الأحد، 10 ديسمبر 2017

يوم أسود..... د.رياض عبدالكريم عواد

يوم أسود... 
د.رياض عبدالكريم عواد

غزة فجرا، رائحة الدخان تزكم الأنوف، رائحة نسيناها منذ سنوات طويلة.
تعودت انوفنا من جديد أن تستيقظ على رائحة المجاري وهي قادمة الينا مع نسائم الفجر من برك المجاري غرب خانيونس. استيقضت في الصباح على صوت المؤذن وهو ينادي على الشعب ويلعن ترامب على فعلته المشينة.
شارع صلاح الدين المنشأ حديثا من تبرعات ستنا موزة يشكو من عبث من اشعل اطارات الكاوتشوك فوق اسفلته الجديد! حرق الكاتشوك يخلف مادة الديوكسين التي تسبب السرطان، كما يقول من يهتمون بالعلم، غزة تشكو من ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان كما تقول الاحصائيات، مش مهم، كله يهون في يوم الغضب ! سحب من الدخان تملأ المكان، تتمايل السيارات يمينا وشمالا، لتتفادي الاصطدام بالنيران الملتهبة احتجاجا على قرار ترامب، سود الله وجهه عشرات من الصبية والأولاد يحملون ما طالت أيديهم، عصي ومكانس وحجارة، يهجمون وهم يكبرون ويسبون ويلعنون، على محلات ودكاكين سوق الظهرة في مخيم خانيونس، انتقاما من ترامب واحتجاجا على قراره! مزيجا من الخوف والاستهجان والرفض على وجوه أغلب الناس، كثير من المشاهدين كانوا ابطالا/ضحايا للانتفاضة الاولى مكبرات صوت المساجد مازالت تزعق على الشباب، تستثير همتهم وغضبهم، في يوم الغضب الأكبر، عدد من الاصابات وصلت الى المستشفيات لصبيه يرمون جنود الاحتلال، الذين لا يرونهم من خلف السلك الشائك، بالحجارة التي لا تصيب احدا! رشقات من الصواريخ تتجه صوب بلادنا سقطت في الجانب الفلسطيني من السياج الفاصل كما تدعي إذاعة العدو الكذابة! بيان ساخن يتلوه شاب متلعثم من المسجد شرق مقبرة خانيونس! سيارات تحمل رايات ملونة واعلام مزركشة وشباب ملثمة بالأحمر والأصفر والاسود والاخضر، تطوف وتغني وتنشد وتحرض على مزيد من الغضب، وتهيء الشعب لمسيرة مركزية يوم السبت القادم، وواحدة أخرى عصر اليوم باسم إحدى الكتائب! فصائل تعلن عن يوم الجمعة يوم غضب وعن المسيرات التي ستنطلق وفق خطة محكمة تنتهي كل مسيرة بكلمة نارية لاحد القادة المركزين! صوت اذاعات الثوار تلعلع بالأناشيد والخطابات وتؤكد أن القدس للعرب والمسلمين، بعد أن تلعن حكامهم ورؤسائهم وملوكهم! والدي في ال 85 من عمره، أعلن الاستنفار العام، فتح الراديو على اعلى صوته ليتغلب على ضعف السمع الذي يعاني منه، لم يستطع كل اهل البيت إقناع والدي بتخفيض صوت المذياع، هذه خيانة لله ورسوله!!! الله أكبر! جلست صامتا بجانب والدي الثوري جدا، فأنا محسوب على النصف المتخاذل من العائلة؟ أعضاء التشريعي يهدرون ويهددون ويلعنون، غاضبون على نتنياهو وترامب والعرب والمسلمين، أحدهم أخرج مسدسه، هنية يخطب ويؤكد أن كل فلسطين لنا، زوجتي تؤكد ان الحرب هي الطريق الصحيح إلى القدس! عائلة حربجية الا أنا! ابن اخي الشاب، جلس امامي متحفزا للنقاش والسب واللعن، لكنني فوت عليه الفرصة... لا اعرف ماذا حدث ليافطة السرايا التي كانت تعد القدس بالرجال، ومش أي رجال! لم يبقى أمامي الا أن ألوذ بالاموات لعلني اجد في صمتهم شيئا من الطهارة، وبعضا من الراحة والعقل التي نفتقدها! يوم الغضب .....يوم أسود.. ..يوم من الفوضى....يوم بلا عقل!!!

ليست هناك تعليقات: