الجمعة، 31 مايو 2013

اختطاف جنودنا السبعة في سيناء -هيام محي الدين

اختطاف جنودنا السبعة في سيناء 
هيام محي الدين
كان اختطاف جنودنا السبعة في سيناء وهم في طريقهم لقضاء إجازتهم ثم الإفراج عنهم بهذه الطريقة الساذجة بعد بث شريط الفيديو الشديد الغرابة والسطحية في صياغة ما أملى على الجنود أن يقولوه من خلاله يثير الكثير من الاحتمالات والاستنتاجات التي تصب كلها في اتجاه واحد يضع الرئيس وجماعته في مأزق حقيقي نظرا لمجموعة من القرائن التي يمكن إيجازها فيما يلي:

1- الخاطفون من التيار المتأسلم المؤيد للرئيس والمتحالف مع الجماعة ولا يعقل أن يقوموا بعمل مضاد لصالح هذا التيار أو ينفذوا عملية من وراء ظهورهم ودون التشاور معهم.
2- الجنود المخطوفون يشكلون بتكوينهم ( ستة من الأمن المركزي وجندي واحد من الجيش ) إثباتاً لعشوائية العملية وارتجالها ، وليست بينهم شخصية هامة أو رتبة كبيرة تناسب ما طلبه الخاطفون من مطالب.
3- شروط الخاطفين وطلباتهم للإفراج في مقابل تلبيتها عن الجنود تتسم بالسذاجة المفرطة والغباء في التفكير.
4- مكان تسجيل شريط الفيديو وخلفيته كاشفة وتدل على انعدام خبرة الخاطفين بمثل هذه العمليات واختيار أماكنها وتحديد اللغة والطريقة التي تملى على المخطوفين للتحدث بها، والوضع الذي يتم فيه التصوير وزواياه والمراوغة بخلفيات هيكلية للتمويه منعدمة.
5- أحد شيوخ السلفية كان عضوا في الوفد الذي فاوض الخاطفين ، وفشلت المفاوضات كما أن الشيخ طلب عدم ذكر اسمه في وسائل الإعلام!؟ مما يثير كثيراً من التساؤلات التي تؤدي إلى حجب هوية التيار الخاطف عن الإعلام لغرض يعلمه الله.
ومن يحلل الحديث الذي أملى على الجنود في شريط الفيديو الذي تم بثه نجدهم يتوسلون للرئيس ويناشدونه الاستجابة لمطالب الخاطفين ويهاجمون وزيراً الدفاع ويتهمونه بالتقصير واللامبالاة بمصيرهم بصورة شديدة السذاجة تكشف أفكار الخاطفين وانتماءاتهم وتكاد تفصح أنهم يريدون أن يعطوا الرئيس فرصة لكي يلعب دور البطولة ويظهر بمظهر المنقذ للجنود والمدافع عن الأرواح !؟ وهذا تصرف شديد الغباء يفترض أن الشعب نسى قتلى الاتحادية والتحرير وأبو ضيف والجندي وجيكا وغيرهم وكانت نتيجة كل هذا الغباء المتراكم أن الجيش وهو المؤسسة التي تضم عددا لا بأس به من أساتذة الاستراتيجية والتكتيك كشف اللعبة مبكراً ورد عليها بحزم وحشد قوة ضخمة من الصاعقة والمدرعات ومروحيات الأباتشي ارتعدت لها فرائص الخاطفين فأطلقوا سراح الجنود بهذه الصور الشديدة الغرابة أملا في أن يلغي الجيش عملياته ، ويقوم الرئيس بتلميع نفسه والظهور بمظهر الزعيم القادر على التعامل مع المشكلات وحلها.
وقد فعل الرئيس ذلك فعلا .. ولكن الرد الشعبي الساخر الذي سمعته من عشرات المصريين كان. أليس حل مشكلات السولار وانقطاع الكهرباء أسهل كثيراً من هذه المسرحية المكشوفة فلمَ لم يحلَّ واحدة من المشكلات المتراكمة بلا عدد إذا كان فعلا يملك القدرة على حل المشكلات.
وفي رأيي أن الجيش هذه المرة لن يتراجع عن استكمال تطهير سيناء من البؤر الإرهابية ومناطق إمدادها المتمثلة في فصائل التأسلم المتطرفة في غزة ، كما تراجع عن استكمال العملية " نسر " وعملية الهدم الكامل للأنفاق في العام الماضي تحت ضغوط القيادة السياسية المتحالفة مع هذه التيارات.
لقد وضعت الجماعة نفسها في مأزق حقيقي من حيث أرادت أن تظهر الرئيس زعيما بطلا قادرا على حل المشكلات واتخاذ القرارات فانتهى بها الأمر إلى السقوط في مأزق كشف تآمرها الغبي ضد القيادة العسكرية ، ولا اعتقد أن مبالغة الرئيس في كيل المديح للجيش ووصفه بكل صفات العظمة والوطنية والشموخ سوف تجدي بعد هذه السقطة.
لقد تراكمت المشكلات على الجماعة وتعددت وتشابكت خلافاتها مع الشعب المصري فالقضاء والمثقفون واليسار والليبراليون والإعلام والناصريون وحتى قطاع واضح من السلفيين أيضاً متمثلاً في حزب النور كل هؤلاء رافضون لحكم الجماعة وتسلطها وصارت خلافاتهم معها خلافات جذرية يشعلها عناد الجماعة ومرشدها ونائبه وضعف الرئيس وتبعيته ، وهذه المرة جعلوا الجيش خصما صريحا ، لقد صنعوا لأنفسهم بغبائهم مأزقاً شديد العمق والاتساع ولست أدري كيف سيمكنهم الخروج منه فكل وسائلهم التي استخدموها طوال خمسة وثمانين عاما أصبحت مكشوفة وغير مجدية ، فمصر أمة عريقة يمتد تاريخها المكتوب سبعة آلاف عام والجماعة فكر ساذج وممارسات غبية تتسم بالنهم الشديد للسلطة والتسلط وسوف يزولون كما زالت من قبلهم قوى كانت أشد منهم قوة وأكثر مكراً وخبثا فعادة مصر تقهر قاهريها.
هيام محي الدين

ليست هناك تعليقات: