الثلاثاء، 24 مارس 2015

إيران قاعدة التآمر على المنطقة !! - الكاتب/ محمد مصطفى

إيران قاعدة التآمر على المنطقة !!
الكاتب/ محمد مصطفى

يُخطئ من يعتقد أن إيران دولة إسلامية، وكذا يُخطئ من يتوهم أنها دولة شيعية، بل هى دولة عرقية فارسية تضمر حقداً دفيناً على الإسلام والعروبة، وتحمل مورث ثأر عقدى من العرب المسلمين الذين أسقطوا إمبراطوريتها ( فارس ) وعلى طول تاريخها تتلاقى مصالحها مع من أرادوا سوءاً بنا، حتى لكأنها قنطرة العبور لمن أراد استهداف منطقتنا على طول الزمان، ولنسمع كلمة التاريخ .

فقد بدأت الحكاية فى عام 6 هج حينما حمل ( عبد الله بن حذافة السهمى ) كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى كسرى ملك الفرس، وكان الرد قبيحاً، بل وقاسياً، مُزّق كتاب الرسول، وقُتل ابن حذافة السهمى، فقال صلى الله عليه وسلم ( كسرى مزّق رسالتى مزّق الله ملكه )
وتحققت النبوءة بضربات فتيان العرب المسلمين، أصحاب الرسول ـ سعد بن أبى وقاص، والمغيرة بن شعبة، وقيس بن هبيرة ـ فى القادسية، والمدائن، وجلولاء ( 16،17هج ) حتى كان الحسم النهائى فى فتح الفتوح على يد ( النعمان بن مقرن،ثم حذيفة بن اليمان ) بنهاوند 19هج، وتبعثرت أشلاء فارس، وطار حلمها فى البقاء، واستسلمت جيوشها، ولم يدم فرار آخر ملوكها ( يزدجرد الثالث ) طويلاً إذ قُتل فى 31هج، وبموته سقطت آخر دولة للفرس ( آل ساسان ) ودخل الفرس فى الإسلام بحكم الواقع الذى فرض نفسه، حيث كان عصراً إسلامياً فيه العرب أصحاب الكلمة العليا، وأضمروا عداءهم القديم للعرب، فالعصبية العرقية مستحكمة فيهم، إذ أنهم ينتمون للجنس الآرى، والعرب من الجنس السامى، وذاك هو عصب الخلاف، فلم يتقبل الفرس أصحاب الدولة والصولة، ظهور البدو العرب عليهم، فعزموا على الثأر لمجدهم التليد، بيد أن الأوضاع تبدلت، وصار الحسم للعرب فى ميادين القتال، فلجأ الفرس إلى التسلل وادعاء الإسلام لضربه من الداخل، فالإسلم هو عنصر قوة العرب، فوجدوا ضالتهم فى الميدان الفكرى، فأعملوا العقل حتى اهتدوا لحيلة خبيثة تعلموها من اليهود حلفاء الأمس، تكون فيها الإصابة من الداخل،بل وتصيب المسلمين بداء عضال يتواصل معهم عبر الزمان .


وهذا ما حدث حين وضعوا بذور الشقاق والفتنة فى إنشائهم مذهب التشيع، لتنشطر الأمة إلى نصفين ( سنة، وشيعة ) وكما قال المقريزى فى الخطط (ج1) ( كان الفرس فى سعة من الملك وعلو اليد وكانوا يعدون العرب أقل الأمم خطراً، فلما زالت دولة الفرس على يد العرب، تعاظم لديهم الأمر وتضاعفت المصيبة، وراموا الكيد للإسلام، فرأوا أن الكيد له بالحيلة أنجع، فأظهر قوم منهم الإسلام واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل البيت واستبشاع ظلم على، ثم سلكوا بهم مسالك شتى حتى أخرجوهم عن طريق الهدى ) وكان الفرس إلا قليل منهم، ممن ساروا على نهج سلمان الفارسى الصحابى الجليل، وأئمة الحديث والفقه واللغة وآخرين ممن زينوا حضارة المسلمين بالعلوم والمعارف، كانوا على طول التاريخ مصدر قلق واضطراب للأمة .. بدءاً بدولة ( الصفاريين الشيعة: 868- 909م ) تلك التى دعت برجوع ملك الأكاسرة لضرب الخلافة فى بغداد .. وكذا الدولة ( السامانية الشيعية: 874- 932م ) والتى أحيت اللغة الفارسية وطقوس الزرادشتية لضرب العرب السنة .. وكذا الدولة ( البويهية: 932- 1054م ) تلك التى أحيت الشعوذة والبدع حول العتبات المقدسة .. وظلت إيران تتقلب من محاولة لأخرى عبر الزمان لتعيد فارس القديمة، فبلغ منها الكد مبلغه حتى تهاوت قوتها، فداهمها السلاجقة الأتراك من أهل السنة ( 1054م ) وأصلحوا ما أفسده غلاة التشيع الفارسى، وخرج من رحم السلاجقة الأتراك، الخورزمية التركية السنية، وكلاهما حالا دون استشراء فتن الإيرانيين الفرس .. لكن جماعات التعصب الفارسى أطلت برأسها مرة أخرى، فى هيئة الاسماعلية الحشاشية فى إيران، وكانت سبباً فى ضعف الخورزميين السنة، الأمر الذى مكن المغول من الدخول السهل عبر إيران إلى العالم الإسلامى، وفى البدء تحالفوا معهم ضد الخلافة ( 1253م ) وسرعان ما انقلب عليهم المغول ( 1256م ) حينما نما إلى علم هولاكو، أن الاسماعلية تراسل الأوربيين، وتوجه الخطر المغولى صوب بغداد قلب الخلافة، وتآمر فريق آخر من الشيعة الفرس، وكان مخترقاً بلاط الخلافة، تآمر مع المغول للقضاء على الإسلام، فكان الثالوث الفارسى الشيعى وراء سقوط بغداد من دون مقاومة ( ابن العلقمى وزير الخليفة المستعصم بالله ـ نصير الدين الطوسى عميل هولاكو ـ سليمان شاه فى بلاط المستعصم ) ولما سقطت بغداد ( 1258م ) انجلت فصول المؤامرة بعد مقتل الخليفة وأولاده والعلماء والبلاط الحاكم، وموت ما يناهز المليون نسمة وخراب البلاد، نجا وزير المستعصم ابن العلقمى، ونجت معه الأحياء الخاصة بالشيعة من الأصول الفارسية ولم تُمس بسوء .


ولم تفتر لإيران همة فى العودة لفارسيتها القديمة، تتربص الفرص، ولم يثنها السقوط المتكرر عن عزمها، حتى واتتها الفرصة الذهبية بقيام الدولة الصفوية، وتوليها مقاليد الحكم فى إيران فى أوائل القرن السادس عشر الميلادى ( 1502- 1736م ) وهى الدولة التى كان ظهورها يُعد حدثاً ذا أهمية كبرى، ذلك أن توليها الحكم كان يعتبر بعثاً للإمبراطورية الفارسية، بعد أن اختفت من مسرح السياسة العالمية أكثر من ثمانية قرون ونصف القرن، وشهد تاريخ العالم الإسلامى طيلة عهدها تآمر مع المحتل الأوروبى على الأمة، والصفويون كانوا يرون قوة الإسلام فى الدولتين السنيتين ( العثمانية، والمملوكية ) فجعلوا من بلادهم قاعدة للغزاة الأوربيين لضربهما، ففى عام ( 1510م ) تحالف اسماعيل الصفوى حاكم إيران مع البرتغال للهجوم على مصر من جبهتين، البحرية تقوم بها البرتغال، والبرية يقوم بها جيشه، لكن يقظة السلطان الغورى حالت دون ذلك، وفى عام ( 1515م ) تحالفت إيران مع البرتغال لضرب العثمانيين، وكان ضمن بنود الحلف ـ زحف مشترك على القدس والقاهرة ـ وفى عام ( 1534م ) انتهز شاه إيران ( طهماسب الصفوى ) فرصة انشغال السلطان العثمانى ( سليمان القانونى ) بحروبه فى أوروبا ضد ( شارلكان امبراطور أسبانيا، وفرديناند امبراطور النمسا ) وعقد حلفاً مع شارلكان، ضد سليمان القانونى، ثم دارت الدائرة عليه حين قرر سليمان القانونى الاستدارة إليه وهزمه، ودخل عاصمة الصفويين ( تبريز ) وفى عام ( 1603م ) أثناء انشغال السلطان العثمانى محمد خان الثالث بمعاركه مع النمساويين، عقد الشاه عباس صفوى تحالفاً سرياً مع أسبانيا والبندقية وإنجلترا .. وتتوالى الأدوار المشبوهة لإيران الفارسية، فتتحالف مع الإنجليز بعد انحسار الدور البرتغالى فى الخليج العربى .


وتدور الأيام دورتها وتتآمر مع الأمريكان فى إسقاط العراق فى 2003م ، يوم تحالف ( التشيع الصفوى الإيرانى ) مع الأمريكان والصهاينة، على تدمير العراق وتفتيته، والخلاص من القوة الأولى التى تخشاها الصهيونية فى المشرق العربى، ولتأجيج الصراع المذهبى بين الشيعة والسنة، وإننا على يقين من أن كثيرين من شيعة العراق، قد وقفوا موقف الرفض من الاحتلال الأمريكى فى 2003م وانخرط كثير منهم فى المقاومة المسلحة لهذا الاحتلال، ولهؤلاء الشيعة الوطنيين العروبيين المقاوميين ـ تراث وسلف وتاريخ ـ لعل أقربه إلى ذاكرة الحاضر هؤلاء الشيعة الذين شاركوا سنة 1920م فى الثورة الوطنية العراقية ضد الاحتلال الإنجليزى ( ثورة العشرين ) إن المأساة العراقية قد مثّلت أكبر زلازل أصاب العلاقات الشيعية السنية منذ قرون .. فهناك أحزاب شيعية تكونت وتدربت وتسلحت فى ظل ولاية الفقيه الشيعية الإيرانية .. ثم تواطأت وتحالفت مع الأمريكان والصهاينة فى القضاء على قوة العراق ووحدته .. ثم عادت هذه الأحزاب مع الغزو الأمريكى للعراق 2003م ودخلت عمائم كبيرة وكثيرة .. ومعها الميليشيات التابعة لها .. إلى بغداد على ظهور دبابات الأمريكان وطائراتهم !! وهناك مراجع شيعية كبرى يقلدها الملايين من عامة الشيعة، صمتت صمت الرضا عن الغزو الأمريكى .. وأفتت بعدم المقاومة، فأفسح أنصارها الطريق وفتحوا أبواب الجنوب العراقى أمام جحافل الغزو الزاحفة من الكويت .. ومنذ اليوم الأول لاحتلال العراق، قام التنسيق الكامل والتعاون الدائم، بين هذه المراجع الشيعية الإيرانية، وبين سلطات الاحتلال .. لا ضد المقاومة السنية وحدها، وإنما أيضا ضد المقاومة حتى ولو كانت شيعية عربية .. من هنا برز التمايز فى داخل الصف الشيعى، بين ما يسمى ( بالتشيع الصفوى الإيرانى ) وبين ( التشيع العربى ) وقد مثّل ( بول بريمر ) الذى حكم العراق المحتل ما بين 12 مايو 2003م وحتى 28 يونيو 2004م المندوب السامى الأمريكى فى العراق،ولقد أنجز - خلال هذه الشهور الأربعة عشر – تدمير كل مقومات العراق، المادية والبشرية ..


وتمر الأعوام وتزداد الخسائر على المحتل، ويتناطح الحليفان السيد الأمريكى وخادمه الإيرانى، كلٌ منهما يُلقى بالتبعة على الآخر، أمريكا تتهم إيران بأنها ضللتها فى شأن قدرة العراق، وإيران تتهم أمريكا بأنها السبب فى ولوجها مستنقع العراق، وتقرر أمريكا الخروج فى جنح الظلام فراراً من جحيم العراق (15ديسمبر 2011) بل وتتركهم أمريكا بعد عشر سنوات من احتلال العراق، يلقون مصيراً قاتماً فى تلك الأيام، بعدما حوَّلوا عراق العروبة لولاية فارسية طائفية، فيها القتل على الهوية .. وتأتى أحداث 25 يناير وتلعب إيران ذات اللعبة التآمرية على المنطقة، حين تقدم لمجاميع حماس الإخوانية العتاد والأجهزة الحديثة للدخول عبر الحدود والتغلغل والاندساس فى مولد المليونيات لدعم الإخوان .. ولن تنسى لهم مصر يوم سمح لهم المعزول مرسى بزيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد للأزهر، وإلقائه كلمة للعالم الإسلامى من مشيخة الأزهر الشريف .. وكأنها الرسالة المضمرة فى النفوس تجاه المصريين ـ ها هو الأزهر قد عاد لنا بعد أن حرره صلاح الدين من أيدينا ـ لكن الله يأبى إلا أن تتكشف خبيئة تلك الدولة العرقية الفارسية .. ويكشف تآمرهم وتحالفهم مع المشروع الصهيوأمريكى .. وها هم اليوم يدفعون بالحوثيين لاستلاب اليمن العربى ومن ثمَّ تهديد مصر من بوابة باب المندب والسعودية من الحدود الجنوبية .. لكن سيسقط تدبيرهم كما سقط فى كل محطة من محطات التآمر على المنطقة .
الكاتب/ محمد مصطفى

ليست هناك تعليقات: