السبت، 18 مايو 2013

فى ذكرى نكبة فلسطين يتجدد الأمل فى التحرير - أســـامـة جــادو

أســـامـة جــادو يكتب :
فى ذكرى نكبة فلسطين يتجدد الأمل فى التحرير
د.أســـامـة جــادو
تحلُ الذكرى الخامسة والستون لنكبة فلسطين وسط أجواء ملتهبة تحيط بفلسطين وشعبها ، وأحداثٌ تلتهب فى قلبها ، تحل الذكرى ولا يزال حديث النكبة حيــاً فى ذاكرة الأمة ووجدانها ، وسقط رهان النسيان الذى ارتكن عليه عدونا وكان يتأمل فى إطالة أجل الصراع سيذهب بأجيال الأجداد والأباء الذين عاصروا النكبة وعاشوا معاناتها سواء فى داخل فلسطين أو فى الشتات ، على أمل أن يأتى جيل الأبناء غريباً عن قضيته بعيداً عن حلم العـــودة لأرض الوطن ،فإذا بجيل الشباب يتفجر فى وجه الإحتلال ويتشوق لأرض الأجداد والأسلاف ، مدركاً لواجبه مستوعباً لدوره مستعداً للتضحية والعطاء والبذل والفداء فى سبيل تحرر فلسطين من كل قيود الأحتلال .

لقد صار يوم النكبة تذكيراً بقضيــة فلسطين وإحيائها فى نفوس أبناء الأمة كلها،وتجديداً للعهد الذى قطعته الأمة على نفسها أن تظلَ وفية لفلسطين وأهلها وحقها وأرضها ، مهما طال الزمن وصعُبت التحديات وعظُمت التضحيات .

فى العام قبل الماضى استيقظ العالم كله - صبيحة يوم النكبة - على وقع أقدام الشباب الفلسطينى الثائر غضبا والتائق شوقاً لأرض فلسطين ، لقد ثارالطوق حول فلسطين المحتلة قد اشتعل غضبة وثورة وحول الطوق شعوب عربية ثائرة وداعمة لتحرير فلسطين من دنس الصهاينة، لقد أدرك الصهاينة مغزى ما حدث وصرح بذلك رئيس وزراء الكيان نتنياهو " أن الخلاف ليس على حدود أراضى 67 بل الخلاف اليوم على الوجود" لقد وصلت الرسالة قوية مزلزلة صريحة واضحة، أنّ الكبار لا يموتون وأنّ الصغار يفهمون ويستوعبون قضيتهم جيدا، لم يعد حلم العودة (إلى يافا وعكا وعسقلان وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة) يراود الكبار من الكهول والعجائز وحدهم بل زلزل الصهاينة أن يروا اليوم ملايين الشباب الفلسطيني والصبية يخرجون يقبلون ثرى الوطن العظيم ويفتدونه بأرواحهم.

هزّتنى كثيراً تلك المشاهد العظيمة فى معبر بيت حانون ومعبر قلنديا وفى بلدة الكرامة الأردنية على الحدود ومثلها بلدة مجدل شمس والجولان المحتل وأخيرا بلدة مارون الراس المتاخمة للأرض المقدسة وإنّ ارتقاء الشهداء الذين رووا بدمائهم ثرى فلسطين لهو بداية التحرير وشرارة النصر وملهمة لطوفان الشباب العربي الغاضب اليوم من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، عهد جديد أطل فكونوا شهوده وصناع مجده وعسى أن يكون قريباً واليوم يتكرر المشهد بصورة أخرى وتبقى فلسطين الهدف والمسار .

تحينُ ذكرى النكبة هذا العام وسط أجواء تشتد التهاباً يوماً بعد يوم ، خاصة فى دول الربيع العربى ، فى مصــرالثورة تخطو خطوات وثيقة وحثيثة نحو استكمال بناء مؤسساتها الدستورية لتمضى فى طريق النهضة والتنمية بعد أن تحقق لمصر أن صار يحكمها أول رئيس مدنى منتخب ، كما تحقق لشعبها دستور يلبى طموحاته وتطلعاته ، ويتأمل الشعب الفلسطينى ومناصروه أن يكون ذلك كله دعماً قوياً لفلسطين وشعبها .

وفى سوريا التى تنزفُ دمــاً تتصاعد وتيرة الأحداث هناك ، وثورة الشعب تشتدُ يوماً بعد يوم ولا يبدو فى الأُفق حلٌ وشيك ، بل التوقعات متعددة ومتنوعة لحل الأزمة قبل ان تحل الكارثة ، فلا الشعب السورى الكريم استطاع أن يخلع نظام الأسد حتى الأن ، ولا العالم سانده بقوة وفاعلية منجزة لتحقيق أهداف ثورته ، وفى ذات الوقت فشل نظام الأسد فى تحقيق مصالحة وطنية تُرضى طموح شعبه التوَّاق للحرية الكاملة والكرامة الموفورة ، كما أنه عجز عن إخماد الثورة رغم انتهاجه لخطط حرب دموية ، وسياسة سفك الدماء وقصف  المدن ودك البيوت على أصحابها و استخدامه الجيش السورى بكامل تشكيلاته القتالية وأسلحته الثقيلة والحربية لوئد الثورة وابادة شعبه .
وفى الشأن الفلسطينى لم تتحقق المصالحة الوطنية على أرض الواقع كما كان يأمل عالمنا العربى والشعوب المناصرة للحق الفلسطينى ، على الرغم من تعدد جولات المصالحة ولقاءات الفرقاء الفلسطينيين ، وحتى كتابة هذه السطور لا تزال المصالحة الوطنية بين حماس وفتح فى مربع التمنيات والوعود ، ولم تنتقل الى الواقع  الفلسطينى،وتشهد القاهرة هذه الايام جولة جديدة من المباحثات بين منظمتى فتح وحماس حتى يصلا الى التصالح الفلسطينى المأمول.

نحن نؤكد على حق الشعوب فى تقرير مصيرها ومقاومة المحتل الباغى حتى يتم التحرير الكامل لكل شبر من الأرض المحتلة، وأنّ ّكافة التضحيات التى تُبذل من مال وأرواح وأنفس وحريات ودماء وراحة هى ضئيلة فى حق فلسطين، فهى تستحق منا جميعاً أكثر من ذلك، فهى الأرض المقدسة أرض الأنبياء والعلماء والشهداء، بوابة السماء وموطن الإسراء،وهى وقفٌ إسلامى لا يجوز التفريط فى حبة من ثراها أو التنازل عن شبر منها، وهى أرض المحشر والمنشر تحنٌ القلوب إليها وتشدُ الرحال إلى مسجدها .
نود التأكيد على ثوابت القضية الفلسطينية المتجزرة فى ضمير الوطن والمحفورة فى جدران  ذاكرته لا تغيب ابدا ، فالقدس كما كل فلسطين ليست معروضة للبيع او التأجير أو البدل  ، واذا ما عُرضت القدس للبيع فنحن على أتم الإستعداد لدفع أغلى ثمن من أرواحنا ودمائنا فهى تستحق منا ومن كل فلسطينى وعربى ومسلم أن يدفع أغلى ثمن .
ذكرى النكبة  رسالة تجدد العهد وتحي الأمل فى أن نلتقى قريبا جدا فى باحات المسجد الأقصى مهللين مكبرين فرحين بنصر الله تعالى ينصر من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .

عاشت إرادة شعب فلسطين ، والنصر آتٍ لا ريب فيه ، والإحتلال إلى زوال ، والمجد للشهداء ونردد مع شيخ الأقصى الرائد " لبيك يا أقصى .. لبيك يا فلسطين" .


النائب السابق / أســــامــة جــادو
المحامى بالنقض والدستورية العليا

ليست هناك تعليقات: