الأربعاء، 18 ديسمبر 2019

صفقة القرن في صراع الديكة - د. لؤي ديب

صفقة القرن في صراع الديكة 
د. لؤي ديب
صفقة القرن بكل محتوياتها أصبحت ضمن المعركة التي يخوضها الديموقراطيون ضد ترامب في الكونغرس :
حدثان مفصليان لا تجب ان تمر علي الشعب الفلسطيني مرور الكرام ويحب الاستثمار فيها بكل قوة:
الحدث الاول :
لمنّ كلف نفسه بالاطلاع علي اتفاق الميزانية الذي توصل اليه الحزب الجمهوري والديموقراطي والذي نُشر للعامة سوف يجد أن هناك رفضا قاطعا لطلب من الرئيس الامريكي للحصول علي مبلغ (175) مليون دولار لانشاء ما يُسمي ( صندوق التقدم الدبلوماسي) ضمن تنفيذ خطة صفقة القرن حسب الوثائق الرسمية .
وكان طلب الادارة الامريكية يتضمن الحصول علي الاموال لتكون متاحة فورا في حال تحسنت العلاقات مع السلطة الفلسطينية ، وفي حال تعثرها فسيكون ضروريا لاستثماره في مساعدة الفلسطنيين علي اختيار قيادة حكيمة تؤمن بالسلام ،
تم رفض الطلب وتم تعليله بكلمات بسيطة بأن اعتبارات الميزانية لا تسمح ، وكل منّ يعرف خبايا اروقة الكونغرس سيعرف حتماً ان هناك مفاوضات استمرت 26 يوم تحديدا من اجل ان تُحذف الاعتبارات السياسية التي كتبها الديموقراطيون وتُكتب بدلاً منها أن الميزانية لا تسمح .
الحدث الثاني :
افراج الكونغرس عن مبلغ 150 مليون دولار للسلطة ، مقسمة الي قسمين بالتساوي ، (75) مليون للاجهزة الامنية ، (75) مليون لدعم مشاريع في القدس الشرقية والضفة الغربية جمدتها ادارة ترامب ، القرار صدر رغم عدم موافقة ادارة ترامب والتي حتما سوف تخلق عوائق لاحقة حول تنفيذ هذا الافراج.
والقرار واضح ولا يشترط اي تنازل سياسي او غيره وذيل بعبارة مساعدة غير مشروطة .
كتبت سابقا وقلت ان الموضوع الفلسطيني سيكون الصفيحة الساخنة في لعبة الانتخابات الامريكية وربما يكون فبراير من العام القادم هو الاسخن والذي سيجعل من النقاش فرصة لتغير الوعي العام الامريكي ،
هذه المعارضة لترامب لها عدة عوامل اهمها :
1/ اللوبي اليهودي في امريكا منقسم بشكل حاد حول ترامب ونتنياهو فهناك جزء يري ان الاثنين يقودان اسرائيل نحو الهاوية وان خطتهما ستقضي علي يهودية الدولة ، والجزء الاخر يري في حل الدولتين طريقا اسلم للحفاظ علي اسرائيل ويهوديتها ، وهناك معسكر اليهود المشاغبين من اليساريين والتقدمين والمعسكر الاكاديمي الذي بدأ يقوي مؤخرا بعدائه لتصرفات ترامب ونتنياهو.
2/ الفجوة الحادة في حول الرؤية الاستراتيجية بين الجمهوريين والديموقراطيين فيما يتعلق بالشرق الاوسط الذي تشكل صفقة القرن جوهرة التغير فيه بالنسبة لترامب ، والكارثة بالنسبة لخصومه .
3/ الصراع الحاد في المجتمع الامريكي امام محاولات الانجليين الجدد للسيطرة علي مفاصل المجتمع الامريكي وتوسع نفوذهم ، واختيار فلسطين وصراعها عنوانا لفكرتهم في التسريع بانزال يسوع وتخليص البشرية ، في وجه مخاوف حقيقية بدأت تنتاب مثقفي امريكا .
4/ العامل الرابع والاهم هو صمود السلطة سياسيا في وجه قرارات ترامب ، فالسلطة لم تفعل الكثير حتي استطيع ان اقول انها عمليا لم تفعل شيء سياسيا في وجه ترامب سوي هذا العناد الحقيقي في عدم التماشي مع خطته وصد كل محاولات الالتفاف حيث خاضت المعركة معه كالذي ليس لديه شيء ليخسره ، ومن الناحية الاخرى خاضت الاتصالات الامنية وخصوصا فيما يتعلق بمكافحة الارهاب الدولي ووضعت ترامب في حالة صدام دائم مع قادة اجهزته الامنية باستحالة وعدم حكمة قطع الاتصالات كاملة وابقت قرارات ترامب في حالة سكون وتجنبت ردات فعله المجنونه وابطأت خطواته وهذا جل من استطاعت وهو ليس سيء في ظل ظروف الوضع الداخلي والاقليمي والدولي .
يمكن جعل كل خطة ( ترامب - نتنياهو ) بمثابة فرصة حقيقية لاحداث اختراق مغاير كانت بدأت طلائعه في عهد اوباما عندما امتنعت امريكا عن التصويت في قرار يدين اسرائيل في مجلس الامن . لكن ! كي يكون هذا العمل ناجح لا بُد من ان يكون الوضع الفلسطيني متماسك داخليا ، ولا طلب البعض فيه خطوط اتصال خلفية مع الامريكي ، بمعني صوت واحد في الاتصال لا غير ، واعتقد ان هذا مستحيل علي الاقل في الوقت الحاضر لان الامريكان للاسف فتحوا خطوط اتصال جانبية مع الجميع تقريبا .
ولديهم كامل التحكم بلوحة التناقضات وحرية اللعب عليها ،
هذه صفقة القرن في صراع الديكه
د. لؤي ديب

ليست هناك تعليقات: