السبت، 10 نوفمبر 2018

الدعم المالي و الدرس القطري - د. رياض عبدالكريم عواد

 الدعم المالي و الدرس القطري
 د. رياض عبدالكريم عواد

لم تنفك الدول العربية ودول الإقليم من التدخل في الشأن الفلسطيني، ان قضية فلسطين كانت وما زالت قضية ذات بعد قومي، وهذا أعطى ذريعة لكثير من الدول القومية للتدخل في الشأن الفلسطيني، بل أنشأت هذه الدول تنظيمات تنطق باسمها داخل الساحة الفلسطينية، لتعزيز خطابها القومي ولاجل المناكفة فيما بينها، مستغلة التشتت الفلسطيني، والجغرافيا السياسية الظالمة، جبهة التحرير العربية، الصاعقة، اللجان الثورية الليبية.....أمثلة بسيطة؟



كما أن قضية فلسطين قضية إقليمية، وهذا شجع ايضا كثير من الدول في الاقليم على التدخل في القضية الفلسطينية من اجل مصالحها، أو استجابة لما تفرضه عليهم دول كبرى من مطالب وشروط، من اجل تطويع القضية الفلسطينية لشروط هذه الدولة او تلك.

كذلك لم تسلم فلسطين من تدخل دول كتركيا وايران، باسم البعد والواجب الإسلامي!
جميع التدخلات في الشأن الفلسطيني تعتمد على امرين:

1. حاجة الفلسطينيين للدعم المالي.
2. وجود جالية فلسطينية تعيش داخل هذه الدول، تستغل حاجتها لتكون حصان طروادة لهذا التدخل.


تاريخيا استطاعت م ت ف وفصائلها الأساسية أن تحد من تأثير هذه الدول على القرار السياسي الفلسطيني، والا تخضع لهذا الابتزاز، حيث يسجل التاريخ أن الفلسطينيين لم يستجيبوا للضغوطات السياسية لهذه الدول، بما يتناقض مع برامجهم الوطنية ورغباتهم كفلسطينيين.

حتى محاولات التخريب الذي خلقها الانشقاق في حركة فتح في 1983، والحرب على المخيمات في شمال لبنان، الذي كانت تنظيمات فلسطينية أداة له، انهزم وتراجع ولم يؤثر طويلا على القرار الفلسطيني، تحت صمود ووحدة م ت ف ومحافظتها على القرار الوطني المستقل.

الجديد في الساحة الفلسطينية، أن بعض الدول العربية والاسلامية تعمل بطريقة واضحة، من خلال الدعم الذي تقدمه لفصائل فلسطينية او أفراد او مؤسسات وجمعيات خيرية، من أجل شق الساحة الفلسطينية، وتعزيز الانقسام داخلها، والدفع بأطراف من خارج السلطة الوطنية و م ت ف لتنفيذ اجندات، أقل ما يمكن أن يقال عنها، أنها تتناقض مع الطموح والمشروع الوطني، في دولة مستقلة في حدود ال67.

ان هذه الدول لا تقدم الدعم للشعب الفلسطيني من خلال السلطة الوطنية او م ت ف، بل تقدمه لفصائل او أفراد او مؤسسات وجمعيات، محددة من اجل تنفيذ اجندة سياسية لهذه الاحزاب. كما تتدخل هذه الدول في طريقة وشروط توزيع واستخدام هذه الاموال وهذا الدعم. لا يوجد أي مقارنة بين الدعم الذي يوجه للشعب الفلسطيني من خلال سلطته الوطنية ومؤسسات السلطة والمنظمة الشرعية وبين ما يوجه لبعض الفصائل أو الأفراد والمؤسسات الفلسطينية، من الخطأ بل من الخطر التفكير بذلك؟

ان المتابع للمواقف السياسية لكثير من قادة بعض الفصائل وكوادرها الأساسية يجد، دون صعوبة، أن السبب الحقيقي للاختلافات السياسية والتكتلات التنظيمية في هذه الفصائل، هو التبعية المالية لهذه الأجنحة او التكتلات لهذه الدولة او تلك، فليس غريبا أن تجد جناحا قطريا، اماراتيا، ايرانيا، تركيا.....في هذه الفصائل، بل قد تجد أكثر من جناح لهذه الدول في فصيل واحد.

ان سياسة الفلسطينيين تجاه الدعم المالي يجب أن تتمحور حول النقاط التالية:
ان الشعب فلسطيني بحاجة ماسة للدعم المالي والسياسي من الدول العربية والإسلامية، ومن مختلف دول العالم ومؤسساته وهيئاته. ان هذا الدعم هو حق للفلسطينيين وواجب على الجميع.

ان هذا الدعم يجب أن يكون من خلال السلطة الوطنية و م ت ف ومؤسساتها وتحت إشرافها.

يجب أن نناضل ونحذر بشدة من اي دعم موجه مباشرة للفصائل او الأفراد والمؤسسات، لأن هذا الدعم له أهداف قد تكون بعيدة عن برنامجنا واهدافنا الوطنية.
يجب أن يكون واضحا أن أي دعم يوجه للشعب الفلسطيني، بما فيه الدعم الموجه للسلطة الوطنية، والدعم المباشر للشعب الفلسطيني من المؤسسات الدولية له أهداف سياسية واضحة، وهذه الأهداف، بالتأكيد، لا تتفق مع أهدافنا الوطنية بل قد تتناقض معها، وبالتأكيد لها أجندات خاصة تعمل عليها بهدوء ونفس طويل بهدف تغيير أولوياتنا السياسية وقيمنا الوطنية. لذلك كلما كان هذا الدعم من خلال مؤسسات السلطة الوطنية وتحت إشرافها، نستطيع أن نمنع او نحد من تأثيراته السلبية، ونقاوم الأجندات التي تهدف فرض شروط سياسية مجحفة، بعيدا عن أهدافنا الوطنية.

يجب أن نصل إلى مرحلة نحرم فيها أي دعم يأتي من خارج الأطر الرسمية الفلسطينية.
وفي هذا الاطار فإنه من الهام تفعيل دور الشعب والفصائل الوطنية في التصدي لأي دعم يحمل اجندات سياسية خاصة. ان ما قام به الشعب والفصائل الوطنية، بالأمس الجمعة 9 نوفمبر 2018، على حدود غزة الشرقية، يعد ضربة قوية وواضحة ضد التدخل القطرى السافر في الشأن الفلسطيني، ورفضا لمحاولة قطر الفجة فرض الوصاية على الشعب الفلسطيني، التي تسعى من خلالها الى تحقيق اجندات اسرائيل واميركا، ودعما لمشروع ترامب في المنطقة، ومحاولة فصل غزة عن إطارها الوطني، مستغلة الظروف السياسية والإنسانية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني
ان الفصائل الفلسطينية مطالبة أن تحارب اي اختراقات لهذه الدول داخل صفوفها.

ان الشعب الفلسطيني وسلطته ومنظمته وفصائله الوطنية سيبقوا، جميعا، أمينين للقيم، منحازين للاولويات، متمسكين باهدافنا في الوحدة والحرية والاستقلال، رغم كل الظروف السياسية والإنسانية الصعبة التي نمر بها، لن يبيع الشعب الفلسطيني نفسه مقابل كل الاموال، رغم ما يتفوه به بعض الاغرار، تحت الحاجة او تنفيذا لأجندات البعض.

ان الوطنية الفلسطينية والمحافظة على القرار الفلسطيني المستقل، بعيدا عن أي تبعية، هي من اهم شروط الصمود والانتصار .
.

ليست هناك تعليقات: