الأربعاء، 29 مايو 2013

نصرالله و المستنقع السوري - محمود الدبعي

نصرالله و المستنقع السوري - محمود الدبعي
محمود الدبعي 

استمعنا لخطاب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله قبل ايام و وجدناه منبريا جهاديا شيعيا من الطراز الأول و لم يكن خطابا سياسيا محايدا، حيث اكد انه يقاتل مكفراتية في القصير و انه ينصر الرئيس بشار الأسد الذي يدعم المقاومة اللبنانية بمعنا رد الجميل واجب شيعي على حزب الله. هذا خطأ جسيم وقع به نصرالله و هناك الكثير من الشيعة المنصفين ينتقدون تدخل الحزب في المستنقع السوري و لمسنا في بداية الثورة السورية، مناشدات المعارضة توجه الى نصرالله ليأخذ موقفا من إثنين: إما مناصرة المظلوم، وإما الحياد!


نصرالله اختار، بملئ إرادته، أن ينحاز لنظام بشار الأسد. فرد عليه الغاضبون اللبنانيون بتحريك مجاهدين الى سوريا لمواجهة مقاتلي حزب الله على الأراضي السورية و قديما كنا نقول أن الخلافات العربية كانت تحل على الساحة اللبنانية و اليوم تحولت الساحة السورية لتصفية حسابات سياسية و طائفية ستأكل الأخضر واليابس.
قدّم نصر الله في خطابه في "عيد التحرير"، خطابا نفهم منه أن تحرير سوريا من المكفراتية هو واجب حزب الله هذه الأيام ومن يدقق بنصرالله، في أثناء إلقاء خطابه، يدرك أنه اعتمد التبرير الفقهي في كل ما قاله، خاصة توصيفة لمن سماهم بالتكفيريين، حيث قال: "هؤلاء نباشو قبور، باقرو بطون، حزّازو رؤوس، هدّامو الماضي"ّ!

إذن، حسن نصرالله، بهذا المعنى، يخوض معركة دفاع عن الشيعة في سوريا ، لتخليصهم من "جزّاري" هذا الزمن!

وهكذا، بدا مثله مثل بشار الأسد. هو، ومنذ اللحظات الأولى لاندلاع الثورة في بلاده، لا يقمع طلاب حرية، بل يواجه إرهابيين، مرتبطين بإسرائيل و امريكا!

على اي حال، أوجد نصرالله عقيدة شيعية جديدة لحربه في سوريا والتي ينأى غالبية الشيعة والسنه عنها. أوجد عدوا سنيا يجب القضاء عليه و هذا خطأ جسيم. زرع الخوف لدى جمهوره ومن يناصره و يدعمه، من الثوار السوريين بتوصيفهم بآكلي لحوم البشر ، رغم أن افلام الفيديو المهربة تؤكد ارتكاب الشبيحة و جنود بشار الأسد مجازر تقشعر منها الأبدان و يصعب مشاهدتها و لا نجد انتقادا مماثلا لهذه الأعمال الإجرامية في خطاب نصرالله و كأنه يؤيدها بل يباركها.

ولم يفاجأ الثوار السوريون بخطاب نصرالله، فقد حذروا العالم من تدخل حزب الله في سوريا و حذروا من فتنة طائفية لا يعلم احد نتائجها. عجبا لنصر الله الذي وضع نفسه فوق الدولة و القانون و هو صاحب القرار اللبناني و من يعترض فليتفضل الى المواجهة العسكرية. هذه هي مؤشرات سقوط الحزب و ضعفه و ابتعاد الشيعة والسنة المعتدلين عن دعم الحزب و اصبح وجود نصرالله على راس الحزب سببا في موت الحزب و انهيار ترسانته العسكرية. في ظل إعلان نصر الله الحرب على التكفيريين السوريين الذين لا يقيمون أي اعتبار للقانون حسب ما نفهم من خطابه، سخر حسن نصرالله من الرأي اللبناني والسوري الآخر و الأممي. لا نجد لهذا التبجح إلا عند جيش الصهاينة الذي وصف نفسه بأنه لا يقهر.

مشكلة حسن نصرالله ، في تبريره للقتال في سوريا هي ارتجالية و ليست مبنية على دوافع جهادية لأن قتل المسلم للمسلم حرام والجميع يدرك ذلك. وفيما كان حسن نصرالله يخطب واعدا بتحقيق النصر في سوريا، نرى الفلسطينيين في سوريا و فلسطين يعانون من القهر و الإذلال و الترحيل و التهجير القصري و اصبح تحرير القدس يمر عبر مدينة القصير و ليس انطلاقا من جنوب لبنان و الجولان المحتلة.
وهنا، يظهر الوجه الحقيقي لنصرالله. الوجه التكفيري الذي يستعمله ليذهب الى سوريا!
دخول النخبة من قوات نصرالله الى سوريا ليحاربوا فيها، لم يعد سرا و جثامين العشرات منهم تعود لذويهم، هذا التدخل الجهادي الشيعي سوف يرفع من راديكالية الثوار وسوف يزيد من تطرفهم، لا بل أن العلمانيين الذين كانوا محايدين، سيقتحمون غمار الحرب، فنصرالله، هذه المرة، هو من يعد بالإنتصار الشيعي على السني في سوريا!

والسوريون يدركون أكثر من غيرهم، أن أحدا لم يهدد نصرالله و"حزب الله"، إلا يوم بدأت الأدلة تظهر على تورطه مع بشار الأسد في قمع الثورة. و ما قرأنا عنه من اطلاق صواريخ على الضاحية الجنوبية لبيروت وهي معقل نصرالله هي بداية لا يعرف نهايتها.

ويدرك حسن نصرالله جيّدا وأكثر من غيره أن مشكلة الثورة السورية في الخارج، حيث يوجد السلاح النوعي، تكمن في وجود "جبهة النصرة"، تماما كما هي المشكلة التي يعاني منها الجيش اللبناني، إذ إن وجود "حزب الله" في لبنان يمنع تقديم أسلحة نوعية الى المؤسسة العسكرية، خوفا من استيلاء الحزب عليها، بفعل استيلائه على الدولة اللبنانية !

وبهذا المعنى، فإن "حزب الله" و"جبهة النصرة" ، بنظر الولايات المتحدة الأميركية، متشابهان. فإن كانت واشنطن، تكذب في عدائها لجبهة النصرة، كما يوحي نصرالله، فلماذا تكون صادقة، في معاداتها لحزب الله"، وإذا كانت صادقة في معاداتها لحزب الله لماذا يجب أن تكون كاذبة في معاداتها لجبهة النصرة التي ينضوي "التكفيريون" تحت إطارها!
وبناء عليه، ومن أجل وضع الوقائع التي سردها نصرالله، في إطارها الدقيق، يفترض فصل "جبهة النصرة" عن الولايات المتحدة الأميركية، لا اعتبارها جيشها في سوريا، وتاليا فنصرالله لا يحارب واشنطن ومن خلفها إسرائيل، بل يحارب الثوار السوريين ومن ضمنهم جبهة النصرة!

اليوم علينا أن نتحد سنة و شيعة لمواجهة الطائفية البغيضة و نطالب حزب الله بالإنسحاب من المستنقع السوري حتى لا ينجرف المسلمين الشيعة والسنة في حروب لا يرضاها الله و رسوله و هي تصب في صالح العدو الحقيقي الذي ينتظر فرصته لتدمير القوة العسكرية السورية في حالة سقوط نظام الأسد. و على المعتدلين من قيادات حزب الله أن تكون لهم كلمة مسموعة تعيد نصر الله الى رشده لأن القدس بحاجة الى كل مقاتل مسلم لتحريرها.
محمود الدبعي
السويد

ليست هناك تعليقات: