السبت، 27 أكتوبر 2012

قصيدةٌ أخيرةْ - الشاعر عمر عياش


قصيدةٌ أخيرةْ  - الشاعر عمر عياش

  الشاعر عمر عياش


من دمعِ عينيكِ اغتسلتُ

ولدتُ في زَهَرِ اليدينِ، ومن بحورِ اللاوزردِ على أريكتكِ امحوتْ



منفايَ أنتِ وأنتِ أنتِ الموطنُ

الموتُ/ الحياةُ/
وأنت أنتِ الحاضرُ المبثوثُ في نارِ المكانِ وفي الجنانِ
إذا تجلّت في صهيلِ الذّكرياتْ
وأنا نسيتُ الجرحَ حينَ مضيتُ أمسكُ في يدي كفنَ الغرامِ
إليكِ حيثُ تناثرتْ في الريحِ دمعاتي
وقالت: فلتكنْ جرحاً شفيفاً نازفاً، كن نازحاً
ومطوّقاً بالياسمينِ:
فرحتُ من وردٍ تناثر فوق سقفٍ قادمٍ ليخيطَ عريي
ثم باللاوعي في وعيي بكيتْ


هل كنتُ يوسفَ حينَ جسّدهُ الغيابُ

وثقّبتْ سحبُ الغريزةِ قلبهَ النبويّ، فاجتاحتهُ أغنيةُ العزيزِ

صبابةً حين اجتباهُ اللهُ
وانسدلتْ ملائكةُ السلامِ على قتامِ قميصهِ
(أنا يوسفٌ! هذي الجروحُ شهادتي
وولادتي هي أنني أمشي إليَّ، ومن يديِّ تثائبَ الخشبُ
الذي صكّته في الأجراس ألفَ خطيئةً
فمشيتُ نحو غيابِ أغنيتين في عينيكِ
ثمَّ صلبتْ


جرحي عزائي،

في المدى خبّئتُ أغنيتي بقلبي

ثمَّ في فرحٍ سللتُ الضلعَ من صدري
وأغمدتُ العواطفَ والعواصفَ في أريكتها ونمتْ



أنا من أنا؟

منّي دفوفُ البرقِ؟
في عينيَّ رفَّ الشوقُ سربَ حمائمٍ؟
من دلّني لأسيرَ في دربِ السرابِ؟
وهل عزائي أنني جرحي
وأن الجرحَ هذا الحزنُ في حبقِ الجفونِ
ومبسمي هذا البكاءُ؟
سئمتُ كيفَ أكونُ إذ غابَ المدى، والذكرياتُ، وكرنفال العاشقينَ، وصهوةُ الفرسِ الحرونِ،
وأبجديةُ مدمعٍ رسمتْ به الأحزانُ لوحتها، لأبقى شاهداً شهداً على سورٍ طويلٍ
جفَّ آخره وأولهُ فجئتُ لكي أحرّكهُ، بُعِثْتُ كتبتُ غنيتُ انتحرتُ
وذا أنا!
هذا أنا 
فلتسمعو صوتي/ تماروا في قصيدتيَ/
انحروا قربانكم في قلبيَ/انطفئوا/ أضيئوا آخر الفرسانِ في عشبِ القوافلِ/
أشعلوني كي أضيءَ/
فلا مكانَ سوايَ إذ يغزو حياتي ألفُ موتْ


فأنا أنا 

برقٌ سريعٌ مرَّ في جرسِ المكانِ

أنا انبهارٌ للسكوتِ
وقبلةٌ للعاشقينَ
وشمعدان للرؤى
رتبتُ دقاتِ الفؤادِ من الدقائقِ، إنه زمني، وناري إذ يموجُ النايُ في صوتي
وابتكر البداية حين تبتدئ النهايةُ
ها أنا أمشي بدربٍ نهايتي، هذي النهايةُ حينَ جسدها الغيابُ على غَيَابَتِها بدأتْ


*-*-*-*-*
(غريب) -  الشاعر عمر عياش

لأنّي الغريبُ

الذي يتنفّسُ من رئةِ الغيبِ
يمتدّ هذا الطريقُ بلا منتهى

لأني وحزني اصبعانِ
بكفٍّ تُجَمّعُ كلَّ الدّروبِ
وتنثرُ أنفاسها ضِدّها

لأني الغريبُ، الغريبُ سأبحثُ عن مشتهى!
*-*-*-*-*

(سكوتْ)   الشاعر عمر عياش

سكتَ الكلامُ عن الكلامِ
وغابَ ليلٌ في ضفافٍ لم تطأها الأبجديةُ، بعدُ،
في دمكِ استكانَ الاشتياقٌ
وقد طبعتِ على جبينيَ قُبْلَةً
لا لا تزولُُ، وكيفَ من فَرَحٍ تزولُ الذّكرياتُ؟
وتبحرُ الأعماقُ صوبَ شواطئٍ من لازوردْ

وبروحها بدأ الصّباحُ!
الخيطُ أبيضُ في سماءاتٍ سقتني الأمنياتِ.
أتتْ إليَّ
وخضّبتْ كلتا يديَّ
أنا انبهارٌ للسكوتِ، أنا المتيّمُ
في بحورٍ لا يطأها الغَيْبُ/
تسبحُ فوقَ سطحَ الروحِ ضوءاً من زَرَدْ

قلبي سكوتٌ
والقصيدُ دمٌ على شفةِ السكوتِ/ مُتَيَّمٌ/
حسبُ الفؤادِ بأن يَضُمَّ بنبضهِ نبضاً يَضُمُّ القلبَ في نبضٍ
ويزهرُ فيهِ ميقاتَ الأبدْ

*-*-*-*-*

ليست هناك تعليقات: