الثلاثاء، 26 يونيو 2018

ملاحظات على مقال غازي حمد "مسيرة العودة جرد حساب في سياق العمل الوطني" د.رياض عبدالكريم عواد

ملاحظات على مقال غازي حمد "مسيرة العودة جرد حساب في سياق العمل الوطني"
د.رياض عبدالكريم عواد
1. سلمية المسيرة
يقول د. غازي حمد "ما دامت المسيرة رفعت شعارها (السلمي) كان لا بد من العمل على تقليص الضحايا إلى الحد الأدنى، خاصة وأن الاحتلال لن يتورع عن قمع التظاهرة بقوة السلاح".
هذا كلام دقيق يبين إلى أي مدى استهترت القوى المسؤولة عن هذه المسيرات بأرواح المشاركين دون أن توفر لهم الأحد الأدنى اللازم لحمايتهم من بطش قوات الذبح الاسرائيلي، بالرغم من ان العديد من الأصوات كانت تطالب بتوفير هذه الشروط وتحذر من خطورة الاقتراب من السلك الفاصل.

2. الأهداف الوهمية والأهداف الحقيقية
يؤكد دكتور غازي حمد على ضرورة التفريق بين الأهداف (الوهمية) المعنوية وبين الأهداف الحقيقية الملموسة حتى لا نقع ضحية الأوهام أو دغدغة العواطف.
ويضيف الدكتور غازي، "نحن أتخمنا من الإنجازات المعنوية، والشعارات الكبيرة، وبالتالي أصبح البعض -الذي يتهرب من إثبات وجود منجزات حقيقية – يلجأ إلى التمويه والاستعراض والاتكاء على منجزات معنوية".
ويضيف، شعبنا لا يحتاج أن نذكره بحق العودة- على أهمية ذلك- لأنه متأصل في جيناته،
ولا أن نقنعه بأننا نجحنا في وضع القضية على جدول المجتمع الدولي، أما أن نفرح ونصفق بأن تصريحا خرج من هنا أو هناك، أو أن مقالا كتب في نيويورك تايمز أو اللوموند، أو (نعوم على شبر) لتصريح مسؤول إسرائيلي، وحينها نظن أن العالم تغير، وأن الموازين انقلبت لصالحنا، فهذا ضرب من الوهم الذي يجب أن نتخلص منه ونطلقه بالثلاثة.
ويستنتج، انه لا يستقيم -بعد كل هذه التضحيات -أن نقنع أنفسنا بهذه الأهداف المعنوية أو أننا قطعنا شوطا كبيرا على طريق الأهداف الكبيرة.
اعتقد انه كان من الواضح ان القائمين على هذه المسيرات استخدموها لالهاء الشعب عن السبب الحقيقي للمشاكل والصعوبات التي يعيشها هذا الشعب وعلى رأس ذلك الانقلاب الذي أنتج هذا الانقسام الطويل والبغيض.
وهنا يؤكد الدكتور غازي حمد على أهمية الوحدة الوطنية كحاضنة لأي نضال فلسطيني فيقول: "بغض النظر عن النظرة السوداوية للمصالحة ومآلاتها، فانه يمكن الجزم بأنه لا يمكن لشيء أن ينجح ما لم يقم على قاعدة الوحدة الوطنية".
من الواضح أن الدكتور غازي نسي شيئا اخرا مهما، أن المروجين لهذه الانتصارات المزعومة والموهومة يفعلون ذلك عن قصد واضح من أجل الهاء الناس من ناحية، واستجابة للممول القطري ومنظريه الذين يعملون على النفخ المتكرر المقصود لبعض الاحداث والشخصيات.
3. الخيارات الاحادية ..قاتلة 
ينتقد الدكتور غازي قفز الفصائل غير المفهوم وغير المبرر في تحديد وسائلها وفي الانتقال من استخدام وسيلة الى اخرى دون مبررات واضحة، فيقول: "إن الانتقال/القفز السريع من خيار الانتفاضة ثم إلى خيار الحرب ثم إلى خيار المقاومة السلمية، وكل خيار منفصل عن الآخر لا يحقق حالة من الانسجام والتكامل بين مختلف الخيارات".
وهنا يدعو دكتور غازي إلى استخدام وسائل متعددة تسند بعضها البعض.
ان هذا الطرح الذي يدعو له دكتور غازي حمد والمتمثل بإسناد النضال الشعبي بأعمال عسكرية، كما يفهم من من استخدام وسائل متعددة، يمثل خطرا كبيرا على المشاركين في هذا النضال السلمي، ويعرضهم إلى مزيد من القتل والبطش، كما أن ذلك يبين اننا مازلنا بعيدين عن مفاهيم النضال السلمي، واننا لم نؤمن بعد بهذا الطريق وهذه الوسيلة ايمانا كاملا.
نعم ان النضال السلمي من اجل عودة اللاجئين يجب ان يتوسع في مساحاته الجغرافية ليشمل كل أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين، كذلك يجب أن يكون إحدى اهم استراتيجيات الكل الوطني، يحظى باجماع مختلف مكونات الشعب الفلسطيني، لكن يجب أن يكون واضحا أن الدعوة إلى تزاوج النضال السلمي مع العمل العسكري هي دعوة خطيرة وضارة ومرفوضة.
ويختم الدكتور غازي، لقد ادت افعال القوى المسيطرة على هذه المسيرة الى ان يتعاطى المجتمع الدولي معها كجانب إنساني محض وتناسى أن الأزمة في غزة سياسية وليست إنسانية فقط.
4. الأهداف تأتي بعد العمل!!
لقد أصبح واضحا للجميع أن الهدف الحقيقي لهذه المسيرات لم يكن العودة، وأن الهدف قد تدحرج من المطالبة بكسر الحصار إلى تخفيف الحصار ومن ثم تقلص إلى مجرد المطالبة بفتح المعبر ولو شكليا، رغم أن المسافرين مازلوا يحتاجون إلى تنسيق مسبق والى دفع آلاف الدولارات إلى جهات غير واضحة المعالم.
ان الهدف الحقيقي لما يسمى مسيرات العودة وفك الحصار كما تؤكد عليه حماس في بيان لها، حيث تصف قرار الحركة والفصائل بالقرار الصائب "صوابية قرار الحركة والفصائل في تنظيم مسيرات العودة وكسر الحصار وتوجيه حالة الغضب الداخلي والاحتقان والضغط في وجه العدو الذي يحاصر شعبنا ويقتل أطفالنا."
إذن الهدف هو تفريغ الكبت الداخلي في وجه العدو !، بدون أي اعتبار لحجم الدم والألم والضحايا ؟
لقد كان هذا واضحا لنا وضوح الشمس، وقد حذرنا منه الفصائل المشاركة قبل وقوعه، فهل يتعلم الجميع الدرس؟
هذه ليس طريقا للعودة ،هذه طريق لحرف أنظار الشعب عن قضاياه ومشاكله الحقيقية.
 "مسيرة العودة جردة حساب في سياق العمل الوطني"  صحيفة دنيا الوطن في 2018-06-19

ليست هناك تعليقات: