عملية القدس واهداف اسرائيل الامنية والاعلامية
د. رياض عبدالكريم عواد |
تسيطر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على السياسة الإعلامية الاسرائيلية؛ كون إسرائيل بكافة مكوناتها، كانت ولازالت، تنظر للعلاقة مع الفلسطينيين خاصة، والعرب عموما، من منظار امني بحت. ويستخدم الإعلام الإسرائيلي أسلوب التبرير لكل الأعمال العدوانية التي يقوم بها الجيش ضد العرب والفلسطينيين من خلال بثه لكم هائل من الأخبار والمعلومات تتضمن رسائل محددة الاهداف.
من الملاحظ أن المواطن الفلسطينيّ يتابع باهتمام ما ينشر في وسائل الإعلام الإسرائيليّة ويعتمد عليها في ما يتعّلق بالأخبار، خاصة الأخبار والتّصريحات الصادرة عن مسؤولين أمنيّين إسرائيليّين أو ما تنقله الصحافة الإسرائيليّة عن المسؤولين الفلسطينيّين.
من الملاحظ أن المواطن الفلسطينيّ يتابع باهتمام ما ينشر في وسائل الإعلام الإسرائيليّة ويعتمد عليها في ما يتعّلق بالأخبار، خاصة الأخبار والتّصريحات الصادرة عن مسؤولين أمنيّين إسرائيليّين أو ما تنقله الصحافة الإسرائيليّة عن المسؤولين الفلسطينيّين.
وعادة ما يعتبر كثير من الاعلاميين الفلسطينيين ان نقل هذه الأخبار وترجمتها، في شكل سريع من دون تحرير أو مراجعة، سبقاً إعلاميّاً وصحفيا فلسطينيّاً، يتباهى الكثيرون بالقيام به.
وكما هو معروف فان معظم وسائل الإعلام الفلسطينيّة المعروفة تتبع إلى الفصائل الفلسطينيّة، كثير من طواقمها من الصحافيّين الشباب الجدد، الّذين لا يتمتّعون بالخبرة الكافية في العمل الإعلامي. تعمل هذه الوسائل على نشر الأخبار الّتي تساعد على التّحشيد لهذه الاحزاب ولدعم رأيها ووجهة نظرها، كما تستخدم للمناكفة البينية. وهذا يعكس ضعفاً عامّاً لدى وسائل الإعلام الفلسطينيّة، وعدم قدرة الصحافيّين الفلسطينيّين العاملين فيها على إنتاج موادّ إعلاميّة خاصّة. لذلك اصبحت الصحافة الإسرائيليّة، للاسف الشديد، تتمتع بمصداقية اعلى لدى المواطن الفلسطينيّ لكونها تتمتع بمساحة حريّة وامكانيات اكبر من وسائل الإعلام الفلسطينيّة.
صباح اليوم الجمعة اعلنت اسرائيل عن قتل ثلاثة شبان الفلسطينيين، ادعت انهم قد شاركوا في عملية عسكرية في القدس، كما ادعت انهم من ام الفحم.
التقط الاعلام الاسرائيلي والجهات الامنية المتخصصة هذه العملية المفترضة في القدس، والتي يدعي انه قتل فيها شرطيين إسرائيليين، لبث سمومها وتحقيق اهدافها الاستراتيجية نحو خنق القدس والمسجد الاقصى، وتحميل الشعب الفلسطيني في ٤٨ مسؤولية هذه العملية والنتائج المترتبة عليها.
الدعوة للسيطرة على المسجد الاقصى ومنع دخول اليه
عقب وزير الأمن الداخلي "الإسرائيلي" جلعاد اردان فورا على هذه العملية قائلاً :" إن هذه العملية خطيرة وصعبة جدا وهي تجاوزا للخطوط الحمراء، وهي تفرض علينا إعادة النظر ودراسة كافة أسس الأمن والحراسة في منطقة المسجد الاقصى".
فيما حمل نائب وزير الجيش الاسرائيلي، الحاخام المتطرف ايلي دهان في تصريحات صحافية، السلطة الفلسطينية والحركة الاسلامية في مناطق عام 1948 المسؤولية المباشرة عن العملية، معتبرا التوجه الى اليونسكو من قبل السلطة فيما يتعلق بالمسجد الاقصى ومدينة الخليل بمثابة "تحريض"، والذي انتهى بتنفيذ العملية اليوم من قبل "متطرفين"، ما يدفعنا لبسط سيطرتنا على المسجد الاقصى المكان الاكثر قدسية لليهود ومنع " المتطرفين" المسلمين من الدخول اليه.
في حين قال وزير ما يسمى "شؤون القدس" زاف الكين بأنه يتوجب وقف استخدام المسجد الاقصى "للتحريض والمخربين" حسب قوله، وسوف تعمل قوات الأمن "الإسرائيلية" على منع هذا الاستخدام،
ودعا عضو الكنيست اليمين المتطرف يهودا كيلك الى منع المسلمين الذين وصفهم "بالمتطرفين" من الدخول الى المسجد الاقصى، وبارك اغلاق المسجد الاقصى من قبل الشرطة "الإسرائيلية" في أعقاب العملية ومنع المسلمين من اداء صلاة الجمعة.
من الواضح ان المسؤولين الاسرائيلين والاعلام الاسرائيلي عملا فورا ودون انتظار لاستغلال هذه العملية من اجل تنفيذ المخطط الاسرائيلي المتواصل في خنق القدس والاقصى، وشيطنة فلسطيني ٤٨ ، من اجل التضييق عليهم وسلب حقوقهم السياسية والاجتماعية وصولا لتهجيرهم.
عمل الجيش الاسرائيلي والشرطة الاسرائيلية من اللحظات الاولي على غلق القدس القديمة بالكامل، وحولها الى ثكنة عسكرية مدججة بأفراد الشرطة والجيش، وقامت شرطة الاحتلال فورا باحتجاز حراس المسجد الأقصى.
كما دعا نتنياهو فورا لعقد جلسة مشاورات عاجلة بحضور وزير الدفاع ووزير الأمن الداخلي ورئيس هيئة الأركان ورئيس الشاباك ومفوض عام الشرطة ومنسق الأعمال الحكومية وقرر إغلاق الحرم القدسي اليوم الجمعة والقيام بحملة تفتيش للتأكد من عدم وجود المزيد من الأسلحة فيه؟!. كما تتدارس الجهات الامنية الاسرائيلية امكانية تشديد الدخول للأقصى على غرار الحرم الابراهيمي بالخليل ووضع ترتيبات أمنية جديدة؟!.
وسائل الاعلام الفلسطيني
لقد سارعت كثير من وسائل الاعلام والمواقع الاعلامية الفلسطينية، الى الاشادة بهذه العملية دون اي تبين او معلومات تستقيها من مصادر فلسطينية حول هذه العملية واهدافها، هذا النهج المتواصل في التعامل مع مثل هذه العمليات، يبين تسرع وسائل الاعلام الفلسطيني لترديد ما يبثه الاعلام الاسرائيلي، دون تحليل او تروي او تحرير مناسب، متناسين الدور الامني والدعائي الذي يقوم به هذا الاعلام.
اننا نذكر وسائل الاعلام والجهات المسؤولة الفلسطينية ، خاصة التنظيمات الفلسطينية التي تقدس تبني العمل العسكري دون التدقيق في نتائجه، من خطأ الوقوع المتكرر في شرك الاعلام الاسرائيلي، ومن يقف خلفه من جهات امنية، والوقوع في مخططات اسرائيل، وان نعمل، دون ان ندري، بوقا لاعلامهم الموجه. اننا نردد ما يبثونه ببلاهة، ونخسر الكثير دون اكتراث، وهم يجنون الكثير، دون عناء او تعب.
اننا نتمنى على التنظيمات الفلسطينية ان تتروى قبل ان تشيد بمثل هذه العمليات، او قبل ما تسارع وتدعي بتبنيها، كما تفعل في كثير في مثل هذه الاحداث.
ان المقدسيين بصفة عامة واهلنا في ٤٨، والذين يقعون تحت سياط الاحتلال الاسرائيلي، يتنبهون دائما ويشككون في الرواية الاسرائيلية، ويعرفون اهدافها والذرائع المشبوهة التي يعمل من اجلها هذا الاعلام والجهات الامنية التي تسيره. ان الوجود المكثف للمصليين الفلسطينيين، وحراس الاقصى المتطوعيين من ابناء وبنات شعبنا الفلسطيني من المقادسة ومن اهلنا في ٤٨، هو الهدف وهو من يقلق المحتل الاسرائيلي، وليس ادعاء العمليات العسكرية من داخل باحات الاقصى لانها لا تنفع، بل بالعكس سيكون لها اضرار كارثية، مباشرة وغير مباشرة، لن يستطيع شعبنا تحملها. كما تهدف اسرائيل لتؤكد للعالم خطأ الينوسكو باتخاذها قراراتها الاخيرة بشأن القدس والاقصى والحرم الابراهيمي، هذه القرارات التي أضرت باسرائيل وازعجت قيادتها.
ان الحفاظ على صمود شعبنا الفلسطيني داخل اسرائيل والحفاظ على مكتسباته السياسية والاجتماعية يجب ان يكون هدفا مقدسا ومن الخطورة بمكان استغلال ظروف هذه الجماهير لتمكين اسرائيل ويمينها المتطرف من تنفيذ مخططاته المتواصلة ضدهم. كما انه من الهام الحفاظ على التواصل الفلسطيني والعربي مع القدس واقصاها حتى لا يتم خنق المدينة وتفريغها من سكانها الفلسطينيين كما تخطط اسرائيل. الحذر من الوقوع في الشرك الاسرائيلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق