أيها السياسيون.. من فضلكم القليل من الخيال فقط
الإعلامي عبد العزيز كوكاس |
وأنا أتابع ردود فعل السياسيين حول التحول الطارئ في الموقف الأمريكي من قضية الصحراء، أحسست بنوع من الغمة في القلب.. سواء تعلق الأمر بالمهللين لتوسيع اختصاصات المينورسو لتشمل الإشراف ومراقبة وضع حقوق الإنسان بالأقاليم الصحراوية ، أو بالمعارضين.. تذكرت ما قاله الباحث عبد الله العروي يوما حول شغفنا كمغاربة اللامحدود للتحدث بلغة تخالف العقل، حيث أن كل واحد منا يتكلم ""اللغة المناسبة "بحسب متطلبات الظروف من البرلمان إلى المسجد أو أمام كاميرات التلفزة.. في حين أن السياسة تحتاج إلى قدر كبير من الخيال للقدرة على الإبداع والتنبؤ بالوقائع والأحداث من خلال تركيب المعطيات الراهنة ومعرفة إسقاطاتها قبل أن تقع على أرض الواقع.. وليسمح لي سياسيونا أن أقول لهم إنهم يفتقرون إلى الخيال المبدع.
المسيرة الخضراء - ملحة تاريخية - ملحمة ملك و شعب |
لنبدأ بالمهللين لتوسيع مهام المينورسو بالصحراء، وهم أنواع: الإسلاميون من جماعة العدل والإحسان الذين لم يروا في تحول الموقف الأمريكي سوى "لعنة مخزنية"، فعمر أحرشان هذا الشاب الملتحي القيادي بجماعة العدل والإحسان، لم ير في القرار الأمريكي الخطير سوى لحظة للتشفي من شكل تدبير النظام السياسي لقضية الصحراء، والحقيقة أنه في كل بلدان العالم وعبر التاريخ، حين يمس الوطن تذوب الخلافات الداخلية.. لأن الأمر يتعلق ليس فقط برقعة جغرافية بل بكيان وطني وبهوية مشتركة تضم جميع الفاعلين في أي موقع سياسي كانوا، هكذا كان السياسيون الكبار من عبد الكريم الخطابي إلى علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد والفقيه البصري وبنسعيد آيت يدر... حيث ظلوا يناضلون داخل وطنهم وفي المنافي البعيدة ووسط أقبية السجون عن الوطن، كلما مُس في شبر من ترابه، وكانوا كرجالات دولة يُغيبون خلافاتهم مع نظام سياسي استبدادي، لأن لا معركة تعلو على وحدة الوطن، من هنا يمكن التساؤل عما إذا كانت اللحظة التاريخية هي لحظة لتقديم الحساب... وضمنهم أيضا يساريون تساءلوا بما يشبه النكاية: ما الذي يضير النظام السياسي إذا ما أشرفت المينورسو على وضعية حقوق الإنسان بالصحراء؟
هذا الأمر فيه الكثير من الخلط وافتقاد الحس السياسي، إذ يفترض أن يساريين متطرفين لهم نوازع اشتراكية وشيوعية وفي لحظة تحولوا إلى مناصرين لـ"ماما أمريكا" التي سمعناهم أكثر من مرة يقولون عنها في مظاهرات عامة :"يكفينا يكفينا من الحروب، أمريكا أمريكا عدوة الشعوب" إذ يقتضي الانسجام الفكري والإيديولوجي أن يدافع هؤلاء عن توسيع مهمة المينورسو حول مراقبة حقوق الإنسان على كل المغرب، إذا كانوا يعتبرون أن ذلك لا يتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية كما يحاولون أن يوهموننا..
إذا كان الحقوقيون عامة غير معنيين بالخلفيات السياسية لقرار مرتبط شكلا بالدفاع عن حقوق الإنسان، فإن السياسيين لا يُغتفر لهم أبدا أن يجهلوا الخلفيات السياسية لأي قرار في مجال العلاقات الدولية وإسقاطاته البعيدة على الوضع الإقليمي والمحلي وتجاذبات المصالح الجيوستراتيجية في مداها القريب والمتوسط والأبعد.. وإلا فعلى يساريينا وإسلاميينا غير المعتدلين أن يفسروا لنا تحولات الموقف الأمريكي من قضية الصحراء في ظل نفس سيادة نفس الرئيس الأمريكي أوباما، بين فترة وجود هيلاري كلينتون حيث كان البيت الأبيض يشيد بالتقدم الحاصل بالمغرب في مجال حقوق الإنسان ومساندة المشروع الوازن والمعقول للمقترح المغربي حول الحكم الذاتي.. "هذه العبارات صادرة بنصها عن مسؤولين أمريكيين "، وبين الوضع الحالي مع جون كيري، ولماذا هللت الجزائر لمشروع القرار الأمريكي الذي سيقدم إلى مجلس الأمن؟ وكيف نربط موقف جون كيري الحالي برسالته السابقة لكولن باول لمطالبة واشنطن بالضغط على المغرب في قضية الصحراء؟ ولماذا جاء هذا القرار مباشرة بعد زيارة هولاند إلى المغرب؟ وما علاقة الموقف الأمريكي المفاجئ بما حدث في مالي؟
..ألا يحتاج سياسيونا المعارضون للقليل من الخيال والذكاء السياسي بدل هذه الردود غير المحسوبة في قضية وطنية تهم جميع المغاربة الأحياء والأموات منذ مبادرة جيش التحرير باستكمال تحرير التراب الوطني وما وقع في إيكوفيون عام 1958 وشهداء الوحدة الترابية منذ عام 1975؟
أما الذين عارضوا القرار فنقول لهم أين كنتم؟ لا نحتاج لأن تذكروننا بالدروس الأولى للوحدة الوطنية، وبأن الوطن في خطر وأن العدو يتربص بنا وأننا في لحظة الأزمة الاقتصادية تنزل علينا المطارق من كل حدب وصوب، فالملكية كما الوطن ليست في حاجة لأي نفاق سياسي، بل في حاجة أكيدة لمن يجلب المنافع ويدرأ المفاسد.. أين أدوار المساهمين في الأممية الاشتراكية والأممية المتوسطية؟ أين هي أحزابكم الصديقة التي تستقدمونها بمناسبات مؤتمراتكم؟ أين هي لجان العلاقات الخارجية وسط أحزابكم؟ أين هي خلايا التفكير وإبداع حلول للأزمات الطارئة؟
ها ما نحتاج إليه.. بعض من الخيال السياسي والكثير من الإبداع، حتى نكون في مستوى اللحظة التاريخية التي يمر منها الوطن.
هذا الأمر فيه الكثير من الخلط وافتقاد الحس السياسي، إذ يفترض أن يساريين متطرفين لهم نوازع اشتراكية وشيوعية وفي لحظة تحولوا إلى مناصرين لـ"ماما أمريكا" التي سمعناهم أكثر من مرة يقولون عنها في مظاهرات عامة :"يكفينا يكفينا من الحروب، أمريكا أمريكا عدوة الشعوب" إذ يقتضي الانسجام الفكري والإيديولوجي أن يدافع هؤلاء عن توسيع مهمة المينورسو حول مراقبة حقوق الإنسان على كل المغرب، إذا كانوا يعتبرون أن ذلك لا يتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية كما يحاولون أن يوهموننا..
إذا كان الحقوقيون عامة غير معنيين بالخلفيات السياسية لقرار مرتبط شكلا بالدفاع عن حقوق الإنسان، فإن السياسيين لا يُغتفر لهم أبدا أن يجهلوا الخلفيات السياسية لأي قرار في مجال العلاقات الدولية وإسقاطاته البعيدة على الوضع الإقليمي والمحلي وتجاذبات المصالح الجيوستراتيجية في مداها القريب والمتوسط والأبعد.. وإلا فعلى يساريينا وإسلاميينا غير المعتدلين أن يفسروا لنا تحولات الموقف الأمريكي من قضية الصحراء في ظل نفس سيادة نفس الرئيس الأمريكي أوباما، بين فترة وجود هيلاري كلينتون حيث كان البيت الأبيض يشيد بالتقدم الحاصل بالمغرب في مجال حقوق الإنسان ومساندة المشروع الوازن والمعقول للمقترح المغربي حول الحكم الذاتي.. "هذه العبارات صادرة بنصها عن مسؤولين أمريكيين "، وبين الوضع الحالي مع جون كيري، ولماذا هللت الجزائر لمشروع القرار الأمريكي الذي سيقدم إلى مجلس الأمن؟ وكيف نربط موقف جون كيري الحالي برسالته السابقة لكولن باول لمطالبة واشنطن بالضغط على المغرب في قضية الصحراء؟ ولماذا جاء هذا القرار مباشرة بعد زيارة هولاند إلى المغرب؟ وما علاقة الموقف الأمريكي المفاجئ بما حدث في مالي؟
..ألا يحتاج سياسيونا المعارضون للقليل من الخيال والذكاء السياسي بدل هذه الردود غير المحسوبة في قضية وطنية تهم جميع المغاربة الأحياء والأموات منذ مبادرة جيش التحرير باستكمال تحرير التراب الوطني وما وقع في إيكوفيون عام 1958 وشهداء الوحدة الترابية منذ عام 1975؟
أما الذين عارضوا القرار فنقول لهم أين كنتم؟ لا نحتاج لأن تذكروننا بالدروس الأولى للوحدة الوطنية، وبأن الوطن في خطر وأن العدو يتربص بنا وأننا في لحظة الأزمة الاقتصادية تنزل علينا المطارق من كل حدب وصوب، فالملكية كما الوطن ليست في حاجة لأي نفاق سياسي، بل في حاجة أكيدة لمن يجلب المنافع ويدرأ المفاسد.. أين أدوار المساهمين في الأممية الاشتراكية والأممية المتوسطية؟ أين هي أحزابكم الصديقة التي تستقدمونها بمناسبات مؤتمراتكم؟ أين هي لجان العلاقات الخارجية وسط أحزابكم؟ أين هي خلايا التفكير وإبداع حلول للأزمات الطارئة؟
ها ما نحتاج إليه.. بعض من الخيال السياسي والكثير من الإبداع، حتى نكون في مستوى اللحظة التاريخية التي يمر منها الوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق