السبت، 8 أبريل 2017

الارادة الدولية والارادة الوطنية، تساؤلات؟! - د. رياض عبدالكريم عواد

الارادة الدولية والارادة الوطنية  ، تساؤلات؟! 
د. رياض عبدالكريم عواد

لقد تجلت الارادة الدولية بأفضل صورها في اجابة رئيس اقليم الجبل الاسود، الذي بقي متحدا مع اقليم صربيا بعد الحرب الكونية على يوغسلافيا، وتفتيتتها الى جمهوريات مستقلة. رئيس اقليم الجبل الاسود اجاب على سؤال، لماذا لا تقيمون دولة مستقلة في اقليمكم؟! اذا اراد العالم ذلك، سنفعل فورا!!!! هكذا تتجلى الارادة الدولية، ويتجلى فهم القادة الوطنيين في التعامل مع شروطها واستحقاقاتها، حتى يجنبوا شعوبهم الويلات والدمار!!؟

في عام ١٩٤٨ أقام العالم دولة اسرائيل، لم يستطع العرب والفلسطينيون منع ذلك. هل هذا كان بسبب تأمر العرب وضعفهم وتفكك الفلسطينيين وتخلفهم؟! أم ان حجم العدوان والقوى العالمية المشاركة فيه هو اكبر من مقدرة العرب والفلسطينيين وامكانياتهم؟!
في نهاية القرن العشرين قرر العالم تغيير نظام صدام واحتلال العراق وتقسيمه، وها هو المخطط يتم تنفيذه بوضوح على الارض!!!
هل هذا كان ايضا بسبب دكتاتورية صدام ونظامه وتحالف بعض العراقيين مع المحتلين، ام ان حجم المؤامرة وقوة وتعدد اطرافها هي اكبر من مقدرة العراقيين؟!
في هذا القرن اللعين تتعرض سوريا ونظامها وشعبها لحرب كونية تهدف الى تقسيم سوريا ارضا وشعبا. نطرح هنا ايضا نفس السؤال الذي طرحناه في الموضوع العراقي والفلسطيني؟! إن ما يحدث في اليمن وما حدث في ليبيا ومازال يحدث لا يخرج عن هذا السياق.

كما اعتقد جازما ان ما يحدث للفلسطينين في هذه اللحظة السياسة الحرجة والمتمثل في التأمر لاسقاط السلطة الوطنية، واقامة دولة غزة، وتفتييت الضفة وتقسيمها ارضا وشعبا وولاية، لا يخرج ايضا عن هذا السياق.

اعتقد ان الدكتور جورج حبش، طيب الله ذكراه العطره، كان قد طرح مثل هذا السؤال عن اسباب هزيمة الفلسطينيين واستمرار هذه الهزيمة، هل هي بسبب تقصيرنا ام ان الهجمة كانت اكبر من طاقاتنا وامكانياتنا الموضوعية.

قد يفهم من كلامي هذا ان الامور قدرية، وانه لا فائدة ولا اهمية ولا دور للشعوب والحكومات والحكام فيما يحدث لبلادهم، وان هذه دعوة لتبرئة الحكام من دكتاتوريتهم وظلمهم لشعوبهم، كما ان هذه دعوة ايضا للاستسلام والنوم المريح انتظارا لتغيير الظروف الدولية والاقليمية.

بالتأكيد لم اقصد ذلك، ولكن اريد ان ابين اهمية دور الشعوب في التصدي لمثل هذه الهجمات التي تتعرض لها وفقا لاستراتيجية وتكتيك يتناسب مع مقدرتها وامكانياتها، واهمية القيادة الوطنية والبرنامج الواقعي.

إن الشرط الاساسي لمواجهة هذه الهجمة والانتصار عليها والخروج بأقل الخسائر وتحقيق بعض الحقوق الممكنة هو ان يتصدر هذا النضال الطويل والصعب قيادات وطنية صادقة مع شعوبها، تعرف التاريخ وتقرأ الواقع كما هو بعيدا عن الكذب والخطابة وحسابات الربح والخسارة الذاتية والحزبية. وان تعمل هذه القيادة من اجل مصلحة الشعب والوطن، ولا تنساق لرغبات الناس ولا تقع اسيرة لها. ان الوطن والشعب بحاجة لمن يعمل من اجل مصالحه لا من اجل حاجاته ورغباته.

ان الشرط الاخر للانتصار في مواجهة هذه الهجمة هو الوحدة الوطنية بين مختلف القوى على برنامج واقعي وممكن، يمثل الحد الادنى الممكن التحقق. دون هذه الشروط الاساسية، القيادة، البرنامج، الوحدة الوطنية، ستستمر معاناة الناس وتطول ولن تحقق أيٍ من اهدافها/احلامها، بل ستتراجع وتدفع اثمانا باهظة من امنها واستقرارها ومستقبلها.

ان هذه الاسس التي كانت في يوم من الايام نوعا من البديهيات يحفظها الوطنيون ويجيدون استخدامها ببراعة، غائبة عن حياتنا وواقعنا وممارساتنا في هذه الايام، بسبب الضعف السياسي والتخلف الثقافي وسيادة روح المصلحة والذاتية، اضافة الى الحجم الهائل للضجيج والتحريض والكذب واستخدام الرموز والدين بعيدا عن العقل والواقع.

ليست هناك تعليقات: