الأحد، 17 مارس 2013

مشكلات البحث العلمى فى مصر - أســامـة جـادو

مشكلات البحث العلمى فى مصر ، وأوجاع المخترعين

بقلم أســامـة جـادو
النائب السابق بالبرلمان المصرى
يثور الحديث بين الحين والأخر حول أهمية البحث العلمى وما يشكله من حماية للأمة ومقدراتها ومواردها ، وتقاس الدول بقدر عنايتها بالبحث العلمى وما تخصصه من موازنات للإنفاق عليه ،ولذلك تجد أن الدول الأكثر انفاقاً على البحث العلمى هى الأكثر تقدما وتحضراً، وأن الدول القل إنفاقاً على البحث العلمى هى الأقل تقدماًوتحضراً وأكثر تخلفاً .
ومن واجبات الدولة أن تولى اهتماماً برعاية الموهوبين والباحثين والمخترعين أصحاب القدرات العلمية الفائقة ، وأن تضع الخطط والبرامج التى تكفل تنمية هذه المواهب وتطويرها وان تنشئ المناخ الصحى الذى يضمن ذلك ،وأن تحيطهم بالرعاية والتكريم اللائق بهم واعتبارهم ثروات قومية لا تقل عن لاعبى الكرة ومحترفى الغناء والطرب .
ومن الجدير بالذكر أننا كأمة عربية ننفق كمتوسط 0.5 % من الموازنة العامة على البحث العلمي والمطلوب أن يصبح هذا الرقم 2.5% من الناتج القومي على الأقل وهكذا فعلت كل الدول التي سبقتنا.
أن الأنفاق على التعليم والبحث العلمى والصحة هو أساس التنمية البشرية ،وعنوان الرغبة فى التقدم والرقى ، ولا أبالغ إذا قلت إنها من أولويات الأمن القومى المصرى
وهناك تحديات ومشكلات تحاصر المخترعيىن والمبتكرين والباحثين مما يعوق دورهم ويثبط عزيمتهم وهذا ينعكس بدوره على تقدم بلادنا ، ومن هذه المشكلات والمعوقات :
1- نظام الإدارة ومناخ البيروقراطية العقيم المتخلف الذى يتعامل مع أركان الإبداع والإختراع (الفكرة – المخترع – التطوير – التمويل – التسويق ) على اساس وظيفى و لوائح وإجراءات ورسوم ودمغات ،وهذا ما أشار إليه د.عبدالسلام جمعة (الحاصل على جائزة مبارك 2006): نفتقر للقيادات المميزة في إدارة البحث العلمي، لأن إدارته من أصعب ما يكون ولا يصح أن يكون المنصب بالأقدمية، أيضاً يحتاج الأمر لتمويل كبير ومناخ إيجابي يحتضن الباحثين.
فهل يعقل أن يستغرق الحصول على براءة الإختراع مدة تزيد على 5 سنوات عبر منظومة من الإجراءات الإدارية وما يستتبعه من رسوم و دمغات واستحقاقات مرهقة وفى كثير من الأحوال يعجز المخترع عن الوفاء بها ومن ثمّ يتعطل المشروع ويبطل الأختراع .
2– عدم وجود الدعم المادى الذى يمول عملية تنفيذ مشروع الإختراع
وهذه كارثة تحبط ألاف الشباب الباحثين والمخترعين ، عندهم أفكار وابتكارات جديدة ، وتقدموا بها الىمكتب براءات الاختراع المصري ، ويعجزون عن تنفيذ النموذج الأول للمشروع ، وكثيرون منهم لا يتحصلون على الدعم الكافى نت أكاديمية البحث العلمى ، ويظل الباحث يلهث بحثا عن جهة تمول له المشروع .
3– التمويل والتسويق والاستفادة من الاختراع
وهذا دور رجال الاعمال و اصحاب المصانع ان يتقدموا لتبنى هذه الاختراعات وتمويل تنفيذها والاستفادة منها ، لكن للأسف الشديد يمتنع الكثيرون من رجال الاعمال عن المشاركة القوية فى هذا الجانب المهم ، بل بعضهم يفضل المنتج المستورد ولا يشجع الاختراع الجديد ، مع انه سيضيف الى قوة الى الاقتصاد الوطنى ويعود بالمنفعة المتيقنة على الدخل القومى .
أننى أهيب بالاخوة رجال الاعمال واصحاب الاموال أن يتقدموا ويتبنوا أفكار ومشروعات شبابنا المخترعين والباحثين ، وأن يعتبروا ذلك جزءاً من حق الوطن علينا ، وأمامهم تجربة رائعة لرجال العمال الأتراك حين تفاعلوا مع فكرة الوقف الخيرى والدعم والتبنى لطلاب العلم والنابهين من شباب الباحثين فأسسوا روابط ومؤسسات تتبنى وتنهض بدعم الباحثين ومن ثمَّ كانت ثمرات الرعاية والدعم نهضة حقيقية شملت تركيا وأسهمت فى تقدمها خلال فترة وجيزة .
4 – السرقة والسطو العلمى
وهذا جانب اخر من المعوقات التى يتعرض لها المخترعون ، فهم يتعرضون لحرب شرسة وظغوط شديدة من قِبل الشركات العملاقة عابرة القارات وغيرها التى لها عيون وقرون استشعار فى كل المواقع التى يتواجد فيها الباحثون والمخترعون ، هذه الشركات لديها برامج للسطو والإستحواذ ويقف صاحب فكرة افختراع أو الإبتكار عاجزاً أمامهاولا حيلة له
فمن يحميه من هذه المافيا ؟ ومن يحافظ على حقوقهم ؟ ومن يصون أفكارهم ومخترعاتهم ؟
فى الفترة الأخيرة نشطت بعض مكاتب السمسرة واتجهت الى مجال التسويق لمشروعات الإختراعات والإبتكارات بزعم التسويق والترويج للإختراعات لدى الشركات والمصانع ووسط رجال المال والصناعة فى مقابل نسبة من ثمن بيع الإختراع أو الإبتكار.
وفى بعض الأحوال يتحول الأمر من سمسرة وتسويق إلى سرقة ونصب واحتيال بل إلى تهديد وترويع فيقال للمخترع إن اختراعك لم يلق قبولا من أحد حتى الآن ولم يتقدم أحد لشرائه فى الوقت الذى يكون الإختراع قد أخذ طريقه إلى السوق عبر هذه الشركات العملاقة .

و يتجدد الأمل فى نهضة مصرالثورة

إذا كنا ننشد خيراً لتقدم بلادنا ورقى شعبنا فلا بد من انطلاقة جسورة فى ميادين البحث العلمى من خلال :
توفير المناخ العام الذى ينمى القدرات ويحفز أصحاب المواهب والقدرات العلمية
توفير الدعم المادى والموازنات المالية التى تلبى متطلبات البحث العلمى
توفير الإدارة الواعية القادرة على النهوض بالبحث العلمى وادارته على الوجه الأمثل
تكريم ورعاية أصحاب المواهب والقدرات واعتبارهم ثروات قومية ينبغى الحفاظ عليها
تطوير المراكز العلمية وأندية العلوم ومراكز البحث العلمى وحسن اختيار القائمين عليها

ليست هناك تعليقات: