الاثنين، 15 ديسمبر 2014

نقد ظلال الذاكرة "قصص.ق.ج" زياد صيدم بقلم خولة الراشد

نقد ظلال الذاكرة "قصص.ق.ج" زياد صيدم - بقلم خولة الراشد
الأديب م.زياد صيدم

 في ظلال الذاكرة المثقوبة رقصا متعانقين.. حين التقيا يتكئان على عكاز الزمن ..كانت المصابيح قد تهشمت، وتبددت أنغام الكمان !!


الومضة الأولى : النقد: نجد أن الكاتب هنا يستعين بالأدب لترقص حروفه على الزمان ، و من خلال الزمن يعانق الماضي ، نجد أنه يبدأ الومضة -الأولى أو ذاكرته التي قسمها أديبنا إلى ثلاث ومضات ، وكأنه في كل ومضة يتوقف عند زمن ليخصص لحظة من قلمه ،
ضياع نسيان تشتت ظلال.. صعود للمنبر أو إلى مرتفع وحجرة كظل في باب الدار ..ولمعان الفكرة هو بعكس غياب الذاكرة المفقودة وظلال الذاكرة الأولى بثقيب الماضي بينما الثانية الحقيبة فالأولى مثقوبة والحقيبة كساها الغبار أما المصابيح أو الضباب الذي تفرق بأنغام حزينة يهبط لمنبر الغرفة بعد سنون والكمان علامة على حاسة فتشرنق و انغلق وانطوى وانعزل على نفسه وذاته وحواسه ، ما معنى يسهو كثير في جلساته وهو يشرد في ذهنه ويعود للومضة الأولى ليتشتت ويغفل عن شيء من الذاكرة إذا هو عاد للومضة الأولى وسها عن أمره أو ذكراه فسقط الدواء منه سهوا وفي الثالثة يكشف لنا أنها نسيان متعمد فهو يجيبها بغير اسمها ولو بحثنا عن الاسم لوجدناه ليس في الذاكرة إنما هو شيء من الماضي يناديه مثلا أحد يتعلق بها ...وتظل تقب الذاكرة تربط الثلاث ومضات الواحدة منهم الأخرى
-1من المعروف أن عكازة الزمن هي عمر الإنسان وأن للذاكرة ثقب يعانق فيه روح أو جرح قديم ، أي كان فهو يتعلق على عكازة العمر بينما المصابيح بهتت مع مرور العمر والزمن ، عادة الأدباء يستخدمون الكمان بكاء وحزن ،هنا يستخدم جملته :(كانت المصابيح قد تهشمت، وتبددت أنغام الكمان !!)ما معنى هذا ؟ يعني بالمصابيح الماضي الجميل ، فالمصابيح تدل على النور سواء الفكري أو غيره اجتماعي، وكأنه يشبه النور بعكس الضباب، وهنا يقصد الضباب الذي أصاب ثقب الذاكرة والزمن ، حتى تبدَّدت شخصيَّتُه و شعر بأنّه لم يعد هو ذاته وبأن إحساساته ورغباته وأفكاره غريبة عنه. اضطراب ذهنيّ يجعل المرء يشعر بأنّه لم يصبح هو ذاته وبأن إحساساته وأفكاره غريبة عنه...لذا أصيب بظل ويصاب بثقب وعتمة الذاكرة
****

- الومضة الثانية: "يصعد سدة مهجورة في غرفته، يفتح حقيبة قد كساها الغبار .. تلمع ذاكرته .. ما أن تلامس قدماه ارض الغرفة حتى تداهمه السنون، وتتشرنق معظم حواسه !!زياد صيدم"
2-هنا يتحدث الكاتب بأسلوب المضارع لأن يبد بها ..و السدة: يقصد بها المنبر هو يصعد إلى مرتفع أو منبر، هنا نجد أن الثانية قد أزاحت الاضطراب الذهني أو الضباب عنه أو الظلال وذلك بسد آخر صعد إليه كما وأنه صعد لمنبر ليبحث عن ما بداخل حقيبته والتي يستعين الكتاب بها لكل شيء قد بار عليه الزمن وقدم ورحل به من مكان لمكان هنا رحلته الثانية بحقيبته بجلوسه على المنبر ويفتح أوراق العمر التي كساها الزمن في حقيبته في ثقب الذاكرة ليمسح عنها الغبار حينها تلمع إذا ما جلس على منبره .. هو في حجرته هناك تأويل شبيه هو ينظر إلى حياته من ثقب باب فلا يرى غير جدران 
الغبار هي تراب متكدس على حقيبته لا أثر لشيء إلا ثقب الذاكرة والباب ، رفضه لحياته الأولى في ظلال الذاكرة هو عرضه للمرحلة والومضة الثانية وسفرته هو صعوده للمنبر بحقيبته ، وهناك يصطدم وتكون الدهشة وهي أن ما في الحقيبة لم يكن ظلال وعتمة بل هو طريق الأمان ربما تكون خطة لم يرسمها بومضاته الثلاث ولكن أتت كل واحدة تفسر الأخرى ، كعادته يرسم بمهارة وبحروفه الهندسية خطوط يسير عليها بصوت منخفض لا نسمعه ولكن ندركه من خلال أسلوبه ، نجد أن الدراما والحساسية تضفي على طابع الزمن بخيال يستحضره أولا بأول هو يحلق بحقيبته للمنبر ليكشف عن حاجيات مهمة 
****

-في الومضة الثالثة : "يسهو كثيرا في جلساته.. وفى كل مرة تناديه حفيدته لتناول الدواء، كان يجيبها بغير اسمها !!زياد صيدم"
3- نجد الكاتب يشرد بذكرياته ويقف على صوت قطرات المطر التي تتساقط على الومضة الأولى والثانية لتمهد الثالثة هنا نجده مختلفا ، نجد أن كمية الحنان قد تفجرت في هذه الومضة سواء من البطل أو البطلة ، هو يبتسم ويحتار ويحن بل يشعر بأمل عندما يتجاوز مرجلة الاكتئاب الثقيلة ..إذا الكاتب عاد ليرسم بعمله ثلاث ومضات بذاكرة متميزة وفيها يبدع أحد أعماله الحية التي تكاد تخرج كلوحة بخطوط وألوان مبهجة ، عاد ليخبرنا عن المستحيل وهو النسيان أو ظلال الذاكرة، وحين شروده تبدت فيه الحياة ثانية وعاد مقبلا إيليها بشكل لا فت وذلك عندما يدرك مشاعر طفل صغير هذه العلاقة القوية بين البطل والحفيد هدية وقبلة من السماء اصطدم فيها البطل حين اللقاء بهدية السماء التي بعثت له وهنا نعود للقاء الأول وهو ثقب الذاكرة لقد تحرك بعد الومضة الأولى أو صدمته الأولى ليرتد سنوات كانت غائرة في الزمن الماضي ..وكما أنها مسرحية من ثلاث أجزاء تجر إحداهما الأخرى بتفسير ، نلامس كل ومضة منهما الأخرى بجزء من المسرحية وتظل أذني وعيني تركز على التقاط صورة ظلال الذاكرة لتكشف الماضي والحاضر والحلم فقد تتمكن من فكرة خيالية ، أنت تحرص على ألا تتعدى حدود الزمن وتحاول أن تعيش بداخل غرفة سواء ذاكرة عقلك أو حاضر ك أو مستقبلك ، وهنالك الحيرة النفسية التي تصاحبك دوما هي الماضي وشيء منه أنت تعود من ومضة لومضة برحلة طويلة لسنوات والقدر يكشف عنك ما شاء ودوما الكتاب أقرب للجنون ليتخلصوا من قيود العقل المضيئة ليطلقوا العنان لحروفهم وقصصهم ..وليس ذلك بسهل ، حرم الطفل في حجر جده ووصل لعمق غور سحيق بشروده ليس بمقدوره الوصول إليه ..وكيفما يكون تحليلي أتمنى أن تتقبله فأنا أعلم أنك كريم و تتعدى الأخطاء..
أما عن القفلة فأحسنت بها فأنت بحرفك فسرت الماضي بالحاضر وربطت البداية بالقفلة والتي هي جزء من الومضة الأولى ، وبهذا نستطيع أن نفسر لما جعلت ثقب الذاكرة في الومضة الأولى لأنها هي البداية للنهاية أو لحاضر واسم جديد وكأنك تقول اسم ظلال ينيره اسم لا أناديه إلا عبر ثقب الماضي .. أتمنى أن أكون قد أصبت لو قليل..

بقلم خولة الراشد

ليست هناك تعليقات: