مكابدات لاجئة دمشقية... ـــ قصة قصيرة
نصرالدين شردال |
( الشعب السوري : شعب كريم ومضياف ، فاحفظوا دماء وجوه نسائه وأطفاله ، ريثما تنجلي الغمة ) -- الشاعر : عبد السلام الموساوي
أجنحة الشمس مالت نحو المغيب ، حمرتها أضفت على المدينة سحنة من الحزن والهدوء الساحر ...
كل حواء في المدينة تحتفل بيومها العالمي . وفي شارع محمد الخامس ، مواكب المارة تمشي الهوينى تحت شموخ النخيل ...
أمام بناية البنك المغربي .في ركن معزول جلست جلسة القرفصاء ، تحمل في يديها جواز عبورها السوري وبطاقة التعريف ، بعد أن هربت من جحيم سورية مع جموع من العائلات إلى الجزائر ، ثم شدوا الرحال إلى حضن فاس الدافئ ، هنا كتب لها البقاء .
طفلة دمشقية في عمر الزهور ، شقراء الشعر ، قمحية اللون كسنابل حمص . تفاحة توشحت بحجاب ، خصلة من شعرها المخملي ثارت على حدود الحجاب ، وتدلت على عينين زرقاوين كعينيْ زرقاء اليمامة ، تشعان بحزن عميق عميق ،
ريتا الصغيرة تكره بائعة الورد المتسكعة مثلها على أرصفة هذه المدينة ، وتمقت بائع الفراولة {التوت الأرضي} في الشارع المقابل .وتخيفها سيارات الأجرة الحمراء ، كل لون أحمر يذكرها بأبشع صور الدم التي ماتزال عالقة بذهنها ، ودوي الانفجار والصراخ يرن بأذنيها صباح مساء . بنايات شاهقات تنهار . رصاص يثقب الأجساد ، جثث أحبابها ملطخة بالدماء لا تحرك ساكنا ...
تمدها سيدة بكيس بلاستكي يحتوي ملابس وطعاما ، تدس في يديها بعض الدريهمات ، فتلقفها بلهفة وتجهش بالبكاء ، لقد رأت فيها أمها التي كانت ترتب أغراضها ،وتنتظرها في باب المدرسة كل مساء ؟
ــ أعطاك الله خيرا سيدتي ، و وقاك الله ما نحن فيه
ــ تقبلي مني يا بنيتي ، آما آن لوطنكم الجريح أن يستريح ؟ !
ــ إن شاء الله خيرا يا أماه
تتوقف السيارات عند إشارة المرور ، فتقوم من مكانها في لمحة البصر ، وتنتقل بينها كانتقال نحلة من زهرة إلى زهرة ، فتجود عليها الأيادي ببعض الرحيق .
خرجت من جحر الكراء، لأقتل وقتي الثقيل في هذا المساء ، تقودني أقدامي المتعبة في الشارع ، أنظر إليها ، تحدق صوبي ، نتبادل نظرة فاحصة ، تستعطفني أن أجود عليها ببعض الدريهمات ، أدس يدي في جيبي ، فإذا بها تطلع فارغة ، لقد أطنب في الفقر وعشش
حتى أنا انتظرت ،وانتظرت ، وما من فرج ، شهادتي المعلقة على الحائط استنزفت وقتي ، كلما حدقت فيها تزيد في نفسي شجى ، كان كل أملي في هذه الحكومة الجديدة ، لكنها زادت الطين بلة ، حمدا لله أننا لم ندفع الثمن عن بطالتنا ، ولم تزهر فينا أشواك الربيع الذي أصبح خريفا...
يرخي الظلام سدوله على جبل زلاغ ، ويقل دبيب الحركة في المدينة ،وأمام مسجد " التاجموعتي " يجتمع ما تناثر من عائلات سورية في أرجاء المدينة ، حيث يتقاسمن الفراش ، وما جادت به أيادي المحسنين، تطفأ الأضواء ، فتنشب في قلب الصغيرة عاصفة من ظلام وحنين ، ترفع عينيها في نقوش المسجد الخضراء ، فتقرأ : " لا غــــــــــــــــــــالب إلا الله " وتنام قريرة العين حالمة بالعودة المنشودة ، وبانجلاء ليلها الطويل الطويل...
من القصص الفائزة في المسابقة الوطنية للقصة القصيرة 2014
تمدها سيدة بكيس بلاستكي يحتوي ملابس وطعاما ، تدس في يديها بعض الدريهمات ، فتلقفها بلهفة وتجهش بالبكاء ، لقد رأت فيها أمها التي كانت ترتب أغراضها ،وتنتظرها في باب المدرسة كل مساء ؟
ــ أعطاك الله خيرا سيدتي ، و وقاك الله ما نحن فيه
ــ تقبلي مني يا بنيتي ، آما آن لوطنكم الجريح أن يستريح ؟ !
ــ إن شاء الله خيرا يا أماه
تتوقف السيارات عند إشارة المرور ، فتقوم من مكانها في لمحة البصر ، وتنتقل بينها كانتقال نحلة من زهرة إلى زهرة ، فتجود عليها الأيادي ببعض الرحيق .
خرجت من جحر الكراء، لأقتل وقتي الثقيل في هذا المساء ، تقودني أقدامي المتعبة في الشارع ، أنظر إليها ، تحدق صوبي ، نتبادل نظرة فاحصة ، تستعطفني أن أجود عليها ببعض الدريهمات ، أدس يدي في جيبي ، فإذا بها تطلع فارغة ، لقد أطنب في الفقر وعشش
حتى أنا انتظرت ،وانتظرت ، وما من فرج ، شهادتي المعلقة على الحائط استنزفت وقتي ، كلما حدقت فيها تزيد في نفسي شجى ، كان كل أملي في هذه الحكومة الجديدة ، لكنها زادت الطين بلة ، حمدا لله أننا لم ندفع الثمن عن بطالتنا ، ولم تزهر فينا أشواك الربيع الذي أصبح خريفا...
يرخي الظلام سدوله على جبل زلاغ ، ويقل دبيب الحركة في المدينة ،وأمام مسجد " التاجموعتي " يجتمع ما تناثر من عائلات سورية في أرجاء المدينة ، حيث يتقاسمن الفراش ، وما جادت به أيادي المحسنين، تطفأ الأضواء ، فتنشب في قلب الصغيرة عاصفة من ظلام وحنين ، ترفع عينيها في نقوش المسجد الخضراء ، فتقرأ : " لا غــــــــــــــــــــالب إلا الله " وتنام قريرة العين حالمة بالعودة المنشودة ، وبانجلاء ليلها الطويل الطويل...
من القصص الفائزة في المسابقة الوطنية للقصة القصيرة 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق