السبت، 17 نوفمبر 2012

حوار مع الناشطة الاجتماعية نعيمة خليفي والمراة المغربية - احمد محمود القاسم

حوار مع الناشطة الاجتماعية نعيمة خليفي والمراة المغربية
الشاعرة نعيمة خليفي
ضمن سلسلة لقاءاتي المعتادة، مع سيدات عربيات متألقات ومبدعات وخلاقات، كان لقاء لي مع السيدة المغربية نعيمة خليفي، وهي سيدة على مستوى عال من الوعي والثقافة، وتتصف بشخصيتها القوية، التي لا تقبل بالاستكانة او الظلم، وتتصف ايضا بالذكاء الحاد، وهي كاتبة وشاعرة، وتكتب ايضا القصص، وكما تقول هي عن نفسها، أنا امراة سيدة نفسي، واطمح كثيرا في التغيير، اهتماماتي تتمَّحْور حول القضايا المحتمعية بالدرجة الاولى، اي قضايا المرأة وحقوق الانسان بشكل عام، كما اهتم بكتابة الشعر والترجمة من اللغة العربية الى اللغة الانجليزية وبالعكس.
احمد محمود القاسم 


كان سؤالي الأول للسيدة نعيمة خليفي هو: من هي السيدة نعيمة خليفي؟؟؟
  نعيمة خليفي من مواليد 2/ 3/ 1958م، مغربية الجنسية، حاصلة على الاجازة في الادب الانجليزي من جامعة محمد بن عبد الله بمدينة فاس، مارست مهنة تدريس اللغة الانجليزية لمدة 28 عاما، تشتغل حاليا، قيمة بالمكتبة بثانوية الشريف الادريسي، بمدينة وجدة المغربية، منخرطة في العمل الجماهيري، متزوجة والزوج يعمل موظفاً. اهتم بالترجمة وكتابة القصة، ترجمت لشعراء غربيين كُثر، من بينهم اليوت، كما لي اهتمامات بالشأن الثقافي، حيث نظمتْ عدة لقاءات نسائية، نظمت امسيات شعرية نسائية، وأنا رئيسة فرع المنطقة الشرقية لرابطة كاتبات المغرب.

هل يمكن القول ان السيدة نعيمة صريحة وجريئة ؟؟؟
اكثر مما تتصور، الى درجة ان صراحتي قد تكون صادمة في بعض الاحيان، وجرأتي لا حدود لها، الصراحة لا يتقبلها إلا الانسان اللبيب، ولا تهمني ردة فعل الآخر، ما دمتُ مؤمنة بالصراحة والشفافية، قد يثير هذا الآخر، ويصبح عدواً لي، جراء صراحتي، لكن هذا لا يؤثر فيَّ ابداً، اعرف نساء كثيرات، من يتجنبن الصراحة، لإبقاء العلاقة جيدة وقائمة، لكني ضد هذا الموقف.
ما هي الأفكار التي تؤمن بها السيدة نعيمة ؟؟؟
بالدرجة الاولى، اؤمن باستقلالية المرأة ماديا، عن شريك حياتها، وبالمساواة بين الجنسين، على المرأة ان تناضل داخل وخارج البيت، لإثبات جدارتها ووجودها. اؤمن بمجتمع ديمقراطي تسوده العدالة والمساواة، كما اؤمن بالقضية الفلسطينية كقضية عادلة، واؤمن بالوطن العربي الكبير الذي ظل حلماً يراودنا.
ما هو رأيك بفاطمة المرنيسي ومحمود شكري؟؟؟
فاطمة المرنيسي من الحرائر المغربيات، امراة مناضلة ومكافحة، وكاتبة متميزة، استطاعت ان تكسر القيود، وتوصل صوتها الى القراء، اما محمود شكري (رحمه الله) فقد كان روائيا ذو جرأة هائلة وصادمة في نفس الوقت، وكتابه (الخبز الحافي) لخير دليل على ذلك، تحدَّث عن سيرته الذاتية، دون حَرجْ، ضارباً عرض الحائط بالقيم والموروث الثقافي المتخلف.
هل لدى السيدة نعيمة هوايات تحبها وتمارسها، وعن ماذا تكتبين ولمن تكتبي؟؟؟
نعم اهوى الكتابة، بالدرجة الاولى، تحدوني رغبة البحث عن اجوبة ظلت اسئلتها تتزاحم في ذهني، وتثير في دواخلي القلق والحيرة، دوافع الكتابة، تحفر في داخلي مجراها العنيف، و الأليف معا مثلا تساؤلات عن الهوية، من أكون؟ لماذا المرأة العربية تعاني معاناة سرمدية؟؟؟ ولماذا عليها دائما ان تتحمل قهر الرجل ؟؟؟ نعم مسكونة بالكتابة الى حد الهوس، بمعنى الجنون، لن اشعر بالارتياح إلا بعد الكتابة، واليوم الذي يمر بدون ان اكتب، اشعر باني ادور في حلقة مفرغة. حين يصاب البحر بالإغماء، اجدني ورقا ذابلا في دفتر الصمت، وانتهي في قاع كأس.
انت حقيقة، تحملي فكراً تحررياً وتقدمياً، خاصة فيما يتعلق بالمرأة بشكل عام، وهذا قد لا يعجب الزوج أحيانا، هل هذا يتعارض مع فكر زوجك، او انه مُتفَّهم لك ولا يتعارض مع افكاره؟؟؟
نحن مختلفان على المستوى الفكري، ولكن ملتزمان ومتفاهمان، وكلٌ يلزم حدوده، لكن الحمد الله اني فرضتْ افكاري في حياتي، واستطعتُ ان احقق ذاتي، رغم كل شيء، والأولاد يجمعوا شملنا داخل الأسرة.
عقبت على حديثها وقلت لها:انا اضافة لكوني كاتب وباحث، اكتب قصصاً قصيرة عن معاناة المرأة العربية، من المحيط الى الخليج، ولدي خمسين قصة قصيرة منشورة على الشبكة، وكلها قصص واقعية، من خلال لقاءاتي مع سيدات عربيات عبر صفحات التواصل الاجتماعي. وعلى ضوء ذلك، اتخذت شعاراً لي وهو: وراء كل عذاب امرأة رجل، ووراء كل امرأة متخلفة رجل أيضا، وأقف مع المرأة ظالمةً او مظلومة، ولا اقبل ان اعمل حوارات مع الرجل، وكل حواراتي ولقاءاتي مع المرأة، لذلك يطلقوا عليَّ، على الشبكة قاسم امين القرن الواحد والعشرين.
عقبت على حديثي وقالت:صدقتْ، في معظم الاحيان تكون المرأة مظلومة، لكن المرأة تساهم بشكل كبير في هذا الوضع، انت نصير المرأة برافوووووووو عليك، وما احوجنا  لرجال مثلك،المرأة حقيقة مظلومة ومقهورة. لكن في الحقيقة، ليست ضعيفة. بإمكان المرأة ان ترفع عنها الظلم والقهر، شرط، ان تكون واعية بقضيتها وبحقوقها، انا شخصيا، لم اشعر يوماً بالضعف، ولا اتنازل عن حقوقي، مهما تكون النتيجة.
قلت لها:انت حقيقة شخصيتك قوية، وواعية حقاً، وقليل جداً من هم بوعيك وفهمك وجرأتك.
بعض الرجال مجرمون وقاسون جدا على المرأة.
اجل، المجتمع يضج بهؤلاء، مؤخراً نشرتْ صديقة صحفية مقالا عن قتل الرجال لزوجاتهم، دوافع القتل لها علاقة بشخصيتهم الهشة، وعاهاتهم النفسية، لا يتقبل الرجل المغربي او العربي ان ترفع عليه الزوجة، دعوة الطلاق، فتكون ردة الفعل إما التعذيب او القتل.
قلت لها: القتل يهون، هناك تعذيب قاسي جدا، وهناك افعال مشينة بحق المرأة، وهناك طلبات منها غير منطقية ولا يصدقها العقل، ولا مجال هنا لذكرها لك، وعلى ضوء ذلك اتخذت قراراً دفاعا عن المرأة وهو: جسد المرأة، ملكاً لها، ولا يحق لأحد ان يحاسبها على ما تفعله به، طالما هناك قانون، وهو الذي يحكم ويفصل في القضايا، وهو المفروض ان يأخذ مجراه الطبيعي، بدون تدخل من أحد.
عقَّبتْ على تعليقي وقالت:رغم تحرَّري واعتناقي لأفكار تقدمية جريئة، إلا أنني لا اتفق معك في هذه النقطة بالذات، لأن الايمان بحرية الجسد، يقودنا الى الخيانة من كلا الطرفين.
لا باس، هذا الموقف اتخذته لمواقف بعض الرجال الاجرامية والقاسية بحق المرأة، ولا داعي للخوض بتفاصيلها الآن، والرجل، كالشاعر، يحق له ما لا يحق لغيره، بخلاف المرأة، فأي خطأ منها أو تجاوز للحدود والعادات والتقاليد يقام عليها الحد.
انا شخصيا لا اتقبل الخيانة، سواء كانت من المرأة او من الرجل، الحسد بالنسبة لي شيء مقدس.
قلت لها:انا معك سيدتي بما تفضلت به، ولكن اليس جسد الرجل مقدساً ايضاً، ولماذا يقبل ان يدنس جسده، ولا يسمح للمرأة بهذا العمل؟؟؟ ولولا ان المجال لا يسمح كثيرا بالحديث في هذا المجال، لكنت تحدثتُ معك بالأسماء، ما يفعله بعض الأزواج من ممارسات خاطئة ومستهجنة مع زوجاتهم.
عقبَّتْ على حديثي وقالت: اعلم ذلك، فبعض الرجال ذئاب، مع احترامي لشخصك، يحسبون المرأة لقمة صائغة، حقيقة هم بالإجمال كذلك ولكن ليس كلهم، نعم هناك استثناءات.
ارجو اعطائي تقييم من جانبك للمرأة المغربية بشكل عام، ولا مانع من اعطائي تقييم ايضا من وجهة نظرك للرجل المغربي، ومدى ثقافته واحترامه للمرأة المغربية.
أجابت وقالت:المرأة المغربية قطعت اشواطا لا بأس بها في تحقيق كثير من الحقوق، بفضل نضالاتها المستميتة، وانخراطها كليا في جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، وبرهنت على كفاءتها في كل المجالات، حتى في الشأن السياسي، تقلدت مناصب مختلفة، من وزيرة الى مستشارة برلمانية، لكن رغم ما حققته من مكاسب، لا زال امامها طريق شاق، لتحقيق مبتغاها. بالنسبة للرجل المغربي، فعلى الرغم من ثقافته، لم يتحرر من الصورة النمطية للمرأة ومن موروثه الثقافي، ماعدا القليلون، من يؤمنون بقضية المرأة ويساندونها في كل شيء. هذا فعلاً وضع يُؤسف عليه.
قلت لها وبصراحة، ما هو برأيك، معظم المشاكل الزوجية، التي تحدث بين الزوجين وتؤدي الى الطلاق لا محالة، على الأقل في المجتمع المغربي؟؟؟
هناك مشاكل كثيرة ومتشابكة في ما بينها، مثلا المشكل المادي، نساء موظفات كثيراً يعانين من هذا الوضع، كثيراً ما يقوم الصراع على الراتب الشهري، اما من جهة الرجل لأنه يريد الاستحواذ على راتب زوجته، والمرأة تمتنع عن مساعدة الزوج في مصاريف البيت ولهذا يحدث الطلاق، عندما ينعدم التوافق الفكري، وكذلك الخيانة من احد الطرفين، لاسيما ان كان من جانب المرأة، أي هي الفاعلة، في وقتنا الحاصر نجد النساء من يطلبن الطلاق، لأن الرجال يتهربون من النفقة.
مع الأسف سيدتي كون المرأة المغربية، تتمتع بجمال أخَّاذ، وجاذبية وشخصية راقية ومثقفة، إلا ان هناك نظرة سلبية ضد المرأة المغربية، على مستوى بعض المجتمعات العربية، كيف تردي على تلك الاتهامات الباطلة؟؟؟
انها اتهامات باطلة، كما تفضلتْ، لا يحق لهم ان يصدروا احكاماً مجانية على النساء المغربيات، من خلال عينة معروفة، في كل المجتمعات، نحن اشرف من الشرف، رأسمالنا عفتنا وكبرياؤنا وعزة نفسنا، الباغيات، موجودات في كل المجتمعات، لكن، هذا لا يعني ان كل النساء مثلهن، التعميم لا يجوز. وكما يقول المثل سمكة فاسدة في الصندوق، لا تعني أن كل السمك بالصندوق فاسد، وقبل ان يتحدثوا عن المغربيات بالسوء، من يتحدث، فليتفقدوا نساءهم اولا.
علقْتُ على حديثها وقلت لها: لا يا سيدتي، لا تنزعجي كثيراً، فان ما يحدث في المغرب من فساد وفسوق، يحدث مثله في معظم المدن العربية، من المحيط الى الخليج، وحتى مدينة مكة يحدث بها، ولا يجوز التعميم في كل الأحوال. وكل ما يحدث من قبل المرأة في المجتمعات العربية، ناتج عن سوء نظرة الرجل، للمرأة العربية بشكل عام.
تجاوزت الموضوع آنف الذكر لحساسيته، وقلت لها لها ما رأي السيدة نعيمة بالمرأة الفلسطينية؟؟؟
المرأة الفلسطينية، اكن لها كل الاحترام والتقدير وانحني اجلالا لها، ولكفاحها بجانب الرجل و تحملها اعباء، لا يقوى عليها حتى الرجال، نعم الرجل ينظر الى المرأة بمنظوره المتخلف، وأتمنى ان تنصف المرأة الفلسطينية، لأنها تعاني الامرين
اعتقد مدام انت ايضا شاعرة ؟؟؟ فما هي طبيعة اشعارك، هل تتضمن حب وعشق ؟؟؟ او اشياء اخرى متنوعة؟؟؟
أجابت وقالت: كل اشعاري في معظمها ثورية، وعن الربيع العربي، ليس بها حب وعشق بالمرة ؟؟؟؟؟؟؟ فهي رومانسيات ثورية، حتى ديواني البكر، لقَّبته بهمسات ثائرة، تجد فيه قصائد رومانسية، لكنها تحمل بين ثناياها ثورة عارمة. وسأعطيك مثالا على ذلك، قصيدة بعنوان: اللاجئة إلى الحرية: 
أتْعبَ أجفاني النظرْ، إلى وجه النهار المغلف بالضجرْ، وملَّتْ نفسي الرياء، وأقنعة البشرْ، أُغْمرني بوشاحك، أيها الليل المتوج بالقمرْ، كُنْ البدءَ وكنْ اللانهاية، كم يرغب القلب في اللاعودة، من عالمك المؤثث بالأخيلة، ومواكب الأشباح المتطايرة، أيها الليل المتقلد بسيف الرهبة، هذه يدي، خذها مأكلاً للَّهيب المقدَّس، واسكبْ خمرةَ مرارةَ اللذة في كبدي، امنحني راحتيْك المعطَّرتين، بطيب السواقي، بنكهة أنفاس الروابي، دعني أبسط تنهَّداتي، وأنةُ الموت والعدم، أنت يا أنت وحْدُك، على راحتيك، تيْنع الأوراق الذابلة في دفاتر الصمت، تيْنع اليقظة في إبر الشجر، وتزهر الأنغام أشهى، من همس الأزهار، أيها الليل المتشح بالسحاب، ليتني أستبدل أجفانك بأجفاني، لأبقيتُ جداول الأنداء تتدفَّق، بين عرائس الفجر، وغيوم الشفق، كم تشتهي روحي، أن تُحَّلق بينهما كالباشق الحر، إن يذوب نصل الكآبة في قيثارة النهر، تخضَّر أوتار الربابة، تعلو أناشيد الخلود، على شرفات عرس الولادة، وعن عقارب الساعة، يمحى الكدر. وهناك قصيدة أخرى بعنوان: نشيد الحرية تقول كلماتها:
يا عاشق البحر والمطر، يا من تشرق أزاهير الشمس على شفتيك، يا من تُنيمُكَ على عشب كفها النجوم، وتحرق جفنيك، لا تسفح دمعك على الصمت والعبث، تدَّثرُ بدمك وببردة قلقك واخترق صباح العصافير، نغلغل في سدم الدياجير، اتبع صدى صوتك بلا زناجير، كن برَّاقا كن سيفا، تخشاه خفافيش الليل، واستزرع آيات من نار، تستحيل حقول عنبك قذيفة، كن سحابة حرة، واهطل بوابل من شرر، على من استباحوا دمع الثكالى، غني للشعوب المنكوبة .
ألا يعني لك شيئا، أن تموت كالماشية، تحت رصاص البنادق الفاشستية ؟ غني لكل إنسان مزقه القهر والأسى ، اطلق العنان لنافورتك، في صحراء القلب، دعها تنسكب على سجن، أيامه بلسماً، اسكب في عينيه وهج النور المقدس، اشعل فيهما شموعا تذوب اليأس، علمه كيف ينهض من حطامه كالفينيق، وكيف يشيد من حجر عثراته سلماً، علمه كيف يرى خلف ستائر العناكب ومضات الفجر، وكيف يصير أسير الظلام، كالطير حُراً.
قلت لها اكتفي بهذا القدر سيدتي الفاضلة من اشعارك الجميلة، ولكن، لي سؤال أخير، وهو: ما هو رأيك بحكم الاسلاميين للمغرب، هل هذا سيؤثر سلبا ام ايجابا على وضع المرأة المغربية؟؟؟
أجابت وقالت: في ظل الحكومة الحالية، التي هي في يد العدالة والتنمية، ان عدد النساء البرلمانيات، تقلص بشكل رهيب، اصبح هناك امرأة واحدة في البرلمان فقط، والوضع متأزم على المستوى الاقتصادي، و على مستوى الحوار الاجتماعي، اما بالنسبة لتأثيره على المرأة، لحد الان ليس هناك ما يدعو للقلق، لكن، كل الحكومات، سواء كانت اسلامية او يمينية او يسارية، لا تخلو من الفساد.
حـوار- احمد محمود القاسم 


ليست هناك تعليقات: