الجمعة، 4 أكتوبر 2013

تعزيز الحقوق الإنسانية للنساء بالمغرب - ذ. فاتح كمال -*

تعزيز الحقوق الإنسانية للنساء بالمغرب
 ذ. فاتح كمال -*

جاء عن رسول الله "ص" في حديثه عن النساء:
1- " إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم و ما أهانهن إلا لئيم".
2- " خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي "
3- " أكمل المؤمنين إيمانا و أقربهم مني مجلسا ألطفهم بأهله"
4- " استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم إن لكم عليهن حقا و لهن عليكم حقا".
ولعل اكبر الخير والكرم والإحسان إلى النساء تجنب كل ضروب المعاملة القاسية تجاههن .

وقد عرفت المنظمة العالمية للصحة العنف ضمن تقريرها العالمي حول العنف والصحة لسنة 2002 بأنه " الاستعمال العمدي للسلطة أو القوة الجسدية أو التهديد باستعمالها من طرف الإنسان ضد نفسه أو ضد شخص أخر أو مجموعة أو جماعة ما ن مما يؤدي أو يحتمل بان يؤدي إلى إحداث جروح أو إلى الموت أو إلى إحداث أضرار نفسية أو عاهات أو عجز "5.
يفهم بالعنف ضد المرأة انه يشمل على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، ما يلي:

  • أ- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة بما في ذلك الضرب والتعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث ، والعنف المتصل بالمهر ، واغتصاب الزوجة ، وختان الإناث وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة ، والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال ؛ 
  • ب- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الاغتصاب والتعدي الجنسي والمضايقة الجنسية والتخويف في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر ، والاتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء؛ 
  • ج- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما وقع. 
ويشكل تطويق العنف ضد النساء موضوع الأيام الدراسية المنظمة يومي 25 و 26 فبراير 2008 في إطار التعاون القضائي بين المملكة المغربية والمملكة الاسبانية أهمية نظيرة بالغة لما يكتسيه من راهنية بالنسبة لدول البحر الأبيض المتوسط التي تعاني في مجملها من انتشار ظاهرة العنف ضد النساء لا سيما المنزلي بنسب متفاوتة7 .
كما أنه يشكل أهمية عملية أكيدة بالنسبة للعاملين في الحقل القضائي والحقوقي المتعاملين مع قضايا العنف عموما والعنف ضد النساء خصوصا .
وللتذكير فان أهم المقتضيات الدولية الصادرة لحماية المرأة من العنف تبقى في نظري:

• الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 10 ديسمبر 1948 الذي أكد في مادته الثانية حق كل إنسان في التمتع بحقوق الإنسان و الحريات الأساسية ( و التي من أهمها الحق في السلامة البشرية والنفسية..)دونما أي تمييز من أي نوع كان لا سيما التمييز بسبب...الجنس8.
• الإعلان العالمي بشان القضاء على العنف ضد المرأة بتاريخ 20 دجنبر 1993 والذي نص في مادته الرابعة أن الدول يجب أن تدين العنف تجاه النساء دون أي اعتبار للعرف أو التقاليد أو الدين للتهرب من مكافحة ذلك العنف9.
• إعلان و برنامج عمل فيينا بتاريخ 12 يوليوز 1993 و الذي نص على وجوب التخلص من كل ضروب العنف الممارسة على النساء بما فيها التحرش و الاستغلال الجنسي والتي هي ناتجة عن الأحكام المسبقة الغير المنسجمة مع الكرامة و قيمة الشخص كانسان وأن على الحكومات و المؤسسات الحكومية والغير الحكومية مضاعفة الجهود لحماية و تطوير الحقوق الأساسية للنساء و الفتيات10.
• نص الوثيقة الختامية لمؤتمر بكين " المؤتمر الرابع المعني بالمرأة" بتاريخ 1/9/1995 في مادتها 29 على منع جميع أشكال العنف الموجه ضد المرأة و الفتاة و القضاء عليه11.
• نصت الوثيقة الختامية بشان متابعة المؤتمر الرابع المعني بالمرأة و التنفيذ التام لإعلان بكين و منهاج العمل و التي أكدت إن تنفيذ منهاج العمل يعتمد في المقام الأول على الصعيد الوطني و أن الحكومات والمنظمات غير الحكومية و المؤسسات العامة والخاصة ينبغي أن تشارك في عملية التنفيذ و أن الآليات الوطنية لها أيضا دور مهم و أن تعزيز التعاون الوطني أمر حيوي للتنفيذ الفعال لإعلان بيكين و منهاج العمل12.
وفي إطار التساؤل حول منهجية معالجة موضوع تطويق العنف إرتأينا معالجة الموضوع من خلال المقتضيات المدنية ( المطلب الأول) وكذا المقتضيات الجنائية (المطلب الثاني)


المطلب الأول: المقتضيات المدنية كأساس لتطويق العنف ضد النساء:

سنعالج من خلال هذا المطلب المقتضيات الجديدة من مدونة الأسرة و التي كرست مبدأ مناهضة العنف ضد النساء( الفقرة الاولى) دون أن ننسى الإشارة إلى أهم التعديلات التي عرفها ظهير الالتزامات و العقود و مدونة الشغل( الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى: تحديث المقتضيات الأسرية و الرغبة في تطويق العنف ضد النساء:

1- رفع المشرع سن الزواج في مدونة الأسرة معتبرا في المادة 19 أنه " تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى و الفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمان عشرة سنة شمسية " وكان لتوحيد سن الزواج المبكر بين الفتى و الفتاة ورفع سن زواج الفتاة من 15 إلى 18 سنة رغبة من المشرع في تطويق ظاهرة الزواج المبكر الذي يعد من أهم الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة. وإن سمح المشرع بمسطرة خاصة للإذن إلى السيد قاضي الأسرة المكلف بالزواج ذرءا لها يمكن أن يمارس من ضغط نفسي أو جسدي على الفتاة ومحاولة استغلالها في الزواج لاسيما الزيجات الصورية المبرمة من أجل التهجير أو الحصول على جنسية الدول الأجنبية وبالتالي الحد من سلبيات الزواج المبكر على الفتيات.
وفي إطار الحد من التمييز بين النساء والرجال ولاسيما هيمنة الرجال على القاصرات أوضح المشرع أن قاضي الأسرة المكلف بالزواج يبت في حالة عدم موافقة النائب الشرعي عن الموافقة للقاصرة على الزواج.
2- كما أنه في إطار الحد من التمايز القانوني أصبحت الزوجة تتمتع بالأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات كما تم تغيير جذري فيما يخص الولاية والحد من الاستغلال المرتبط بها في المادي حيث أصبحت الولاية حق للمرأة تمارسها الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها من اجل تثبيت مفهومي الشخصية و الرضائية في الزواج حيث أصبح : " للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها" 13.
3- وفي إطار القضاء على العنف المتصل بالمهر تقرر أن " الصداق ملك للمرأة تتصرف فيه كيف شاءت ولا حق للزوج في أن يطالبها بأثاث أو غيره مقابل الصداق الذي أصدقها إياه" وتم تنظيم الصداق في الباب الثاني من القسم الثاني من الكتاب الأول وحيث أصبح الصداق لايخضع لأي تقادم14.
4- في باب التعدد وما يحدثه من أضرار نفسية على الزوجة نص بصرامة على انه يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها وحددت مسطرة خاصة ودقيقة من أجل الإذن بالتعدد وأصبح التعدد دون إذن المحكمة ممنوعا يقع تحت طائلة القانون الجنائي15.

5- فيما يخص الطلاق لقد أصبح أكثر مضاربة بجعله قضائيا يختص به الطرفان على وجه المساواة16: " الطلاق حل ميثاق الزوجية يمارسه الزوج كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء "17 وبالتالي تأسيس لحق المرأة في إنهاء العلاقة الزوجية و تقليص من حرية الزوج في إنهاء العلاقة الزوجية أو التهديد بذلك مما كان يشكل استعمالا عمديا لسلطة قانونية و تهديدا باستعمالها و ما يترتب عن ذلك من أضرار نفسية بالنسبة للنساء18 لا سيما صدور الطلاق في الماضي عبارة عن إشهاد لدى العدلين دون الحرص على حضورية الزوجة19.

6- في باب النيابة القانونية أصبحت الأم ركنا أساسيا في الخلية الأساسية في المجتمع في إطار إعادة تعريف عقد الزواج بجعل الأسرة تحت رعاية الزوجين20 كما أصبحت الأم لها الصلاحية في أن تقوم بالمصالح المستعجلة لأولادها في حصول مانع للأب و تصير ولية بقوة القانون على أولادها في حالة عدم وجود الأب بسبب وفاة أو غياب أو فقدان للأهلية أو بغير ذلك و لا تخضع لرقابة القضاء القبلية في إدارتها لأموال المحجور إلا إذا تعدت قيمة أموال المحجور مائتي ألف درهم و هو ما يشكل تحديثا للتشريع المتعلق بالنساء و رغبة في تأسيس للمساواة بين الجنسين. هذا عن المقتضيات الأسرية فماذا عن المقتضيات الغير الأسرية؟
الفقرة الثانية: المقتضيات الغير الأسرية و تطويق العنف ضد النساء:
لقد عرف القانون المغربي على مدى العقد الأخير عدة تعديلات من اجل ملاءمته مع التشريعات و الاتفاقيات الدولية و من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ظهير الالتزامات والعقود و مدونة الشغل:
1- في إطار مناهضة العنف المرتبط بالاستغلال الغي الفصل 726 من ظهير الالتزامات والعقود و الذي كان ينص على انه: "ليس للمرأة المتزوجة أن تؤجر خدماتها للرضاعة أو غيرها إلا بإذن من زوجها. وللزوج الحق في فسخ الإجارة التي تعقدها زوجته بغير رضاه"؛ فمثل هذا الفصل كان يعد من العنف القانوني الممارس على النساء و المقيد لحريتهم وحقهم في الشغل.
2- وفي نفس السياق فان المرأة أصبحت تعد وفقا للقانون المغربي كاملة الأهلية لمزاولة التجارة ببلوغها سن الرشد شانها في ذلك شان الرجل و لم تعد تطالب كلما كانت متزوجة بصدور إذن صريح أو ضمني من زوجها لهذا الغرض21.
3- و ستكون مدونة الشغل الحدث الأبرز في تطويق العنف و الحيف الذي كانت تعاني منه النساء العاملات و تجسد ذلك فيما يلي على وجه المثال لا الحصر:
- أصبحت الحالة الزوجية و المسؤوليات العائلية و الجنس (أنثى) من الأمور التي لا تعد مقبولة لاتخاذ العقوبات التأديبية22.
- أصبح التحريض على الفساد بمثابة خطا جسيم موجب للفصل، مما يعد حماية للنساء من تحرشات زملائهن العمال23.
- أصبح السب الفادح و استعمال أي نوع من أنواع الاعتداء الموجه من طرف الأجراء ضد الأجيرات. كما أصبح التحرش الجنسي من الأخطاء التي إن أدت إلى مغادرة الشغل تعد بمثابة الفصل التعسفي مع حق الأجيرات بالمطالبة بالتعويض24.
و هذا كله رغبة من المشرع في حماية للنساء العاملات من الاستعمال العمدي للسلطة ومن العنف المرتبط بالاستغلال و المضايقة الجنسية و التخويف في مكان العمل.

هذا عن المقتضيات المدنية المعتمدة لتطويق العنف ضد النساء، فماذا عن المقتضيات الجنائية؟

المطلب الثاني: المقتضيات الجنائية المعتمدة لتطويق العنف ضد النساء:
نشير إلى انه أدخلت على مجموعة القانون الجنائي عدة تعديلات و إضافات شكلت إلى جانب النصوص القديمة في حالة تفعيلها جيدا وسيلة لتطويق العنف ضد النساء( الفقرة الأولى) ؛ و نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للنصوص الجنائية الخاصة( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: القانون الجنائي و محاولة تطويق العنف ضد النساء:
في إطار توجه الحكومة للقضاء على كل أشكال العنف ضد النساء في جميع الميادين ولاسيما محاربة ما يمكن أن يستفيد ضمن من عنف أو اعتداء تم إدخال مجموعة من التعديلات على القانون الجنائي تهدف إلى تقوية الحماية الموفرة لهن في ظل النصوص القديمة وكذا نجد أنه :
1- تم اعتبار العنف ضد الزوجة ظرف تشديد بموجب القانون 24.03 والذي عدل مجموعة من الفصول أهمها المادة 404 من القانون الجنائي التي أصبحت تعتبر ارتكاب الضرب والجرح ضد الزوج (ة) يؤدي إلى مضاعفة العقوبة.
2- في إطار تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة أصبح كل منهما يتوفر على ظرف تخفيف في حالة جرائم القتل أو الجرح عند مفاجأة الأخر متلبسا بجريمة الخيانة الزوجية25.
3- حماية للمرأة من الاغتصاب أصبح هناك عذر مخفض للعقوبة في حالة الضرب و الجرح ضد شخص بالغ متلبس باغتصاب امرأة أو محاولته 26 مع التساؤل حول إمكانية تطبيق هذا الفصل في حالة اغتصاب الزوجة ؟
4- اعتقد انه للحد من التهديد بارتكاب العنف في حق النساء ؛ ومن تم منع تحقق ذلك التهديد تفعيل تدبير وقائي مهم هو المنع من الإقامة؛ المنصوص عليه في المادتين 428 و 40 من القانون الجنائي. وذلك في غياب تدبير الابتعاد المنصوص عليه في بعض التشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي والذي يسمح بموجب قانون 12 دجنبر 2005 حول حالة العود إلزام الأزواج العنيفين بالابتعاد عن زوجاتهن27.
5- في إطار مناهضة التمييز ضد المرأة ( التمييز المرتكز على النوع)، وحماية لها من هذا السلوك الرجعي نص الفصل 431.1 انه يعد تمييزا كل تفرقة بين الأشخاص الطبيعيين على أساس الجنس أو الوضعية العائلية ( متزوجة –عازبة – أرملة ...) 
ونصت الفقرة 2 من الفصل 431 على انه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وبالغرامة من ألف ومائتين درهم إلى خمسين ألف درهم إذا تمثل التمييز في الامتناع في :
* تقديم منفعة أو عن أداء خدمة.
* عرقلة الممارسة العادية لأي نشاط اقتصادي.
* رفض تشغيل شخص أو معاقبته أو فصله من العمل.
* ربط تقديم منفعة أو أداء خدمة أو عرض عمل شرط مبني مثلا على الجنس (ذكر). وقد جاء هذا التعديل من اجل ملاءمة القانون الجنائي مع الاتفاقيات الدولية لضمان حقوق المرأة رغبة من المشرع عن مناهضة العنف الواقعي الممارس على النساء.
6- تم تعديل الفصل 446 من القانون الجنائي من اجل تمكين الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة والصيادلة والمولدات وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته من إفشاء سر أودع لديه و لاسيما من اجل تبليغ السلطات القضائية أو الإدارية المختصة عن ارتكاب أفعال إجرامية أو سوء المعاملة أو الحرمان من طرف الزوج في حق الزوجة أو في حق امرأة علموا بها بمناسبة ممارستهم مهنتهم أو وظيفتهم.
وفي هذا السياق أعدت ورقة حول مساهمة وزارة العدل في مناهضة العنف نصت من بين ما نصت عليه على خلق تواصل مع وزارة الصحة قصد الخروج بخطة عمل كفيلة بتحقيق الأهداف المتوخاة في إطار الحملة الوطنية لمكافحة العنف بالمغرب وذلك بربط الاتصال بالمستشفيات للإخبار بكل أنواع العنف الممارس على النساء مع اقتراح استمارات تملأ من طرف الأطباء أو مساعديهم في موضوع العنف ضد النساء.
7-في إطار مناهضة استغلال النساء في أعمال الدعارة تم تعديل الفصل 503 الذي أصبح يعاقب من تغاضى عن ممارسة الدعارة بصفة مستمرة ومعتادة من أشخاص يتعاطون البغاء في محلات أو أمكنة يتصرف فيها بأية صفة إذا كانت مما يستعمله الجمهور بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وغرامة من عشرين ألف إلى مائتي ألف درهم ما لم فعله جريمة اشد من اجل زجر الاتجار في النساء والإجبار على البغاء .
وفي إطار مناهضة المضايقة الجنسية تم تجريم التحرش الجنسي سواء باستعمال الأوامر أو التهديدات أو سائل الإكراه أو أي وسيلة أخرى لاستغلال السلطة لأغراض ذات طبيعة جنسية 28
إلا أن ما يؤسف له هو صياغة الفصل 534 من القانون الجنائي الذي يعفي السارق من العقاب إذا كان المال المسروق مملوكا لزوجه ( وبالتالي الزوجة ). ذلك أن الواقع العملي يشهد على مجموعة لا تحصر من الحالات يتم فيما حرمان الزوجة من وثائق هويتها أو إقامتها بالخارج؛ وفي ظل غياب قانون خاص يعاقب على هذا الفعل فاني أرى على اقل تغيير صياغة الفصل 534 من القانون الجنائي ليشمل معاقبة الاستحواذ على وثائق الهوية التي تعد من أكثر الأفعال تأثيرا على الشخص رجلا أو امرأة.
ويبقى أن على وزارة العدل السهر على تفعيل الفصول المذكورة أعلاه من خلال المساطر الكفيلة بزجر ومعالجة ظاهرة العنف ضد النساء عن طريق حماية النساء ومحاكمة كل من أقدم على ارتكاب فعل مجرم قانونا في حقهن ممن توافرت عناصره الجنائية بل والقيام بالإجراءات الضرورية الكفيلة بالتوقع وتفادي مثل هذه الأفعال تحت طائلة ترتيب المسؤولية في حالة التقصير29 .

الفقرة الثانية: بعض القوانين الجنائية الخاصة و محاولة تطويق العنف ضد النساء:
في إطار منع استغلال النساء تضمنت مجموعة من القوانين الخاصة مقتضيات حمائية للمراة نذكر من بينها على سبيل المثال:
1- قرار المدير العام للديوان الملكي بتنظيم الاتجار في المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول و الذي منع كل مستغل لاماكن بيع المشروبات الكحولية من استقبال نساء قصد تعاطي الفحشاء في مؤسسته أو في الأماكن المجاورة لها30. كما أن تشغيل النساء الراشدات في تلك الأماكن يخضع لإذن مسبق للمدير العام للأمن الوطني وفق شروط محددة31.
2- أصبح التحريض على التمييز العنصري أو على الكراهية أو العنف ضد شخص أو أشخاص اعتبارا لجنسهم... بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية و إما بواسطة المكتوبات و المطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية و إما بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام البصرية و الالكترونية معاقبا عليه بالحبس من شهر و سنة واحدة و بغرامة تتراوح بين 3000 و 30000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط32.
ختاما أقول انه رغم وجود هذه المقتضيات فان تفعيلها رهين بتضافر جهود مجموعة من المتدخلين من قضاء جالس وواقف ومساعدي العدالة و لكن أيضا بشراكة مع القطاعات الحكومية المتدخلة في المجال الكل بتعاون مع مراكز للنساء ضحايا العنف.


من إعداد ذ. فاتح كمال
مستشار بمحكمة الاستئناف بتازة
عضو لجنة الاخلاقيات 
بالمجلس الجهوي لنادي قضاة المغرب بتازة

ليست هناك تعليقات: