د - سلام فياض هنأ المرأة الفلسطينية بالثامن من آذار "يوم المرأة العالمي"
د. سلام فياض:الكوتا النسائية مجرد شبكة أمان لضمان مشاركة المرأة . وطموحنا بأن تتناسب مشاركتها في مواقع صنع القرار والمواقع التمثيلية مع حجمها في المجتمع .
للإستماع للحديث الإذاعي كاملاً:
تحيي البشرية بعد أيام، ومعها شعبُنا الفلسطينيّ بنسائه ورجاله، يوم الثامن من آذار، اليوم العالمي للمرأة. وفي هذه المناسبة، فإنني أتقدمُ بالتهنئة للمرأة الفلسطينية في الوطن والشتات، وأحييها على عطائها وصمودها وكفاحها المتواصل مع كافة أبناء شعبنا للوصول بمشروعنا الوطنيّ إلى نهايته الحتمية المُتمثلة في الخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال تأكيداً على حقها وحق أبناء شعبنا في الحياة والكرامة الإنسانية كباقي شعوب الأرض، هذا بالإضافة إلى النضال المُستمر في مجتمعنا نفسه لترسيخ حق المرأة الكامل والطبيعيّ في المساواة والإنصاف، وتعزيز مكانتها في مواجهة ثقافة الإقصاء ومحاولات التهميش، والتصدي لكل أشكال التمييز الذي عانت منه.
فإحياءُ اليوم العالميّ للمرأة يأتي هذا العام، وشعبُنا يجترحُ المعجزات ويُربي الأمل رُغم الكثير من التحديات والصعاب التي يواجهها. فشعبنا، وفي طليعته نساء فلسطين، مصممٌ على مواجهة ظلم الاحتلال وإرهاب مستوطنيه، وانتزاع حقه في تقرير مصيره وتجسيد سيادته الوطنية على أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس على حدود عام 1967. وفي ذات الوقت، تواصلُ المرأةُ الفلسطينية، ومعها كل المدافعين عن حقها الطبيعيّ في المساواة، سعيَها الحثيث للتصدي لما تتعرضُ له من إضطهادٍ وعنفٍ داخليّ، ولتعزيز دورها وضمان تمتعها بالمساواة التامة في كافة المجالات.
ومن هذا المنطلق، فقد سبق وأن كرّست سلطتُكم الوطنية، ومؤسسات دولة فلسطين، جزءاً هاماً من استراتيجيتها وخطة عمل حكومتها، للنهوض بواقع المرأة في فلسطين وتمكينها، وهي تواصلُ عملها لتعزيز دور المرأة ومشاركتها في كافة مجالات الحياة، وبما يُرسخُ مبادئَ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، إضافةً إلى دعم وتعزيز المؤسسات وهيئات المجتمع المدنيّ المعنية بحقوق وقضايا المرأة. لقد أكدتُ في أكثر من مناسبة، أن إعطاء الأولوية في جدول أعمالنا لقضايانا الوطنية الكبرى والهامة المُتمثلة في التصدي للاحتلال واستنهاض طاقاتنا لضمان إنهائه وتجسيد سيادتنا الوطنية، لا يعني أبداً إغفالَ مسؤولياتنا عن متطلبات قضايا المرأة، وتطوير وسائل تمكينها وحماية مكانتها، وإرساء المفهوم القائم على الحقوق الطبيعية لها في المساواة الكاملة.
نعم، أيها الأخوات والأخوة، إن المرحلةَ التي يخوضُ شعبُنا غمارَها، هي مرحلة التحرر الوطنيّ والبناء الديموقراطيّ، وإن قضية المرأة وضمان حقوقها في صلب هذه العملية. وقد سعت الحكومة، وبالشراكة مع القطاعين الخاص والأهلي، إلى بلورة آليات وسبل الارتقاء بمكانة المرأة وتلبية احتياجاتها، والاستجابة لقضاياها وخاصةً تعزيز مشاركتها في سوق العمل، وفي العمل العام، وضمان وصولها إلى مواقع صنع القرار في أعلى المناصب القيادية سواء في الحكومة أو القضاء أو المجالس المحلية وغيرها من المواقع المُتميزة وغير التقليدية. وبالقدر الذي نفخرُ فيه بإنجاز الانتخابات المحلية، فإننا نعتزُ بالتأكيد بتمكن المرأة من الوصول إلى مواقعَ هامة في مجالس وهيئات الحكم المحليّ. وقد أظهرت نتائجُ الانتخابات تفوقَ مشاركة المرأة على الكوتا النسائية المُخصصة، حيث بلغت نسبةُ المواقع التي حققتها 21.5% في وقت أن الكوتا ضمنت 20% فقط. وهنا فإنني أؤكد، أيها الأخوات والأخوة، أن الكوتا النسائية هي مجرد شبكةِ أمانٍ لضمان مشاركة المرأة. وفي هذه المناسبة، أؤكدُ لكم أننا ماضون في عملنا الحثيث لضمان تعزيز وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار في مختلف المستويات الرسمية والأهلية وتوسيع مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فُرغم وجود 6 وزيرات في الحكومة، وتقلد كفاءات نسوية لمناصبَ هامة ومُميزة وغير نمطية في مؤسساتنا، إلا أن طموحَنا سيبقى متمثلاً ُ في تعزيز هذه المشاركة ومضاعفتها، وبأن نصل إلى مرحلة تكونُ مشاركةُ المرأة في مواقع صنع القرار والمواقع التمثيلية تتناسبُ مع حجمها في المجتمع، الأمر الذي يتطلبُ تكاتفَ الجميع للنهوض بواقع المرأة، وتمكينها من تحقيق هذا الهدف السامي.
ونحن ندركُ، أيها الأخوات والأخوة، أن أحد أهم الأدوات للنهوض بهذا الواقع يتمثلُ في الارتقاء بنوعية التعليم لتمكين المرأة من دخول سوق العمل والمُنافسة والمُشاركة في بناء المجتمع والوطن. وعهدٌ علينا، بألّا نتوانى عن العمل الجاد والفعّال للتغلب على الأعباء والتحديات التي تُكبل المرأة الفلسطينية وتُعيق تقدمها. فدور المرأة في بلادنا كان وما زال مكوناً أساسياً وأصيلاً في عملية التحرر الوطنيّ والبناء الديموقراطيّ، خاصةً في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ قضيتنا الوطنية.
إن مهمتَنا الأساسية المُتمثلة في إنصاف المرأة وصون وحماية حقوقها الطبيعية والقانونية والمدنية، وكذلك ضمان الوصول بخدماتنا الصحية والتعليمية والتوعوية إلى النساء في كافة المناطق، لا يُمكن أن تكتمل دون معالجة ما تتعرضُ له المرأة ُالفلسطينية في قطاع غزة، الذي يُعاني من إرتفاع نسب الفقر والبطالة وما يترتبُ على ذلك من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بل والنفسية أيضاً، بما في ذلك تزايد معدلات العنف الداخليّ، المجتمعيّ والأسريّ على حدٍ سواء، الأمر الذي يتطلبُ حتماً الإسراع في إنهاء الإنقسام ومعاناة شعبنا بسببه، وخاصةً معاناة نساء غزة. فأحد أهم أولوياتنا، وبالتحديد في هذه المرحلة، يجب أن يتمثل في التوحد لضمان إغلاق هذا الفصل المأساوي من تاريخ قصيتنا وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وحشد موقفٍ دوليَ ضاغط لإلزام إسرائيل بوقف ممارساتها وسياساتها القمعية ضد شعبنا بنسائه ورجاله، ورفع حصارها الظالم عن شعبنا، وخاصةً في قطاع غزة.
إن الدورَ الوطنيّ والرياديّ الذي لعبته المرأةُ الفلسطينية في الماضي، وبما يشملُ انخراطَها المُتعاظم والحيويّ اليوم في معركة التحرر الوطنيّ والبناء الديموقراطيّ التي نُسخرُ لها كلَ طاقاتنا، يستدعي تكاتفَ الجميع لبلورة المزيد من الإجراءات الفعّالة والسياسيات العاجلة للقضاء على جميع مظاهر العنف الذي تتعرضُ له المرأة، ولاحترام حياتها وكرامتها ومكانتها، وترسيخ حقوقها الطبيعية غير القابلة للتصرف في المساواة التامة، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من مبادئ حقوق الإنسان التي نسعى إلى تجسيدها في دولتنا المُستقلة التي ستقوم على المساواة وتكافؤ الفرص وإلغاء كل أشكال التمييز.
وأؤكد لكم، في نهاية حديثي، أن نجاحَنا في تعزيز مكانة المرأة، وتطوير وسائل تمكينها، وحمايتها من الاضطهاد والعنف، وإنصافها، يُشكلُ ضرورةً وطنيةً واجتماعيةً وسياسيةً، ويقربُنا أكثر فأكثر من ترسيخ مقومات دولة فلسطين القائمة أساساً على قيم المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية.
ولنا جميعاً مع الحرية موعد قريب بإذن الله،،،
شكراً لكم والسلام عليكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق