الأربعاء، 5 أبريل 2017

غزة في يوم أسود - د. رياض عبدالكريم عواد

غزة في يوم أسود 

د. رياض عبدالكريم عواد

في هذا اليوم ٥ ابريل ، غزة مجروحة وغاضبة ، تم التعدي على قوت ابنائها من جهة، والشماتة بهم من جهات كثيرة. أثر هذا الاجراء سيظهر بوضوح على السوق والحركة التجارية، وسيكون له انعكاسات سلبية عميقة على الامن المجتمعي. فلماذا ترشون الملح على جروحنا، لماذا تستغلون وجعنا والامنا؟!

هذا الموظف رجع من البنك ومعه نصف راتبه، وهذا رجع ومعه ٤٠٠ شيكل من راتبه، بعد ان خصم البنك ما له من قروض وفواتير. هذا أُغمي عليه، وهذه تحذر من بوادر سكتة قلبية تتسلل الى جسدها وتوصينا بأمها الوحيدة. الفيس بوك يطفح بكل شيء، يطفح غضبا وسبا ولعنات وشماتة وألما وموتا. لحظة لا مكان للعقل فيها، ان ضاع عقل قومك عقلك ما بينفعك.
لماذا موظفي غزة هم من تعرضوا لهذه المجزرة/الخصومات؟! سؤال وجيه، ألسنا ابناء وطن واحد؟ وتجمعنا اخوة التنظيم والمصير. ابناء غزة "مستنكفين" في بيوتهم، موظفي غزة يعملون في اعمال اخرى، موظفي غزة لم يقاوموا مَن اخذ غزة، ولم يستطيعوا ارجاع غزة للسلطة!!! ياالله، كل هذه الافتراءات على موظفي غزة، رغم ان اكثر من ٩٠٪ من موظفي وزارة الصحة والتعليم، الذين يتلقون الراتب من السلطة، وهم الجسم الاساسي للموظفين، ما زالوا على رأس عملهم ولم يتركوا اعمالهم. ماذا لو دافع هؤلاء عن انفسهم واعلنوا الاضراب عن العمل لمدة يوم او اسبوع او اكثر او اقل، مَن يستطيع ان يتهمهم ان اضرابهم هذا سياسي؟! ماذا سيحدث للخدمات الصحية والتعليم، من المتضرر من مثل هذا الاجراء ، اليس كل غزة واهلها ؟!
لماذا تستجيبوا لضغط الدول المانحة، سؤال وجيه اخر؟ لماذا تضغط الدول المانحة؟! وماذا تريد، هذا هو السؤال الحقيقي!!! تجيب الحكومة، هل نستطيع ان نرفض توجيهات الدول المانحة، هل تستطيع الدول المستقلة مثلا ان ترفض اصلاحات وتوصيات البنك الدولي عندما تحتاج الى قرض منه؟! لماذا لم تخصموا على موظفي الضفة؟! ترد الحكومة، يستطيع موظفي الضفة التأثير المباشر على السلطة من خلال نقاباتهم الفاعلة وتضامنهم المُجرب، اضراب المعلمين الاخير كان درسا هاما؟!  هذا الفعل سيؤدي الى اضعاف السلطة في الضفة، وهناك من يتربص وينتظر اللحظة، فهل تعمل السلطة ضد نفسها؟! لم يحن بعد وقت الضفة، سيأتي اليوم الذي تجبر فيه السلطة على فعل ذلك؟!
المؤامرة على القضية الوطنية تكتمل حلقاتها وتدفع باتجاه استكمال ما حدث في ٢٠٠٧ وسمي زورا بالانقسام. انه التاريخ الحقيقي لبدء الانفصال التام، وها نحن اليوم نجني ثماره، متجهين نحو دولة غزة المستقلة.
ان تجفيف موارد السلطة الوطنية هدف حقيقي تعمل من اجله اسرائيل وجهات عديدة اخرى، تتقدم احيانا وتتراجع احيانا اخرى، تنتظر الفرصة المواتية. ان درس حكومة عموم فلسطين واسقاطها سياسيا من خلال تجفيف مواردها، يجب ان يبقى ماثلا في الاذهان.
ان المطلوب ان نتوحد جميعا لنجد الحلول الواقعية لمشاكلنا المتفاقمة، دون ان نغفل للحظة عما يخطط سياسيا ضد قضيتنا الوطنية، على الجميع الحذر ، رغم ان هذه اللحظة الاليمة من الصعب فيها الاحتكام الى العقل. كيل الاتهامات يمينا وشمالا سهل، والوعود البراقة اسهل؟!

ليست هناك تعليقات: