الثلاثاء، 26 مارس 2013

عقد فل وياسمين لست الحبايب - سارة طالب السهيل

عقد فل وياسمين لست الحبايب  
سارة طالب السهيل

عقدُ فل وياسمين لست الحبايب في عيدها ، عيد العطاء الذى يقهر كل ماديات الحياة ؛ عيد حب أبدي أضم فيه أمي إلى نبضات قلبي فتأخذني إلى جنة سرمدية من الدفء تعيد إلي توازني النفسي فأصبح أقوى امرأة فى العالم . فالأمومة قلب نابض بالعطاء اللانهائي ، تتفجر من ينابيعه أزكى المشاعر، عاكسة في ذلك كل معاني التضحية دون انتظار أدنى مقابل سوى أن ترى السعادة ترفرف بجناحها على الأبناء ، والرضا يملأ قلوبهم بالطمأنينة .
ولاغرابة أمام ما تمثله الأم في حياتنا من قدسية ، حيث جعل الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ الأمومة امتيازاً للمرأة يكرمها به في الدنيا والآخرة ، فجعل الجنة تحت أقدام الأمهات ، كما جعل الإحسان والبر بالأم من أسباب تفريج الكربات ، وقد حملت السيرة النبوية المطهرة كل معاني التقديروالعرفان لمكانة الأم ، ويتجلى ذلك في الصحابي الذي جاء لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- وسأله : من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ فأجابه سيد الخلق محمد بإجابته الشهيرة : أمك .. ثم أمك .. ثم أمك .. إلى آخرالحديث ، كما ايضا في الديانات السماويه و الكتب السماويه الاخرى و كما دعى سيدنا المسيح عليه السلام لبر الوالدين وكماركان هو اليسوع بارا بأمه ستنا مريم عليها السلام. هذا التكريم الإلهي للمرأة لايعني أنه مقابل تحملها مشاق الإنجاب ولكنه تقديرلجهاد الأم في تربية أبنائها وتفانيها وتضحياتها من أجل أن تقدم أجيالاً واعدة تبني المستقبل .. إنها حارسة الإستمرار وراعية الإنسانية بالمعنى الحضاري لهذه الكلمة . فيوم عيد الأم هوعيد لإنسانيتنا وفطرتنا ، حيث نتشارك في استعادة طفولتنا ، ونفتش في دفترالذكريات لنكتشف كنوزاً من العطف والحنان ، ونتذكركيف كانت الأم الرؤوم تهدهد قلوبنا وتغرس فينا حب الجمال وقيم الصدق وتربى أذواقنا بإيقاع الأغاني وتنمي خيالنا بالحواديت . وكل الشعوب في الحضارات المختلفة تعيش كل هذه المشاعرمع الأم وتحتفل كل الحضارات أيضاً بعيد الأم بدءاً من الإغريق الذين يحتفلون بالربيع بعيد الإله الأم « ريا » زوجة كرونس الإله الأب . أما روما القديمة ففي عام 250 قبل الميلاد كانت تحتفل بإلهة أخرى هى الأم « سيبل » ، وكانت هذه الاحتفالات والتي كانت تقام في منتصف مارس تسمى عند الرومان « هيلاريا » .
وتطورت هذه الاحتفالات مع مرورالزمان ، حيث استبدلت الكنيسة في إنجلترا الاحتفال بـ « سيبل » إلى توقيرالسيدة العذراء مريم ـ عليها السلام ، حيث أخذ الناس يزورون الكنيسة وأمهاتهم وهم محملون بالقرابين ، وفي عام 1600 ميلادية بدأ الشباب والبسطاء من الناس في التعود على زيارة أمهاتهم وهم محملون بالهدايا .
أما في أمريكا فإن الاحتفال بعيد ست الحبايب كان له مذاق آخرعلى يد
« آن. م. جارفس » التي لم تتزوج لكنها كانت شديدة الانتماء لأمها وعاشت ابنة للدير ، تشي بذلك جهودها من أجل تكريس قيمة الولاء والوفاء والعرفان للأم ونجحت في تخصيص يوم للاحتفال بعيد الأم يكون إجازة رسمية للبلاد منذ عام 1910 ، بهدف تقوية الروابط الأسرية وتعميق إحساس الأطفال والأبناء بأمهاتهم .
وربما يكون احتفال عالمنا العربي بعيد الأم بشكل رسمي متأخراً نسبياً ، حيث انطلقت فكرة هذا العيد من مصرأم الدنيا وقلب العروبة عام 1956 على يد الأخوين مصطفى وعلى أمين مؤسسي دار « أخبار اليوم » بهدف التذكيربفضل الأم وإعطائها ما تستحقه من تقديرومكانة سامية أكد عليها ديننا الإسلامي الذى جعل الرحم معلقة بالعرش ، وجعل الأمومة قيمة إنسانية رفيعة وليست مجرد قيمة أنثوية ، وخيراً فعل صاحبا هذه الفكرة ، حيث اختارا يوم الحادي والعشرين من مارس ليكون عيداً للأم ، لأنه يوم بداية الربيع وما يرمزإليه ذلك من خصوبة المشاعروالعطاء من الطبيعة ، الذى تتجمل فيه الدنيا بأبهى حليها مما تجود به الأرض .. الأم .
وكان لجمال هذه الفكرة وصدقها ونبلها صدى كبيرفي عالمنا العربي الذى كعادته يحتذى حذو مصرفي التجارب والأفكار الإنسانية الخلاقة ، فشاع الاحتفال بعيد الأم في الربيع في كل الوطن العربي . كم أتمنى أن يكون احتفالنا بعيد الأم مناسبة لكي نستعيد إنسانيتنا التى صرعتها ماديات عصرنا الحديث وإيقاعه السريع الذي جعل البعض يغفل عن التضحيات الكبرى التى قدمتها الأم ، بل يزدادون قسوة حين لايرحمون شيخوختها فيدعونها حبيسة دورالمسنين في انتظاررحمة السماء ، وكأن الأم عبء ثقيل على كواهلهم .. أتمنى أن نحتضن أمهاتنا ونرد إليهن جزءاً ولو صغيراً من الجميل بأن ندخل البهجة على قلوبهن داخل الأسرة ونعطيهن جزءاً من الحنان والأمان الذى طالما أعطينه لنا بلاسقف ولانهاية .
وفي الختام أزين صدرك يا أمي بعقدين من الفل والياسمين حيث لقبك ام الورد اصلا و ستبقين ام الورد دائما يا اروع أم و أطيب في الدنيا ،وهذه الورود أتوج بهما كل مشاعر الامتنان لحنانك وعطائك الدافيء لي ولإخوتي ، وحتى لأبي الذى استمد صموده في معارك الحياة من فضل إخلاصك وتفانيك و تضحيتك و صبرك و معانتك فقد حملتي همومه الممزوجه بهموم الناس المخبوزة بهوم الوطن و ترملتي صغيرة لتربي سبع بنات في زمن قاس عانيتي به الحروب الشعواء و صمدت و لم تتخل عن رسالتك و شجعتينا لنكون ما نحن عليه الان فنجاحنا وطموحنا ماهو الا من ارتفاع جبينك يا حفيدة رسول الله اقبلك يدك يا امي و اغسل اقدامك بماء الورد تلك التي مشت على الاشواك و قالت الاه باستحياء على الا نسمع الالم.


سارة طالب السهيل
Sarah Alsouhail

ليست هناك تعليقات: