الجمعة، 9 ديسمبر 2016

غزة جريمة قتل جديدة، وجهة نظر - د. رياض عبد الكريم عواد

غزة  جريمة قتل جديدة ، وجهة نظر
د. رياض عبد الكريم عواد  

تكشف الجريمة البشعة التي وقعت في قطاع غزة بالامس حجم الاحتقان المجتمعي والعنف الكامن نتيجة لتعقيد ظروف المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتؤكد هذه الجريمة، وكثير من الجرائم الاخرى، وحوادث القتل والانتحار والنصب والاحتيال التي تسود المجتمع، والتي لا يمر يوم الا ونسمع عن مصيبة هنا او هناك، تؤكد على فشل وعدم مقدرة القوى المحلية والمؤسسات الرسمية والشعبية عن الوقوف في وجه هذه الظواهر المتزايدة دون ايجاد حلول جذرية لمختلف مشاكل المجتمع، تبدأ بما هو سياسي مرورا بمشاكل الفقر والبطالة وركود الحياة الاقتصادية وتفشي افكار التطرف بين ابناء المجتمع.

ان جريمة اخذ القانون باليد، والتي حدثت بالامس، وراح ضحيتها اخوين واصيب الاخ الثالث، هذه الجريمة التي يدينها الجميع ويستنكرها تطرح تساؤلا هاما، هل هذه حادثة حدثت فجأة ام انها لها ايام وشهور تتفاعل؟ لماذا لم يتصدى المجتمع وقواه المختلفة لحل هذه المشكلة قبل ان تتفاقم وتجبر الجاني ان يأخذ القانون بيده؟ رغم ان ذلك لايمكن ان يبرر له اقتراف ما اقترف، اين لجان الاصلاح والمخاتير ولجان الفصائل من الوقوف بوجه هذه المشاكل وايجاد الحلول الحقيقية لها قبل ان تتفاقم ويسقط بسببها الابرياء؟ اسئلة عديد تطرحها هذه الجريمة والجرائم المماثلة الاخرى

ان هذا القتل الشنيع تم باستخدام السلاح الناري، وهنا لا بد من ان نسأل لماذا ينتشر السلاح بين ايدي الكثيرين؟ ولابد ان نسأل سؤال اخر، هل هذا سلاح شخصي ام انه سلاح رسمي او لاحد الفصائل؟ وهنا لابد ان نستكر فوضى انتشار السلاح بين المدنيين، كما انه لابد من اعادة النظر في ظاهرة حمل السلاح خارج اوقات العمل واصطحابه الى البيت، كما يجب ايقاع اشد العقوبات بحاملي هذا السلاح الذين يستخدمونه لاغراض شخصية.

اننا اذ ندين هذه الجريمة البشعة ونعزي عائلة ابو مدين بمصابهم الجلل ونقدر عظيم مصيبتهم، الا اننا لا يمكن ان نوافق او نؤيد اخذ بعض الافراد للقانون بأيديهم، كما لا بد ان ندين الاعتداء على بيوت الامنين من عائلة القاتل، حيث يجب الا يتحمل كل افراد العائلة وزر وجريمة احد افرادها. ان تكرار الاعتداء على بيوت الامنين من العائلات التي يقترف احد افرادها جريمة قتل، والمطالبة بترحيل ابناء العائلة من بيوتهم وتشريدهم ومنعهم الذهاب الى اعمالهم ومصالحهم، كلها مظاهر لاخذ القانون باليد، وترسيخ عادات وتقاليد واعراف لم يعد يستطيع المجتمع تحمل تبعاتها، لتعقيد وصعوبة الحياة وظروف السكن. كما يجب على عائلة القاتل سرعة ادانة الجريمة التي اقترفها احد ابنائها وعدم خلق المبررات والذرائع والدفاع عنه كما يجب عليها المبادرة بتسليمه وسلاحة للسلطات الرسمية حتى ياخذ القانون مجراه.

ان هذا يتطلب من السلطة الرسمية ان تتحمل مسؤولياتها وتُفعل تنفيذ القانون والتسريع باصدار الاحكام الرادعة للمجرمين، وحماية الامنين غير المشاركين في الجريمة، والضرب بيد من حديد لكل من يحاول ذلك، كما ان هذه السلطات مطابة بالوقوف بحزم امام ظاهرة انتشار السلاح واستخدام السلاح الرسمي في النزاعات العائلية. 

يجب على القوى السياسية ان تتوقف عن توظيف المشاكل المجتمعية من اجل اهدافها السياسية الضيقة ومن اجل تصفية الحساب فيما بينها. ان هذه التصرفات غير المسؤولة تزيد من تعقيد هذه المشاكل التي تنعكس بالسلب على معنويات ونفسيات كل افراد المجتمع خاصة الشباب منهم.

ان هذه الحلول رغم اهميتها لايمكن ان تأتي بنتائج مرضية دون حل المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتفاقم وتتعمق يوما بعد يوم وتنذر بما هو أسوأ بكثير.

ليست هناك تعليقات: