الأحد، 4 نوفمبر 2012

الاغتراب السياسي والاجتماعي لدى سكان المخيمات الفلسطينية - نادية ابو زاهر

الاغتراب السياسي والاجتماعي لدى سكان المخيمات الفلسطينية 
نادية ابو زاهر - نابلس - فلسطين

دراسة : نادية ابو زاهر - نابلس - فلسطين

تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تبحث موضوعاً جديداً ومهماً حول الاغتراب "السياسي" و"الاجتماعي" لدى اللاجئين الفلسطينيين، فرغم أهمية موضوع "الاغتراب" ووجود الكثير من الدراسات التي بدأت مؤخرا تبحث فيه، إلا أن محاولات بحث "الاغتراب" سواء السياسي أو الاجتماعي لدى الفلسطينيين، واللاجئين تحديدا، لا زالت خجولة، وإن لم تكن غائبة. رغم ما بات يتم ملاحظته مؤخرا بأن الفلسطينيين "بشكل عام و"اللاجئين" بشكل خاص يزداد لديهم الشعور بالاغتراب.

المقدمة:
الاغتراب من المصطلحات التي لقيت رواجا كبيرا، حيث حظي هذا المفهوم بالأولوية من حيث البحث والنقاش والجدل، وقد لا نبالغ إذا ما قلنا أن الاغتراب من أكثر المفاهيم جدلية في العلوم الاجتماعية، وزاد الاهتمام بهذا المصطلح مؤخرا، لا سيما فيما باتت تطرأ على الإنسان من مستجدات جديدة وتطورات كثيرة، الأمر الذي يعكس مدى انتشار ظاهرة الاغتراب في الفكر والدراسات المعاصرة. ورغم الاهتمام الكبير بهذا المصطلح إلا أنه لا يوجد اتفاق حول تعريفه ومكوناته أو مظاهره وأسبابه، وإن كانت بعض الدراسات ترى أن الأسباب السياسية من أهم الأسباب المؤدية للاغتراب، ترى دراسات أخرى أن الأسباب الاجتماعية أكثر الأسباب أهمية المؤدية للاغتراب، وراحت دراسات أخرى للتأكيد على عدم إمكانية الفصل بين الأسباب السياسية والاجتماعية في تأثيرها على الشعور بالاغتراب.

تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تبحث موضوعاً جديداً ومهماً حول الاغتراب "السياسي" و"الاجتماعي" لدى اللاجئين الفلسطينيين، فرغم أهمية موضوع "الاغتراب" ووجود الكثير من الدراسات التي بدأت مؤخرا تبحث فيه، إلا أن محاولات بحث "الاغتراب" سواء السياسي أو الاجتماعي لدى الفلسطينيين، واللاجئين تحديدا، لا زالت خجولة، وإن لم تكن غائبة. رغم ما بات يتم ملاحظته مؤخرا بأن الفلسطينيين "بشكل عام و"اللاجئين" بشكل خاص يزداد لديهم الشعور بالاغتراب، لا سيما بعد أحداث الانقسام الأخيرة بين حركتي حماس وفتح، والاقتتال الفلسطيني بينهما.

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف إلى ظاهرة الاغتراب السياسي والاجتماعي لدى اللاجئين الفلسطينيين "وتحديدا" سكان المخيمات الفلسطينية، وتهدف بصورة دقيقة إلى معرفة تأثير عدد من العوامل السياسية والاجتماعية على زيادة الاغتراب السياسي والاجتماعي لدى اللاجئين الفلسطينيين "وتحديدا سكان المخيمات الفلسطينية" من وجهة نظرنا، والتي ستعتبرها هذه الدراسة من مظاهر الاغتراب السياسي لدى سكان المخيمات الفلسطينية. ولن يعني هذا عدم وجود عوامل أخرى من الممكن أن يكون لها أثر على زيادة الاغتراب السياسي أو الاجتماعي لدى سكان المخيمات الفلسطينية.

نظرا لقلة، -وإن لم نبالغ- "غياب" دراسات ميدانية تبحث في موضوع الاغتراب السياسي لدى اللاجئين الفلسطينيين وسكان المخيمات الفلسطينية، سنعتمد على المنهج التحليلي، لتحليل بعض الإحصائيات والدراسات الميدانية التي تم إجراؤها لمعرفة درجة إقبال سكان المخيمات على الاقتراع بالانتخابات الرئاسية والتشريعية، والانتماء للأحزاب، والمشاركة السياسية، وحضور الاجتماعات والندوات السياسية، والمشاركة في المسيرات، وربطها "بمدى زيادة الاغتراب السياسي لدى سكان المخيمات داخل الأراضي الفلسطينية"، رغم أن هذه الإحصائيات والدراسات لم يكن الهدف من إجرائها معرفة هذه الأبعاد على الاغتراب السياسي لدى سكان المخيمات.

كما سنحلل الدراسات والإحصائيات المتعلقة بالفقر والبطالة ومدى انخراط سكان المخيمات في الحياة المجتمعية، لمعرفة أثر هذه العوامل على الاغتراب الاجتماعي لدى سكان المخيمات الفلسطينية، رغم أن هذه الإحصائيات والدراسات لم يكن الهدف من إجرائها معرفة هذه الأبعاد على الاغتراب الاجتماعي لدى سكان المخيمات.

الدراسة تستند إلى فرضيتين أساسيتين الأولى تنطلق من أنه كلما قل انخراط سكان المخيمات الفلسطينية بالعملية السياسية زاد شعورهم بالاغتراب السياسي. أي أنها تنطلق من وجود علاقة عكسية بين بعض العوامل السياسية مثل الإقبال على الاقتراع، والانتماء الحزبي، والمشاركة في الترشح، وحضور الندوات والاجتماعات السياسية، والمشاركة في المسيرات السياسية، وبين الاغتراب السياسي. أي كلما قلت هذه العوامل زاد شعور سكان المخيمات بالاغتراب السياسي والعكس صحيح.

والفرضية الثانية تنطلق من أنه كلما قل انخراط سكان المخيمات الفلسطينية بالحياة المجتمعية زاد شعورهم بالاغتراب الاجتماعي. 
وليسهل فحص مدى صحة أو خطأ الفرضيتين، سنعمل على تبني بعدين من الأبعاد الستة التي حددها سيمان للاغتراب Seeman والتي سنأتي عليها لاحقا، البعد الأول منها الذي سنتبناه هو "انعدام القوة Powerlessness" والذي يعني حسب سيمان "لا شيء أفعله سيشكل فارقا" (Boeree, 2001)، وإذا ما أردنا تطبيق ذلك على اللاجئين الفلسطينيين، فسيعني ذلك شعور اللاجئين الفلسطينيين بالغربة نتيجة شعورهم بضآلة (أو بعدم) إمكانيتهم أو قدرتهم على التأثير في السياسات الحكومية القائمة، وما ينتج عنها من أحداث تجاه قضيتهم في المجتمع الفلسطيني، والميل بالتالي إلى الإحجام عن المشاركة فيها، ويتجلى ذلك بأبعاد الاغتراب السياسي مثل العزوف عن المشاركة في الاقتراع، أو الترشح للانتخابات، أو حضور الندوات والاجتماعات السياسية، أو المشاركة في المسيرات، وربما رفض هذه السياسات أو الشعور بعدم الاتفاق معها. فالفرد المغترب سياسياً هنا لا يتمكن من تقرير مصيره أو التأثير في مجرى الأحداث الكبرى أو في صنع القرارات المهمة التي تتناول حياته ومصيره فيعجز بذلك عن تحقيق ذاته. 
البعد الثاني هو "العزلة الاجتماعية" Social isolation، والتي يعبر عنها سيمان بـ"أنا وحيد"، وإذا ما أردنا تطبيق ذلك على سكان المخيمات، ستتجلى العزلة الاجتماعية، من خلال ضعف المشاركة أو الانخراط لدى سكان المخيمات في الحياة المجتمعية.
من خلال هذه الدراسة نحاول أن نقدم نبذة عن هذا المصطلح، لكن دون الغوص في تفصيلاته المتشعبة، ودون الخوض في الجدل الكثير القائم حوله، كما سنتطرق للاغتراب السياسي للتعرف على الجدل حول أسبابه وتعريفاته. وبما أن غالبية الدراسات انطلقت من أن اللاجئين السياسيين من أكثر الفئات في المجتمع تعرضا للاغتراب، وبما أن اللاجئ الفلسطيني أطول معاناة مقارنة مع غيره من اللاجئين السياسيين، سنبحث في اغتراب اللاجئ الفلسطيني السياسي من خلال تحليل بعض الدراسات والكتابات الفلسطينية التي تناولت الموضوع، ثم سنتناول مظاهر الاغتراب الاجتماعي لدى سكان المخيمات الفلسطينية، ومن ثم سنتطرق لبحث مظاهر الاغتراب السياسي لديهم.

نبذة حول الظهور الأول لمصطلح "الاغتراب"
يختلف علماء الاجتماع حول الظهور الأول لمصطلح الاغتراب (Alienation)، إلا أن الغالبية العظمى تجمع على أنه ومن الناحية التاريخية ظهر ولأول مرة في الفكر المسيحي خلال العصور الوسطى، بالذات في اللاهوت البروتستانتي وإلى لوثر وكالفن بالتحديد. وتم استخدامه بطرق متنوعة في التراث الديني والفلسفي والسيكولوجي، كنتيجة مصاحبة لاختلاف الاتجاهات الفلسفية والسيكولوجية والسوسيولوجية التي اهتمت بتناول هذا المفهوم منذ أول استخدام فلسفي له، وتحديدا في نظرية العقد الاجتماعي . إلاّ أن معظم التحليلات المعاصرة تكاد تجمع على أن أول استخدام منهجي منظم لمصطلح الاغتراب جاء به هيجل في الفلسفة المثالية الألمانية في أواخر القرن الثامن عشر ومستهل القرن التاسع عشر. وبعد ذلك استخدم مصطلح الاغتراب في الكتابات المبكرة لماركس وإنجلز في مخطوطات 1844 (The Economic and Philosophic Manuscripts of 1844, The Holy Family and The German Ideology) ((Waltres, 2002). كما تم تطوير مصطلح الاغتراب على يد ماركس في مؤلفه (رأس المال) عندما ربط الاغتراب بالعمل المأجور، فالإنسان ينتج عملاً لكنه يصير عبدًا له، بمعنى أنه يشعر بالغربة عما تنتجه يداه. وهكذا حوَّل ماركس الاغتراب من ظاهرة فلسفية ميتافيزيقية، حسبما يرى البعض (الحيدري، 2008). وبيّن ماركس للاغتراب في كتابه In the Economic and Political Manuscript 1843-4، ثلاثة عناصر أو مكونات هي الفلسفي والاجتماعي والنفسي.
يوجد من اعتبر الاغتراب، ظاهرة إنسانية امتد وجودها ليشمل مختلف أنماط الحياة الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، وفي كل الثقافات. ويرى هذا الرأي أن مشاعر الاغتراب تزايدت وتعددت نتيجة لطبيعة العصر الذي يعيشه الإنسان، عصر المتناقضات، عصر التنافس والتغيرات المتلاحقة، عصر طغت فيه المادة، مما أدى إلى إصابة الإنسان بالكثير من المشاكل والاضطرابات، والتي جاء في مقدمتها ظاهرة الاغتراب التي لفتت انتباه الباحثين والدارسين وكانت محط اهتمامهم الأول. (بنات، سلامة، 2002)

أسباب الاغتراب 
اختلف الكتّاب والباحثين وعلماء الاجتماع حول الأسباب أو العوامل المؤدية للاغتراب، فهناك من وجد أن الأسباب المؤدية للاغتراب هي أسباب سياسية، ومنهم من رأى أنها اقتصادية، وفيما وجد منهم من اعتبر أنها اجتماعية، وغيرهم رأى أنه يعود لأسباب دينية وثقافية. وهناك من وجد أنه قد يوجد أكثر من سبب أو عامل تؤدي للشعور بالاغتراب، أي قد تجتمع أسباب سياسية واقتصادية معا. كما وُجِدَ اختلاف أيضا حول أهمية عامل من العوامل أو سبب من الأسباب المؤدية للاغتراب على غيره من العوامل، فبينما وجد من اعتبر أن العوامل الاجتماعية من أهم الأسباب المؤدية للاغتراب، اعتبر آخرون أن الاقتصادية هي أكثر أهمية، ووجد آخرون بأن الأسباب السياسية هي أكثر الأسباب التي تؤدي للاغتراب وأشدها قسوة. واعتبرت عدد من الدراسات أن اللاجئ بشكل عام من أكثر الفئات التي من الممكن أن تشعر بالاغتراب السياسي، فيما اعتبرت دراسات أخرى أن اللاجئ السياسي صاحب القضيّة الأكثر ألما وعذابا وعناء من اللاجئين العادييّن الذين اغتربوا لتحسين ظروفهم المعيشيّة هربا من الفقر والبطالة، لأنه لا زال بإمكانهم زيارة الوطن، والعائلة في أي وقت والاتصال بالجميع دون حرج أو خوف أو ضغوط، بعكس اللاجئ السياسي أو "المبعد السياسي". وفسرت بعض الكتابات أن ما يزيد ويضاعف من معاناة اللاجئين السياسيّين، هو خوفهم على أهلهم بالداخل وحرمانهم من الاتصال الطبيعي معهم ومع أصدقائهم. (نجمة، 2006).
وتبقى تفسيرات أسباب الاغتراب متعددة، وإن اختلف الكتّاب في رؤيتهم حول أكثر الأسباب المؤدية للاغتراب أهمية، تظل هناك رؤية تعتبر أن الأسباب السياسية من أهم الأسباب المؤدية للاغتراب، وبغض النظر عما إذا كان هذا الرأي صحيحا أم توجد أسباب أخرى أكثر أهمية تؤدي للشعور بالاغتراب، فسنعمل على تناول الاغتراب السياسي، وتحديدا الاغتراب السياسي لدى اللاجئ الفلسطيني، لا سيما وأن هناك بعض التفسيرات وجدت أن الاغتراب يكون أكثر لدى اللاجئ وتحديدا لدى اللاجئ السياسي. فمن وجهة النظر هذه فاللاجئ الفلسطيني يزداد شعوره بالاغتراب عن غيره من اللاجئين السياسيين، لأنه أطول معاناة من غيره من اللاجئين السياسيين، وتوجد أسباب عديدة يمكن الانطلاق منها لتفسير سبب شعوره بالاغتراب. وقبل البدء بتفسير أسباب الاغتراب السياسي لدى اللاجئ الفلسطيني سنبدأ بتناول الاغتراب السياسي، ولكن بشكل مختصر.

الاغتراب السياسي:
اختلاف حول تعريف الاغتراب السياسي وأسبابه:
لا يتفق علماء السياسة والاجتماع على تعريف محدد للاغتراب السياسي، فالاغتراب السياسي من المفاهيم التي يصعب تحديدها نظرا لاستخدامه للإشارة إلى كل أنواع الاتجاهات السلبية نحو المجتمع والنظام السياسي بصفة خاصة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن أولسن Olson يعرّف الاغتراب السياسي بأنه "الفصل أو الغربة بين ذات المرء وبعض الجوانب البارزة في البيئة الاجتماعية " ويقسمه إلى فئتين عريضتين: عدم القدرة السياسية، والسخط أو عدم الرضا السياسي.

أما سيمان Seeman فقد حدد معاني الاغتراب السياسي في ستة أبعاد كما سبق وأشرنا، وهي: انعدام القوة Powerlessness، وانعدام المعنى Meaninglessness، وانعدام المعايير Normlessness، الغربة الثقافية Cultural estrangement، والغربة الذاتية Self-estrangement والعزلة الاجتماعية" Social isolation"، وهناك من يعتبر سيمان بأنه يعبر عن حالة من التناقض القائم بين ذات الفرد وبين مؤسسات النظام السياسي والقائمين على زمام السلطة، بل على العملية السياسية ذاتها ونتائجها. (جمعة، 1984: 41؛ عبد الوهاب، 2000: 114). 

فيما يرى لـونـج Long في تعريفه للاغتراب السياسي بـأنه "حالة من الشعور بعدم الرضا وخيبـة الأمـل والانفصال عن القادة السياسيين والسياسات الحكومية والنظام السياسي"، ويرى أن مشاعر الاغتراب تضم على الأقل خمسة مكونات وهي: الشعور بالعجز، الاستياء، عدم الثقة، الغربة، اليأس (عبد الوهاب، 2000: 116). 

وهناك من يناقش أن فينيفتر Finifter يرى بأن الاغتراب له أربعة أبعاد متمثلة في أولا: انعدام القوة السياسية: " اللاقوة السياسية"، بمعنى شعور الفرد بأنه لا يستطيع التأثير على تصرفات الحكومة، وبأن توزيع السلطة للقيم في المجتمع عملية ليست خاضعة لأي تأثير من ناحيته. وثانيا: في انعدام المعنى: بمعنى عدم قدرة الفرد على التمييز بين الاختيارات السياسية ذات معنى، لأن الفرد لا يستطيع التنبؤ بنتائجها المحتملة، وبالتالي لا يمكنه استخدامها في تغيير الظروف الاجتماعية . وثالثا في انعدام المعايير: " اللامعيارية السياسية "، بمعنى إدراك انهيار المعايير في العلاقات السياسية, أي الشعور بأن المسؤولين السياسيين ينتهكون الإجراءات القانونية في التعامل مع الأفراد، أو في الوصول إلى القرارات السياسية. ورابعا: في العزلة السياسية: بمعنى رفض قواعد السلوك والأهداف السياسية التي يعتقد بها الكثير من أعضاء المجتمع، وكذا الشعور بأن قواعد اللعبة غير عادلة وغير شرعية (جمعة، 1984: 42-43). 

من أسباب مفهوم الاغتراب السياسي كما تراها بعض أدبيات شعور الفرد بضآلة الفرص أمامه للتأثير على العملية السياسية في المجتمع، فكلما أحس بضعف قدرته على التأثير بمجريات العملية السياسية مال إلى عدم المشاركة السياسية سواء في حضور الندوات السياسية أو الاجتماعات أو المشاركة في عملية الاقتراع، وبالتالي يزداد شعوره بالاغتراب السياسي. وإن كانت هناك بعض الدراسات التي ترى أن شعور الفرد بضآلة الفرص أمامه للتأثير على العملية السياسية تولد لديه رغبة أكثر في المشاركة السياسية ولكن تكون المشاركة سلبية أو معارضة بسبب زيادة الشعور بعدم الرضا، كما كان الأمر بالنسبة لدراسة قام بها تومبسون Thompson وهورتون Horton عام 1960، والتي أظهرت ارتباط الاغتراب السياسي بشكل جوهري بالسلبية السياسية، وأن المغتربين إذا شاركوا فإن مشاركتهم تتسم بالرفض والسلبية. (Neal، 1971: 126)

وهناك من يرى أن أغلب الدراسات التي تناولت موضوع الاغتراب السياسي دارت في الغالب حول مجال محوري رئيسي هو سلوك الناخبين واتجاهاتهم نحو الخيارات والفرص المتاحة لهم من قبل الأنظمة السياسية في مجتمعاتهم، ومدى استعدادهم لمحاولة تبديل ما لا يرضون عنه من تلك الخيارات والفرص السياسية المطروحة في تلك المجتمعات (عزام، 1997: ص228). إلا أننا نرى أن الذي يشعر بالاغتراب السياسي لا سيما نتيجة ضآلة الفرص أمامه في التأثير على العملية السياسية، يشعر بعدم جدوى مشاركته بالعملية السياسية، وبالتالي تنخفض هذه المشاركة بصورة متزايدة كلما زاد شعوره بالاغتراب، ويميل إلى الانطوائية والعزلة وعدم التدخل. لذا نجد أن كثير من الأدبيات تربط بين العزلة والانطوائية وبين الشعور بالاغتراب، لدرجة أن هناك من اعتبرها بأن الانعزال هي إحدى أبعاد الاغتراب كما فعل فينيفتر Finifter، كما سبق وأشرنا، لأنه وحسبما يجادل بعض الكتّاب، فإن الأشخاص الطبيعيون هم الذين يتعاملون بثقة وتفاعل مع الأمور سواء السياسية أو غيرها، بينما الأشخاص الذين يشعرون بالاغتراب يكونون سلبيون في تعاملهم ويميلون بالتالي إلى الانطوائية.
وقد أوضحت نتائج دراسة أخرى قـام بها ارتباط متغيرات الاغتراب (فقدان القوة، اللامعيارية، العزلة الاجتماعية) بمكونات اللامـبالاة السياسية (اللامبالاة في التصويت، اللامبالاة في التأثير، اللامبالاة في الاهتمام)، وكانت جميع الارتباطات دالة بشكل جوهري، وقد أثبتت هذه الدراسة كذلك على وجود ارتباط جوهري بين أبعاد الاغتراب واللامبالاة السياسية بالأنظمة السلطوية، وفي دراسة أخرى قام بها هيرينج Hering سنة 1989، فقد أوضحت نتائجها بأن المغتربين لا يختلفون عن نظرائهم من غير المغتربين في السلوك السياسي فحسب، بل إن الاختلافات الجوهرية كانت بين المغتربين أنفسهم، فالمغتربون الذين يشعرون بالغبن الوظيفي كانوا أقل احتمالا للمشاركة في السياسة، أما المغتربون الذين لديهم بعض الثقة في المؤسسات القائمة، فقد كانوا أكثر احتمالا للإقدام على أنماط المشاركة التقليدية، بينما المغتربون الذين يشعرون بالشك في النظام السياسي، فقد كانوا أكثر ميلا للاحتجاج السياسي. (عبد الوهاب، 2000: 160-173). 

الاغتراب السياسي إذن كما يعتقد البعض الحالة التي يصل فيها الفرد إلى الشعور بأنه غريب عن النظام السياسي، وقد تؤدي إلى شعور الفرد العميق بالغربة، بل ويعتقد بعض الكتّاب أن الاغتراب قد يؤدي إلى الرفض والسلبية تجاه النظام السياسي أو جوانبه الهامة. وهناك من يعتقد أن المغترب بطبيعته لا يميل إلى المشاركة السياسية، لأن مشاعر اللاقوة السياسية تشكل حواجز نفسية تمنعهم من المشاركة في الأنشطة السياسية، وذلك يؤدي بالفرد إلى فقدان الحماس والدافع والباعث على المشاركة الفعالة في العمل السياسي. وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين "المغترب" و"غير المهتم بالسياسة"، فليس كل من لا يميل إلى المشاركة السياسية سيشعر بالضرورة بأنه مغترب سياسيا، فالذين يشعرون بالاغتراب السياسي على سبيل المثال قد لا يدلون بأصواتهم في الانتخابات لإحساسهم بانعدام قوتهم السياسية، بينما غير المهتمين بالسياسة فهم أشخاص تمت تنشئتهم على عدم الاهتمام بالسياسية، وإنما يكون اهتمامهم بأمور أخرى، فيشعرون أن العملية السياسية لا تعنيهم.

كما ينبغي التمييز بين الاغتراب والغربة بمعنى الابتعاد عن الوطن أو الهجرة، فنلاحظ أن هناك خلط لدى بعض الكتّاب بين "الاغتراب" و"الغربة"، ويمكن أن نلمس ذلك من خلال بعض الكتابات: "السياسيون العرب اشتقوا مقولة الاغتراب السياسي من كلمة الغربة والابتعاد عن الوطن، وذلك للتمييز بين الحالة البدائية والجنينية في العمل السياسي العربي والحالة الرمادية التي يعتريها الاختلال والغموض في الأهداف والتصرفات بين الجماهير وخاصة تلك الرمادية التي تنطلق من قواعد الباطنية في الثقافة السياسية العربية والتخطيط المسبق لإخفاء الأهداف والأساليب الواجب اتباعها في هذا الشأن" (الرجوب، 2007). 

يمكننا أن نستدل من القول السابق أنه يتم الربط بين الغربة والابتعاد عن الوطن، وبين الاغتراب، لذا يجدر التمييز بينهما. فالغربة أو الابتعاد عن الوطن لا تعني بالضرورة أنها ستؤدي لشعور الفرد بالاغتراب، فكثير من المغتربين حققوا ذواتهم من خلال السفر وابتعادهم عن أوطانهم، حيث لم يجدوا في أوطانهم إمكانية تحقيق ذلك، وبالتالي فإن ابتعادهم عن أوطانهم حقق لهم نوعا من الرضا لتحقيقهم مكانة اجتماعية أو اقتصادية أو علمية وغير ذلك من أسباب التغرب ولم يحقق لهم الشعور السلبي بالاغتراب. 

من خلال العرض السابق يتبين لنا أنه لا يوجد اتفاق حول تعريف الاغتراب أو أسبابه، ولكن يمكننا القول أن مجمل التعريفات التي تطرقت لمفهوم الاغتراب السياسي، تتفق في مضمونها على أن الاغتراب السياسي يعبر عن شعور عدم الرضا عن الأوضاع السياسية القائمة، والإحساس بالعجز وعدم القدرة على التغيير بالطرق الشرعية التي يتيحها النظام القائم والتي عبّر عنها بعض الكتّاب "بانعدام القوة السياسية أو اللاقوة سياسية"، فيتولد لديهم الاغتراب السياسي ويميلون إلى عدم المشاركة السياسية التي اعتبرها البعض أحد أهم مظاهر الاغتراب السياسي. 

يرتبط الاغتراب السياسي إذن بشكل أو بآخر بالمشاركة السياسية كما ترى عدد من الدراسات كدراسة ماكديل ورايدلي عام 1962 (Mc Dill, Ridley. 1962: 205-213)، فالمغتربون يكونون أقل مشاركة حينما يشعر الفرد بنقص في الحوافز وإحساسه بعبثية المشاركة، كما تلعب التنشئة السياسية دورا بارزا وفعالا في تنمية عملية المشاركة. ولا يجب إغفال الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وأثرها على الشعور بالاغتراب السياسي، فهناك من يربط بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي على الشعور بالاغتراب السياسي، حيث يوجد من يناقش بأن تدني المكانة الاقتصادية والاجتماعية والوضع الاقتصادي (الفقر) لدى الفرد يكون باعثا على شعوره بالاغتراب السياسي لإحساسه بعدم فعاليته وعدم قوته السياسية أو قدرته على التغيير، لا سيما حينما تكون قنوات الاتصال بين الأفراد وبين النسق السياسي ضعيفة وغير مجدية، الشيء الذي يشجع على طغيان السياسات العامة التي تفرض نوعا من عدم العدالة التوزيعية للنظام، مما يشجع بالتالي على تنامي - داخل نفسية المغترب - ظاهرة العداء السياسي، حيث هناك من يعتبر العداء السياسي نوعا من الاغتراب السياسي ودرجة من درجاته (جمعة، 1984: 50). بالإضافة لذلك، يوجد من يربط بين انخفاض الثقة (الشك) بالاغتراب (Oskarson, 2007 :128). بل يوجد من يعتبر الاغتراب نتاجا طبيعيا لحالة عدم الثقة والشك في القيادات السياسية، ويرى هذا الرأي أن اجتماع هذه العوامل فإنها تكون كافية في اتساع نسبة اللامبالاة السياسية، تبقى – والحالة هذه – القلة هي المنشغلة بالسياسة من واقع تحقيقها للمصلحة الخاصة وليس العامة (سعد، 1988: 180). 

كما أن بعض الدراسات تعرّف الاغتراب السياسي من حيث انعدام الثقة في السياسيين وعدم الرضا عن الديمقراطية. (Borre, 2000). لذلك نجد أن هناك من يرى الاغتراب على أنه نتيجة لعدم كفاية انتقال المعايير الديمقراطية من خلال الأسرة والمدرسة، والجمعيات الطوعية وهذا هو افتراض العديد من الدراسات القديمة، مثل نتائج دراسة قام بها فيربا Verba على خمس دول (1963)، أو الدراسات الخاصة العاملة الطبقة السلطوية التي ناقشها Lipset عام (1959)، فيما وجدت بعض الدراسات أن العلاج لمشكلة الاغتراب السياسي تكمن في تبني الديمقراطية وإشاعتها في المجتمع.

إن كان البعض يعتبر الديمقراطية علاجا أو حلا لمشكلة الاغتراب السياسي ومن الممكن أن تؤدي للاستقرار السياسي في المجتمع، نجد أن البعض الآخر يعتبر أن ازدياد عدم الثقة (الشك) وتفاقم الشعور بالعداء السياسي التي اعتبرها البعض نوعا من أنواع الاغتراب السياسي أو أحد مظاهره، من شأنها أن تخلق ما يسمى في علم الاجتماع "بالفجوة الثورية" Revolutionary gap، والتي يعرفها بعض الكتّاب على أنها: "الفجوة بين ما يتوقعه الفرد وبين ما يحصل عليه فعليا" (A.K,2002:88) هذه الفجوة تنجم عن شعور الأفراد بالإحباط الناتج عن عدم تلبية مطالبها، وقد يصاحب الشعور بالإحباط سلوك العنف والعدوان، وهذا ما يؤكد عليه منظرو "نظرية الإحباط والعدوان" وهي إحدى النظريات المفسرة لظاهرة الصراع الاجتماعي والسياسي، حيث يؤكدون على أن العدوان نتيجة دائما للشعور بالإحباط.

هناك من يرى أن الاغتراب السياسي ينمي لدى الأفراد شعورا عاما بالإحباط، فيما يوجد رأي آخر يرى أن إحباط الفرد الناجم عن انعدام قوته السياسية يولد لديه شعورا بالاغتراب، وأيا يكن الأمر فإن الخطورة هنا تكمن في السلوك الناجم عن الاغتراب السياسي في أن يتحول إلى سلوك يتميز بالغضب والاحتجاج والعدوان، الشيء الذي يترتب عنه ازدياد مستوى عدم الاستقرار السياسي. وهنا يبدأ يدق ناقوس الخطر، حيث ينبغي الحذر من مشاعر المغترب السياسي في أن تتحول إلى قنبلة موقوتة قد تضر ليس بالنظام السياسي فحسب، وإنما بالمجتمع أيضا. 
وإن كان يوجد من علماء الاجتماع والسياسة من حذر من مشاعر المغترب السياسي في أن ينسحب المغترب من العملية السياسية والمشاركة السياسية والنشاطات السياسية، فالخطورة الأكثر التي من الممكن أن تشكل خطرا في حال تحولت مشاعره إلى ظاهرة عداء سياسي أو عداء اجتماعي أو أي سلوك ينطوي على السلوك الذي يطلقوا عليه "بالسلوك الثوري" (Schwartz,1973:1)، فإن هذا الخطر من المرجح أن يزداد في حالة شعور اللاجئ السياسي بالاغتراب، وتحديدا اللاجئ الفلسطيني ولدى سكان المخيمات خاصة، الذين يعيشون ظروفاً صعبة للغاية، نجمت عن اقتلاعهم من أراضيهم بسبب الاحتلال الإسرائيلي أدت لشعورهم بالاغتراب، وقد تزداد مشاعر الاغتراب لديهم في إذا ما شعروا باضطهاد أو تمييز من جانب أشقائهم الفلسطينيين، وهو سنحاول توضيحه تاليا.
اغتراب اللاجئ الفلسطيني: 
يربط الكتّاب الفلسطينيون الاغتراب السياسي لدى الفلسطيني بالنكبة عام 1948، إلا أنه ومع ذلك يقرون بأن الاغتراب بدأ قبل النكبة ويتضح ذلك من خلال ما يناقشه تيسير خالد: "لا يعني أن الهجرة والشتات والاغتراب بدأ مع النكبة عام 1948. مع النكبة كانت موجة اللجوء القسري الواسعة بعد سلسلة الجرائم، التي ارتكبتها إسرائيل في عديد المدن والبلدات والقرى الفلسطينية. وكغيره من شعوب منطقتنا العربية عاش الشعب الفلسطيني في أواخر عهد الدولة العثمانية حركة هجرة واغتراب" (خالد، ب. ت.). وإن كان من يرجع اغتراب الفلسطيني إلى ما قبل النكبة، فهناك من يعتقد بأن الاغتراب السياسي لدى الفلسطيني بدأ "عندما وجد الفلسطيني نفسه في مخيم مع من لا يعرفهم، وهو غريب عن المكان والنظام السياسي وموقع العمل". 

ما لاحظناه من خلال الدراسات التي تناقش الاغتراب السياسي لدى الفلسطينيين، أن بعض الكتابات قد لا تميز بين "الاغتراب" و"الغربة"، فالشعور بالغربة الناتج عن الهجرة، من الممكن أن يتولد لدى أي شخص يبتعد عن وطنه، سواء أتم ذلك بناء على رغبة الشخص، أو رغما عنه، لكن الاغتراب المقصود هنا، يتمثل في شعور الفرد بالاغتراب وهو داخل وطنه وليس خارجه، فبعض الدراسات اعتبرت بأن تهجير اللاجئين الفلسطينيين قصرا عن وطنهم، هو الاغتراب، فيما اعتبرت دراسات أخرى أن ابتعادهم عن أوطانهم أحد أسباب الاغتراب. وبالتالي ينبغي أن نؤكد على أنه "ليست كل غربة اغترابا"، وإن كانت بعض الدراسات التي تعتبر أن الغربة يمكن أن تكون أحد أسباب الاغتراب. 

الرغبة بالهجرة خارج الوطن ربما تكون مؤشرا يدل على الشعور بالاغتراب، أو يمكن اعتبارها أحد مظاهر الاغتراب لكن ذلك لا يعني أن الهجرة والغربة هي الاغتراب. حيث يوجد من يتم يستدل على زيادة "الاغتراب" لدى الفلسطينيين، بزيادة عدد المتقدمين بطلبات للهجرة أمام القنصليات والممثليات الأجنبية وخاصة للولايات المتحدة وكندا واستراليا والدول الاسكندنافية في العام 2006 نحو 50 ألف طلب هجرة، والتي كانت سابقا تقدر نحو 10 آلاف طلب. (خالد، ب. ت.). 

من خلال الكتابات الفلسطينية المختلفة التي تناقش الاغتراب، يمكن أن نلاحظ أيضا أن الكتّاب يربطون الاغتراب بالتطورات السياسية أكثر منها بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية، كما يربطونها بمحطات تاريخية هامة في حياة الشعب الفلسطيني ويمكن أن نلمس ذلك من التالي: "الهجرة والاغتراب في حالة الشعب الفلسطيني ارتبط بالدرجة الرئيسية بالتطورات السياسية قبل أن يرتبط بالعوامل الأخرى كالاقتصادية مثلاً". وكذلك من خلال: "مع كل محطة انعطاف سياسي في حياة الشعب الفلسطيني كانت تتبلور حركة هجرة واغتراب قسرية في أسبابها وعواملها. هكذا كان الحال في عام 1948 بعد النكبة، وعام 1967 بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزه وعام 1982 بعد العدوان الإسرائيلي ضد لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية وعام 1991 بعد الغزو العراقي لدولة الكويت وحرب الخليج الأولى وعام 2002 بعد إعادة احتلال المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية. (خالد، ب. ت.). 

ترجع عدد من الكتابات سبب الاغتراب إلى عدد من الأسباب -وإن كانت لم تميز بين الأسباب المتعلقة باللاجئ الفلسطيني داخل المخيمات الفلسطينية المحتلة عام 67 أو تلك المتعلقة باللاجئ في الشتات- ويمكن تلخيص أهم أسباب تلك من وجهة نظرهم بالتالي: 

• الهزيمة عام 1948، و1967، وغيرها من الهزائم.
• سياسة الاحتلال القائمة في الجوهر على حجز تطور القطاعات الاقتصادية الإنتاجية.
• تبعية الاقتصاد الوطني الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي والأسواق الإسرائيلية.
• إعادة احتلال المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية.
• وارتفاع وتيرة النشاطات الاستيطانية، وأعمال بناء جدار الفصل العنصري وما رافق ذلك من زيادة حدة إجراءات الحصار، والخنق الاقتصادي وتقطيع أوصال المناطق المحتلة بمئات الحواجز العسكرية الإسرائيلية، والتراجع الحاد في نسبة وأعداد العاملين الفلسطينيين في المشاريع الإسرائيلية.
• ارتفاع معدلات البطالة وزيادة معدلات الفقر وتدهور في مستوى المعيشة للمواطنين وتراجع حاد في أداء الاقتصاد الوطني.
• هجرة واسعة لرأس المال الوطني وللقوى العاملة.
• حرمان اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما في لبنان، من كثير من الحقوق المدنية بما فيها الحق في مزاولة العمل في رزمة واسعة للغاية من المهن يفاقم معاناتهم ويدفعهم إلى الهجرة وتدمير البنى التحتية في القطاعين العام والخاص. 
• هدم البيوت في القدس في آذار من العام الجاري 2009.
• الشعور بالاغتراب بسبب النظام الرسمي العربي والنظام العالمي.
• التمييز في الشتات، كالعيش بدون جوزات سفر، أو الحصول على جواز سفر بهدف تغييب الهوية الأصلية، أو المنع عن الوظائف كما حصل في لبنان حيث تم المنع عن 80 وظيفة (سمارة، b2009).
• عمل كثير من الفلسطينيين، سواء المتبقين داخل 1948 أو في مناطق 1967، عمالاً لصالح رأس المال اليهودي ليبنوا بيوتاً للمستوطنين على نفس أرضهم. 

لا تنحصر أسباب اغتراب اللاجئ الفلسطيني على هذه الأسباب فحسب، فهناك أسباب أخرى يراها بعض الكتّاب تدفع الفلسطيني للشعور بالاغتراب السياسي، حيث يناقش د عادل سمارة على سبيل المثال لا الحصر بعض الأسباب، لكننا لاحظنا أنه يربطها بما تمخض عن أوسلو من نتائج التي أدخلت الفلسطيني في تناقضات، ويتبين ذلك من خلال قوله: "أُدخِلَ الفلسطيني في حالة من الاغتراب حيث لم يعد يدري كيف وصل إلى حالة من حمل تناقضات لا طاقة له بها، فهو من جهة مقتنع بأن له حق العودة إلى الأرض المحتلة 1948، مجسداً في الاحتفاظ بالصورة في الذاكرة الجمعية للفلسطينيين، ومن جهة أخرى مضطر للتنسيق مع العدو الذي يجثم على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، طالما قبل بحكم ذاتي كي يدير شؤون مواطنيه دون سيادة، أي الشؤون المدنية. ومضطر لتقبل وجود المستشارين العسكريين (دايتون-الحاكم العسكري للفلسطينيين) والساسة الأميركيين في أوساطه رغم أنهم يدعمون العدو علانية، ولا يعدمون سبيلا لشطب حق العودة. ومضطر للدخول في حملات انتخابات لديمقراطية تحت الاحتلال. وفي النهاية يجد نفسه مغرَّباً عن طريق النضال السياسي ليدخل في صراعات داخلية (في الطبقة الواحدة كقيادة صراع، والطبقة نفسها كمقتتلين) صراع على سلطة غير سيادية وعلى حكم بلا وطن. (سمارة، a2009)".

من خلال ما أشار إليه سمارة، يتبين لنا أنه يناقش عدة أسباب أدت للاغتراب من بينها أحداث الاقتتال الأخيرة التي حصلت في غزة بين فتح وحماس، من الأمور التي تؤدي إلى الشعور بالاغتراب السياسي. وبغض النظر عن صحة هذا الرأي أو خطئه، لأن ذلك يحتاج إلى فحص من خلال دراسة ميدانية لمعرفة كيف أثرت أحداث الانقسام الأخيرة على الشعور لدى الفلسطيني بشكل عام واللاجئ الفلسطيني بشكل خاص، إلا أنه لا بد أن نلاحظ مرة أخرى إلى أن أسباب الاغتراب كما سبق وأشرنا من الأمور الجدلية المختلف عليها، وقد تختلف من مجتمع لآخر، وقد تكون هناك أسباب تؤدي إلى اغتراب بشكل فردي، فيما أن هناك أسباب أخرى من المحتمل أن تؤدي إلى اغتراب بشكل جماعي. فالاغتراب السياسي الجماعي، يتكون لدى جماعة أو ربما مجتمع بأسره نتيجة عامل معين يولد نفس الإحساس لدى الجميع نتيجة تعرضهم لنفس الظروف، فيما أن الاغتراب الفردي قد يتكون لدى فرد معين دون أن يتولد نفس الإحساس لجميع المحيطين به من أفراد المجتمع، حتى وإن تعرضوا لنفس الظروف التي أدت لشعوره بالاغتراب. 

في الحالة الفلسطينية ولخصوصيتها نتيجة وقوع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي لفترة طويلة جدا من الزمن، فمن الممكن أن يكون قد تشكل لدى الشعب الفلسطيني بشكل عام، واللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص اغتراب جماعي داخل وطنهم ناتج عن سبب خارجي وهو الاحتلال الإسرائيلي، لكن ورغم أن غالبية التحليلات الفلسطينية تميل إلى ترجيح هذا الرأي، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن العامل الخارجي في الحالة الفلسطينية والناجم هنا عن الاحتلال الإسرائيلي، قد يكون عاملا ساعد على مزيد من الترابط والتضامن بين أبناء الشعب الفلسطيني، ولم يكن عاملا يؤدي إلى الشعور "بالاغتراب" كما ناقشت مختلف الكتابات. ذلك أن الاحتلال يزيد من مشاعر الثقة بين الفلسطينيين، وتزيد لديهم مشاعر الانتماء لوطنهم ولمجتمعهم، وتقل لديهم مشاعر الإحباط الناجمة عن الشعور الذي قد يتولد لديهم نتيجة التمييز الذي يسهم بالشعور بالاغتراب، لأنهم جميعا يقعون تحت نفس الظروف دون تمييز بين فقير أو غني أو التمييز بين منتم لتنظيم أو آخر، وبالتالي، ساهم غالبية أبناء المجتمع الفلسطيني في مقاومة الاحتلال لدحره عن أراضيهم، سواء أتمثل ذلك من خلال المشاركة السياسية بالمسيرات أو المظاهرات أو غيرها من مظاهر مقاومة الاحتلال، وبالتالي تولد لديهم مزيدا من القناعة "بقوتهم" لمواجهة عدوهم (المحتل)، وتغيير واقعهم رغم عدم توازن القوة الفعلية. 

وليس أدل على ذلك من العدوان الأخير على غزة وتلاحم الشعب الفلسطيني في غزة في مقاومة الاحتلال بغض النظر عن الانتماء السياسي، رغم الاقتتال الذي حصل قبل العدوان الأخير بين الأشقاء الفلسطينيين (تنظيمي حماس وفتح). بل إن الاحتلال الإسرائيلي زاد من إحساس المواطنين الفلسطينيين بتمسكهم بوطنهم، والدفاع عنها بكل ما أوتي هذا الشعب من سبل المقاومة، للدفاع عن حقهم وبلدهم ودحر الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبرونه غريبا عنهم اغتصب أرضهم، وبالتالي لم تتولد لديهم مشاعر بأنهم مغتربين داخل وطنهم.

من خلال الأسباب الواردة أعلاه التي تمت مناقشتها في التحليلات المختلفة لشعور اللاجئ الفلسطيني بالاغتراب السياسي، لاحظنا أن في بعضها يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، وإن لم تنكر هذه الكتابات أهمية العوامل الداخلية مثل الفقر، ونقص فرص العمل، ونقص توفير الخدمات الأساسية، والتهميش الاجتماعي، وغياب الأمن، وعدم الاستقرار، وارتفاع معدلات البطالة. إلا أن العوامل الداخلية يصعب عزلها أو البحث عن معالجات فعلية لأسبابها بمعزل عن دور الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزه.

الاغتراب السياسي لدى سكان المخيمات الفلسطينية
قلة هي الدراسات التي تبحث في الاغتراب السياسي لدى سكان المخيمات، ومن الدراسات النادرة جدا التي وجدناها في هذا الإطار، دراسة حاولت أن تفحص درجة الاغتراب لدى سكان مخيم العروب فقط، وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها: شيوع ظاهرة الاغتراب السياسي لدى أهالي مخيم العروب بدرجة عالية، حيث كان الأغلبية يشعرون باللاقوة السياسية، أو يعيشون حالة من الاغتراب السياسي. وتناقش الدراسة بأن الاغتراب السياسي لدى أفراد العينة انعكس في عدة مظاهر أهمها: أن الفلسطينيين مدفوعين إلى اتجاه لا خيار لهم فيه، كذلك سيميلون إلى عدم المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي القادمة، وإلى تجنب الانتماء للأحزاب السياسية، وتشاؤمهم من مستقبل العمل السياسي في المجتمع الفلسطيني (بنات، سلامة، 2002). ورغم أهمية هذه الدراسة في فحص الاغتراب السياسي لدى سكان مخيم العروب، إلا أننا لا نستطيع تعميم نتائجها على جميع سكان المخيمات الفلسطينية. 

ونتيجة لنقص، وربما غياب، الدراسات التي تفحص درجة الاغتراب السياسي لدى اللاجئ الفلسطيني بشكل عام، ولدى سكان المخيمات الفلسطينية بشكل خاص، سنستند في تحليلنا حول الاغتراب السياسي لدى سكان المخيمات الفلسطينية، إلى المسح الذي قامت به دراسة حاولت قياس رأس المال الاجتماعي الفلسطيني صدرت عن ماس بالتعاون مع مركز الإحصاء الفلسطيني، وإن لم تكن هذه الدراسة قد أجريت بهدف قياس درجة الاغتراب لدى سكان المخيمات الفلسطينية، إلا أنه وباعتقادنا بأن المسح الذي تم خلال هذه الدراسة والذي تناول سكان المخيمات الفلسطينية يفيدنا في تحليلينا لقياس درجة الاغتراب الفلسطيني، من خلال ما أشرنا إليه حول الاغتراب السياسي.

من خلال الإطار النظري الذي تناولناه، لاحظنا أن المغترب يميل إلى عدم المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية في مجتمعه، فكلما ازداد شعوره بالاغتراب، قل ميوله للمشاركة سواء السياسية أو الاجتماعية، (أي أن انخراطه بالحياة السياسية والاجتماعية يقل شيئا فشيئا، الأمر التي اعتبرتها بعض الدراسات مؤشرات تدل على الاغتراب السياسي والاجتماعي، أو مظاهر للاغتراب السياسي والاجتماعي)، حيث يتولد لديه شعورا بالإحباط فيميل إلى العزلة السياسية وإلى العزلة الاجتماعية. أو ربما تكون مشاركته سلبية أو معارضة (كما ترى بعض الدراسات). وسنحاول تاليا أن نفحص مدى وجود اغتراب سياسي أو اجتماعي لدى سكان المخيمات من خلال المقارنة بين سكان المخيمات والقرى والمدن، مبتدئين بمظاهر أو مؤشرات الاغتراب الاجتماعي.

مظاهر الاغتراب الاجتماعي لدى سكان المخيمات 
من أجل التعرف على مدى وجود اغتراب اجتماعي لدى سكان المخيمات الفلسطينية، ستساعدنا المقارنة بين مدى انخراط سكان المخيمات في الحياة المجتمعية مقارنة بسكان القرى والمدن. 

على صعيد المشاركة الاجتماعية، أظهر سكان المخيمات أقل مستوى من المشاركة الاجتماعية قياسا مع سكان الحضر والريف. (هلال، نصر، 2007: ix). فقد سجل سكان المخيمات النسبة الأقل في المشاركة بالعمل التطوعي مقارنة بالمدن والقرى (هلال، نصر، 2007: 96). كما حظوا بنسبة متدنية من المشاركة في النشاطات ذات الطبيعة الخدمية مقارنة بالمدن التي حظيت بالنسبة الأعلى (هلال، نصر، 2007: 80). 

أما بالنسبة للعضوية النشطة، يتبين أن لدى سكان المدن معدلات أعلى من العضوية النشطة قياسا بالتجمعات السكانية الأخرى (القرى والمخيمات). (هلال، نصر، 2007: xii).وإذا ما أردنا معرفة مدى انخراط المخيمات في الروابط الاجتماعية، يتبين لنا سكان القرى تحتوى على نسب أعلى من المشاركة في عدد من الروابط الاجتماعية مقارنة بسكان المدن والمخيمات (هلال، نصر، 2007: xii). وكانت المخيمات صاحبة النسبة الأقل في المشاركة النشيطة في الجمعيات الخيرية، والنسبة الأعلى للمشاركة في المدن، تتلوها القرى (هلال، نصر، 2007: 63).

أما بالنسبة للانخراط في لجان الأحياء أو المناطق والنشيطين في تلك اللجان، فنجد أن النسبة الأقل كانت من نصيب المخيمات بواقع 3.8% مقابل 4.8% في المدن ونجد بأنها الأعلى بنسبة 5.0% في القرى (هلال، نصر، 2007: 63). ونفس الأمر ينطبق على العضوية النشطة في اللجان المنبثقة عن المدارس، حيث كانت المخيمات هي الأقل نسبة بواقع 5.8% مقابل 9.5% في المدن، وكانت الأعلى في القرى بواقع 13.5% (هلال، نصر، 2007: 63).

أما بالنسبة لزيارة الجيران أو التحادث معهم بمعدل مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، تبين أن المخيمات كانت صاحبة النسبة الأدنى بواقع 26%، مقارنة بالقرى التي سجلت النسبة الأعلى في التزاور بنسبة 44.5%، والمدن بنسبة 42.3%. أما بالنسبة للاتصال مع الأهل في الخارج فكانت المخيمات أيضا صاحبة النسبة الأقل مقارنة بالقرى والمدن التي تعتبر صاحبة النسبة الأعلى في الاتصال مع الأهل بالخارج (هلال، نصر، 2007: 75).

على صعيد العضوية النشطة في النوادي الرياضية ومراكز الشباب والترفيه، نجد كذلك أن المخيمات سجلت النسبة الأقل في بنسبة 5.1% مقابل 12.1% في المدن وكانت في القرى أعلى نسبة بواقع 12.4% (هلال، نصر، 2007: 63). ونجد كذلك أن العضوية الأقل نشاطا في المجموعات الافتراضية كانت في المخيمات بنسبة 2.6% ثم تتلوها القرى بنسبة 5.8% والأعلى نجدها في المدن بنسبة 6.4% (هلال، نصر، 2007: 63)

بالانتقال إلى العضوية في الجمعيات الثقافية والعامة والدينية، نجد أن المخيمات سجلت النسبة الأدنى من الأعضاء النشيطين في الجمعيات الثقافية، كما سجلت النسبة الأدنى في المشاركة العامة. وسجلت النسبة الأدنى كذلك في المشاركة النشيطة في الروابط الدينية، بنسبة 10.3% مقابل 17.3% في القرى و15.8% في المدن (هلال، نصر، 2007: 64). وهنا تجدر الملاحظة إلى أن البعض اعتبر العضوية في الجمعيات الثقافية من مظاهر الاغتراب الثقافي وليس الاجتماعي، والعضوية في الروابط الدينية إحدى مظاهر أو مؤشرات الاغتراب الديني، لكننا سنعتبر الروابط الدينية والثقافية جزءا من الحياة المجتمعية، وبالتالي سنعتبرها إحدى المظاهر التي يمكن أن تؤخذ كمؤشر يدل على الاغتراب الاجتماعي.

على صعيد الثقة، فكما سبق وأوضحنا، فإن كثير من الدراسات ربطت بين الاغتراب والثقة، بحيث يمكن اعتبار أنه كلما قلّت الثقة كان ذلك مؤشرا على زيادة الاغتراب، لدرجة أن لونج اعتبر عدم الثقة من مكونات الاغتراب. وإذا ما أردنا أن نطبق ذلك على سكان المخيمات لمعرفة مدى ثقتهم بالناس بشكل عام مقارنة بسكان المدن والقرى، وعلى غير ما هو متوقع كانت النسبة الأعلى من انعدام الثقة بالآخرين في المخيمات بواقع 11.4% مقارنة بالريف بنسة 15.6%، والثقة الأعلى بالآخرين كانت بالمدن بنسبة 17.9% (هلال، نصر، 2007: 86). كما أن ثقة المخيمات في النظام التعليمي كانت متدنية مقارنة بالقرى (هلال، نصر، كما كانت صاحبة النسبة الأعلى من انعدام الثقة في الشركات الكبرى العاملة في الضفة والقطاع، تلتها المدن فالقرى، كذلك أظهر نسبة متدنية بالنقابات مقارنة بالقرى، ونسبة متدنية أيضا في المنظمات غير الحكومية مقارنة بالقرى 2007: 93-95).

أما بالنسبة للتفكير بالهجرة، فقد سبق وأن أوضحنا بأن البعض من الكتّاب يعتبر أن الهجرة هي الاغتراب، لكننا نرى أن الهجرة يمكن اعتبارها مؤشرا يدل على الاغتراب، أو أحد مظاهر الاغتراب. وعند النظر للهجرة كمؤشر يدل على الاغتراب نجد أن سكان المخيمات حظوا بأعلى نسبة ممن فكروا بالهجرة، بحيث بلغت نسبتهم أعلى نسبة بواقع 22.5% تلتها المدن ثم القرى (هلال، نصر، 2007: 102- 103) 

وإن كان سكان المخيمات لا يميلون للانخراط في المؤسسات المجتمعية المختلفة والحياة المجتمعية مقارنة بسكان القرى والمدن، فإن ذلك لا ينطبق على عضوية جمعيان أبناء البلد الأصلي، حيث نجد أن سكان المخيمات حظوا بالنسبة الأعلى من العضوية في جمعيات أبناء البلد الأصلي بواقع 17.1%، تلاهم أفراد المدن بنسبة 12.5% ثم أفراد القرى بنسبة 10.4%. (هلال، نصر، 2007: 82)، ويمكن تفسير ارتفاع العضويات لسكان المخيمات في جمعيات أبناء البلد الأصلي، بما له دلالة متعلقة بحق سياسي وذاكرة جماعية الخاصة بحق العودة الفلسطيني، مستندا إلى ما تولد عن النكبة من لجوء وتشريد، فرغم ضعف انخراط سكان المخيمات في العضويات المختلفة للمؤسسات المجتمعية، إلا أن مشاركتهم في جمعيات أبناء البلد الأصلي كانت الأعلى، فعزلتهم عن النشاطات الاجتماعية، لم تمنعهم من انخراطهم في جمعيات تنعش ذاكرتهم بما حلّ بهم وقت النكبة، حيث هجروا عن أراضيهم الفلسطينية عام 1948، ليقيموا في الأراضي الفلسطينية عام 1967، وربما تكون قلة انخراطهم في مؤسسات مجتمعية مقابل زيادة انخراطهم بجمعيات البلد الأصلي مؤشرا على تمسكهم بهويتهم وحقهم بالعودة، وعدم تأثير الاغتراب على هويتهم أو على إيمانهم بحقهم بالعودة.

يمكننا أن نتوصل من خلال العرض السابق أن سكان المخيمات كانوا الأقل انخراطا في الحياة المجتمعية مقارنة بالقرى والمدن، حيث كانوا الأقل نسبة من حيث المشاركة الاجتماعية، والنسبة الأقل في المشاركة بالعمل التطوعي، كما حظوا بنسبة متدنية من المشاركة في النشاطات ذات الطبيعة الخدمية. كذلك كانوا الأقل مشاركة في الروابط الاجتماعية كالانخراط في لجان الأحياء أو المناطق والنشيطين في تلك اللجان العضوية النشطة في اللجان المنبثقة عن المدارس. كذلك كانوا الأقل تزاورا لجيرانهم أو التحادث معهم، والأقل اتصالا مع الأهل في الخارج. وعلى صعيد النواحي الترفيهية والثقافية والرياضية والدينية، نلاحظ أن سكان المخيمات كانوا الأقل عضوية نشطة في النوادي الرياضية ومراكز الشباب والترفيه، والأقل عضوية نشطة كذلك في المجموعات الافتراضية، ونفس الأمر ينطبق على الجمعيات الثقافية والروابط الدينية. وهو مؤشر على أنهم أكثر ميلا للعزلة الاجتماعية وعدم الانخراط بالحياة المجتمعية، وهو ما يدل على وجود اغتراب اجتماعي لدى سكان المخيمات. فعلى حد تعبير سيمان فإن أحد أبعاد الاغتراب هي العزلة الاجتماعية، وبالتالي فإن سكان المخيمات الفلسطينية، يميلوا إلى العزلة الاجتماعية، والتي تمثل أحد أبعاد الاغتراب. 

يمكننا اعتبار أن العزلة الاجتماعية التي يعيشها سكان المخيمات من حيث قلة مشاركتهم بالحياة المجتمعية مقارنة بسكان القرى والمدن، تفسر لماذا كان سكان المخيمات الأقل ثقة بالناس. ولماذا كانت لديهم النسبة الأعلى ممن فكروا بالهجرة للخارج، وهو مؤشر واضح على شعورهم بالاغتراب.

بعد أن أوضحنا بعض مظاهر الاغتراب لدى سكان المخيمات الفلسطينية، سنتناول فيما يلي مظاهر الاغتراب السياسي لديهم، مع ضرورة الإشارة إلى أنه قد تختلط أحيانا بعض مظاهر الاغتراب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، بحيث يصعب الفصل بشكل حدي وفاصل بين تلك المظاهر. 

مظاهر الاغتراب السياسي لدى سكان المخيمات الفلسطينية
اعتبرت غالبية الدراسات أنه كلما ضعفت قدرة الفرد على التأثير بمجريات العملية السياسية مال إلى عدم المشاركة السياسية، سواء في حضور الندوات السياسية أو الاجتماعات أو المشاركة في عملية الاقتراع، أو غيرها من مظاهر العملية السياسية، يؤدي إلى العزلة السياسية واعتبر ذلك مؤشرا أو مظهرا من مظاهر الاغتراب السياسي، فيما اعتبر كتاب آخرون أن عدم المشاركة السياسية والتي تدل على انعدام القوة السياسية إحدى مكونات الاغتراب السياسي، وبغض النظر عن هذا الخلاف في الرأي، فإن الدراسات تجمع على وجود ارتباط بين المشاركة السياسية والاغتراب السياسي، كما كان الأمر بالنسبة لدراسة ماكديل ورايدلي. 

بالنظر للحالة الفلسطينية وتحديدا بالنسبة لسكان المخيمات، نجد أن أقل نسبة انتساب للأحزاب السياسية كانت في المخيمات، ثم المدن وأعلاها كانت في القرى. (هلال، نصر، 2007: 63). كما سجلت المخيمات النسبة الأدنى بالنسبة للمشاركة في توزيع منشورات سياسية خلال عام بواقع 6.3% مقابل 6.4% في المدن، وسجلت القرى النسبة الأعلى بواقع 7%. (هلال، نصر، 2007: 69). كما سجلت نسبة متدنية بالنسبة للمشاركة في الاجتماعات والندوات السياسية خلال عام بواقع 29.7% مقابل القرى التي كانت الأعلى بواقع 31.7%، والمدن بواقع 29% (هلال، نصر، 2007: 71). كما سجلت المخيمات، وعلى عكس ما هو متوقع، نسبة أدنى من القرى في المشاركة في المظاهرات والمسيرات السياسية التي سجلت النسبة الأعلى. (هلال، نصر، 2007: 72) 

وإن كنا قد اعتبرنا بأن الهجرة أحد مظاهر الاغتراب الاجتماعي، يمكننا القول بأن الهجرة عندما تكون دوافعها سياسية، وليست اجتماعية، كدافع الفقر أو البطالة وغيرها، يمكن اعتبارها بأنها مظهرا من مظاهر الاغتراب السياسي، وبالنسبة للمخيمات الفلسطينية نجد أن نسبة المخيمات كانت الأعلى في إيراد الدوافع السياسي وراء التفكير في الهجرة عن دوافع أخرى منها في القرى والمدن. (هلال، نصر، 2007: 102- 103)

كما سبق وأشرنا فإن كثير من الدراسات ترى أن تدني المكانة الاقتصادية والوضع الاقتصادي (الفقر) لدى الفرد يكون باعثا على شعوره بالاغتراب السياسي لإحساسه بعدم فعاليته وعدم قوته السياسية أو قدرته على التغيير. كما أوضحت دراسة قام بها ديـن Dean عـام 1960 أن ارتفاع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد يقلل من شعوره بالاغتراب. وعند الحديث عن سكان المخيمات الفلسطينية مقارنة بالمدن والقرى يتبين لنا أن نسبة الفقر في العام 2006 كانت الأعلى في المخيمات تقدر بـ 38.6% مقابل 29.5% في القرى، وكانت الأقل في المدن بواقع 29.3%. كما أن نسبة الفقر المدقع كانت أيضا الأعلى في المخيمات تقدر بـ25.6%، وفي 18.3% في المدن والأقل في القرى بنسبة 15.4% (هلال، نصر، 2007: 64).

كما أنه وبالنسبة لمعدلات البطالة نجد أنها كانت الأعلى في المخيمات تقدر بـ 30.2%، وفي المدن بنسبة 23.0%، والأقل في القرى بنسبة 16.8% (هلال، نصر، 2007: 64). وارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع لسكان المخيمات مقارنة بالقرى والمدن، وكذلك ارتفاع معدلات البطالة تعد من مظاهر الاغتراب السياسي، وإن كانت بعض الدراسات ترفض اعتبارها من مظاهر الاغتراب السياسي، بل راح البعض على اعتبارها من مظاهر الاغتراب الاجتماعي، وهناك من رأى بأنها إحدى مظاهر الاغتراب الاقتصادي. 

واعتبرت بعض الدراسات، كما كان الأمر بالنسبة لأولسن، أن السخط أو عدم الرضا السياسي من مظاهر الاغتراب السياسي أو إحدى مؤشراته. أو كما يرى لونج بأن الاغتراب السياسي هو الشعور بعدم الرضا وخيبـة الأمـل والانفصال عن القادة السياسيين والسياسات الحكومية والنظام السياسي. وقد تتولد العزلة السياسية للمغترب، بأن يرفض قواعد السلوك والأهداف السياسية التي يعتقد بها الكثير من أعضاء المجتمع، وكذا الشعور بأن قواعد اللعبة غير عادلة وغير شرعية.
وإذا ما حاولنا تطبيق ذلك على سكان المخيمات الفلسطينية مقارنة بالمدن والقرى سنجد أن المخيمات كانت نسبتها الأعلى من حيث رفضها للسلوكيات والقواعد القائمة في المجتمع الفلسطيني، كذلك عدم رضاها عن كثير من الأوضاع القائمة، حيث نجد أن المخيمات 
سجلت النسبة الأعلى مقارنة بالمدن والقرى في اعتبارها أن محاربة الفقر والبطالة، كذلك محاربة الفساد أمرا بالغ الأهمية، كما سجلت النسبة الأعلى في اعتبارها أن سيادة القانون أمرا بالغ الأهمية، كما منحت موضوع بسط الديمقراطية نسبة أعلى من القرى أو المدن. (هلال، نصر، 2007: 98-99) كانت المخيمات صاحبة النسبة الأعلى بين المواقع السكنية التي اعتبرت إزالة الاحتلال أمرا مهما جدا بواقع 98.7% مقارنة بالمدن والقرى (هلال، نصر، 2007: 98). ورفضها للفقر والبطالة والفساد وطلبها محاربة كل ذلك وفرض سيادة القانون وبسط الديمقراطية وإزالة الاحتلال، يعتبر إحدى المؤشرات التي تقودنا للاستنتاج برفضها للواقع القائم في المجتمع الفلسطيني وعن السياسات الحكومية والنظام السياسي، وعدم رضاها عنه، وهو ما يمكن أن نستدل من خلاله على أنها مؤشرات على الاغتراب السياسي كما أشار كل من لونج وأولسن.

وفيما يتعلق بالثقة فإن كنا قد تناولناها باعتبارها مظهرا من مظاهر الاغتراب الاجتماعي، وذلك عندما تعلقت بثقة سكان المخيمات بالناس بشكل عام، وثقتهم بالنظام التعليمي، فإننا سنتناول الثقة هنا باعتبارها مظهرا من مظاهر الاغتراب السياسي، فقد اعتبرت عددا من الدراسات أن الاغتراب نتاجا طبيعيا لحالة عدم الثقة والشك في القيادات السياسية، وانعدام الثقة في السياسيين. وإن كان لونج قد وجد أن الاغتراب يعد مكونا من مكونات الاغتراب، فقد وجدت دراسات أخرى عديدة أن المغتربين يميلون للشك في النظام السياسي وعدم الثقة فيه، كما وجدت دراسات كما هي الحال بالنسبة لدراسة أوسكارسون وجود علاقة بين انخفاض الثقة (الشك) بالاغتراب. 

وإذا ما أردنا فحص حالة الثقة لدى سكان المخيمات بالنظام السياسي الفلسطيني مقارنة مع سكان القرى والمدن، سنجد أن انعدام ثقة سكان المخيمات بالشرطة كانت مرتفعة مقارنة بالقرى، كذلك سجلت المخيمات نسبة عالية في انعدام الثقة بالنسبة للنظام القضائي مقارنة بالقرى، حيث كانت النسبة الأدنى من انعدام الثقة بالنظام في القرى. كما سجلت المخيمات نسبة مرتفعة من انعدام ثقتها في البلديات والمجالس المحلية واللجان الشعبية. كما سجلت المخيمات النسبة الأعلى من انعدام الثقة برجال السياسة، كذلك الحال بالنسبة لانعدام الثقة في المؤسسات والشخصيات العامة (هلال، نصر، 2007: 88-91). كما سجلت المخيمات نسبة عالية بالنسبة لانعدام الثقة بحكومة الوحدة الوطنية بين حركتي حماس وفتح في المخيمات منها في القرى (هلال، نصر، 2007: xvii). 

الخاتمة
نتبين من خلال الدراسة أن مصطلح "الاغتراب" من المصطلحات المختلف حول تعريفه ومكوناته أو مظاهرة وأسبابه وإن كانت بعض الدراسات ترى أن الأسباب السياسية من أهم الأسباب المؤدية للاغتراب. وظهر ولأول مرة في الفكر المسيحي واستخدم بطرق متنوعة. وأول استخدام منهجي منظم لمصطلح الاغتراب جاء به هيجل في الفلسفة. كما تم تطوير مصطلح الاغتراب على يد ماركس في مؤلفه (رأس المال) عندما ربط الاغتراب بالعمل المأجور.

كما نتبين أن المغترب يميل لعدم الانخراط في الحياة السياسية والمجتمعية، فكلما ازداد شعوره بالاغتراب، قل ميوله للمشاركة سواء السياسية أو الاجتماعية، يتولد لديه شعورا بالإحباط فيميل إلى العزلة السياسية وإلى العزلة الاجتماعية. أو ربما تكون مشاركته سلبية أو معارضة، وهنا تكمن الخطورة. 

كما أوضحت الدراسة إلى عدم الاتفاق على تعريف الاغتراب السياسي، إلا أن الاغتراب السياسي في إحدى معانيه يعني الحالة التي يصل فيها الفرد إلى الشعور بأنه غريب عن النظام السياسي. عدم الرضا عن واقعهم، انعدام قوتهم السياسة ويشعرون بالشك في النظام السياسي. وبالتالي يميل المغترب إلى عدم الانخراط في الحياة السياسية.

وقد ميزت الدراسة بين "المغترب" و"غير المهتم بالسياسة"، حيث أوضحت إلى أنه ليس كل من لا يميل إلى المشاركة السياسية سيشعر بالضرورة بأنه مغترب سياسيا. كما ميزت بين الاغتراب والغربة بمعنى الابتعاد عن الوطن أو الهجرة، حيث أن غالبية الدراسات التي تناقش الاغتراب السياسي لدى الفلسطينيين، قد لا تميز بين "الاغتراب" و"الغربة"، فالشعور بالغربة الناتج عن الهجرة، من الممكن أن يتولد لدى أي شخص يبتعد عن وطنه، سواء أتم ذلك بناء على رغبة الشخص، أو رغما عنه، لكن الاغتراب يتمثل في شعور الفرد بالاغتراب وهو داخل وطنه وليس خارجه، "ليست كل غربة اغترابا".

وقد أوضحت كذلك الدراسة إلى أن اللاجئين يعتبروا من أكثر الفئات التي قد تتعرض للشعور بالاغتراب، واللاجئ الفلسطيني ربما يكون أكثر اللاجئين تعرضا للشعور بالاغتراب لطول مدة معاناته، ومن أبرز الأسباب التي تناقشها الدراسات المختلفة والتي تؤدي للشعور للاغتراب لدى الفلسطينيين، بشكل عام، واللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص ما يلي: 

• الهزيمة عام 1948، و1967، وغيرها من الهزائم.
• سياسة الاحتلال القائمة في الجوهر على حجز تطور القطاعات الاقتصادية الإنتاجية.
• تبعية الاقتصاد الوطني الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي والأسواق الإسرائيلية.
• إعادة احتلال المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية.
• ارتفاع وتيرة النشاطات الاستيطانية، وأعمال بناء جدار الفصل العنصري وما رافق ذلك من زيادة حدة إجراءات الحصار، والخنق الاقتصادي وتقطيع أوصال المناطق المحتلة بمئات الحواجز العسكرية الإسرائيلية، والتراجع الحاد في نسبة وأعداد العاملين الفلسطينيين في المشاريع الإسرائيلية.
• ارتفاع معدلات البطالة وزيادة معدلات الفقر وتدهور في مستوى المعيشة للمواطنين وتراجع حاد في أداء الاقتصاد الوطني.
• هجرة واسعة لرأس المال الوطني وللقوى العاملة.
• حرمان اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما في لبنان، من كثير من الحقوق المدنية.
• هدم البيوت في القدس في آذار من العام الجاري 2009.
• الشعور بالاغتراب بسبب النظام الرسمي العربي والنظام العالمي.
• التمييز في الشتات، كالعيش بدون جوزات سفر، أو الحصول على جواز سفر بهدف تغييب الهوية الأصلية، أو المنع عن الوظائف كما حصل في لبنان حيث تم المنع عن 80 وظيفة.
• عمل كثير من الفلسطينيين، سواء المتبقين داخل 1948 أو في مناطق 1967، عمالاً لصالح رأس المال اليهودي ليبنوا بيوتاً للمستوطنين على نفس أرضهم. 
• التناقضات الناجمة عن أوسلو مثل تنسيقه مع عدو رغم أنه محتل أرضه، وإجرائه الانتخابات في ظل وجود احتلال، وتحوله من النضال ضد الاحتلال للاقتتال الداخلي.

وقد توصلت الدراسة إلى وجود اغتراب اجتماعي لدى سكان المخيمات الفلسطينية على اعتبار أنهم كانوا الأقل انخراطا في الحياة المجتمعية، وذلك بالمقارنة مع سكان المدن والقرى، حيث كانوا الأقل انخراطا في الحياة المجتمعية، والأقل مشاركة اجتماعيا، والأقل مشاركة بالعمل التطوعي، كما حظوا بنسبة متدنية من المشاركة في النشاطات ذات الطبيعة الخدمية. كذلك كانوا الأقل مشاركة في الروابط الاجتماعية كالانخراط في لجان الأحياء أو المناطق والنشيطين في تلك اللجان العضوية النشطة في اللجان المنبثقة عن المدارس. كذلك كانوا الأقل تزاورا لجيرانهم أو التحادث معهم، والأقل اتصالا مع الأهل في الخارج. وعلى صعيد النواحي الترفيهية والثقافية والرياضية والدينية، نلاحظ أن سكان المخيمات كانوا الأقل عضوية نشطة في النوادي الرياضية ومراكز الشباب والترفيه، والأقل عضوية نشطة كذلك في المجموعات الافتراضية، ونفس الأمر ينطبق على الجمعيات الثقافية والروابط الدينية. وهو مؤشر على أنهم أكثر ميلا للعزلة الاجتماعية وعدم الانخراط بالحياة المجتمعية، وهو ما يدل على وجود اغتراب اجتماعي لدى سكان المخيمات.

كما توصلت الدراسة إلى أن سكان المخيمات حظوا بأعلى نسبة ممن فكروا بالهجرة، وهو مؤشر على شعورهم بالاغتراب الاجتماعي، كما أنهم الأقل ثقة الثقة بالآخرين النظام التعليمي انعدام الثقة في الشركات الكبرى، وأظهر سكان المخيمات نسبة متدنية بالثقة بالنقابات مقارنة بالقرى، ونسبة متدنية أيضا في المنظمات غير الحكومية مقارنة بالقرى. 

كما توصلت الدراسة إلى أن سكان المخيمات الفلسطينية يعانون من اغتراب سياسي لميلهم للعزلة السياسية وعدم الانخراط بالحياة السياسية، ورفضهم للواقع ورغبتهم بتغييره. حيث أظهرت الدراسة أن سكان المخيمات وبالمقارنة مع سكان القرى والمدن كانوا أقل نسبة انتساب للأحزاب السياسية والأقل مشاركة في توزيع منشورات سياسية، كما سجلت نسبة متدنية بالنسبة للمشاركة في الاجتماعات والندوات السياسية كما سجلت المخيمات، وعلى عكس ما هو متوقع، نسبة أدنى من القرى في المشاركة في المظاهرات والمسيرات السياسية كما كانت نسبة المخيمات الأعلى في إيراد الدوافع السياسي وراء التفكير في الهجرة عن دوافع أخرى منها في القرى والمدن.

وعلى صعيد الفقر المدقع توصلت أيضا الدراسة إلى المخيمات كانت صاحبة النسبة الأعلى من الفقر المدقع، ومن معدلات البطالة. وتبين عدم الرضا السياسي لسكان المخيمات مقارنة بالمدن والقرى، والتي تعتبر من مظاهر الاغتراب السياسي أو إحدى مؤشراته، حيث كانت صاحبة النسبة الأعلى من حيث رفضها للسلوكيات والقواعد القائمة في المجتمع الفلسطيني، كذلك عدم رضاها عن كثير من الأوضاع القائمة، حيث حظيت المخيمات بأعلى نسبة في اعتبارها بأن محاربة الفقر والبطالة والفساد، وضرورة فرض سيادة القانون، وضرورة بسط الديمقراطية وإزالة الاحتلال أمرا في غاية الأهمية.
وإن كان الاغتراب نتاجا طبيعيا لحالة عدم الثقة والشك في النظام السياسي، فقد توصلت الدراسة إلى أن انعدام ثقة سكان المخيمات بالشرطة كانت مرتفعة، وسجلت المخيمات نسبة عالية في انعدام الثقة بالنسبة للنظام القضائي مقارنة بالقرى، كما سجلت المخيمات نسبة مرتفعة من انعدام ثقتها في البلديات والمجالس المحلية واللجان الشعبية. كما سجلت المخيمات النسبة الأعلى من انعدام الثقة برجال السياسة، كذلك الحال بالنسبة لانعدام الثقة في المؤسسات والشخصيات العامة كما سجلت المخيمات نسبة عالية بالنسبة لانعدام الثقة بحكومة الوحدة الوطنية بين حركتي حماس وفتح في المخيمات منها في القرى.
والنتيجة الأخيرة التي توصلت إليها الدراسة، بوجود اغتراب سياسي واجتماعي لدى سكان المخيمات، ومن هنا ينبغي الحذر من مشاعر المغترب السياسي (سكان المخيمات) في أن تتحول إلى قنبلة موقوتة قد تضر ليس بالنظام السياسي فحسب، وإنما بالمجتمع أيضا.

المراجع:
بنات، بسام، بلال سلامة (2003) الاغتراب السياسي لدى اللاجئين الفلسطينيين في مخيم العروب وعلاقته ببعض المتغيرات، موقع المنشاوي، http://www.minshawi.com/other/philistine.htm

جمعة، سعد إبراهيم (1984). الشباب والمشاركة السياسية. القاهرة: دار الثقافة للنشر والتوزيع. 

الحيدري، إبراهيم (2008)، مفهوم الاغتراب بين الفلسفة المعاصرة والفرويدية الجديدة، موقع صحيفة المنارة،
http://www.almannarah.com/NewsDetails.aspx?CatID=11&NewsID=3119

خالد، تيسير (ب. ت)، المغتربون الفلسطينيون الواقع والتحديات والمسؤوليات: ورقة مقدمة من دائرة شؤون المغتربين إلى اجتماع الوزراء المعنيين بشؤون الهجرة والمغتربين الجامعة العربية. موقع م.ت.ف. دائرة المغتربين.
http://www.pead.ps/news.php?action=show&id=92
الرجوب، يونس (2007) الاغتراب السياسي، موقع دنيا الوطن، http://pulpit.alwatanvoice.com/content-80934.html
سعد، إسماعيل علي (1988). أصول علم الاجتماع السياسي. بيروت: دار النهضة العربية. 

سمارة، عادل (2009b) " الفلسطيني بين الاغتراب، الأنومي الاقتلاع من الوطن واقتلاع الوطن المفترض من الذاكرة: الجزء الأول"، موقع مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، http://www.dctcrs.org/s6188.htm

سمارة، عادل (2009a) " الفلسطيني بين الاغتراب، الأنومي الاقتلاع من الوطن واقتلاع الوطن المفترض من الذاكرة: الجزء الثالث والأخير"، موقع المصدر الفلسطيني، http://www.p-s-news.com/news.php?go=fullnews&newsid=6789

عبد الوهاب، طارق (2000) سيكولوجية المشاركة السياسية مع دراسة في علم النفس السياسي في البيئة العربية. القاهرة : دار غريب. 

نجمة، مريم (2006) الاغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والاجتماعية على الفرد، الحوار المتمدن.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=54751

نصر، محمد، هلال جميل (2007) قياس رأس المال الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية. رام الله: معهد أبحاث السياسيات الاقتصادية الفلسطيني (ماس). 


References 
A.K., Jha ‏(2002) Anatomy of Domestic Violence. India: Anmol Publications Pvt.
Boeree, C. George (2001) Alienation. Shippensburg University Faculty Web Site, http://webspace.ship.edu/cgboer/alienation.html

Borre, Ole (2000) Critical Issues and Political Alienation in Denmark. Scandinavian Political Studies, Bind 23 (New Series) (2000) 4. http://www.tidsskrift.dk/visning.jsp?markup=&print=no&id=95887 
Mc Dill Edward L.m Jeanne Clare Ridley (1962) Status, Anomia, Political Alienation, and Political Participation. The American Journal of Sociology, Vol. 68, No. 2 (Sep.), pp. 205-213.
Neal. Arthur (1971) "Alienation and social control" in John Paul Scott, Sarah F. Scott (eds.) Social control and social change. Chicago: The University of Chicago Press. 
Olsen, Marvin E. (1969) Two Categories of Political Alienation .Social Forces, Vol. 47, No. 3 (Mar., 1969 ( pp. 288-299( . Carolina: University of North Carolina Press, Stable URL: http://www.jstor.org/pss/2575027
Oskarson, Maria (2007) "Social Risk, Policy Dissatisfaction, and Political Alienation". In Stefan Svallfors (ed.). The political sociology of the welfare state. Stanford: Stanford University Press. 
Schwartz, David C. (1973) Political Alienation and Political Behavior. Chicago: Aldine.
Waltres, David (2002) George Novack’s Understanding History Alienation Part 1, Marxists web site. http://www.marxists.org/archive/novack/works/history/ch15.htm
نبذة
نـاديـة أبـو زاهـر - نابلس - فلسطين
باحثة وكاتبة فلسطينية من مواليد مدينة نابلس وناشطة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، نشرت لها العديد من الأبحاث والدراسات، ولها العديد من النشاطات الحقوقية.

المؤهلات العلمية
دكتوراة: نظم سياسية مقارنة، جامعة القاهرة، مصر (قيد الدراسة).
ماجستير: ديمقراطية وحقوق إنسان. جامعة بير زيت، فلسطين (2007). بتقدير ممتاز.
بكالوريوس: صحافة وإعلام. جامعة النجاح الوطنية، فلسطين (1999). بتقدير جيد جدا.

منح وجوائز:
(2010) حائزة على منحة السفارة الفلسطينية في القاهرة.
(2004) حائزة على منحة فورد للدراسات العليا.
(1999) حائزة على جائزة المرتبة الأولى في قسم الصحافة بكلية الاقتصاد بجامعة النجاح.
(1998) حائزة على جائزة المتفوقين في قسم الصحافة بكلية الاقتصاد بجامعة النجاح ست مرات.
(1995) حائزة على جائزة العشرة الأوائل في الثانوية العامة في لواء نابلس.

المؤلفات
أبو زاهر، نادية. (2008) المجتمع المدني بين الوصفي والمعياري: تفكيك إشكالية المفهوم وفوضى المعاني. رام الله: مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسات الديمقراطية.

دراسات منشورة
أبو زاهر، نادية (2009) "الحق في تغيير الدين بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان"، الحوار المتمدن www.ahewar.org.

أبو زاهر، نادية (2009) المجتمع المدني وأثر العولمة عليه، الحوار المتمدن www.ahewar.org.

أبو زاهر، نادية (2008) "رأس المال الاجتماعي والجدل حول علاقته بالمجتمع المدني". مجلة عود الند www.oudnad.info. ع 23.

أبو زاهر، نادية. (2007). "قراءة في مقالة دانكوارت رستو: التحول الديمقراطي باتجاه نموذج ديناميكي". مجلة رؤية، العدد 32، السنة الثانية.

أبو زاهر، نادية. (2007). "المثقف والسلطة: جينيولوجيا المثقف العربي". مجلة رؤية، العدد 29، السنة الثانية.

أبو زاهر، نادية. (2006). "قراءة في مواقف مؤلفي كتاب ثقافة العولمة وعولمة الثقافة من العولمة". موقع حيفا لنا. (www.haifalana.net).

أبو زاهر، نادية، عبد الستار قاسم (2006) مسلسل الحور العين والصورة التي يقدمها حول الإرهاب. موقع ميدل إيست أون لاين. www.middle-east-online.com)).

أبو زاهر، نادية (2006) "المثقف العربي" في رؤيته للسلطة: سعد الله ونوس في مسرحيته" الملك هو الملك" نموذجا. موقع حيفا لنا. (www.haifalana.net).

أبو زاهر، نادية، لبنى الأشقر (2005) الجدار وتداعياته على حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني. موقع عرب 48. (www.arabs48.com).

نشاطات حقوقية
• نائب رئيس حركة فلسطينيون أحرار بلا قيود.
• عضو في الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد).
• عضو مؤسس لهيئة الشكاوى الدولية ICC وأمين الصندوق للهيئة.
• عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين.
• عضو في مركز حواء الثقافي.

نشاطات ثقافية
محررة في شبكة حيفا لنا www.haifalana.net
محررة في مجلة منتدى الخريجين الثقافي.
عضو سابق في لجنة الإعلام في تجمع الكتاب والأدباء الفلسطينيين.
عضو شبكة الكاتب العربي.
عضو رابطة الكتاب العربي.
نشرت العديد من المقالات والمقابلات والتحقيقات الصحفية والأبحاث ومراجعات الكتب في صحف ومجلات ومواقع إلكترونية مختلفة.


_ الأربعاء 03 أكتوبر 2012 _ 

ليست هناك تعليقات: