الأحد، 7 أبريل 2013

الاحتجاج بالتعري و موجة الاسلاموفوبيا الجديدة - بقلم بدرالدين الخمالي

الاحتجاج بالتعري و موجة الاسلاموفوبيا الجديدة

بدرالدين الخمالي

مشاهد التعري البائسة ومسرحية حرق راية التوحيد التي قامت بها بعض ناشطات حركة فيمن النسائية المتطرفة أمام بوابة مسجد باريس الكبير يوم الأربعاء الماضي بزعم التضامن مع الفتاة التونسية أمينة لا يمكن أن تمر هكذا دون أن يكون لها ما بعدها من تداعيات خطيرة رمزيا و قانونيا على مفهوم الاحتجاج السلمي في بلد يرفع شعار الحرية و اللائكية كتوابث راسخة في البناء الجمهوري لا يمكن الحياد عنها أو المساس بها تحت أي ظرف كان كما تدعي الطبقة السياسية الفرنسية حتى لو تعلق الأمر بالتهجم على القيم الدينية و الشعور الديني للآخرين مادام الأمر يدخل تحت خانة حرية الرأي والتعبير .

حركة فيمن النسائية المتطرفة التي نشأت بأوكرانيا للاحتجاج عن طريق التعري على أشكال الميز ضد النساء و تجارة الرقيق الأبيض بالفتيات الأوكرانيات في سوق النخاسة الدولية و الاحتجاج على دفعهن لامتهان الدعارة و للاستغلال الجنسي البشع من قبل السياسيين وذوي النفوذ و الثروة شكلت وصمت عار في جبين الثقافة الغربية الممسوخة التي حولت المرأة إلى سلعة استهلاكية والى أداة لتسويق المنتوج الرأسمالي وجعلت من المرأة وسيلة للتسلية والمتعة الماجنة لا غير كما شكلت صدمة رمزية للأنظمة العلمانية ولمفهوم الليبرالية حين حولت الجسد أداة لجلد النفاق السياسي الغربي الذي طالما تغنى بتحرر المرأة و مساواتها بالرجل و غيرها من الشعارات الموجهة من اجل توظيفها في المنظومة الرأسمالية كأداة ويد عاملة مؤثرة في عملية الإنتاج بل وذهب بعيدا حين اعتبر أن كشف المرأة عن جسدها تقدما و تحضرا بينما الحجاب والنقاب الإسلامي يقف على الجانب الأخر من الحضارة كرمز للرجعية والتخلف و الخضوع لسلطة الرجل .
حركة فيمن كشفت عورة الغرب الماجن كما كشفت عورة النفاق الغربي والليبرالية المزيفة بل كشفت حريته المزيفة و وعيه المزيف و إيمانه المزيف بحرية المرأة وحقوقها وكان هذا الأمر أكثر تأثيرا ووقعا على الطبقة السياسية في مسقط رأس الحركة بأوكرانيا و بلا روسيا اضطرت معه مؤسسة الحركة اينا شفشينكو اللجوء إلى فرنسا فرارا من متابعة الحكومة الأوكرانية لها إلا أن هذه الحركة التي اعتادت ناشطاتها التعري كوسيلة احتجاجية بالرغم من انتشارها في عدد من الدول الأوربية واللاتينية خلال السنوات الأخيرة هي بطبعها حركة مراهقات اناركية ( فوضوية) متطرفة بدون وعي سياسي و تاريخي وبدون إستراتيجية سياسية و فاقدة لأي منظومة قيم وبدون أي مقدرة على تدبير الاختلاف و تحقيق سقف مطلبي مؤطر تشريعيا واجتماعيا والذي من المفترض أن يؤطر ويوجه عمل الحركات الاحتجاجية حتى تحقق نتائج ملموسة لصالح المرأة أو لصالح القضايا التي تدافع عنها عموما وهنا تكمن الخطورة الفعلية لمثل هاته الحركة وتأثيراتها الكارثية على النضال النسائي خاصة في الأوساط الاجتماعية المحافظة التي قد تنشط فيها بدل أن تكون لها نتائج ايجابية تدفع نحو التقليص من الاستغلال الجنسي للمرأة و نيل النساء لحقوقهن المشروعة في القضاء على التمييز والمساواة في الحقوق والواجبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في إطار الاحترام المتبادل بل وعلى الناشطات بحد ذاتهن وهذا ما حدث بالضبط في الحالة التونسية بعد أن قررت إحدى المراهقات المسماة أمينة بتقليد زميلاتها في الحركة والظهور عارية على صفحات المواقع الافتراضية وقد كتبت عبارتها الشهيرة ( جسدي ملكي وليس شرفا لأحد ) .
- المراهقة التونسية أمينة
من استمع إلى المداخلتين الأخيرتين للفتاة أمينة ذات التسعة عشر ربيعا من خلال موقع جدل التونسي و برنامج لاباس على قناة التونسية قبل اختفاءها عن الأنظار سيكتشف بان الفتاة تعاني من اضطرابات نفسية وسلوكية ظاهرة وبان الفتاة أمينة الجريئة التي أقدمت على التعري لكي تحتج على الوضع المتردي لحقوق النساء في بلدها لم تكن في الواقع سوى ضحية لتأثير سلوكي مورس عليها عن بعد عبر الشبكة الافتراضية عن طريق الدعاية التي أطلقتها ناشطات فيمن استعدادا لاقتحامهن المجال التونسي الذي يعيش على وقع الصخب السياسي وصدام ما بعد الثورة بين التيارات العلمانية والدينية بعد التجربة الفاشلة التي قادتها علياء المهدي في مصر وأسفر عن طلبها اللجوء السياسي بالسويد .
أمينة لم تخفي تأثرها البالغ بما فعلته علياء مهدي و بتشجيع ناشطات فيمن لها على التعري بعد تواصلها معهن افتراضيا كما لم تخفي عدم وعيها بطبيعة ما قامت به وتأثيرها على أسرتها ومحيطها العائلي والاجتماعي و مسارها الدراسي وهي لا زالت طالبة بالمرحلة الثانوية ( باكالوريا آداب ) لم يكتمل بعد نموها الوجداني والمعرفي و لم تتحصل بعد على المستوى الأساسي من التعليم لكي تخوض في معمعة الصراع السياسي ولعبة يقودها تجار الإباحية عن بعد – المدافعون المزعمون عن حرية المرأة وحرية التعبير .
حالة أمينة كانت تستدعي ولابد عرضها على أخصائيين في الطب النفسي و التقويم السلوكي ومتابعة جيدة من أسرتها وان تنال الرعاية الكاملة حتى تستطيع تجاوز محنها الذاتية والنفسية التي جعلتها عرضت لإغراءات الدعاية المجانية التي تقودها حركة فيمن العبثية بعيدا عن أي تشنج أو تعنيف فالفتاة المراهقة في مثل سن أمينة في غياب الرعاية الأسرية و المؤسساتية خاصة إذا كانت تعاني من اضطرابات نفسية تصبح لقمة سائغة لكل من هب ودب من اجل دفعها في مسارات الانحراف و الإسفاف و الإدمان وغيرها من الظواهر الاجتماعية السلبية و الخطيرة .
- الاستغلال السياسي للتعري في الصراع الإسلامي العلماني
الوجه الأخر لقضية الفتاة أمينة واستغلالها البشع من قبل تجار السياسة داخليا وخارجيا لم يكن سوى جزء من الفخ الذي وقعت فيه حركة فيمن حين أريد لها اليوم أن توجه بوصلتها نحو العالم الإسلامي والعربي وان تصبح حصان طروادة في الصراع الذي تديره القوى العلمانية المتطرفة بعد الربيع العربي في مواجهة المد الإسلامي والصعود القوي للتيارات الإسلامية في المشهد السياسي العربي سواء في مصر أو تونس أو المغرب الذي شهد هو الآخر على غرار تونس حملة منظمة تقودها ناشطات علمانيات ظهرت بعضهن رفقة عضوات حركة فيمن بفرنسا لدعوة المغربيات للتعري على المواقع الافتراضية بعد أن فشل العلمانيون في كسب الجولات السياسية وتحويل مجرى الثورات العربية ونتائجها لصالحهم .
حيث أصبحت قضية المرأة والإقرار الدستوري للشريعة كمصدر أساسي للتشريع كما هو الشأن بمصر و تونس من أهم القضايا الخلافية في الجدل السياسي الذي تديره اليوم القوى العلمانية (لبيراليين ويساريين وفلول الأنظمة السابقة ) بدعم من القوى الغربية لتحجيم وتقزيم انجازات الأحزاب الإسلامية المعتدلة التي تتولى السلطة اليوم في عدد من الدول العربية وبتزامن مع صعود نجم التيارات السلفية وعودتها الى الظهور على الساحة الاجتماعية والسياسية و تزايد أعداد أتباعها وأنصارها في المجال العام بلباسهم وهندامهم المأثور ورفعهم الرايات السود ومطالباتهم المستمرة بالعودة الى تطبيق الشريعة و تأسيس الدولة الإسلامية التي تختفي فيها مظاهر الإباحية و الفساد الأخلاقي والسلوكي .
مما أصاب التوجهات العلمانية اليسارية واليمينية الغربية بنوع من الجنون والصدمة وعدم التصديق بحقيقة ما افرزه الربيع العربي وحاولوا جاهدين أن يدفعوا هذه التيارات لممارسة العنف و إشاعة الفوضى من خلال حلفائهم في الداخل والخارج عن طريق ( الرسوم الكاريكاتورية - عرض فيلم بيرسوبوليس- الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم – الهجوم الإعلامي على التيار الديني- اغتيال شكري بلعيد بتونس – الهجوم على مؤسسة الرئاسة المصرية – الهجوم على المساجد بمصر – الهجوم على مقرات حزب العدالة والحرية و الإخوان بمصر وحزب النهضة بتونس - وأخيرا دعوات التعري ) كل هذا في إطار منهجية و مخطط مدروس لجر التيارات الإسلامية نحو العنف ودفع المتطرفين لإصدار فتاوى إهدار الدم وغيرها من الأدوات التي ينتعش فيها خطاب الإقصاء وحملات الاجتثاث والتشويه للتيار والمشروع الإسلامي برمته .
قضية المرأة وجسد المرأة و حرية المرأة كانت حاضرة بقوة في المشهد التداولي المصري والتونسي منذ ما قبل الربيع العربي وأخذت حجما أكثر خطورة في مصر إبان الثورة عن طريق التحرش بالفتيات في ميدان التحرير و إبان فترة تولي المجلس العسكري الحكم خاصة بعد عملية تعرية الفتاة المحجبة وسحلها بشارع القصر العيني اثر المواجهات التي كانت تديرها حركة 6 ابريل التي يقودها البرادعي وعمليات كشف العذرية التي لم نسمع لحركة فيمن أي صوت للتنديد بها ثم تلتها بعد ذلك بمدة علياء مهدي ( 20 سنة ) وهي كذلك ناشطة من حركة 6 ابريل تعاني من اضطرابات نفسية حادة بحسب مقربين منها حيث قامت بوضع صورها عارية على مدونتها الالكترونية ( مذكرات ثائرة ) رفقة صديقها لتختفي بعد ذلك قبل أن تظهر بعد طلبها اللجوء بزعم التهديدات التي تلقتها من قبل متشددين بستوكهولم بالسويد رفقة عضوات حركة فيمن للاحتجاج عراة أمام السفارة المصرية وهن يحملن العلم المصري والكتب السماوية الثلاث للاحتجاج ضد إقرار الشريعة بالدستور المصري .
النودومانيا( هوس العري ) التي أصابت بعض الناشطات العلمانيات المراهقات بالعالم العربي واللاتي يعانين من اضطرابات نفسية وسلوكية اتفقت مع خرجات حركة فيمن المتطرفة وأهداف أطراف أخرى ذات عداوة تاريخية مع التيار الإسلامي خاصة بفرنسا التي أصبحت اليوم المقر الرئيسي لحركة فيمن بعد لجوء اينا شيفشينكو إليها وافتتاحها لمقر رسمي بباريس ( الدائرة الرابعة عشرة ) و قيامها بتدريب المتطوعات الجديدات من جنسيات مختلفة على تقنيات التعري و فن الاصطدام برجال الأمن و بمعارضيهن في المظاهرات المناوئة ومنهن بعض المغربيات كحالة ابتسام لشكر إحدى مؤسسات حركة مالي التي جاهرت ناشطاتها بالإفطار في رمضان في 2009 وظهرت مؤخرا في صورة رفقة ناشطات فيمن بباريس وهي تعري بطنها للدفاع عن شعار الزواج للجميع بمناسبة التصويت على مشروع زواج المثليين من قبل البرلمان الفرنسي
لكن من وراء هذا الاستقطاب والدعم الذي تناله حركة فيمن وناشطاتها بباريس
سيبطل العجب إذا علمنا أن توفير المقر بباريس تم من خلال الناشطة النسائية صافية اللبدي ( فرنسية من أصول جزائرية ) وهي إحدى مؤسسات منظمة ( لا عاهرات لا خاضعات) رفقة الوزيرة السابقة فضيلة عمارة قبل أن تنفصل عنها وتؤسس منظمة (الغير خاضعات) كما تشغل حاليا منصب مستشارة جهوية بالضاحية الباريسية عن منطقة الفال دواز عن لائحة أوروبا ايكولوجية وأصبحت حاليا منسقة حركة فيمن بباريس وفرنسا من اجل مواجهة الإسلام السياسي ومساندة النساء العربيات على حد قولها رفقة صديقاتها دارينا الجندي ذات الأصول اللبنانية- السورية والمخرجة التونسية نادية الفاني صاحبة فيلم ( علمانية إن شاء الله ) والصحفية الفرنسية كارولين فورست ( الشاذة) الشهيرة بعدائها للإسلام وللحجاب والقاسم المشترك بين هؤلاء هو كراهية القيم الإسلامية و الدين الإسلامي والعمل الحثيث من اجل سلخ المسلمات من هويتهم الإسلامية بحجة الدفاع عن الحرية والعلمانية .
- ( الكفاح العالمي بصدور عارية ) ضد حكم الإسلاميين
تصرح ايينا شفشينكو مؤسسة حركة فيمن في مقابلة صحفية مع قناة تيفي 5 الفرنسية الدولية بعد مظاهرتها بكنيسة نوتردام بباريس احتفالا باستقالة البابا بان استقرارها بفرنسا جاء من اجل خلق إدارة دولية للحركة بعد أن كانت حركة محلية مقتصرة على دول أوكرانيا ودول أوروبا الشرقية تعتمد على الاستفزاز عن طريق التعري وذلك لكي ترسل رسائل الى كل من هم ضد المرأة أو يستغلونها مثل ( برلوسكوني و ستراوس كان وأمثالهما ) أما بالنسبة للدين فتقول بأنها ضد الأديان عموما وان الحركة تعتبر بأنه ليس هناك حاجة الى الأديان وأنها ضد أن تقوم المرأة بتغطية وجهها أو رأسها بسبب قناعات دينية.

قناعاتها تلك كان لها وقع السمن على العسل على قلب الصحفية العلمانية المتطرفة كارولين فوريست المعروفة بعدائها للتيار الإسلامي وعلى قلب صديقتها المخرجة التونسية نادية الفاني حيث قاما معا بتسجيل فيلم (فيمن / أثداءنا سلاحنا Femen - Nos seins, nos armes )) الذي عرض على القناة الفرنسية الثانية في الخامس من مارس 2013 وهو عبارة عن فيلم وثائقي يتتبع نشاط منذ قدومها إلى باريس كما يتحدث عن بدايتها الأولى بأوكرانيا ويظهر بالواضح كيف تحول النشاط الأساسي للحركة نحو التركيز على المرأة المسلمة والحجاب والنقاب خاصة من خلال تناول الحالتين المصرية والتونسية فيما بعد الربيع العربي و الصراع الدائر بين التيارات العلمانية و الإسلامية داخل الجامعة بتونس ( حادثة كلية الآداب بمنوبة ) من اجل حق المنقبة في ولوج الجامعة بعد أن كان نظام بن علي يمنعهن من ذلك .
الفيلم هو عبارة عن بروباجاندا ماجنة تقدمها نادية الفاني لحركة فيمن كما انه يكشف في نفس الوقت كيف تم استخدام الحركة وتطويعها لتمرير الرسائل إلى الحركات الإسلامية وكيف تم استخدام علياء المهدي في عملية غسل دماغ لتمرير رسائل للمسلمين عامة حين تصرح دارينا الجندي بان الوقع سيكون كبيرا عليهم حين ( تقوم مسلمة بتمزيق القران ) وسيبدو للمطلع على الفيلم كيف أن كارولين فوريست و نادية الفاني قامتا بالتحضير لثمتيلية علياء المهدي بالتعري رفقة الأوكرانيتان أمام السفارة المصرية بستوكهولم وهم يحملون الكتب المقدسة والعلم المصري بعد أن فشلت بالالتحاق بهم بباريس في نشاط مماثل أمام السفارة المصرية .
وكيف قامت صافية اللبدي بالتحضير لخرجة تروكاديرو بباريس من اجل دعوة النساء المسلمات للتعري ونبذ تعاليم الدين الإسلامي حيت رفعن شعار ( النساء المسلمات هيا لنتعرى ) و ( لا للشريعة ) وكيف قامت كارولين فوريست بتوجيههن للذهاب للاصطدام بتظاهرة للمتدينين الكاثوليك و مجموعة (civitas سيفي تاس) المسيحية الذين خرجوا للاحتجاج ضد زواج المثليين بفرنسا و بدعم كذلك من الناشطة لبنى مليان اليسارية السابقة ذات الأصول المغربية التي توجهت للقيام بالتظاهر ضد الحجاب الإسلامي خلال الألعاب الاولمبية بلندن 2012.
وأخيرا شعار( الكفاح العالمي بصدور عارية ) ضد حكم الإسلاميين الذي رفعته ناشطات حركة فيمن و عرابيهن المتفرنسات للتضامن مع اختفاء المتعرية التونسية أمينة بعد مقال كتبته كارولين فوريست من إشاعات على مدونتها الالكترونية تتهم فيها الشيخ التونسي السلفي عادل العلمي بإصداره فتوى ضد أمينة يطالب بجلدها مائة جلدة كما نشرت صورتها هي الأخرى عارية لإبداء تضامنها معها قبل أن تقوم و زميلاتها بالإعداد لما سموه يوم التضامن العالمي مع أمينة التي قامت أسرتها بتحويلها لمستشفى للإمراض النفسية وبالطبع فان الاحتجاج بالتعري لن يكون له أي اثر يذكر إلا إذا تم أمام الرموز الدينية للمسلمين كما هو الحال حين اقتحمت مجموعة فيمن كنيسة نوتردام بباريس للاحتفال تعريا باستقالة البابا وهكذا تم اختيار مسجد باريس الكبير و راية التوحيد السوداء التي درج السلفيون على حملها في مظاهراتهم لكي تكون الرسالة هذه المرة أوضح لجميع المسلمين وللسلفيين خاصة وعبرن عنها بشعارهن (لتسقط أخلاقكم ) .


لقد تم تحويل حركة فيمن المراهقة العبثية التي تعتمد على الاستفزاز والإثارة إلى أداة للصراع ضد القيم الإسلامية و الرموز الدينية الإسلامية في الوقت الذي تعاني فيه النساء المسلمات الأمرين في عدد من الدول الغربية ومنها فرنسا في الحفاظ على هويتهن الإسلامية والتزامهن الديني بسبب القوانين المجحفة التي تمنعهن من ارتداء ما يردن ضدا على حقوق الإنسان وحقوق المرأة في اختيار ما يناسبها وفي الوقت التي تعاني فيه النساء السوريات من ويلات الاغتصاب و التنكيل من قبل النظام السوري وفي الوقت الذي تعاني فيه نساء الروهينغا المسلمات من ويلات الإبادة العنصرية على يد الجيش البورمي البوذي وفي الوقت الذي تعاني فيه ملايين النساء عبر العالم من تشغيلهن المشين في الدعارة واستغلالهن الرأسمالي من قبل أرباب العمل في القطاعين الصناعي والفلاحي وفي الوقت الذي تعاني فيه المرأة الإفريقية من ويلات الحروب والمجاعات ومن ويلات العراء بسبب عدم وجود الكساء والإيواء وحرمانهن من حقهن الأساسي في الحياة يخرج هؤلاء ليطالبن بالحق في التعري باسم الحرية للمسلمات
التعري ليس هو سلاح المرأة في مواجهة من يريدون تعريتها واستغلالها وتحويلها إلى مجرد كائن كما تدعي زعيمة فيمن لان فعلا ذلك هو مرادهم في الأخير أن يروها هكذا عارية ذلك لان الإباحية هي ما يريدون وان لم يعلنوا عنها صراحة في مواثيقهم المنافقة وممارساتهم اللا أخلاقية المستترة لذلك يتوافق هذا الفعل في عمقه مع كل ما يطمحون إليه من إباحية وتجريد المرأة من كينونتها الفكرية و أدوارها الاجتماعية ومركزيتها في مؤسسة الأسرة حين يستخدم التعري للهدم لا للبناء ولتحويل المرأة إلى كائن جنسي في صدام مع الرجل كعدو لا كشريك في المصير الإنساني و تحويل الدين إلى قيود اجتماعية لا كإيمان وعلاقة روحية تبنى على حرية الاعتقاد .
ما يطمح له مجموعة المتفرنسات العلمانيات من أصول مغاربية وعربية من تحويل حركة فيمن نحو الصراع مع الإسلام والحركات الإسلامية هو توفير التغطية الدولية للحركات العلمانية في الداخل و الخارج توفير أدوات ضغط جديدة على العالم الإسلامي و القوى الإسلامية المعتدلة التي أفرزتها الثورات العربية وذلك لدفعها نحو الراديكالية والاصطدام من اجل نزع شرعيتها الديمقراطية و ضرب مصداقيتها السياسية والإصلاحية وجعل موضوع تعري المرأة حصان طروادة الأخير للعصف بعملية التغيير العربي و التخلص من قيود التبعية الغربية وإدخال المجتمعات الإسلامية في دوامة الاقتتال والفوضى .


ليست هناك تعليقات: