وعشرون) مما يدلل على الجهود الطيبة والجبارة والحثيثة التي قامت بها السلطة الوطنية الفلسطينية منذ عودتها إلى أراضي الوطن في العام 1994 عقب توقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993 الأمر الذي يؤكد بشكل جدي أهمية وأولية قضية الأسرى ومركزيتها لدى القيادة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها الراحل الشهيد الخالد ياسر عرفات والرئيس الفلسطيني محمود عباس بالإضافة إلى مواقف القيادة والجنود المجهولين الذين دعموا موقف الرئيس والقيادة الفلسطينية في الإفراج عن الأسرى، وهذا ما أكده الرئيس أبو مازن في خطابه الأخير الذي ألقاه في الأمم المتحدة.

واخيرا ليس بوسعنا الى أن نقول ونعترف بأن القيادة الفلسطينية قد عاهدت ووعدت شعبنا في أكثر من مناسبة باطلاق سراح الاسرى ووفت بالعهد والوعد. فالإفراج عن الدفعة الأولى من الاسرى ليس الا مقدمة على طريق النضال والتضحية في سبيل إحقاق الحقوق الفلسطينية في الحرية والاستقلال والعودة، ولذا فان تحرير الدفعة الأولى من الأسرى يستحق ان يكون صفقة العهد والوعد بامتياز.

* رئيس تحرير المكتب الصحفي الفلسطيني – الدنمارك "فلسطيننا"

ليست هناك تعليقات: