الثلاثاء، 12 مارس 2013

صفحات مضيئة من جهاد الإمام حسن البنا - أســــــامـة جـــادو

صفحات مضيئة من جهاد الإمام حسن البنا شهيد فلسطين 
المستشار د . أســــــامـة جـــادو

بدأ اتصال الإمام الشهيد حسن البنـــــا - رحمة الله عليه -  بقضية فلسطين مبكراً ،فمنذ أ تفجرت ثورة الشعب المسلم في فلسطين في وجه المغتصب الإنجليز و من ورائه عصابات اليهود ، كان للإخوان مواقف إيجابية على النحو الذي نعرض له موجزاً .
1- في عام 1936 ثار الشعب الفلسطيني الباسل على التصرفات البريطانية الغاشمة التي تمالئ اليهود فى كل شيء ، وتحرم العرب من كل شيء، وكانت الهيئات السياسية و الأحزاب في مصر منصرفة كل الانصراف عن مناصرة فلسطين مناصرة جدية .
 و لم يكن المتحرك لفلسطين إلا الهيئات الإسلامية .... ومن هنا تقدم الإخوان المسلمون إلى مناصرة فلسطين الثائرة المجاهدة بكل ما فيهم من قوة ، و وقفوا على ذلك جهودهم مادياً و أدبياً من حيث الدعاية و الخطابة و النشر و جمع المال .... الخ.
2 - و في يوم السبت الخامس و العشرين من صفر 1355 ه الموافق مايو 1937 م وجه الإمام الشهيد حسن البنا  دعوة إلى جميع الإخوان بالقاهرة للاجتماع مساء ذلك اليوم ولبى دعوته عدد كبير من الإخوان و خطب فيهم الإمام و شرح للإخوان ما حل بأهل فلسطين من كوارث و مصائب ، ثم بين واجب الإخوان نحو نجدة إخوانهم المسلمين أهل فلسطين .
و بعد ذلك تبادل الإخوان الرأي حول وسائل نجدة فلسطين و انتهى الأمر إلى  تكوين لجنة من الإخوان  تكون مهامها :
                        1  -  نشر مشروع تكوين هذه اللجنة في الصحف .             
                        2- نشر نداء من اللجنة إلى الأمة المصرية و المسلمين عامة .
                        3- إرسال برقيات الاحتجاج إلى المندوبين الساميين في مصر و                         فلسطين و نشر صورتها في الصحف و إرسال برقية أخرى إلى فضيلة المفتي بصفته رئيساً للجنة العربية العليا .                         
                       4- إذاعة بيان من اللجنة إلى عموم الإخوان و الشعب.
و اصطلح على تسمية هذه اللجنة "اللجنة المركزية لمساندة فلسطين التابعة لجمعية الإخوان المسلمين"
و قامت اللجنة المذكورة بمخاطبة الأمراء و الأنبا يؤنس بطريرك الأقباط الأرثوذكس ، وتم إرسال برقية تأييد و مساندة إلى سماحة المفتي الأكبر السيد أمين الحسيني مفتي فلسطين (رحمه الله تعالى )
كما دعا مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين إلى القنوت في الصلوات  من أجل فلسطين و أن يكون القنوت في كل صلاة ، يدعون فيه بنصرة أهل فلسطين و خذلان أعدائهم و مناوئيهم ، و لتكن صيغة هذا القنوت على هذا النحو

 "اللهم غيّاثَ  المستغيثين و ظهيرَ اللاجئين و نصيرَ المستضعفين انصر إخواننا أهل فلسطين ، اللهم فرج كربتهم و أيد قضيتهم و أخذل أعداءهم و أشدد الوطأة على من ناوأهم وأجعلها عليهم سنين كسني يوسف و ارفع مقتك و غضبك عنا يا رب العالمين . 
 وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله و صحبه و سلم "المذكرات ص 216"

و لم يكتف الإمام بذلك بل فاضت مجلات و دوريات و نشرات الجماعة و رسائلهم و خطبهم بالحديث عن فلسطين و نكبة أهلها و بيان واجب الأمة نحوهم .
و وجد مفتي فلسطين الأكبر في ساحات الإخوان و صدر الإمام البنا متسعاً و رحابة للنزول لديهم و عرض قضية فلسطين وشرح مؤامرات الإنجليز التي تلجئ الرجل المسلم الساذج إلى بيع أرضه لليهودي تمهيداً منهم لتمكين اليهود و استيلائهم على مقاليد الأمور بفلسطين بحكم ملكيتهم لأرضها .

و يروي الأستاذ المجاهد الكبير محمود عبد الحليم (رحمة الله عليه ) أن الإمام البنا كان يجمع الإخوان و يوزعهم على مساجد القاهرة يوم الجمعة فيرسل إلى كل مسجد اثنين على الأقل ، أحدهما يخطب بعد الصلاة و يشرح للناس ما يقترفه الإنجليز من مظالم في فلسطين ، و يوضح للناس أن  فلسطين هي البلد الذي به بيت المقدس ثالث الحرمين الشريفين و أولى القبلتين ، و أن الإنجليز يريدون أن يسلموا هذا الحرم المقدس إلى اليهود ، و يقوم الأخ الآخر بتلقي التبرعات في صندوق معه .

  و ترتب  على ذلك إحاطة الناس علماً بأن هناك بلداً مسلماً بجوارنا أسمه فلسطين يراد بيعه لليهود ، كذالك إيقاظ الروح الإسلامية الكامنة في الشعب المصري و إشعارهم بعداوة الإنجليز للإسلام .
و ترتب على حركة الإخوان لنصرة فلسطين أن أحدثوا رد فعل قوي نحو القضية و غيرها من القضايا الأخرى لاسيما قضية فهم الفكرة الإسلامية فهماً صحيحا و أن المسلمين أمة واحدة .


و ظل الإخوان على عهدهم نحو فلسطين و أهلها ، و استمر نظام الخطابة في المساجد و جمع التبرعات ، كذلك انطلقت مجلة النذيرالإخوانية بمقالات نارية أدت في كثير من الأحيان إلى مصادرة المجلة ، و كان الإنجليز هدف المجلة و الإخوان مما أوجد لها قبولاً لدى الشباب و انتشرت المجلة انتشاراً واسعاً و كثرت المنشورات و الدعوة إلى مقاطعة المحلات اليهودية في القاهرة رداً على ما يجري في فلسطين و رفع الإخوان شعار " إن القرش الذي تدفعه لمحل من هذه المحلات إنما تضعه في جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحاً يقتلون به إخوانك المسلمين في فلسطين " و كانت هذه الخطوة مدوية لأنها مست العصب الحساس لليهود .

 3- كتاب النار والدمار في فلسطين :
استطاعت اللجنة العربية العليا لفلسطين أن تطبع كتاباً سمته " النار والدمار في فلسطين " و أمدت الإخوان بعشرات الألوف منه و يقع الكتاب في نحو ثمانين صفحة تشرح ألوان الفظائع و التعذيب التي ارتكبها الإنجليز ضد مجاهدي فلسطين ، و كل نوع من هذه الفظائع معزز بصورة فوتوغرافية و بأسماء المجاهدين الذين ارتكبت معهم هذا التعذيب .........."
و قد قام الإخوان بتوزيع الآلاف من هذا الكتاب في أسرع  وقت فلم تمض ثلاثة أيام حتى عمّّ الكتاب القاهرة و أنحاء الأقاليم ، و قامت قيامة الصحف البريطانية والبرلمان البريطاني لمواجهة هذه الكارثة المدمرة و ترتب على ذلك أن قام البوليس بمداهمة المركز العام و إلقاء القبض على فضيلة الإمام الشهيد حسن البنا ( رضى الله عنه )    و كان ذلك عام 1938م
ومن ذلك التاريخ بدأ الإنجليز يهتمون بالإمام و أعدوا له دوسيهاً جمعوا فيه تاريخ حياته و أخذوا يعدون العدة للقضاء عليه و على دعوته.(تفصيل ذلك فى كتاب أحداث صنعت التاريخ ج1 ص176 )


 4- المظاهرات الغاضبة تعم مصر كلها :
بعد مضي ثلاث سنوات تقريباً من تحرك الإخوان و تبنيهم لقضية فلسطين ، أثمر التحرك الإخواني إلى إيقاظ الشعب المصري .
وضع الإخوان خطة بحيث يقوم الإخوان ( في جميع شُعب القطر كله يوم ذكرى وعد بلفور المشئوم 2نوفمبر) بمظاهرات صاخبة يهتفون  بهتافات محددة .
وقد نجحت الفكرة وقامت المظاهرات دليلاً على قوة الدعوة ، وهزاً لمكانة الحكومة  التى تجاهلت ما يحدث فى فلسطين،ومن ثمَّ أمرت بإلقاء القبض على مدبري هذه المظاهرات .
و للمرة الثانية يشعر الإنجليز بالذعر ، فالمارد المحبوس يوشك أن يكسر القيد و ينطلق يثأر لنفسه و لوطنه .
 5- عقد مؤتمر عربي من أجل فلسطين :
لم تعد فلسطين مجهولة و لم تعد قضيتها بلا مدافع ، فلقد خطى الإخوان خطوة أكبر و أشد .
فقد وجه الإمام الشهيد حسن البنا الدعوة لرجالات البلاد العربية وعلمائها ومفكريها لعقد مؤتمر لدراسة قضية فلسطين في مصر ، و استجاب الكثير منهم و انعقد المؤتمر في دار المركز العام بالعتبة و خطب فيه الزعماء العرب ثم تكلم الإمام البنا فألهب حماس الحاضرين و شرح ما يحاك بفلسطين من مؤامرات و بيَّن ما ينبغي القيام به لنجدة أهلها .
و كان نتاج ذلك أن توافد بعد المؤتمر على المركز العام للإخوان أمراء الدول العربية وساستها وعلماؤها للتشاور مع الحكومة المصرية و الإخوان حول ما يجب عمله لإنقاذ فلسطين و تمخضت هذه اللقاءات بين الزعماء العرب و الإخوان عن وسيلة هامة تحقق بعض الأهداف و لا تتصادم مع الحكومات المكبلة وكان ذلك بأن توجه الدعوة إلى جميع برلمانات العالم لعقد مؤتمر في القاهرة لمعالجة قضية فلسطين ،

   6- عقد المؤتمر البرلمانى العالمى بالقاهرة من أجل فلسطين
نعم تحقق للإخوان ما أرادوا وانعقد المؤتمر البرلماني العالمي بسراي آل لطف بالقاهرة ( مفر المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين )  و كان هذا أول مؤتمر عالمي من أجل فلسطين ـ وتحدث  الكثيرون من زعماء العالم و شرحت القضية من جميع جوانبها و انتهى المؤتمر بقرارات موجهة إلى جميع دول العالم و إلى حكومة إنجلترا خاصة بوجوب تسوية هذه القضية بما يحفظ حقوق أهل فلسطين .
ماذا جنت القضية الفلسطينية من هذه التحركات الإخوانية ؟ 
أثمرت هذه التحركات المتلاحقة و المتصاعدة من قبل الإخوان أن إنجلترا بدأت تشعر بالذعر و الهلع ، فسياستها في فلسطين أصبحت مهددة ، و من ثم أوقفت حملات القتل و السجن و التعذيب و التنكيل ، كما أبدت استعدادها للتفاهم ، و طلبت عقد مؤتمر من أجل فلسطين في لندن يضم العرب و اليهود و ممثلي الحكومة البريطانية ، و سمى هذا المؤتمر بمؤتمر المائدة المستديرة و شارك في هذا المؤتمر الأميران فيصل بن عبد العزيز و أحمد بن يحيى و شارك الإخوان المسلمون في هذا المؤتمر باعتبارهم سكرتيرين للأميرين و مترجمين لهما ومن الإخوان الذين شاركوا في المؤتمر الأستاذ الدكتور محمود أبو السعود و كان وقتها طالباً بكلية التجارة و يجيد اللغة الإنجليزية كتابة و تحدثاً .


و كان مجرد عقد المؤتمر خطوة جديدة على طريق إسماع العالم مظالم أهل فلسطين التي طالما حاول الإنجليز – ومن ورائهم يهود العالم – أن يلقوا عليها ستاراً كثيفاُ يحجبها عن العالم .
وقد أصدرت الحكومة البريطانية في أعقاب هذا المؤتمر ما يسمى الكتاب الأبيض و أهم ما في هذا الكتاب أنه وضع حداً لهجرة اليهود إلى فلسطين و كان ذلك في عام 1939 م.
إلى أنه في آخر إبريل 1946 م أصدرت لجنة التحقيق البريطانية الأمريكية تقريراً ينسف هذا الكتاب و سمحت لمائة ألف مهاجر يهودي بالهجرة إلى فلسطين و استمرار الإنتداب البريطاني و تعديل قانون بيع الأراضي و إشراف الحكومة البريطانية على الأماكن المقدسة .و جدير بالذكر أن لجنة التحقيق هذه طافت البلاد العربية متظاهرة أنها تبحث عن العدالة و قد حضرت إلى القاهرة في مارس 1946م و استمعت لجمع من الزعماء المصريين و من بينهم فضيلة الإمام البنا تقول جريدة المصري :
" و قد تكلم الجميع في حماس مخل ثم ساد الجلسة السكون عندما جاء دور الشيخ حسن البنا و قد ارتجل كلمة هادئة رزينة باللغة العربية جمعت بين قوة الحجة و سرعة البديهة و حضور النكتة ".

  7- هيئة الأمم المتحدة :-
وصلت قضية فلسطين إلى قاعات الأمم المتحدة ، و لم تكن الهيئة أرحم من غيرها بفلسطين و أهلها .
إذ فوجئ العالم العربي و الإسلامي بصدور قرار التقسيم في 29/11/1947 ويقضي القرار بتقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية و الأخرى يهودية .
و قبل هذا التاريخ لم يكن لليهود وجود قانوني أو سلطوي بفلسطين و كان قرار التقسيم بمثابة زلزال هز كيان الأمة العربية التي سارعت و أعلنت رفضها التام لقرار التقسيم و كان للإخوان رد فعل عبروا فيه عن ضمير الأمة العربية و نبض الجماهير العربية و الإسلامية .
      و في الخامس عشر من ديسمبر 1947 أعد الإخوان مظاهرة – حق أن يطلق عليها مظاهرة مصر الكبرى _ اهتزت لها جنبات القاهرة ، و اشترك فيها الأزهر و الجامعة و تجمعت في ميدان الأوبرا حيث خطب في الجموع المحتشدة زعماء العرب و هم :
السيد / رياض الصلح (لبنان) ، الأمير فيصل بن عبد العزيز (السعودية)و الشيخ أبو العيون و صالح حرب باشا و القمص متياس الأنطوني و السيد إسماعيل الأزهري (سوداني) و الأستاذ المرشد العام الإمام حسن البنا و قال الإمام البنا:





"لبيك فلسطين .... دماؤنا فداء فلسطين و أرواحنا للعروبة ... يا زعماء العرب .. يا قادة الأمة العربية ...إنني أنادي الأمم المجاهدة الحجاز وسوريا و العراق و شرق الأردن و لبنان و أبناء وادي النيل و كل عربي يجري في عروقه دم العروبة الحر .
    أيها الزعماء .... أنتم القادة و هؤلاء الجنود ... قد وقفوا دماءهم لدفاعكم المقدس .... إن هذا الشباب ليس هازلاً و لكنهم جادون ... عاهدوا الله و عاهدوا الوطن على أن يموتوا من أجله .إنه و إن كان ينقصنا اليوم السلاح فسنستخلصه من أعدائنا و نقذف بهم في عرض البحر ... لقد تألبت الدنيا تريد أن تسلبنا حقنا ، و قد عاهدنا الله أن نموت كراماً أو نعيش كراماً ....
      إنني أعلن من فوق هذا المنبر أن الإخوان المسلمين قد تبرعوا بدماء عشرة آلاف متطوع للاستشهاد في سبيل فلسطين و هم على استعداد لتلبية ندائكم."
  وما إن سمع الإخوان بذلك حتى سارعوا من أنحاء البلاد إلى التطوع من أول يوم فتح الإمام البنا فيه باب التطوع.
و استعد الإخوان و انخرطوا في معسكرات في التدريب و هم يرتلون آيات الجهاد و يتمنون الاستشهاد على رُبى الأقصى المبارك .
   8- و مضت الأيام سريعة حتى جاء موعد انتهاء الانتداب البريطاني على أرض فلسطين و مع نهاية يوم 14 مايو 1948 م انتهى الانتداب و في الخيوط  الأولى ليوم 15 مايو 1948 م أعلن اليهود عن قيام دولة إسرائيل و اعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية و يعدها بخمس دقائق اعترفت بها دولة الإتحاد السوفيتي و توالى اعتراف الدول الغربية المستعمرة بالدولة اللقيطة المزعومة .
      و دخلت الجيوش العربية من شرق و غرب و جنوب فلسطين لتعيد الأمر إلى نصابه وقبلها كان الإخوان المسلمون  قد دخلوا فلسطين من شمالها و جنوبها دخلت كتائب الإخوان المصرية و بعدها كتائب الإخوان السورية .
  - وجدير بالذكر أن الإمام الشهيد توجه إلى فلسطين في شهر مارس 1948 م  قبل نشوب الحرب بشهرين تقريباً ، حيث وصل فضيلته  إلى العريش و كان في استقباله أعيان العريش ، و منها توجه إلى فلسطين و قد وصل إلى رفح و منها إلى خان يونس و استقبل استقبالاً حاراً ، و أبى أهلها إلا أن يؤدي صلاة الجمعة في مسجدها ، ثم توجه إلى مدينة غزة حيث تقابل مع قائد المنطقة ثم عاد إلى العريش .تفصيل ذلك أورده السيد الحاج عباس السيسى رحمة الله عليه فى كتابه فى قافلة الإخوان ج1 ص197
ومن الملاحظ أن الجيوش العربية دخلت فلسطين في منتصف مايو 1948  لم تكن مستعدة للحرب استعداداُ يكفل لها أداء مهمتها على الوجه المرجو

   9- وحدثت الاشتباكات و كان لكتائب الإخوان المسلمين بلاء عظيم شهد به الجميع.
و لم يسجل هذا التاريخ إلا رجل واحد عاصر الحرب من أول يوم حتى نهايتها و هو الأستاذ الجليل كامل الشريف (رحمه الله ) حيث سجل بطولات الإخوان و سير المعارك و الأحداث في كتابه الشهير " الإخوان المسلمون في حرب فلسطين "
 و خاض الإخوان ضد اليهود معارك عديدة حققوا فيها النصر بفضل الله تعالى و كانت أول المعارك " كفار ديروم" في 14 إبريل 1948 م و هي إحدى المستعمرات اليهودية المحصنة . و معارك كثيرة و بطولات خارقة و شهادات صادقة كلها تؤكد أن الشعار الذي رفعه الإمام البنا " الجهاد سبيلنا و الموت في سبيل الله أسمى أمانينا " وهتف به في الأخوان لم يكن مجرد كلمات بل كان روحاً سرت في عروق و أوصال الإخوان فعاهدوا الله على الجهاد و تمنوا الشهادة في سبيله بصدق ، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
و أعلنت الهدنة الأولي و الثانية و في كل مرة يضرب اليهود بالهدنة عرض الحائط حين يتمكنوا من إدخال أسلحة جديدة .
و كان للإخوان موقف مشرف في استرداد العسلوج و انتزاعها من أنياب اليهود بعد أن استغاثت القيادة العامة للجيش المصري بقيادة كتائب الإخوان فتقدموا و حرروا العسلوج.
و تكرر الوضع في" تبة اليمن" ثم في موقع آخر جنوب دير البلح يعرف باسم " التبة 86" و التي سميت بعد ذلك بعد تحريرها على أيدي كتائب الإخوان باسم
 " تبة الإخوان المسلمين "
     و يذكر أن الإمام حسن البنا ألقى كلمة في الإذاعة المصرية مساء يوم الخميس 11/6/1948م نيابة عن هيئة وادي النيل لإنقاذ فلسطين جاء في أخرها :
" يا أيها المستمعون الكرام .......
  القصة لم تنته بعد ، و الرواية لم تتم فصولها ، ولا ندري ما يأتي بعد غد ، فيا أيها الشعوب العربية : لا تدعي اليقظة .... و يا أيتها الحكومات كوني على حذر
 " فلا تهنوا و تدعوا إلى السلم و أنتم الأعلون و الله معكم و لن يتركم أعمالكم "  .

    10- و بينما كتائب الإخوان تؤدي دورها الجهادي البطولي في فلسطين و تلقن عصابات اليهود دروساً في البطولة و الفداء و إذ بقوى البغي و التآمر تتحالف مع بعضها و تبرم أمراً بل مؤامرة للتخلص من هذا الكابوس المزعج " الإخوان المسلمون" فيجتمع ممثلو دول بريطانيا العظمى و فرنسا و الولايات المتحدة في منطقة فايد على البحيرات المرة بالإسماعيلية و ذلك في 10/11/1948م و يتفقوا على حل جماعة " الإخوان المسلمون "

 و في يوم 20/11/1948م اجتمع سفراء الدول الثلاث و أرسلوا مذكرة إلى النقراشي باشا رئيس الحكومة المصرية يطلبون منه ضرورة حل  الإخوان المسلمون بحجة خطرها على أرواح الأجانب و إلا احتلوا القاهرة
وفي يوم 8/12/1948م صدر قرار حل الجماعة و تم القبض على الآلاف من الإخوان و اعتقلوا في معتقل الطور في الصحراء الشرقية ، ومعتقل الهايكستب في ألماظة و معتقل العامرية بالإسكندرية و معتقل أبو قير بالإسكندرية .
  وتم القبض على المجاهدين في فلسطين و قيدوا الأغلال و سيقوا إلى المعتقلات و كان باستطاعة المجاهدين الإخوان أن يجعلوها حرباً أهلية حيث السلاح في أيديهم لكنهم التزموا بالخلق الإسلامي الأصيل الذي تربوا عليه في مدرسة الإخوان و كانت هذه صفحة طوت الحديث حول فلسطين بصورة مؤقتة .
نعود فنقول أن الإمام الشهيد حسن البنا عليه الرحمة والرضوان دفع ثمن الدفاع عن فلسطين من حريته و حرية الآلاف من الإخوان ، دفع ثمن ذلك دمه ودماء شهداء الإخوان.
كما أن فلسطين أظهرت قوة الإخوان للعالم ألا أنها جرت على الإخوان كثيراً من المحن ومن ثم انطلقت أجهزة الإعلام اليهودية الغربية تستدعي الغرب كله على الإخوان وشخص الإمام البنا بصفة خاصة ، حتى وصل الأمر إلى الحل ثم الشهادة .  

   وفى مثل هذا اليوم 12/فبراير/1949م انطلقت ست رصاصات لتستقر فى جسد الإمام البنا ليشهد العالم نتيجة التحالف الدنس بين الدول الغربية (امريكا – بريطانيا – فرنسا ) وحكومة الملك فاروق التى اغتالت الإمام البنا غدراً من أجل التخلص منه ومن دعوته وأنصاره ارضاءاً للغرب وتمكينا لبنى صهيون حتى تعيش دولتهم المغروسة فى قلب العالم العربى والإسلامى .
  فى مثل هذا اليوم صعدت روح إمامنا الشهيد لبارئها وارتقت إلى الفردوس الأعلى لتزف الى الحور العين
  (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ) صدق الله العظيم
  تأتى ذكرى استشهاد الإمام البنا هذا العام والأمة الإسلامية تعيش أيام نصر وعزة ,
وقد مكن الله تعالى رجال المقاومة الإسلامية من دحر العدوان الصهيونى على غزة الصامدة وتأكد للجميع أن المقاومة هى الحل وأن طريق التحرير الكامل لكل فلسطين يتم عبر التضحيات تحت لواءالحق .

ليست هناك تعليقات: