ما بعد ثورة فتح الثانية - د. تحسين الاسطل
بقلم: د. تحسين الاسطل |
شكلت الهبة الجماهيرية غير المسبوقة التي شهدتها غزة ثورة ثانية لحركة فتح ، وانطلاقة جديدة لام
الجماهير رغم سنوات الحصار والضغط واللعب على المتناقضات والانقسام لإضعاف الشعب الفلسطيني وقيادته .
بعد ثورة فتح الثانية لم يعد بمقدور احد الضغط على الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية والزعم انه وحده في الميدان ، في محاولة يائسة للحصول على مكاسب سياسية على حساب الحقوق الفلسطينية ودور منظمة التحرير الفلسطينية ، واليمين الإسرائيلي المتطرف بزعامة "نتنياهو" اكبر الخاسرين في ثورة فتح الثانية ، فهو كان يراهن على الزعم أن حركة فتح والسلطة في طريقها للانهيار ، فوجد عرشه يهتز أمام ثورة فتح الثانية التي فرضت علية إعادة حساباته خلال ساعات والاعتراف بقوة فتح وجماهيرها ووفائها .
جماهير غزة الوفية قالت كلمتها في ساحة الشهيد ياسر عرفات وسط غزة ، وأكدت للعالم أنها من تصنع المكان ، فأينما كانت فتح كان الفعل والمكان ، فكما أحيت جماهير فتح ساحة الكتيبة أول مرة ، ها هي تعيد الحياة لغزة كلها ، وأصبحت غزة كلها ارض للاحتفال على مدار الأيام الماضية ، ففتح من اكتشف البندقية طريقا للتحرير ، ورسمت بدماء الشهداء الطريق إلى القدس ، فيما كانت بوصلة العرب منقسمة بين الشرق والغرب ، والبعض كان يرى أن طريق القدس تبدأ من "كابول"، إلا أن فتح أعادت رسم الخارطة نحو فلسطين ، وأقسمت أن الدم الفلسطيني لا يراق إلا من اجل فلسطين والقدس.
الجماهير الفلسطينية في غزة أسقطت كل الحسابات التي كانت تعد الأيام للوصول إلى لحظة الإحباط والاستسلام تحت الضغوطات الأمريكية والحصار الإسرائيلي على دولة فلسطين الوليدة ، والعجز العربي ولسان حالهم الذي لم يتغير "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون" ، ولا قبل لنا "باوباما" وجنوده ، فيما كان عهد الجماهير الفلسطينية للرئيس عباس وللقيادة الفلسطينية في الثورة الثانية لفتح "سر نحو الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وإنا معك صامدون.
جماهير فتح خرجت من وسط الركام والحطام، والأمعاء الخاوية ، والرواتب المقطوعة ، والأطفال المحاصرين الذين اشتروا من مصروفهم وادخارهم المتواضع الأعلام الفلسطينية ورايات حركة فتح الذهبية ، ليسقطوا كل حسابات الاحتلال ومن ورائه ومن سار في فلكه، فالجماهير الفلسطينية حققت الانتصار بكل مقوماته ، وحملت الرئيس عباس فارس الدولة الفلسطينية نحو الانتصار ، ومنحته القوة الدافعة الكافية للوصول إلى الهدف المحدد وإكمال المشوار على طريق الشهداء.
بعد ثورة فتح الثانية سقطت ورقة التوت عن مدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان في البيت الأسود ، حامي الاستيطان ومشرعن الاحتلال ، وبقى مع الاحتلال وحيدا معزولا ، وأصبح عاريا أمام العالم ، بعدما خلع كل قيم الإنسانية والحرية والعدالة ، من اجل رضا غلاة المستوطنين.
أعادت الجماهير في الراية مجددا إلى غزة ، وسجلت ثورة حقيقية أعادت رسم المعادلة من جديد ، ما يحتم على الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية الاستجابة لهذا الزخم الفتحاوي ، وإعادة تشكيله من جديد لخدمة القضية الفلسطينية ، وتحقيق المصالحة الوطنية على أسس وطنية واضحة ، فلم يعد مقبولا أن تبقى هذه الطاقات أسيرة لبعض الأجندات والمصالح والأهواء الشخصية ، فهذه الجماهير أعطت الرئيس شيك على بياض لمواصلة المشوار بقوة في مسيرته السياسية والمشروع الوطني الفلسطيني، وفي المقابل على قيادات الحركة أن ترتقي إلى مستوى الزخم الجماهيري والتلاحم مع حركة الجماهير ، وتلبية تطلعاتها في إعادة تنظيم هذه الطاقات الكامنة التي كشفت عن قوتها لتأخذ دورها الحقيقي في مؤسسات الحركة ، ويساهم كل فتحاوي في بناء الوطن في موقعة لتستمر الديمومة.
الجماهير سجلت في غزة انطلاقة جديدة لحركة فتح ، وقيادة الحركة تتحمل المسؤولية الكاملة في هذه اللحظة التاريخية لتحافظ على هذا الزخم الجماهيري المتفجر ، حفاظا على المشروع والإرث الوطني الفلسطيني ، وحمل أمانة الجماهير التواقة إلى النصر والحرية.
والله من وراء القصد
* نائب نقيب الصحفيين
د. تحسين الاسطل
نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين
غزة - فلسطين
00970599604122
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق