الجمعة، 20 يوليو 2018

أنهم ليسوا بحاجة لنا ؟! - د. رياض عبدالكريم عواد

 أنهم ليسوا بحاجة لنا؟! 
د. رياض عبدالكريم عواد
عشنا بالأمس الثلاثاء مساء، 17/07/2018، ساعتين من الفرح والبهجة في جو من الألوان الزاهية، والموسيقى المتنوعة، تنوع الحياة وما تجود به من ألوان وانغام.

وصلنا إلى مسرح الهلال الأحمر الفلسطيني في الخامسة والنصف مساء. هذا الصرح العظيم الذي بناه، كما بنى الكثير منه، في كل المدن التى عاش فيها، من بيروت إلى القاهرة وصولا إلى رام الله مرورا بغزة. أسس الدكتور المرحوم فتحي عرفات الهلال الأحمر الفلسطيني، احد مؤسسات م ت ف المدنية لترعى صحة الفلسطينيين حيثما تواجدوا، تعالج مرضاهم وتبلسم جرحاهم وترعى حاجة الاسرى الصحية، تحية لروح هذا البَنَّاء الفلسطيني العظيم.

وصلنا إلى مسرح الهلال الأحمر الفلسطيني لنشارك مؤسسة الأمانة الخيرية حفلها السنوي تكريما لأبنائنا المتميزين والناجحين.

نعم لكلٌ نصيبٌ من اسمه، لذلك صدقت هذه المؤسسة في توصيل الرسالة التي تحملها، لانها عملت من أجل أن تؤدي الأمانة.

رسالة بسيطة سهلة ولكنها عظيمة وشاقة "إنهم ليسوا بحاجة لنا، نحن بحاجة لهم" لنُرضي الله وليرضى المولى عنا. 

ترعى مؤسسة الأمانة الخيرية والقائمين عليها، خاصة المهندس غالب ابو شعبان وزوجته المتحمسة والنشيطة أم عمر، الاولاد والبنات، الشباب والشابات والامهات، دون أن يُذَّكروهم بالألم الذي يعيشون معه، لم يُسمهوهم أيتام أو أرامل، لم اسمع هذه الكلمة طيلة ساعتين من الحفل، لم يتعاملوا مع الأمهات على أنهن أصحاب حاجة، حتى في تكريمهم للام المثالية، لم يكرموها لانها رعت وربت أيتام بل لانها أمرأه، أمٌ قامت بواجبها تجاه ابنائها، قامت بواجب الأم، أي أم، فأحسنت وابدعت وعلمت وقدمت أبناء متميزين، لذلك فهي تستحق التكريم كأم مبدعة، وليس كأرملة وأم لايتام مساكين.

هذه هي الرسالة العظيمة والدرس الهام الذي تقدمه مؤسسة الأمانة الخيرية، الرسالة التي تقول إلى جميع المؤسسات والجمعيات الخيرية: يجب ألا نخلق في نفوس من نرعاهم من الأبناء والأمهات أي شكل من أشكال "الوصمة" النفسية أو المعنوية، يجب أن نتعامل مع هؤلاء الأبناء والأمهات بعيدا عن روح الشفقة والمسكنة، يجب أن نعاملهم كباقي أفراد المجتمع، نرعى حاجاتهم وندفعهم إلى العطاء والتميز.

بالفعل كانت احتفالية رااائعة بكل فقراتها ..تعكس أخلاق راقية وثقافة عالية للقائمين عليها ..أسعدني كثيرا الشابان مقدمي الحفل بلغتهم العربية الصحيحة و تلقائيتهم ووجوههم البشوشة ...أما الفقرات فكانت متنوعة وتحمل حس عالي باستعراض ما يعاني منه مجتمعنا ..ثم تنتقل بنا إلى جو من السعادة.. ومن أكثر ما لفتني مشاركة أبنائنا وبناتنا في جميع الأنشطة سويا ودون احساس بالخوف والرهبة والخجل من وجود الجنس الاخر في نفس النشاط.

مشاهد جميلة عشناها مع العديد من نشاطات هؤلاء الأبناء المبدعين، جهود عظيمة بذلت بإمكانيات ذاتية وبحماس شديد وروح عالية من الالتزام تتوق إلى الإبداع والتميز.

فراشات جميلة من الزهرات، بملابسهن الجميلة وحركاتهن، على بساطتها، تشعرك بالسعادة وترسم البسمة على الوجوه، يؤكدن في اسكتش جميل على مدى الفرح الذي يضفيه وجود البنات في حياة العائلة، لذلك من حقهن الا يشعرن بأي تمييز في التعامل معهن مقارنة مع اقرانهن الصبيان.

ومحكمة، بروح الفكاهة، تحاكم تصرفاتنا وتعاملنا مع وسائل التواصل الاجتماعي، هذا يحاكم لشغفه في جمع اللايكات، وهذه لانشغالها في التقاط صور السلفي، وآخر لاستخدامه مئات الأسماء الوهمية، اسم لكل مناسبة، لكن القاضي يذكرنا في حكمه، أنه رغم كل هذه السلبيات لن يستطيع أحد أن يستغني عن عالم هذه الشبكة العنكبوتية وما تحتويه من وسائل تواصل اجتماعي جعلت من العالم قرية واحدة ومن الشعوب أسرة واحدة.

لا أعرف لماذا تكدرت روحي وسرحت بعيدا وانا اتابع هذا السكتش الهادف، تذكرت أسماء العديد من الشباب الذين يحاكمون بهذه التهمة الجديدة، غير الواضحة وغير المحددة، انها فنعة الحاكم وعصاه ليواجه أصحاب الرأي الذين لا يملكون الا كلماتهم واهاتهم، تذكرت من بين ما تذكرت #شادي_عثمان وتمنيت له السلامة، وتذكرت وسام وشكواه كشاب يشكو من البطالة وفوق كل ذلك يغرم ب 500 شيكل وهو الذي قد يستدين اجرة الطريق حتى لا يتهم أنه يتخلف عن جلسات المحكمة.

لنرجع مرة أخرى للفرح والبهجة ونعيش لحظات جميلة مع تراثنا الشعبي واهازيجه المتميزة ودبكته ودحيته، في اسكتش معبر عن اصالة هذا الشعب وما يحمله من قيم سامية ورسالة إنسانية عظيمة. 

وفي رحاب القرآن العظيم وسورة الكهف، التي تَعِد من يتلوها بالنور طيلة أيام الاسبوع، نتعرف على منهج جديد أبدع فيه العاملين في هذه المؤسسة على غرسه بين الأبناء والبنات وتحويله إلى حياة ملموسة يعيشونها لتترسخ معاني وقيم سورة الكف في أرواحهم فلا ينسونها البتة.

وفي اسكتش افتتاح الحفل كان الوطن حاضرا بكل آماله والامه، نعاتبه ونسأله عن نصيبنا منه وحقوقنا فيه، نحن المحرومون من أبسط الحقوق والتواقين لبناء وطن خال من التخلف والقبلية والجهل وووو، كما حددتها كاتبة هذا السكتش السيدة سماح ام عمر، ولم تنسى أن تبين أن هناك محددات يجب أن تتوفر ليكون الوطن وطنا. أنه العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية ووو لكنني أتساءل لماذا نسيت السيدة ام عمر السبب الحقيقي لغياب كل هذه المحددات اللازمة لبناء وطن حر وكريم. من الصعب أن لم يكن من المستحيل أن نبني وطنا معافى في ظل احتلال استعماري استيطاني، الاحتلال سبب حقيقي لكل مأسينا، وليس شماعة نعلق عليها أخطائنا وتقصيرنا وجهلنا وتخلفنا.

شكرا لمؤسسة الأمانة الخيرية
شكرا القائمين عليها الذين يتحلون بروح الحب والإبداع والعمل كفريق متناغم، يثبت من خلال حركة ام عمر الدؤوبة والمستمرة والقلقة على أن وراء كل نجاح أمرأة رائعة.

لقد وصلت الرسالة....ارجو ان تصل للجميع "إنهم ليسوا بحاجة لنا، نحن بحاجة لهم" وهذا واجبنا.

ليست هناك تعليقات: