الجمعة، 20 سبتمبر 2013

لمن نسلم الناصرة؟! - نبيل عودة

لمن نسلم الناصرة؟! 

الان اللعبة مكشوفة. لاعبي التعزيز في اماكنهم المقررة، يمكن ان نسميهم بمفاجأة الموسم ، يمكن ان نسميهم بلاعبي تعزيز مجربين سابقا، لم ينجزوا في وقته شيئا ، يعرضون الآن بصيغة جديدة واسم مجدد تحت مظلة جديدة ، هل سيتغير المردود المتوقع؟ هل المظلة الجديدة قادرة على اغلاق تاريخ الماضي السلبي "لمن هاجر وطنه قسرا"؟

ما ارفضة واعتبره استخفافا بوعينا هو فض الشراكة مع التنظيم السياسي لبعض المرشحين رغم ظهوره بقوة، رغم النفي الرسمي لللإرتباط التنظيمي ، المالي والدعائي .
ان الترحيب بشخصية ما ، لا تعني المبايعة السياسية لحزب او تنظيم او قائمة. اقول هذا لأغلق تساؤلات كثيرة اثارتها مقالاتي السابقة. تقديري لشخصية مرشح او مرشحة مبنية على اساس رؤيتي بافضلية قوة ما على قوى قد تشد مجتمعنا لعصور صارت في ارشيفات التاريخ. ما زلت على قناعة اننا يجب ان نميز ، ولكن دون الا ننحرف عن اصالتنا الوطنية والسياسية.
للتوضيح ايضا اضيف، ان نقدي لم يكن ولن يكون عدائيا للقوة التي جعلت مني ما انا عليه اليوم من فكر وثقافة ووعي شمولي.
يؤلمني ان انتقد بشعور المنتمي لنفس الفكر العظيم، بشخصياته التي ارست سياسيا وتاريخيا نهضتنا الوطنية والثقافية. واكون خائنا للمثقف الذي ادعيه اذا رايت الخطأ وواصلت الصمت، للأسف حواري استوعب بشكل سلبي !!
حسنا لست عضوا ولا اريد ان التزم بعضوية، لكني مثقف وناشط سياسي يحمل خبرة تاريخية ، سياسية، نضالية وتنظيمية .اعرف الاشكاليات وتؤلمني، اعرف ان التراجع ليس حكما تاريخيا وأعرف ان التنظيم الذي تخرجت من مدارسه وصحافته وتخرج منه ابرز وجوه ابناء شعبنا ، من مناضلين، سياسيين، صحفيين، مفكرين، ادباء،مؤرخين،أطباء ، محامين مهندسين وباحثين في مجالات اجتماعية اقتصادية وعلمية، هم نتاج التنظيم الذي صان شخصيتنا القومية ، عمق ارتباطنا بثقافتنا وتراثنا في زمن كان يبدو انه نهاية الحلم الوطني والانساني لشعبنا، ثم اطلق برنامجه الثقافي الطليعي لنتبوأ ثقافيا وابداعيا مكانة هامة في ساحة الثقافة والابداع الأدبي العربي، بعدها انجز مشروعا تعليميا فتح ابواب المستقبل امام مئات الطلاب لنصبح شعبا متقدما بنسبة الأكاديميين في صفوفه بالمقارنة مع الشعوب الأخرى.
بمثل هذه القوة السياسية ، بمثل هذا التنظيم ، لا ننتقد لنضر، بل ننتقد لأننا نريده ان يعيد تنظيم صفوفه وفكره برؤية متطورة حداثية ، يعيد تقييم مسيرته وتجربته ، ليواصل ما بدأه من انجازات فتحت لشعبنا الكثير من النوافذ المغلقة التي كان يبدو انها حكما سماويا لا اعتراض عليه. كلنا اليوم ، بما في ذلك المنافسين يتمتعون بما انجزه ذاك التنظيم.
لا اكتب احجية واسم التنظيم ليس سرا، بل اكتب عن تاريخ يجب ان يتواصل في الحاضر ايضا، إن "البديل"، بكل تنوعاته، لا يمكلك الا الثرثرة والتلاعب اللفظي وانكار حقائق صارت جزءا مكملا من حياتنا، ليس بفضلهم بقدر ما هو بفضله، وبفضل ما وفره لهم ولكل ابناء شعبنا من طريق الى مستقبل انساني في ظروف واجه فيها الارهاب السلطوي واجهزته الأمنية المختلفة،وكان الثمن الذي دفع مكلفا جدا، ماديا وانسانيا. بعض هذه التفاصيل بدأت اسجلها في سلسلة ثقافية صياغتها قريبة لفن القصة تحمل اسم "يوميات نصراوي" ، يمكن للقارئ ان يطلع عليها على الشبكة الألكترونية..
يبدو اني لا بد ان اذكركم بلمحة من ذلك التاريخ: معركة الهويات الزرقاء التي خاضها الحزب الشيوعي ومحاميه حنا نقارة لمنع تشريد المزيد من المواطنين الفلسطينيين الباقين فوق تراب وظنهم.
هل سيدعون الآن انها نتيجة نضالهم؟
ان معارك الهويات التي خاضها الحزب الشيوعي ومحاميه حنا نقارة الذي أطلق علية الناس لقب "محامي الشعب" هي قصة لا بد ان تسجل كرواية في يوم من الأيام، كان ابناء شعبنا بعد النكبة أنشدوا الأهازيج الوطنية لحنا نقارة وحزبه الشيوعي فرحا بتحصيله للهويات عبر المحاكم الأمر الذي كان يعني البقاء في الوطن وعدم اعتبار الفلسطيني "متسللا" يجب قذفه وراء الحدود ، وتحديا أيضا للحكم العسكري الذي فرض على العرب الفلسطينيين الباقين في وطنهم . من تلك الأهازيج:
طارت طيارة من فوق اللية الله ينصركو يا شيوعية (اللية: اسم مكان في الجليل)
حنا نقارة جاب الهوية غصبا عن رقبة ابن غريونا (اول رئيس لكومة اسرائيل):
حسب مذكرات الشاعر والمناضل حنا ابراهيم ( كتابه: ذكريات شاب لم يتغرب ) ، كانت تمنح هويات حمراء لمن يعتبروا " ضيوفا " بالتعبير الاسرائيلي ، أي المرشحين للطرد من الوطن . أما غير الضيوف فكانوا يحصلون على هوية زرقاء. ويذكر حنا ابراهيم أغاني التحدي التي كانت تنشد في حلقات الدبكة ، ومنها:
يا أبو خضر يللا ودينا الزرقات والحمرا ع صرامينا (ابو خضر : اسم شرطي ترك ذكريات سوداء – "الزرقات والحمرا" اشارة الى الهويات)
هذا وطنا وع ترابه ربينا ومن كل الحكومة ماني مهموما
يقطع نصيب ال قطع نصيبي لو انه حاكم في تل أبيب
توفيق الطوبي واميل حبيبي والحزب الشيوعي بهزو الكونا

ويتلقف الشبان الكرة ويعلو نشيد المحوربه:

لو هبطت سابع سما عن حقنا ما ننزل
لو هبطت سابع سما عن أرضنا ما نرحل

هل نستبدل هذا التاريخ بالهجرة "قسرا" الى قطر؟ هل نستبدله بحلول وهمية لم تثمر شيئا حتى اليوم في اي نشاط للمتنافسين؟.. الا اذا اعتبرنا الديباجة اللغوية ولغة البيان العربية الساحرة والصور الملونة التي تملأ فضاء الناصرة انجازا تطويريا!!
استمعت الى شريط مسجل للمؤتمر الصحفي للمرشحة حنين زعبي ، وما زلت على قناعة انها قدمت عرضا جيدا، لماذا هذا التراجع يا حنين؟ النجاح يحتاج الى مصداقية ، بدأت بها ثم سارعت للعودة الى سياسات التجمع التي فشلت في الناصرة. ربما لهذا السبب لا يجرؤ التجمع على انزال قائمة باسمه.
انا على ثقة انك انسانة حضارية يمكن ان تكون شريكا اساسيا في اقامة مركز سياسي تطويري متنور يقود الناصرة خلال المرحلة القادمة.
لا يوجد اقوى من الموقف الصادق.. حتى بالمنافسة مع قوة حضارية لها مساهماتها التي لا يمكن تشويهها او انكارها. المنافسة حق، تجاهل الحقائق لن يخدم المنافسة. الحق بالمشاركة في رسم المستقبل هو مشروع وضروري. أثق بك ولا اثق ببعض المتنافسين، من هنا رحبت وارحب بك منافسة عقلانية متنورة ، لكن لا بد من رؤية اللوحه بكل فسيفسائها.
حوار الجبهة ومواقفها الذي اتابعه كما اتابع نشرات الأخرين ومواقفهم، يثبت مرة اخرى ان المسؤولية لا تهبط من السماء على شخص ما، او حركة ما، او تنظيم ما نتيجة رغبة شخصية، او حسابات لها آفاقها السياسية او الحركية الأوسع والتي اجزم ان لا شيء فيها يخص المواطنين في الناصرة..
الناصرة تريد جهود الجميع . واهم ما تحتاجة برنامج تطويري واضح يطرح خططا مبنية
على منطق وميزانيات ممكنة وليس على تخيلات واوهام لا ترقى لمستوى الفهم البسيط.
الناصرة تواجه سياسة تمييز مبرمجة . لا احد يتجاهل ذلك. لذلك يضحكني تحميل جهاز البلدية المسؤولية عن سياسة الاضطهاد القومي والتمييز العنصري.
هل هو الجهل؟
هل هو التضليل للناخب؟
ان الاجحاف بحق مواطني اسرئيل العرب والتمييز ضدهم من قبل المؤسسة الاسرائيلية ليسا وليدي الصدفة، ولن ينتهيا بتعزيز الموارد المالية فقط من السلطة. المطلوب تغيير جوهري بصورة اعمق يشمل اعادة النظر في الغايات التي توجه سياسة المؤسسة حيال السكان العرب وملاءمة التفكير والتخطيط في كل مستويات الأنشطة الشعبية مع تلك الأهداف المعدلة.
هذا سيكون موضوعي القادم بربطه بما بتعلق بمستقبل المدينة الأهم للعرب في اسرائيل ولواقع الجماهير العربية كافة. لأن الناصرة هي المعيار، تحتاج الى قيادة تمثيلية لها قاعدة فكرية ، تنظيمية وسياسية مجربة، لذلك لا يمكن ان نسلمها للهواة!!

=======================
 نبيل عودة - ولد في مدينة الناصرة  1947  درس الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو . يكتب وينشر القصص منذ عام 1962  نشيط بالصحافة  والكتابة الصحفية منذ تلك السنة .. 
عمل كمدير عمل  ثم مدير إنتاج في الصناعات المعدنية بعد أن أغلقت بوجهه أبواب العمل في التعليم .وواصل الكتابة الأدبية والفكرية , ثم النقد الأدبي والمقالة السياسية. تقاعد من عمله اثر إصابة عمل وتفرغ للعمل الصحفي والأدبي منذ مطلع العام  2000 م ..
 حيث عمل نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الأهالي " - التي صدرت  3 مرات في الأسبوع , وكانت صحيفة مميزة بمواقفها الفكرية والسياسية والأدبية ونقدها الاجتماعي الحاد مما أثار ضدها غضب أوساط سياسية واسعة ومن كل التيارات, ففصل مع رئيس التحرير   ولم تنجح الصحيفة بعد ذلك وتحولت إلى أسبوعية تقليدية . يحرر ويصدر اليوم مع آخرين مجلة فكرية ثقافية ( المستقبل ) وينشر  مقالات أسبوعية بشتى المواضيع في صحيفة "الأخبار" النصراوية ... 
صدرت للكاتب 6 مجموعات قصصية  و 3  روايات  ومسرحية و 3 كتب في النقد الأدبي والفكري .عدا مئات ... كثيرة من الأعمال المختلفة التي لم تجمع بكتب بعد 
 للناقد الفلسطيني  محمد توفيق الصواف( سوريا ) دراسة هامة عن بعض قصص نبيل عودة منشورة في كتاب عن أدب الانتفاضة في موقع القصة السورية وفي موقع اتحاد الكتاب العرب ضمن زاوية كتب الدراسات  

ليست هناك تعليقات: