السبت، 27 أكتوبر 2012

أســــامـة جــادو يكتب - قراءة في مسودة الدستور الجديد

أســــامـة جــادو يكتب - قراءة في مسودة الدستور الجديد
د.م . أســــامـة جــادو
     عقب مخاض عسير و إعاقات متعددة و متنوعة خرجت القراءة الاولية ( مسودة) لمشروع الدستور الجديد الذي ترقبت البلاد و العباد صدوره ،و وسط ترقب حذر أعلنت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إنجاز هذه المسودة و طرحها للرأي العام المصري و إرسالها لأهل التخصص من أساتذة القانون و فقهاء الدستور و رجال القضاء و الجامعات و سائر المعنيين بهذا الأمر و من ثمَّ فقد بدأنا المرحلة الثانية من وضع دستور مصر الحديثة , و هي مرحلة الحوار المجتمعي حول " القراءة الأولية لمشروع الدستور الجديد " لإبداء الرأي و النصح و المشورة بالإضافة أو الحذف أو التعديل أو التصويب بغية إنجاز قراءة ثانية أكثر نضجاً و أعمق تعبيراً عن الشعب المصري و أوضح دلالة عن أهداف الثورة و تطلعات المصريين في بناء دولتهم الحديثة .

و أترقب أن تنطلق موجات شعبية للحوار الموضوعي حتي نحصل في نهاية المرحلة على ما نصبو إليه جميعاً من توافق مكونات الشعب المصري علي مشروع الدستور الجديد ، نأمل أن يُسهم الجميع – أحزاب و قوي سياسية و تيارات فكرية و مراجع دينية و مراكز تأثيرية مجتمعية ، و جامعات و نقابات مهنية و عمالية و أتحادات طلابية و كافة أطياف المجتمع المصري – في إنجاز و تحقيق هذا التوافق المجتمعي على مشروع الدستور ، و لايقتصر الحوار المجتمعي على حوارات و مساجلات النخبة السياسية عبر الفضائيات و صفحات وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و الإلكترونية ، بل يتسع ليشمل قطاعات واسعة من الشعب ،كما كان في مرحلة الإستماع من خلال لجنة المقترحات
لقد فات وقت الجدل الذي أستنفد طاقات الكثيرين حول تكوين الجمعية التأسيسية و أصبحنا امام منتجع حقيقي يشمل خلاصة فكر و عصارة علم المجموعات و الأفراد الذين شاركوا في إعداد القراءة الأولية لمشروع الدستور ، و الضمير الوطني يوجب علينا جميعاً – حتي من كان معترضاً على تشكيل الجمعية أو حتى وجودها – أن ينخرط في الحوار المجتمعي لإنضاج هذه القراءة الأولية و تعديلها لتكون أكثر تمثيلاً و أوضح تعبيراً في قطاعات الشعب و أهداف ثورته ، و هذا يلقي واجباً وطنياً على كافة التيارات السياسية و مكونات المجتمع المصري أن تترفع جميعاً عن مصالحها الفئوية و مطالباتها و أن تُغلب الصالح العام و تعمل من أجل أن يكون الدستور الجديد لكل المصريين .
لقد أطمأننت كثيراً لما ورد على لسان المستشار الجليل / حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية أن إقرار مواد المشروع ستكون بالتوافق قبل اللجوء للتصويت و ان الجميع يعمل لذلك ، و من أجل تقليل نقاط الخلاف المثارة حول بعض المواد و من ثمَّ يخرج مشروع الدستور الجديد ليعبر عن توافق القوى الوطنية ، و كان واضحاً و حاسماً ما اعلنه السيد رئيس الجمهورية أنه لن يعرض مشروع الدستور الجديد للإستفتاء الشعبي إلا إذا كان يعبر عن التوافق الحقيقي بين كافة أطياف الشعب المصري و دعا الجمية للمشاركة في الحوار المجتمعي حول مواد المشروع و ان يسهم أصحاب الرأي و الفكر و رجال القانون و كافة مكونات الشعب في إنضاج القراءة الأولية لمشروع الدستور .
و تقديري أن حكم الشعب المصري سيكون قاسيا في حق الجهات و التيارات السياسية التي تغرد اليوم بعيداً عن مركز صالح مصر و بؤرة حقوقه و في مقدمتها حق الشعب ان يكون له دستور يليق بتاريخه و تضحيات أبنائه
البعض يهوى السير عكس الأتجاه على قاعدة ( خالف تُعرف) و يستهدف إيقاف مسيرة الشعب المصري الذي عبرت أغلبيته عن موافقتها على خارطة الطريق و صارت فيه خطوة خطوة و ها هي تقترب من المربع الأخير بعد مخاضات عسرة دفع الشعب ثمنها من أمنه و أقتصاده بل و حياة أبنائه الشهداء و المصابين و المضارين و هم كافة الشعب المصري .
وأياً ما كان حكم القضاء الإدارى اليوم فإننا - كشعب ومهتمين بالشأن العام والهم المصرى - قد وضعنا أنفسنا على بداية الطريق نحو تأسيس دولة الدستور والقانون ، ولن يضيع هذا الجهد الذى بذله أعضاء اللجنة ومعاونهم وعشرات الألاف الذين تجاوبوا معها ، كل الأمل أن تتجه إرادة المصريين جميعا الى التعاون والحوار من أجل انجاز هذه المرحلة الأخطر فى تاريخ مصر .
وفى سطور قادمة - بإذن الله تعالى - أتناول بالتعليق المواد التى وردت فى القراءة الأولية لمشروع الدستور الجديد عبر أبوابه الخمس ومواده ال 231
نتوقف قليلا لنعيش أجواء فريضة الحج و مشاعر عيد الأضحى المبارك ، كل عام وانتم جميعا بخير وعافية .
النائب السابق / أسامة جادو
المحامى بالنقض والدستورية العليا

ليست هناك تعليقات: