الاثنين، 3 ديسمبر 2018

حوار خاص مع الشاعرة الفلسطينية هيام مصطفى قبلان

حوار خاص مع الشاعرة الفلسطينية هيام مصطفى قبلان 
عبدالكريم القيشوري/ المغرب
حوار خاص مع المبدعة المتعددة ؛ الشاعرة المجددة؛ الروائية المبصرة والناقدة الحصيفة التي تمتح تيماتها من الحنين والعطف؛ والغضب والثورة؛ والضياع والصمت وتحكي عن الرحيل والانتماء والغربة والوطن.. وتدافع عن حقوق المرأة والقضية النسائية؛ عازفة البيانو والمؤهلة للعلاج بالفن “الرسم والموسيقى”(ثيرابيا) . التي تكتب بقلبها. الإنسانة التي تلد القصيدة.وتعتبر الكلمة أقوى من طلقة الرصاص في اختراق الحدود والحواجز..
إنها الكاتبة الأديبة الفلسطينية هيام مصطفى قبلان 
من قرية عسفيا جبل الكرمل قرب حيفا بفلسطين.
ليسانس تاريخ عام . ماجستير لغة عربية تخصص أدب.
ترجمت قصائدها للعديد من اللغات : العبرية ؛ الفرنسية ؛ الإنجليزية ؛ الإسبانية..
كان لنا حوار معها حول تجربتها الإبداعية والحياتية وأشياء أخرى لنتابع :
——————————————-
س1- اجتمع في المبدعة هيام مصطفى قبلان ما تفرق في غيرها. شاعرة/روائية/قاصة/ ناقدة/ مربية/ إعلامية. ما الخيط الناظم الذي يجمع بين هذا العقد ؟
ج) ألذي يجمع بين هذا العقد الكلمة ,جوهرة اللغة والابداع ,عشقي للحبر الممزوج بخمر المنافي…ورائحة المكان , والانعتاق من قيد الجهل وكسر عصا الطاعة التي كانت وما تزال تهوي على جسد المرأة التي تنشد الحرية وتخرج سافرة من تحت أردية الخيام.

س2- كيف تسرب ماء الشعر إلى ذات مبدعتنا هيام ؟
ج) لا أدري كيف ومتى اخترقني هاجس الشعر وحطّ على مفصل القلب وداعب أوتار الروح وأنا على مقاعد دراستي الأولى وفي سن صغيرة لم تتبرعم فيها بعد فتنة رمّاني ,, لا أدري كيف دسّ هذا المجنون يده تحت ثوبي ولامس جسدي فانتشت الروح واحتفت باحتلاله وكأن تسرّب ماء الشعر الى شراييني خطيئة كبرى جعلتني أهرب لأحضان كرمنا المغمور بأشجار اللوز والمشمش والتين والعنب , لم تكن سلّتي مليئة بالكعك بل بأوراق وأقلام خبأتها كي لا تشمّ رائحتها الشمس ولا الهواء وتذيع سرّي لعائلتي لأن الكتابة والبوح خروج عن المألوف في ضيعة جبلية فيها تنحني الأنثى للرجل .. الى أن علم والدي وكانت المفاجـأة باحتضاني وشراء حقيبة صغيرة تكون لي خاصتي أضع فيها دفترا وربطة أقلام وألوان ،،، حينها بدأت أتأبط الأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران وأركض الى الكرم أتفيّأ في ظل الأشجار وأرقب الشمس حتى تغيب وأعود أدراجي.

س3- تعتبرين نفسك مزيجا من الأوطان . كيف ؟
ج) والدي من سوريا . وأمّي من لبنان ,,وأنا ولدت في فلسطين .. هنا تدخل قضية الانتماء وتداخل موتيف ( الغربة , والسفر ، والهوية) …فأيّ من الأوطان وطني ؟ لذا أعتبر أنني حين أكتب لا أكتب فقط لوطني الذي أعيش فيه وانما أنا ابنة الأوطان ..المبدع هو ابن العالم وما يحدث هنا أو هناك ..يحثّه على الكتابة والتأمّل والمشاركة … المبدع بقلمه يتخطى الحدود الجغرافية ولا يفرّق بين لون ودين وهوية …نعم أنا مزيج من الأوطان , أنا لست ملك نفسي.


س4- ماذا عن الثالوث الفلسفي الذي طبع نصوصك من خلال كتابك ” بين أصابع البحر” حيث الحديث عن : الولادة – الموت – البحث عن الذات الآخرى ؟

ج) كتابي بين أصابع البحر قسّم لأبواب .. الباب الأول عن الولادة وفلسفة المجيء الى الدنيا ولماذا ومن أين وكيف ومتى ..وهل كل هذا مكتوب على الانسان ؟ هل هو قدر .. أم …وأترك للقارئ من خلال نصوصي الإجابة .. أما الباب الثاني عن الموت مقابل الحياة وهنا السؤال هل الإنسان مخيّر أم مسيّر .. هل الموت حقّ أم أن لكل منا ساعة محدّدة للرحيل وهل يوجد حياة بعد الموت ؟ وهنا يدخل موضوع ( التقمص) أو ما يسمى بتناسخ الأرواح وبأن الجسد يفنى وتبقى الروح . الباب الثالث فيه الإنسان يبحث عن نفسه ،، هذا الضياع وسط الزحام .. الاغتراب ,والبحث عن الذات الأخرى المفقودة .

س5- عناوين إصداراتك خاصة المجموعات الشعرية : 
1-آمال على الدروب . 2- همسات صارخة.3- وجوه وسفر. 4- بين أصابع البحر. 5- طفل خارج من معطفه. 6- انزع قيدك واتبعني. 7- لا أرى غير ظلي. 8- “على شفة الورد”. وروايتك الأخيرة : ” رائحة الزمن العاري” هل يمكن اعتبارها تعبيرا عن الحزن والثورة و الهوية والذات.. المولدة لجمالية الإبداع ؟
ج) جميع مجموعاتي الشعرية تعبّر عن ثورة الكائن من أجل أن يكون لأنه كي يذوق طعم الحرية عليه أن يثور على الفكر المعتم ويحرّر فكره من العقلية القبلية المتوارثة المليئة بالثقوب فمعظم ثورات الشعوب في التاريخ قامت لتسحق الظلم وتناشد بالتغيير ومن هذا المنطلق فقدان الشخص لهويته وأرضه ولغته وشعبه سوف يؤدي به الى الضياع وما الحزن الا ابن الضياع وفقدان الفرح والاستقرار ,, جميع اصداراتي الذات فيها هي المركز ومن الطبيعي حين تتداخل جميع هذه الطاقات في الكتابة وتلتحم تولّد جمالية الابداع .فالمبدع لا يمكنه الكتابة من فراغ يحتاج لمحفّزات كي يستمر وأن لا يجفّ حبره.

س6- النقد وعلاقته بالعمل الإبداعي تقولين : بأنه أصبح استعراضا للعمل وليس إبحارا لولوج جسد العمل. هل العمل الإبداعي جسد بلا روح ؟
ج)أعني بجسد العمل أي ( لبّ) الموضوع من فحوى ومضمون , من بناء وهيكلة العمل وكل عمل ينظر إليه فقط كمكان للتخزين دون روح ولا مشاعر أعتبره عملا ناقصا ،،، واليوم للأسف النقد أصبح استعراضا للعمل دون الدخول إليه وإظهار الجماليات الإبداعية , والإشارة إلى الجوانب السلبية نحن نفتقد لنقد صادق واضح يثير بنا الرغبة للقراءة ..أصبحت المجاملات سيدة الموقف وعلى الناقد الحقيقي أن ينقد العمل دون التطلّع لمن العمل .

س7- ما رأي مبدعتنا هيام في عملية تيسير نشر الكتابات الإبداعية التي منحتها وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها ؟
ج) لوسائل التواصل الاجتماعي إيجابيات وسلبيات : بالنسبة لنشر الكاتب في صفحته ما يريد من إنتاجه الإبداعي ربما يحقق له ما يريد من الانتشار كوسيلة نشر سريعة ولكن السلبي في ذلك أن الشللية والصداقات تلعب دورا هاما في الرفع من مستوى الكاتب أو تهميشه فالكثير مم ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيره لا يستحق القراءة ولا الالتفات إليه .. للأسف الشديد المواد الجادة من شعر ورواية وقصة ومقالة لا تجد مكانا لها في الفيس بوك مثلا كي تقرأ بترو وعمق كما أن المنتديات السخيفة في الشبكة العنكبوتية التي يدخلها كل من هبّ ودب لا تليق بلغتنا الجميلة وبدون رقابة وتقلل من قيمة الأدب والعمل الأدبي ولا أعمم فأنا مثلا أعمل وخلال عشر سنوات في ( منتديات قناديل الفكر والأدب) كمدير ادارة المنتدى والمؤسس وعميد المنتدى الشاعر المصري الكبير د. جمال مرسي وبرفقة نخبة من الشعراء والأدباء والنقاد والروائيين نعمل جميعنا جهدا كبيرا للحفاظ على اللغة العربية وبشروط لمن ينتمي للمنتدى كعضو كي ينشر إبداعه أن يليق عمله بالمنتدى ومستواه وأن تكون اللغة صحيحة وهناك طبعا رقابة لكل ما يصلنا من مواد وقسم للنقد أيضا .. ما أردت أن أقول أن هذا الفضاء لوسائل التواصل فيه من السلبيات كما الإيجابيات فليس كل ما ينشر هو بالمستوى المطلوب.

س8- هل تكتب المبدعة هيام لتنو جد خارج الوجود ؛ أم لتتواجد بين وقتين ” الوجود والعدم” ؟
ج) الإبداع لا يعيش في الواقع فقط لأن الخيال أحد العناصر التي تمنح الكاتب طاقة ضوئية ليحلّق بعيدا عن الواقع ويعيش عالم الفانتازيا فيصور الأحداث والمشاهد بعين ثالثة قد لا يراها غيره .. ومن هنا أنا أعيش العالمين وأتواجد بين وقتين أحلّق لكنني أعود ،، وهذا طبعا يختلف إذا كنت أكتب القصيدة أو الرواية أو القصة لأن الأجناس الأدبية تختلف من حيث البناء والتكثيف والزمن والعناصر المستخدمة لإتمام العمل وأصعبها الرواية والقصة القصيرة المكثفة .

س9- هناك نوع من النرجسية في القول عندما يقول المبدع / الكاتب أكتب لذاتي. وهناك نوع من الادعاء حين يقول أكتب للآخرين. مفارقة يحفها البياض. كيف تتمكن المبدعة هيام من ملأ فراغات هذا البياض ؟
ج) أنا شخصيا لا أكتب لذاتي فقط بل يهمني أن يكون لي قرائي .. وبنفس الوقت أحيانا تنحصر كتاباتي في ما أسميه العمل الشخصي لتفريغ شحنات مكبوتة في الذات .. أما ما أكتبه على الملأ فمن الطبيعي أن يكون راقيا وبمستوى يليق بالقراء وبالنقاد وخاصة بعد رحلة طويلة مع الكتابة فكلما كانت التجربة أطول تكون ناضجة أكثر فيتحول المبدع من الدائرة الصغرى إلى الفضاء الأوسع أي إلى ما يجري في العالم أي من الخاص للعام .

س10- ترجمت العديد من نصوصك إلى لغات أخرى: العبرية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية..هل للترجمة قيمة مضافة من وجهة نظرك ؟ ممكن اطلاع القراء على نموذج من هذه النصوص المترجمة ؟
ج) الترجمة تمنح المبدع الوصول الى عوالم أخرى لأن الوصول إلى حضارات وثقافات أخرى تحتاج الى وسيلة للمعرفة والاطلاع على أفكار واهتمامات مختلفة .. لذا وصولي إلى فرنسا وألمانيا وإلى دول أجنبية أخرى والتعرّف على كتاباتي وفكري وما أؤمن به من فلسفة وجودية وحرية الفرد كان عن طريق الترجمة ،، الترجمة لها أهميتها بعد كل هذا الخراب الذي يحدث في العالم ..نحن بحاجة أن نجمّل هذه الأرض التي نعيش عليها بحقن أوردتنا بالمحبة دون النظر لا للون ولا لهوية ولا لدين فاللغة هي سيّد الموقف في استحضار الحب للكون ونبذ العنف والكراهية ،،، حين يقرأني المختلف سيعلم من أنا وأن بي زاوية في حياتي تشبهه تماما . نحن ولدنا لنكون أحرارا لا تفرّق بيننا لغة بل تجمعنا.
هذه نماذج من كتاباتي المترجمة :


حان الأوان : هيام قبلان
ترجمة للانجليزية( أستاذ اللغة الانجليزية والمترجم خضر أبو حمد)

حان الوقت لتعترف أنني لست وليمتك البدائية

ولست أسطورتك المفضلة من عهد بابل

لا الزّيف ثروتي ولا المغامرة عنواني

لست الحبلى التي تلد من رحمها الأحزان

ولا أنا أنشودة تغنّى في مجالس السلطان

يا منغرسا في جسدي كما يجري الدم في الشريان

بيني وبينك تجري لعبة خطرة

لعبة تصلب كالحق في دنيا الزحام

ما بال العمالقة تهوي

ويختفي مجدها في الليالي العتام؟

حاولت يا رفيق الكلمات أن أجعل

من صمتك ثديا لآلاف النّساء

ولطفولتي الساكنة فيك مرقصا

لا تلوّث شفاهه الدّماء

حاولت أن أنهي لعبتنا كي لا تكون كبش الفداء

ماذا أقول حين يسألني الصغار

عن ذريّة جدبة سوى أنك من الحلم تأتي

من قهر الأيام تأتي حاملا على كتفك نعشا من ماء

ماذا تبقّى لتعترف أنني لم أكن تحفتك

ولم يتسلّل الأنذال الى قصري

لم يرفع عن ستري الغطاء…..

حان وقت الاعتراف أنّ منازلنا أضحت خرابا

ولجوئك في حمى الغرباء كبيوت الرمل

سوف تمسي في الغد سرابا

كنت لديك دمع الياسمين وباب الفرح

وفؤادي عجن بزعتر وسنابل مذ هواك

ويلي.. اليوم يا لائمي أصبحت ذكرى

أصبحت من باح في السّر فأشقاك

ما كنت أدري أنّني عبرت بقربك كالظّل

كما عبر دمعي في جفنك فواساك …!

ليست هناك تعليقات: