عمال قطاع غزة و الأمل في المصالحة
د. ماهر تيسير الطباع
|
حيث أدت الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص و بشكل كبير جدا منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 , حيث فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحصار الاقتصادي علي قطاع غزة وبدأت تنتهج سياسة إغلاق المعابر التجارية ومعابر الأفراد بشكل مستمر ومنعت العمال الفلسطينيين والبالغ عددهم في ذلك الوقت ما يزيد عن 40 ألف عامل من التوجه إلي أعمالهم داخل الخط الأخضر, وبدأ يتقلص عدد العمال داخل الخط الأخضر تدريجيا إلي أن وصل في يومنا هذا إلى الصفر , وفقد قطاع غزة دخل يومي هام جدا من أجور العمال اليومية والتي كانت تعتبر من أهم مصادر الدخل القومي الفلسطيني على مدار سنوات عديدة.
و بعد الانسحاب الإسرائيلي من محافظات غزة في عام 2005 انضم أكثر من 8000 عامل جديد إلي قوافل البطالة ممن كانوا يعملون في المستوطنات ومنطقة ايرز الصناعية حيث بلغ عدد العاملين في المستوطنات 3500 عامل في المجالات المختلفة " بناء وزراعة وبلغ عدد العاملين في المنطقة الصناعية ايرز بحوالي 4500 عامل فلسطيني يعملون في 191 مصنعا و ورشة ومطعم.
وسعت إسرائيل منذ زمن للاستغناء عن العمال من قطاع غزة و استجلاب العمالة الأجنبية , حيث صرح شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي بتاريخ 12/4/2005 أي قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة " في العام 2008 لن يدخل فلسطينيون من قطاع غزة إلى إسرائيل للعمل فيها و سيضطرون إلى إيجاد أماكن عمل لأنفسهم داخل مناطق السلطة الفلسطينية" و جاءت تلك التصريحات أثناء قيامة بجولة تفقدية للقوات الإسرائيلية قبل الانسحاب من قطاع غزة.
وتفاقمت أزمة البطالة والفقر نتيجة استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سبع سنوات وارتفعت معدلات البطالة والفقر بشكل جنوني نتيجة لتوقف الحياة الاقتصادية بالكامل , وتجاوزت معدلات البطالة في بعض الفترات55% ومعدل الفقر 80% في قطاع غزة وأصبح معظم السكان بما يزيد عن 80% يعتمدون علي المساعدات الإنسانية المقدمة من الاونروا وبرنامج الغذاء العالمي والجمعيات الخيرية والاغاثية العربية و الإسلامية.
و تشير الإحصاءات الصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني حسب نتائج مسح القوى العاملة لدورة الربع الرابع لعام2013 أن ما يقارب من 159,600 ألف عامل فلسطيني عاطلين عن العمل نتيجة إغلاق المعابر والحصار المفروض علي قطاع غزة و التي أدى إلي توقف الحياة الاقتصادية بشكل كامل وحرمان هؤلاء العمال من أعمالهم.
و وفقاً للتعريف الموسع للبطالة ووفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية فقد بلغت نسبة الأفراد الذين لا يعملون (سواءً كانوا يبحثون عن عمل أو لا يبحثون عن عمل) 38.5 % في قطاع غزة حسب نتائج مسح القوى العاملة لدورة الربع الرابع لعام 2013 , كما ارتفعت نسب البطالة بين الخريجين ممن يحملون شهادة الدبلوم و البكالوريوس لتصل إلى 43.9 % في كافة التخصصات.
وبمقارنة نتائج الربع الثاني من عام 2013 أي قبل إغلاق الأنفاق مع جمهورية مصر العربية حيث بلغ معد البطالة27.9 % وبلغ عدد العاطلين عن العمل في حينه 108 ألف شخص , مع الربع الرابع لعام 2013 , نجد ارتفاع النسبة خلال الستة أشهر الأخيرة من عام 2013 بمعدل 10.6% وانضمام ما يزيد عن 51 ألف شخص إلى مستنقعات البطالة و الفقر.
ونتيجة لتأثرها المباشر بإغلاق الأنفاق سجلت محافظة رفح النتيجة الأعلى في معدلات البطالة في فلسطين , حيث بلغت النسبة في الربع الرابع 48.1 % بارتفاع 16 % عن الربع الثاني حيث بلغ معدل البطالة لمحافظة رفح في حينه 32 % .
ومع استمرار الوضع على ما هو علية في قطاع غزة خلال الربع الاول من عام 2014 فمن المتوقع أن ترتفع معدلات البطالة لتتجاوز 43% .
كما و أظهرت النتائج انخفاض مشاركة القوى العاملة في معظم الأنشطة الاقتصادية وكان النصيب الأكبر في الانخفاض لقطاع الإنشاءات حيث انخفضت النسبة من 8.7% في الربع الثاني من عام 2013 إلى 5.2% في الربع الرابع من عام 2013 و من المتوقع أن تنخفض لتصل النسبة إلى 3.5% في الربع الأول من عام 2014 , وذلك نتيجة لاستمرار الجانب الاسرائيلي في منعة دخول مواد البناء لقطاع غزة عن طريق معبر كرم أبوسالم.
ويعتبر قطاع الخدمات المشغل الأساسي للعاملين في قطاع غزة , حيث بلغت نسبة العاملين في هذا القطاع 54.9%من حجم القوى العاملة خلال الربع الرابع من عام 2013 , يليه قطاع التجارة و الفنادق و المطاعم بنسبة 20.4% .
إن حكومة الوحدة الوطنية القادمة أمام تحدي كبير يتمثل في خفض معدلات البطالة المرتفعة في فلسطين وخصوصا في قطاع غزة وذلك من خلال وضع خطط إستراتيجية أو رؤية مستقبلية حقيقة لإيجاد حلول جذرية للحد من ارتفاع معدلات البطالة و الفقر وتفشيها في فلسطين .
د. ماهر تيسير الطباع
مدير العلاقات العامة بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة
مدونة الاقتصاد الفلسطيني
الاقتصادية الفلسطينية على الفيس بوك
الاقتصادية الفلسطينية على اليوتيوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق