الأحد، 23 فبراير 2014

حوار خاص مع الكاتبة الفلسطينية عايدة نصر الله - ياسر عبدالباقي

حوار خاص مع الكاتبة الفلسطينية عايدة نصر الله
 - حملنا لجواز سفر إسرائيلي لا يعني أننا لسنا فلسطينيين!
- لا يمكن أن تقنع الآخر بقضيتك وأنت مغمض العينين .

الكاتبة الفلسطينية عايدة نصر الله
تبوح لنا الروائية الفلسطينية عايدة نصر الله , ابنة بلده " أم الفحم " الكثير من المرارة  التي يعيشها المبدع الفلسطيني في أرضه وخارج أرضه , وكيف أصبح جواز السفر الإسرائيلي هو حجة  واهية لحرمان كثير من المبدعين الفلسطينيين من مشاركة أخوانهم في التظاهرات الثقافية في الوطن العربي , وتعتقد عايدة انه من الخطأ مقاطعة الكتاب أو الفنانين الاسرئيليين , انه علينا ككتاب عرب فرض كتابتنا على منصة الآخر، وفتح الأعين بدلا من العمى "كالنعامة". المقاطعة لا تعني أبدا إلغاء الآخر.مؤخراً صدر لها رواية ( عزيزي من وراء البحار ) بالألمانية , تسرد  فيه  الكاتبة يومياتها تحت وطأة الضغوطات الحياتية  الذاتية كامرأة ، ومن خلال هذه اليوميات تعكس الكاتبة الوضع الاجتماعي والسياسي المركب للفلسطيني الذي يعيش في الداخل. وكان لنا أن نحاكي الروائية والفنانة التشكيلية عايدة نصر الله , وآجرينا معها هذا  الحوار .
حوار / ذ.ياسر عبدالباقي
1- من هو عزيزك ما وراء البحار ؟
هو شخص كنت أعرفه أثناء الكتابة، ولكني اليوم لا أعرف عنه شيئا. ما إن تم الكتاب حتى نسيت من أين قفز لمخيلتي؟. تستطيع اعتباره "شخصية "غير محددة المعالم وذلك بعلاقتها مع المكان، بدليل العنوان، فلو كنت في أي بقعة من الأرض سيكون هناك ثمة شخص أوجه له الحديث، وهذا الأمر يتعدى حدود الهويات والقوميات والجنسيات. وهي شخصية تلتبس على القارئ الذي ما إن يقترب من تحديد موقعها في نفسي، كأن يخمن أنها شخصية حبيب مثلا، حتى تتبدل إلى شخصية أخرى ذات أكثر من بعد. هذه الشخصية المبتكرة وجدت فيها آلية للبوح، لأنك عندما تكتب هواجسك لشخص ما على شكل يوميات أو رسائل يصبح من المريح البوح. لنقل إنها شخصية قصصية.
2- - الرواية , هي أشبه برسائل أو مفكرة يومية , لرجل ما , لمكان , ولوطن, هل مازلت تكتبين  رسائلك أو مفكرتك , حتى بعد صدور الرواية ؟
لا أعتقد أنها تحمل شكل الرواية المتعارف عليه، ولكن ذلك الخيط المتواصل من سرد وقائع حدثت معي بحيث اختلطت مع المتخيل منحها صورة الرواية ، كقصة تسرد فترة زمنية لما نعيشه في الداخل من تخبطان وصراعات على مستويات عديدة. نعم ما زلت أكتب اليوميات. كتابة اليوميات هي عادة اتخذتها عندما كنت صغيرة، وكنت أكتب ما لا أستطيع قوله لأحد. والعادة ما زالت موجودة ولكنها تتخذ أشكالا أخرى. لا أكتب بشكل يومي، لكن أحتاج أن أنفس للورقة حينما أشعر بإحباط ما، ،فرح ،غضب وصراخ واحتجاج لا أستطيع قوله، دائما نحن بحاجة لمن نشكو له آلامنا آو نشاركه فرحنا. ومن هنا تحل الورقة محل ذلك الشخص الذي هو عزيز مجهول من وراء البحار.
3-   قرأت فصلاً من الرواية " عزيزي ما وراء البحار" ,  هناك علاقة جيدة تربطك مع بعض  الأدباء الأسرائليين , و شاركت معهم في فعاليات ثقافية  , بصراحة يا أستاذة عايدة  هل يختلف  رجال الأدب عن رجال السياسة ؟
سأجيب عن سؤالك بشكل استفزازي . أولا تعتقد بأن الأدباء عليهم الاختلاف عن السياسيين؟ كلمة اختلاف لا أعرف كيف تقاس.؟ كل ما أعرفه أن على الأدب والفن أن يحمل الحلم لعالم أفضل. وللأسف أثبت التاريخ أن الكلام الجميل والفن لم ينه الحروب. ونحن نعيش في فترة فيها كثير من العبث. بحيث مهما صرخت ومهما رأيت بعين الفنان رؤيا نابضة في الحياة تمنحك الأمل، يظل السياسي هو صاحب الكلمة.  بالنسبة للأدباء اليهود مثلهم مثل كل أدباء العالم هناك من هم  كتاب يساريون ومختلفون عن سياسة دولتهم وهناك من هم متماشون مع سياسة الدولة. في هذا لا يمكن القطع. تماما كما في دولنا العربية، هناك كتاب بلاط وهناك كتاب مناضلون. والفرق أن في الدول العربية المناهض لحكومته يهرب من بلاده، وفي إسرائيل الكاتب يصرخ بصوت عالٍ. بالنسبة لي أنا أعرف أسماء كتاب وشعراء  يهود وقرأت بعض انتاجاتهم مثل يتسحاق ليئور، عاموس عوز، سامي يزهار (الذي كتب عن القرية الفلسطينية المهدمة "خربة خزعة") ا.ب. يهوشواع، ساسون سوميخ وشمعون بلاص. وامتاز  الكاتب الراحل دان بن أموتس بمواقفه اليسارية كذلك الشاعرة الراحلة  داليا رابيكوفيتش.، قرأت لهؤلاء الكتاب ولكني لا أعرف شخصيا كثيراً من الأدباء الإسرائيليين ، أعرف عن قرب الكاتب اتجار كيرت، شمعون بلاص وكان معلمي في جامعة حيفا وساسون سوميخ، وهما من أصل عراقي , والفنانين الذين عرضت او عملت معهم مثل عنات أيقن، ألون حنانيا، طال بن تسفي، وحاجيت مور التي أشتغل معها في الفترة الحالية على مشروع فوتوغرافي، وكما كان حظي في الجامعة أني التقيت معلمين (وهم من خيرة المثقفين الإسرائيليين على مستوى الأدب الفن والمسرح  وهم واعون لمعنى الخسارة في الاستمرار باحتلال شعب آخر، فقد كانت إحدى معلماتي من قسم المسرح وراء نشاط الأربع أمهات التي كانت تطالب بالانسحاب من لبنان ولم تكل ولم تيأس رغم أنها كانت تشتغل بصمت وهي اليوم تشغل موقعاً مهماً في جامعة تل أبيب. ولا بد أنك سمعت عن الفنانة أرنا خميس التي رعت مجموعة من الأطفال في جنين وقد وثق عملها في فيلم تسجيلي بعنوان "أولاد أرنا". ماتت إبرنا خميس وهي تحلم بعالم يسوده الحب والسلام، وكم اتهمت من الأطراف اليمينية بالجنون لأنها كانت تخاطر وتذهب لجنين لتعلم أولاد جنين الرسم والمسرح. ولا شك أن هناك بعض اليهود كانوا سيتلقون مصير راشيل كوري على الحواجز تحت الرصاص وهم يبعثون المساعدات.
الهوية تتعلق بكيفية استيعابها، وكيف نستعملها، هل نستعملها للتواصل مع الآخر. أم نستعملها للقتل والعنف .
ومن أعرفهم هم فعلا مختلفون عن رجال السياسة، ولولا ذلك لما استطعت أن أكون في علاقة معهم. لكن من أعرفهم ليس شرطا أن يمثلوا الجميع، ولكنهم يمثلون شريحة من الأشخاص الذين يعرفون أنه لا مناص من العيش بسلام، بل وبعضهم يشارك ليس فقط في نشاطات ثقافية وإنما في مظاهرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، وحتى في التطوع في موسم الزيتون لمساعدة الفلسطينيين ومشاركتهم تلك التجربة الرائعة. ولكن للأسف هم قلة وأتمنى أن تتسع دائرة هذه النماذج عن طريق خرق الحدود معهم. وبدلا من أن نكتفي بالشعارات علينا تجنيد الآخر لقضيتنا وعدم الاكتفاء بالرفض.وما أؤمن به أن الفن هو عابر للحدود، وبواسطته نستطيع فرض ثقافتنا عليهم. ومقاطعة الفنانين والكتاب الاسرائيلين هي خطأ فادح. ولا يمت بصلة للتفكير العميق، وقد شهدت تجربة إدوارد سعيد (وكررت هذا الكلام حتى بت أمل نفسي) ودانيال روزنباوم أجمل تجربة في تعليم الموسيقى لشباب فلسطينيين ويهود معا، وعندما كانت سنوية إدوارد عزف اليهود والعرب لذكراه الموسيقى. وأعتقد أن من واجبنا ككتاب وفنانين أن نفرض كتابتنا وفننا على الآخر حتى يروه.
فعندما تعرض الفنانة  العكاوية إيمان أبو حميد مثلا عرضها الأدائي أمام جمهور يهودي وتحكي قصة جدتها التي هُجِّرت في الـ48  إلى برج البراجنة. وقبل أن تموت الجدة أوصت بإعادة عظامها إلى عكا ، وتعيد الفنانة جدتها بشكل رمزي إلى تراب عكا ، ويستشعر الجمهور اليهودي الذي حضر العرض بالخجل والشعور بالذنب. بينما الشعار السياسي لم يوصل هذا الشعور للجمهور اليهودي. أنا أؤمن أن الفن والأدب يقول ما لا يقوله السياسي الذي يحكم على الوضع من خلال كرسيه والدفاع عن ذلك الكرسي.
4- منذ وفاة غسان كنفاني قيل إن القصة والرواية الفلسطينية  قد انتهت, إلى أي درجة كانت هذا المقولة حقيقية؟
وكيف تنتهي، ومن قال هذه المقولة؟ لو كان الأمر كذلك، فإن بإمكان الشعب أن يموت بموت فرد، الشعب الفلسطيني هو شعب خلاق، مبدع وبإمكانه أن ينجب المبدعين تحت أقسى الظروف، لا شك أن غسان كنفاني كان قاصاً ذو موهبة فذة بأسلوبه الخاص. التحدث عن أسلوب كاتب وإبداع كاتب عظيم ليس معنى ذلك انتهاء الأدب بموته، إذن لانتهت الحياة. مثل هذه المقولات هي مقولات محبطة.
ويجلس المذيعون الفلسطينيون في استوديوهات الجزيرة وغيرها كالمهرجين ويجعجعون بالشعارات الوطنية.
5-  بما أنك تكتبين أيضا المسرحية ، المسرح الفلسطيني كيف أحواله ؟
كوني كاتبة مسرح لا يؤهلني للإجابة عن هذا السؤال الذي  يحتاج لمؤرخي المسرح، ولكني سأجيب عنه باختصار.
المسرح الفلسطيني هو انعكاس للحالة الفلسطينية، يصعد مع صعود الوضع الاقتصادي والثقافي، وبالعكس. . أعتقد أنه رغم قلة الإمكانيات المتوفرة عندنا استطاع المسرح الفلسطيني في الداخل النجاة، وأقول تعبير النجاة، لأن المسرح في الداخل عانى لأسباب سياسية واقتصادية تفكك وانقسام فرق مسرحية على نفسها بسبب قلة الدعم , وما زالت المسارح الفلسطينية تعاني بشكل حاد من ضيق الحال، ومع هذا يحارب ويكافح محبو المسرح بأظافرهم  للبقاء. رغم هذا الوضع لدينا مخرجون وممثلون وضعوا بصمة محمودة على المسرح الفلسطيني، المخرج فؤاد عوض الذي قام بإخراج مسرحية "رأس المملوك جابر" وهو نص للكاتب السوري سعدالله  ونوس. المسرحية فازت بالمرتبة الأولى في مهرجان عكا 1989م، وهو مهرجان تعرض به مسرحيات عبرية وعربية، كذلك ظهرت أسماء في التمثيل المسرحي يذكر منها الفنانة سلوى نقارة، إلهام عراف، ربى بلال، سليم ضو، مكرم خوري،والفنان محمد بكري الذي خرق المحلية بمسرحية "المتشائل". عن رواية "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" للكاتب إميل حبيبي. وفقد المسرح الفلسطيني قبل سنتين أحد أبرز الأسماء في الإخراج وهو الفنان مازن غطاس الذي أخرج خيرة الأعمال المسرحية الفلسطينية مثل مسرحية المتشائل، "طفل النور" وفازت بالمرتبة الأولى في مهرجان مسرحيد في حيفا 1994م، كذلك أخرج "شنتيان" فازت بالمرتبة الأولى في مهرجان المسرح الآخر عكا. 2002م، إلخ.
في هذه العجالة لا يمكن ذكر جميع الأسماء في عالم الإخراج والتمثيل، ولا يمكن تعداد المسارح. ولكن أبرز المسارح الحالية هو مسرح الميدان في شفاعمرو، مسرح اللاز في عكا، مسرح السرايا في يافا (وهو مسرح مشترك عربي يهودي) ومسرح بيت الكرمة في حيفا ، ومسرح اللجون. ومسرح الميادين، لكن هذه المسارح تبذل جهدا كبيرا لتمويل المسرحيات حيث لا تحصل على التمويل المناسب. كما يفتقر المسرح الفلسطيني المحلي لكتاب المسرح، وفي معظم الحالات يتم مسرحة نصوص عالمية أو يتم كتابة نص بناء على نص روائي مثلما حصل في مسرحة "الياطر" عن رواية حنا مينة، أو مسرحة "رجال في الشمس" عن رواية غسان كنفاني. "طفل النور" عن رواية "ليلة القدر" للطاهر بن جلون...إلخ
6-  والفن التشكيلي ؟ كونك أيضا فنانة تشكيلية ؟
بالنسبة للفن التشكيلي الفلسطيني داخل حدود الـ 48، أعتقد أنه استطاع أن يغزو العالم لما له من مميزات مستقاة من تاريخ ومن مخزون الشعب الفلسطيني الثقافي، وقد اخترقت عدة أسماء حدود البلاد وعرضت في مختلف أنحاء العالم  مثل الفنان عبد عابدي، أسد عزي، أحمد كنعان، جمال حسن، رائدة سعادة، حنان أبو حسين، أنيسة أشقر..الخ ، ومن خلال زيارتي للمتاحف في أوروبا اطمأننت أننا نملك مستوى فنياً تشكيلياً راقياً جدا نسبة لما هو معروض من الدول المختلفة. وفي نظري أن الفن الفلسطيني المعاصر في طريقه لاحتلال مركز محترم في الفن العالمي  وفي نهاية التسعينيات استطاع الفنان المرحوم عاصم أبو شقرة تغيير وجهة الفن الفلسطيني أسلوبيا وثيماتيا، واليوم يحتل الفن الفلسطيني المتاحف وصالات العرض في جميع أنحاء البلاد.
7- هل مازال الأدب الفلسطيني يقتصر على أدب المقاومة وأدب السجون؟
إن صيغة السؤال تتضمن حكماً قيمياً وكأن الأدب الفلسطيني اقتصر على أدب المقاومة..الأدب هو ممثل للحياة بكل ما فيها، وهو يعكس مراحل تاريخية واجتماعية. والأمر يعود للنقاد وكيفية تفسيرهم للأدب. وقد ينتقي ناقد ما موضوعاً ما ويركز عليه، ولهذا كان التركيز على أدب المقاومة نتيجة المرحلة ونتيجة ما يمر به الشعب الفلسطيني، فانسحب موضوع المقاومة على كل الأدب الفلسطيني.
أنا ضد تصنيف الأدب بشكل عام. أعتقد أن الأدب يمثل الحياة , فمثلما يعيش الفلسطيني حالة التشرد، السجن، كذلك يعيش حالة الحب، والفرح. وأعتقد أن أدبنا يحكي الحياة. فحسب الفترات التاريخية ، أحيانا ترى ميلاً لوصف حالة الحرب، ولكننا  نعشق الأرض وندافع عنها ليس بمعزل عن الحياة بكل ما فيها من حزن وفرح وسعادة وموت وحب.
8- " أنا فلسطينية وعربية من إسرائيل "هل تشعرين بغصة وأنت تعرفين نفسك بهذا الكلمات  في المحافل الثقافية , أما أن الأمر أصبح أكثر من عادي؟ فالهوية ... تشغل عايدة كثيرا .. كيف  تعرفينها ؟
يخلق الإنسان وهو يبحث عن هويته. ليس معنى ذلك أن الهوية محددة فقط في الهوية السياسية  أو الدينية أو القومية. الهوية مصطلح غير ثابت وهو ليس بمعادلة رياضية. والهوية لا  تشغلني بقدر ما هي موضوع كباقي المواضيع الذي يُطرح في "السوق" الإعلامي  كموضوع للنقاش.، وأنا أحاول أن أتساءل حول الهوية بعيداً عن" السوق"،  لأن الهوية تتعلق بكيفية استيعابها، وكيف نستعملها، هل نستعملها للتواصل مع الآخر. أم نستعملها للقتل والعنف، وكم من شخص يعيش في الدول العربية ويحمل هوية بلاده ورغم ذلك هاجر لأن بلاده لا تمنحه حرية التعبير. أعتقد أن إشكالية الهوية هي في توفير كرامة الإنسان، وهويتي أنا هي هوية لا تتحدد في قومية أو دين.أنا اجتررت هذا النقاش في كتابي وفي مقالات أخرى فأنا إنسانة لا أعرف المتاجرة بالشعارات، الغصة ليست نابعة من التعريف بحد ذاته، بل من الاضطرار لهذا التعريف. كنت أتمنى أن أكتفي بتعريف اسمي فقط عايدة نصرالله . وأنا لا أفهم قصدك من وراء التعبير "أكثر من عادي"، كوننا نحمل جواز السفر الإسرائيلي هذا لا يعني أننا غير فلسطينيين. بل نحن الفلسطينيون الحقيقيون الذين بقوا في أراضيهم. أتعرف يا أستاذ ياسر؟ لقد مللت التكرار. كل الوقت مطالبون بتفسير أو تأكيد هويتنا وكأننا مدانون ، وهذا يثير أعصابي.  وقد حدث مؤخرا أن فرقة مسرحية من أم الفحم، بلدي، كانت قد قبلت لمهرجان القاهرة المسرحي، والفنانون كلهم بنوا أنفسهم بأنفسهم، سنوات وهم يطاردون حلمهم من أجل الوصول لمستوى مسرحي جيد، تخيل أنهم بعد أن قبلت إسرائيل إرسالهم للمهرجان، وفي ليلة السفر قررت لجنة المهرجان المصري إلغاء مشاركتهم وإنزال أسمائهم من برنامج المهرجان لأنهم يحملون جواز السفر الإسرائيلي. أي عهر سياسي هذا؟. فإذا كان إخوتنا في البلاد العربية لا يمدون يد المساعدة لنا، ولا يقبلوننا ويتفننون في تسمياتنا، يطلقون علينا "عرب الداخل" ومرة "عرب الـ48" واحترنا في تلك التسميات. ويجلس المذيعون الفلسطينيون في استوديوهات الجزيرة وغيرها كالمهرجين ويجعجعون بالشعارات الوطنية، من بعيد. ما دام أولئك الذين يدينوننا لأننا بقينا في وطننا، لماذا لا يعود الفلسطيني الذي هاجر بإرادته إلى وطنه، ولماذا يُرفض المبدعون  منا في المشاركة في مهرجانات الدول العربية؟  يرفضوننا لكي لا يطبعوا العلاقات مع إسرائيل؟ حسنا  وماذا بعد؟. نحن نقضم الصخر لنصل للجامعات ولنتفوق فيها. بينما عندما نريد المشاركة في محفل ثقافي عربي نصطدم بعدم قبولنا. لقد قرفت من هذا الموضوع، لهذا كله أنا لا أريد أن أُختزل في التعريف بهويتي. أصبح الموضوع يثير أعصابي ، وكأن التعريف هو الذي يقرر قبولنا كبشر أو كمبدعين . لم تعد تهمني الهوية بقدر ما يهمني احترام الإنسان حتى لو كان من أرض الواق واق.  فلتذهب الهويات للجحيم. لأني قبل كل شيء أنا امرأة، وربما تغتصب هويتي كامرأة بهذا الابتزاز السياسي. السياسات تتلاعب بمصطلح الهوية لفائدة الكراسي وليس لفائدة الشعوب. وثم أينما ذهبتُ يركزون على سؤال الهوية. ليس لأن هويتي تهم أحداً وإنما ليفتشوا عن ثغرة لتبادل الاتهامات ولتمثيل دور الفلسطيني الوطني على حساب جواز سفري. بينما تجد ذلك الديماغوغي  وهو يركب سيارات براقة بحرية في بلاد العم سام،.وآسفة  لهذه العبارات فقد بلغ الوضع حد البذاءة من كل من يحاول أن يزاود على البقية الباقية من شعبنا الفلسطيني على أرضه.
9- من الرسم إلى التصوير , والترجمة وكتابة القصة والمسرح والرواية , أيهما أقرب إلى عايدة نصر الله؟
أنا أعتبر الكتابة، الرسم والتصوير هي آليات لفحص الذات، وسائل تتيح لي التعبير بشكل مختلف. كل لون إبداعي قد يخرج نتيجة حالة معينة. هي حالة ، أحيانا أشعر أني أغرق في المسرح، هذا الفن هو جنوني، والرسم هو مشاغبتي، التصوير هو تعبير عجزي عن الكلام، الترجمة أحبها ولكني غير متفرغة لها . ما زلت خليطاً من كل هذا، وما زلت ابحث عن نفسي من خلال هذا وذاك.
10 -  ما هو جديدك ؟
الجديد هو مشروع فني أشتغل عليه منذ سنوات سوية مع المصور آلون نحاميا تحت عنوان "سننجو"، ومع المصورة حاجيت مور، وهو يحكي أيضا عن الهوية المشوشة غير واضحة المعالم. وبالمناسبة أيضا هوية اليهود مركبة وغير واضحة وهذا أمر بدأ يظهر مع الأجيال الجديدة التي تحاول أن تفتش عن أصولها العربية. هذا المشروع بدأت ثماره تظهر وسيعرض في ميونيخ وسيذهب ربع ريعه لمرضى السرطان في قسم هداسا الذي يعالج المرضى الفلسطينيين واليهود معا. والجديد في الكتابة مجموعة قصصية قصيرة بعنوان"حفنات"
11- خلاصة هذا الحوار   من أنت ؟
  أنا؟ حقا. من أنا؟  كل ما أعرفه أن اسمي عايدة نصرالله.

ليست هناك تعليقات: