الجمعة، 19 يوليو 2013

الشبيبة الإشتراكية فرع أكادير تحاور الرفيق امحمد ﯕرين

الشبيبة الإشتراكية فرع أكادير تحاور الرفيق امحمد ﯕرين


" انخراط الشباب في العمل السياسي والعمل الجمعوي الجاد من شأنه أن يساهم بشكل حاسم في تطوير المناخ السياسي العام بالبلاد لقطع الطريق على كل الانتفاعيين وتجار الانتخابات والمستفيدين من الريع السياسي على غرار الريع الاقتصادي"

ما رأيكم في الوضع السياسي الحالي، خاصة تكلفة الارتباك الذي تعرفه الأغلبية الحكومية؟

امحمد ﯕرين : إن الوضع السياسي الحالي يعيش مرحلة من التردي والخلط قل نظيرها في تاريخ المغرب المعاصر، فالحياة السياسية أصبحت تتميز بالميوعة وبالملاسنات العقيمة والتجريح في الأشخاص عوض مقارعة الأفكار بالأفكار، كما أن الشعبوية والسطحية والتبسطية أصبحت ظواهر سلبية تشوب الخطاب السياسي، ناهيك عن العنف اللفظي والرمزي الذي يصل في بعض الأحيان إلى المستوى الجسدي، مما يشكل تأثيراً سلبياً على الأجيال الصاعدة التي تكبر في بيئة أصبح فيها العنف مسألة طبيعية وعادية. 

كما أن الوضع السياسي المغربي الراهن يتميز بخلط الأوراق، فلا الأغلبية تقوم بدورها متماسكة بل أن مكونا أساسيا فيها يتصرف وكأنه حزب في المعارضة. كما أن أحزاب هذه الأخيرة لا تلعب دورها كمعارضة جدية تنتقد السياسات العمومية وتقدم البدائل الواقعية وذات المصداقية. وتبقى تكلفة هذا الارتباك مرتفعة الثمن على المستوى السياسي وخاصة في ميدان إعمال مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011 الذي يُعيقه هذا الارتباك. ومن جانب آخر، إن هذا الوضع السياسي المرتبك يؤثر كثيراً على الأوضاع الاقتصادية للبلاد كما أثار الانتباه إلى ذلك السيد والي بنك المغرب.

بارتباط بالأوضاع الاقتصادية كيف تنظرون إلى التوقعات باستمرار تفاقم الاختلالات التي يعرفها الاقتصاد المغربي (تفاقم عجز الميزانية، عجز الميزان التجاري، تدهور القدرات التمويلية…)؟


امحمد ﯕرين : إن الاقتصاد الوطني يمر بمرحلة صعبة ودقيقة منذ 2008 بارتباط مع الأزمة العالمية وخاصة بالاتحاد الأوربي الذي يشكل الشريك الاقتصادي والمالي والتجاري الأول للمغرب. كما أن هذه الوضعية الاقتصادية تفاقمت لكون الإصلاحات الكبرى الضرورية التي لم يقم بها المغرب في وقتها وصلت إلى مرحلة إنتاج التأثيرات السلبية على الاقتصاد.

صحيح أن هناك بعض التحسن هذه السنة بالنسبة للمؤشرات المكرو-اقتصادية، فمستوى نمو الدخل الوطني (أي الثروات والخدمات المنتوجة في البلاد) سيعرف نسبة تتراوح حسب التقديرات بين 4,5% و 5,5%، مما يشكل تقدماً ملحوظاً بالمقارنة مع السنة الفارطة التي لم تتجاوز نسبة النمو فيها 2,5%.

كما أن عجز الميزانية سينخفض هذه السنة إلى حدود 5,5% بالمقارنة مع السنة الفارطة التي بلغ فيها هذا العجز 7,5%. ويرجع هذا التحسن على مستوى عجز الميزانية إلى انخفاض تكلفة المواد البترولية من جهة، وإلى تقليص الاستثمارات العمومية بما قدره 18 مليار درهم من جهة أخرى.

إلاّ أن هذا التحسن يبقى ظرفياً ويمكن أن يتم التراجع عنه كلما تدهورت الأوضاع على مستوى الأسواق العالمية ما دامت الحكومة لم تقم بالإصلاحات الاقتصادية الكبرى والتي يحول الارتباك السائد داخل الأغلبية الحكومية دون القيام بها.

ومن هذه الاصلاحات ما هو متعلق بصندوق المقاصة وأنظمة التقاعد والمنظومة الضريبية وما يقتضيه ذلك من حوار وطني يُفضي إلى حلول جريئة تمكن من تجاوز الصعوبات دون المس بالقدرة الشرائية للفئات الإجتماعية في وضعية هشة والفئات الدنيا من الطبقات المتوسطة.

على ضوء ما سبق ماهي أهم إكراهات الشباب المغربي وما الذي تقترحونه كحلول؟


امحمد ﯕرين : إن أول إكراهات الشباب المغربي هو إيجاد فرص الشغل لأن ذلك يبقى المنطلق الأول لصيانة الكرامة الانسانية وللتمتع بحقوق الانسان الأساسية. وعندما نتكلم عن هذا الموضوع فإن عطالة الشباب الحاصل على شواهد جامعية تشكل معضلة اجتماعية واقتصادية كبرى. إنها تعني بالنسبة للأجيال الصاعدة أن التحصيل والتعليم لا يؤدي إلى أية نتيجة بالنسبة للشخص الذي يجِّد ويجتهد. كما أنها تعتبر هذراً للمجهودات المبذولة من المعنيين بالأمر وللتضحيات التي تقدمها عائلاتهم للتمكين من متابعة الدراسة وأخيراً للمال العام الذي صُرِفَ على تكوينهم. إنها آفة كبرى يجب تجنيد كل الطاقات الوطنية للقضاء عليها.

وفي هذا الإطار فإن اقتراحاتنا مثل تلك المتعلقة بتكوين جيش للمعرفة من شأنها أن تساهم إلى جانب تدابير أخرى في بداية القضاء على هذه الآفة. كما أن البحث عن موارد جبائية إضافية كالفرض التدريجي للضريبة على القطاع الفلاحي قد يُمَكِن بلادنا من الإمكانيات الضرورية للرفع من مستوى التأطير ببلادنا وذلك على مختلف المستويات وفي جميع القطاعات التي تعرف خصاصاً كبيراً في الأطر والعاملين لكي تصل إلى المستويات العالمية أو على الأقل مستويات البلدان المشابهة لنا. وينطبق ذلك على قطاعات الصحة والتعليم والأمن وكل الخدمات المقدمة للمواطنين التي تبقى دون المعايير الدولية.

كما أن سياسة اقتصادية شاملة ومندمجة تعتمد على الاستحقاق وتقطع نهائيا مع نظام اقتصاد الريع والمحسوبية من شأنها أن ترفع من انتاجية الاقتصاد الوطني والمقاولات المغربية، ممَّا قد يؤدي إلى نمو اقتصادي يوفر مناصب الشغل لكل الساكنة وخاصة الشباب منها حتى نستفيد من الانتقال الديمغرافي (démographique) الذي يعيشه المغرب الآن. وهكذا ليصبح الشباب هو الحل لتجاوز الأوضاع المختلة عوض أن نستمر في النظر إلى الشباب وكأنه المشكل.

كما أن انخراط الشباب في العمل السياسي والعمل الجمعوي الجاد من شأنه أن يساهم بشكل حاسم في تطوير المناخ السياسي العام بالبلاد لقطع الطريق على كل الانتفاعيين وتجار الانتخابات والمستفيدين من الريع السياسي على غرار الريع الاقتصادي.

إن مجتمع الديمقراطية والاستحقاق يُبنى على منظومة متكاملة ومتناسقة على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وفي هذا الصدد فإن الشباب بصفته رجال ونساء الغد يتبوأ دوراً حاسماً في عملية التغيير وبناء هذا المغرب المأمول، مغرب الحق والقانون، مغرب المساواة في الحظوظ، مغرب الاستحقاق، مغرب الديمقراطية بمفهومها الشامل.

ليست هناك تعليقات: