علينا أن نفتخر بجامعة بيرزيت ومؤسسيها والقائمين عليها لما غرسوا ورعوا من قيم الحرية والديمقراطية التي تمتعنا بمتابعتها نحن أهل غزة بفرح وحزن في آن واحد؟!
كما علينا أن نفتخر بهذا الجو الديمقراطي الذي حافظت عليه سلطتنا الوطنية وحمته من التدخلات وأتاحت لجميع الكتل الطلابية أن تمارس حقها الانتخابي على قدم وساق ومساواة تامة وتقوم بدعايتها الانتخابية بكل حرية واريحية؟
أن الدرس الأول الذي يمكن استخلاصه من هذا العرس الديمقراطي هو توق الشعب الفلسطيني للحرية والديمقراطية ومقدرته على ممارستها بكل شفافية، كما يؤكد هذا الدرس، للقاصي والداني، ان السلطة الوطنية الفلسطينية قادرة وصادقة ومؤتمنة على رعاية حياة سياسية واجتماعية صحيحة داخل المجتمع ومؤسساته الوطنية والشعبية.
أن الشعب الفلسطيني شعب واحد يعيش على أرض واحدة، رغم تباعد المسافات وظلم الجغرافيا الطبيعية والسياسية، وهذا هو الدرس الثاني الذي يمكن استخلاصه من هذه الانتخابات.
ان أحداث غزة بدءا من ما يسمى ب"التفاهمات" بين حماس وإسرائيل وسياسة "نبغي هدوء" مقابل حقائب الدولار والسولار و"عبثية مسيرات السلك" واستخدام دم واقدام الشعب من أجل أهداف حزبية، والقمع الذي قامت به الأجهزة الأمنية ضد الشعب والشباب والعائلات أثناء حراك بدنا نعيش. ان غزة وكل ما جرى فيها كانت حاضرة بقوة وفاعلية في انتخابات جامعة بيرزيت.
ان هذا يؤكد لكل اعمى وبصير أن هذا شعب واحد يعيش على أرض واحدة ويحمل هم واحد ويتأثر ويؤثر في بعضه البعض، ولا يمكن فصله عن بعضه البعض باستخدام التحريض ومختلف الادعاءات الاخرى.
أن الشعب الفلسطيني يعشق الديمقراطية ويتوق لها، أن هذا يفسر هذا الاهتمام الكبير لأهل غزة وشبابها بانتخابات الجامعات، وخاصة انتخابات جامعة بيرزيت، ويتمنون أن تنتقل هذه الممارسة وهذا النموذج الوطني المشرف إلى جامعات غزة، بعيدا عن القمع والتدخل واللون الحزبي الواحد المسيطر على الحياة السياسية والاجتماعية فيها.
على حركة حماس أن تقف أمام نفسها، وتراجع أسباب فشلها في معظم انتخابات مجالس الطلبة في جامعات الضفة الغربية، هذا التراجع يشير بوضوح إلى تراجع وانحسار شعبيتها.
يحب أن نتعلم من العدو الذي لا يبحث عن مشاجب وحمالات ليعلق عليها اسباب فشله. هذا هو نفتالي بينيت، يقول لقد بذلت قصارى جهدي من أجل شعب "إسرائيل"، لكن هذه المرة لم تكون جهودي كافية، ليس لدي أي شكاوى ضد أحد، أنا وفقط أنا وحدي مسؤول عن النتيجة والخسارة، سوف تستمر سفينة دولة إسرائيل في الإبحار بدوننا.
ان تراجع شعبية حماس يعود الى اسباب كثيرة، منها تبنيها للاستراتيجيات الخاطئة التالية:
1. استراتيجية استخدام الشعارات والرموز المقدسة: هذه واحدة من الاستراتجيات التي تتبعها حماس، بدءا من استخدام الدين والبندقية وحق العودة لأهداف حزبية. ان هذه الاستراتيجية قد فشلت، ولم تعد تنطلي على احد؟!.
2. استراتجية كيل الاتهامات: التي لم تعد تنطلي على الناس، بدءا من بعبع "التنسيق الأمني" و"البنشرجي" وادعاء أن الآخرين "يعيشون تحت بسطار الاحتلال" وأن حركة فتح هي "أقلية في الشارع" وأن "غزة عبء" على حماس و... و.....
3. استراتجية الاقصاء والاستحواذ: ان السياسات التي اتبعتها حركة حماس في استفرادها في حكم قطاع غزة وانعدام الحريات والاستحواذ على الحياة الاقتصادية ونهب التجار تحت شعارات "المواطن هو المتضرر"، وافقار الجميع قد نفرت مزيدا من القطاعات الشعبية منها ومن أسلوب حكمها.
4. استراجية القمع والتخويف والملاحقة: ان كل هذه السياسات والإستراتيجيات، إضافة إلى سياسة القمع والملاحقة والاعتقالات قد انعكست سلبا على جماهيرية حركة حماس، ودفعت قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي خارج فلسطين، الى ان يعيد النظر في تصديقه وإيمانه بهذه الشعارات الرنانة، خاصة بعد أن شاهد بأم عينيه هذا المستوى من القمع وما آلت إليه الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في قطاع غزة التي أنتجت الفقر والعازة، ودفعت أكثر من 35 ألف شابا إلى الهجرة والموت عبر البحار والصحاري.
أن الشعب يرى ويراقب ويستطيع أن يميز بين الغث والسمين، بين مقاومة شعبية مستمرة ومتواصلة تدمي وتؤلم الاحتلال باقل الخسائر ودون تنازلات سياسية، وبين استخدام المقاومة والخطب الرنانة والشعارات المرتفعة من أجل تهدئة إنسانية وحقوق اقتصادية، كانت دائما متيسرة ومتوفرة للشعب الفلسطيني دون حاجة لتهدئات وتفاهمات.
أن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والسياسية في قطاع غزة مقارنة مع الأوضاع في الضفة الغربية قد أرخت بظلالها على هذه الانتخابات.
أن الشعب الفلسطيني مقبل على استحقاقات سياسية خطيرة ومواجهة مع الاحتلال المدعوم من أمريكيا ترامب وخططه الوقحة، في ظل ضعف وهوان عربي ومحاولات تطبيع حثيثة بين الأنظمة وإسرائيل، وهجوم على م ت ف والسلطة الوطنية والرئيس الفلسطيني ابو مازن بهدف تدمير السلطة ومؤسساتها، من خلال تجفيف مواردها المالية ومحاصرتها سياسيا وتحريض الجماهير الفلسطينية عليها.
ان كل هذا يتطلب تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني وتعزيز بقائه وصموده فوق ارضه، هذا الصمود والبقاء فوق الأرض، يعتبر الحلقة المركزية في النضال في هذه المرحلة، وهو بحاجة إلى حاضنة سياسية واجتماعية تدعم صموده، لذلك فإن دعم السلطة الوطنية وتقويتها، وإعادة الوحدة للنظام السياسي الفلسطيني، من خلال عودة جميع الفصائل بما فيها حماس للالتحاق فورا ودون شروط بالسلطة الوطنية ودخول م ت ف هو الاستراتيجية الصحيحة لمواجهة كل المخططات، وعلى رأسها صفقة القرن ومنع تهويد القدس، والوقوف في وجه ضم الضفة الغربية أو المستوطنات الإسرائيلية فيها إلى إسرائيل، ومنع عدوان جديد على قطاع غزة والوقوف في وجه مؤامرة تهجير سكانه إلى سيناء وافشال مؤامرة الوطن البديل.
ان دروس بيرزيت كثيرة، خاصة بعد مراجعة بعض آليات الانتخابات فيها واعتماد التمثيل النسبي بالكامل وعقلنة الدعاية الانتخابية. يجب أن تبقى هذه الدروس حاضرة كبوصلة تشير إلى الاتجاه الصحيح الذي يجب أن يسير عليه وإليه الشعب الفلسطيني؟
شكرا بيرزيت.... شكرا غزة؟!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق