الجمعة، 26 أكتوبر 2012

راعــيـةُ الـوردِ سعد الحجي

راعـية الـورد سعد الحجي        


لمْ يحنْ الأوانُ بعدُ لإنقاذي يا راعيةَ الورد.. 
عن مبعدةِ شهقةٍ ترقُبين روحي ترتقي صوبَ غيمتكِ الشاهقة،
العالمُ العتيقُ يتنفسُ ببلاهةٍ
وقد فقدتْ مجاهِلُهُ عذريّةَ الغموضِ،
ومسرّاتِ الاكتشافِ،
وانبهارَ اللحظةِ الأولى..
العالمُ المأهولُ بالصبّارِ
تتدلى منه عناقيدُ القصائدِ الشائكة..
......
النساءُ القروياتُ
يكتسحنَ الشوارعَ في الصباحاتِ النديّةِ
يعلّمْنني توقّدَ الرغبةِ جمرا
يتماوجنَ كالأغصانِ الطريّةِ أمام ناظريّ،
يسُقنَ حميرَهنّ المرصوصةَ بأكوامِ الحطبِ
يتقافزنَ في سيرهنّ بسيقانٍ ملفوفةٍ بقماشِ الضَّمَادات!
الصبيّاتُ بزيّهنّ المدرسيّ
يحمِلنَ كراريسهنّ لصقَ الصدورِ الفتيّة بإضمامةٍ من ذراعينِ؛
موجاتُ بحر ترتدي أطواقَ الزبَد..
......
الصباحاتُ النديّةُ - القرويّاتُ - الصبيّاتُ -
لمْ يعُدنَ يُتْقنّ لعبةَ الجمرِ  
طاردَ الغبارُ الندى ،  
تعرّتْ سيقانُهنّ عن الضَّمَاداتِ ،
هربتْ منهنّ الدوابُّ ،
ورفرفتْ الكراساتُ نوارسَ عابثةً لا تدركها الموجاتُ..
فأتَينَ اليومَ يتزلّقْنَ على شبكاتِ العنكبوتِ   
رنينُ خلاخيلهنّ يُغري ارتعاشَ العروقِ:
(( BUZZ!!! …  
أما زلتَ هنا!  )) 
رنينٌ يستدرجُ اللهفةَ البعيدةَ
جمرةً ترتقي تضاريسَهنّ العجيبةَ
جمرةً ترتقي فلا تلسعُ إلا مَوقدَها!
صاخباتٍ يتأفّفنَ من رمادي وجمري العصيّ على الضّرامِ  
القروياتُ.. يسرّحنَ حبائلَ أصواتهنّ أوتارَ قيثارةٍ
والصبيّاتُ.. يرمِينَ قصاصاتٍ من الورقِ مدججةً بالأغاني
وأنا ضجِرٌ من عروقٍ تتوقُ لأن ترتعش
أستعذبُ الصمتَ الممتدّ كالضبابِ
في سماءِ رحيلٍ مذاقُها رحيق،
ينأى عن أديمِ معرفةٍ
أشجرتِ الصبّارَ والقصائدَ العناقيدَ..
هالةُ الضوءِ ساطعةٌ تترقّبُ
وأنا أنتظرُ في السفحِ راعيةَ الوردِ ؛
وعدُها؛ من رضابْ ..
صمتُها؛ واثقٌ مختفٍ في ارتيابْ..
روحُها من علٍ في دوامِ اقترابْ..  

ليست هناك تعليقات: