الثلاثاء، 2 أبريل 2013

من محبرتي - الأديبة هيام مصطفى قبلان

من محبرتي - الأديبة هيام مصطفى قبلان

باستطاعتك دائما أن تتعمّد الذهول، وتكون أول المتسللين الى ذاكرتي وآخر الخارجين من قلبي دون استئذان ، باستطاعتك أن ترتدي قناع العزة ، ومحاربة البحر وتغيير مجراه ، والعبث بالشمس . باستطاعتك استئصال ما تبقّى من ولادة أخيرة ومضغ الوقت والرقود في ظل الغموض ،
باستطاعتك ارتشاف القهوة دون أن تراني ودون أن يثير العبث بك الجنون من جديد ، باستطاعتك التحاف المساء دون أن يزحف ضجر الظلام الى عينيك وينام بين يديّ ، دون أن يدهشك صوتي الصامت وخطواتي المبتورة ،
 باستطاعتك أن تنام حتى آخر العمر وتبتكر رحلة تلو الرحلة وتنهض بعد أن تغادر العصافير بلا عودة ، باستطاعتك محو عمليات الجمع والعد حتى العشرة
واضافة الأرقام التي تحب ، من الممكن أن أحمل ما تبقّى داخل الرحم أياما دون ملل فالجلاد يعرفني من صرختي الأولى .
باستطاعتي عصر ما جمعت من لغة الشعر منذ مئة عام وتحويل الحلم الى حقيقة ، وخروجي من دائرة الدهشة الى فضاء لا يعرف الخطوط ولا تحيطه الدوائر ,
باستطاعتي مقاسمة البحر دون اثارة الريح من حوله ، باستطاعتي حين تتركني وترحل
أن أحمل عشقي على رمشي واعتكف الصمت ... !

*** أعطني مزيدا من الوقت حتى أتسلّق جدار هذا العمر وأتأمّل في زهرة السوسن طويلا أنام بين أوراق الليلك وأنهض قبل أن يخونني الفجر وينساني ، أرجوك أن توقف الوقت ، وأن تكتم أنفاس الثقوب التي تحوم لتنال من عافيتي ، أن توقف السنابل وحقول اللوز ، أن توقف الشفق لألتقي بالسماء وأعرف معنى الانتظار ، أعطني مزيدا من الوقت كي لا أستسلم ضعفا ولا أخاف جبنا ولا أنتصر كبرياء ولا أسامح قهرا وذلا ، لا أعاتب أحدا ، أعطني كلّ الوقت كي أغتسل بماء الصبر وأغفر لنفسي هفوات العمر ، كي أعود الى ضوء العشرين وأتلو للفراشات سرّي ، كي أعانق النجم وجسد الغيمة ، كي يلدني المطر الآتي وأكون قريبة من وجهك المنسي في زحام العمر ... !

ليست هناك تعليقات: