السبت، 13 يوليو 2013

قضية ذ.محمد عنبر ومفهوم التدويل والإستقواء بالأجنبي - ذ.عبد الله الكرجي

قضية ذ.محمد عنبر ومفهوم التدويل والإستقواء بالأجنبي 
ذ.عبد الله الكرجي *

خلف البيان الصادر عن المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب مؤخرا حول قضية المستشار محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض ونائب رئيس النادي ردود أفعال قوية وأحيانا متباينة داخل المشهد القضائي لا سيما في الشق المتعلق بقرار نادي قضاة المغرب بتدويل قضية المستشار عنبر الذي يخوض ومند أسابيع اعتصاما مفتوحا، من خلال “مراسلة جميع الهيئات و المنظمات الدولية للتعريف بقضية نائب رئيس نادي قضاة المغرب ، و خصوصا الاتحاد العالمي للقضاة والجمعيات المهنية القضائية الدولية، و كذا المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية باستقلال القضاة والمحامين..”، حيث اعتبر البعض قرار نادي قضاة المغرب بهذا الخصوص محاولة للإستقواء بالأجنبي مما يدفع لطرح أكثر من سؤال حول مفهوم التدويل، وكذا مفهوم الإستقواء بالأجنبي في علاقته بما قررته أجهزة نادي قضاة المغرب في شأن قضية المستشار محمد عنبر؟


أولا – مفهوم التدويل :

عرفت موسوعة الأمم المتحدة “التدويل” بكونه المصطلح الذي نستخدمه عادة من أجل الحماية الدولية المتعددة الأطراف لإقليم معين من الأرض أو مناطق مائية، وذلك حسب اتفاقيات دولية، وهو ما ذهب إليه أيضًا قاموس أكسفورد . وترجع فكرة التدويل في القانون الدولي إلى مؤتمر فيينا عام 1815، وقد استخدمته الدول الكبرى للحيلولة دون وجود نزاعات وصراعات حول الدول، والأقاليم التي تشكل أهمية إستراتيجية لتلك الدول.

والتدويل هو كناية عن نظام سياسي، يخضع بموجبه بلد ما لإدارة دولية، تشترك فيها دول متعددة، وتصبح سيادة الإقليم ” المدول ” تابعة لإشراف جماعي، وهو ما اقترحته الأمم المتحدة بشأن القدس بعد قرار التقسيم 1947 .

فيكون بذلك هذا التعريف غير منطبق على القضية التي قررت أجهزة نادي قضاة المغرب بشأنها مراسلة الهيئات التي تعنى باستقلال القضاء؛ طالما أن الأمر لا يتعلق بإقليم أو مناطق مائية؟

ثانيا – أطروحة الاستقواء بالأجنبي:

يعد مصطلح الاستقواء بالأجنبي وليد الجدل حول مفهوم السيادة الوطنية ومسألة ضبط العمل السياسي الوطني داخل حدود الدولة الوطنية القطرية، وقد أدى هذا النقاش إلى بروز موقفين؛ أحدهما يرفض كل أشكال التدخل، وأغلبهم من الموالين للأنظمة الحاكمة في بلدانهم ، وموقف ثان لا يمانع من التدخل الأجنبي ويرى فيه ضرورة ونتيجة حتمية لفشل النخب الحاكمة.

وتقول في هذا الشأن آمال موسى : “الجدير بالذكر في البداية هو أن هذا المصطلح يستبطن ويعلن تخوينا …. أمّا القوى السياسية والفكرية الأخرى، خصوصا الليبرالية منها، فرأت في خطاب الأنظمة العربية حول «الاستقواء بالأجنبي» تحايلا على استحقاقات وطنية عاجلة…”

و برز اتجاه ثالث يتبنّى مقولة توفيقية؛ شعارها «لا للاستبداد ولا للاستعمار»، وهي مقولة تبناها مجموعة من المثقفين والمبدعين العرب البارزين.

إلا أن مفهوم الاستقواء بالأجنبي لا يمكن أن ينطبق ـ بدوره ــ على قضية أستاذنا عنبر؛ طالما أن هدف أجهزة النادي هو التعريف بقضية نائب رئيس نادي قضاة المغرب ، وخصوصا الاتحاد العالمي للقضاة والجمعيات المهنية القضائية الدولية، و كذا المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية باستقلال القضاة و المحامين؛ وليس الدعوة إلى تدخل الأجنبي في التراب والسيادة الوطنية .

وفي الأخير أشير إلى أني هدفت من دراستي هاته نفض الغبار عن هذين المصطلحين الخطيرين واللذين أديا في دول عديدة إلى اتهام محاولي تدويل القضايا الداخلية أو الإستقواء بالأجنبي ؛ أقول اتهامهم بالخيانة العظمى، فكم من مصطلحات نستعملها مراراً وتكراراً دون إلمام كامل بمعناها حتى نصير أشبه بمن يقول الأغاني والشعر الغزلي في مأتم ؟


ذ.عبد الله الكرجي *
عضو نادي قضاة المغرب
الجمعة , 12 تموز 2013
بانوراما الشرق الاوسط

ليست هناك تعليقات: