الاثنين، 26 نوفمبر 2018

ربيع فرنسي، درس سريع؟! - د. رياض عبدالكريم عواد

ربيع فرنسي ، درس سريع ؟!
 د. رياض عبدالكريم عواد
ماذا يحدث في فرنسا ؟ هي أزمة اقتصادية، خرج الفقراء ضدها. قد تستغل أمريكيا ذلك لمعاقبة فرنسا على مطالبتها تشكيل جيشا أوروبيا موحدا!

تاريخيا، امريكيا ضد استقلال أوروبا عسكريا عنها، استخدمت من أجل ذلك خطر السوفييت ومنظومته النووية والصاروخية. واستخدمت فيما بعد الإرهاب وداعش والتفجيرات في وسط المدن الأوروبية..


تعترض الحملة، المعروفة باسم احتجاجات "السترات الصفراء" نسبة إلى السترات التي يرتديها المتظاهرون، على زيادة الرسوم على وقود الديزل. خرج السبت الماضي 24/11/2018، نحو 280 ألف متظاهر في أكثر من 2000 موقع في شتى أنحاء فرنسا.

تأخذ هذه الحركة الاحتجاجية الفرنسية، أبعاداً جديدة، مضيفة مطالب اجتماعية وفي مجال العمل، فهي لم تعد مرتبطة فقط بالضرائب على مشتقات البترول، وهذا ما يضع سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على المِحك، من منظار شعبيته ونجاعة الحلول التي يطرحها.

تصدت الحكومة الفرنسية للمظاهرات وفقا للقانون، ليس هناك قتلى، ولا عدد كبير من الإصابات والمعتقلين.


ببساطة مازال الأمر يتفاعل داخليا، دون تدخل خارجي عمليا؟ رغم أن هذه الاحتجاجات تطرح العديد من التحديات، ليس على فرنسا فقط، بل على كل دول الاتحاد الأوروبي، وعلى فكرة الاتحاد نفسها.

في حالة فرنسا، لا توجد قناة الجزيرة التي تحرض وتجيش الدهماء ضد الدولة والجيش والشرطة؟ لكن يوجد شعب حي يؤمن بالديمقراطية، التي كلفته الكثير من الدماء ليحصل عليها، وتصبح إلى جانب الحرية، من اهم القيم التي يدافع عنها، كما يوجد مؤسسات دولة راسخة تستطيع أن تجابه كل المخاطر، وتضع حلول خلاقة تدافع عن قيم الوطن، وتحميه من أي عبث أو دعاية سوداء.

ولا يوجد حركات دينية على استعداد تام لحرق البلد ومؤسساته، والاعتداء على الشرطة وحرق مقراتها، وتخريب شبكة الكهرباء والمياه، ومهاجمة السجون واقتحامها، بمساعدة الغرباء، والسماح للمجرمين أن يهربوا ليعيثوا فسادا في البلاد، وصولا إلى أن يفقد المواطن أمنه الشخصي وامن عائلته....
ليس هنا قرضاوي يفتي بجواز، بل وجوب قتل رجال الشرطة والجيش...

ولا يوجد حتى اللحظة دولة من الممكن أن يطلب منها امثال القرضاوي في الكنيسة الكاثولوكية التدخل ضد النظام من أجل الله...
كما لا يوجد بلد مستعدة لدفع 137 مليار دولار لإسقاط فرنسا، كما فعلت قطر من أجل إسقاط سوريا، التصريح لوزير خارجة قطر السابق حمد بن جاسم...
مليارات الدولارات تم دفعها لشق الجيش، الجندي له سعر والضابط له سعر والقائد له سعر والسفير له سعر اخر، كل واحد سعره على قده، وقطر وغير قطر جاهزين للدفع، كاش وبالدولار؟!

مليارات الدولارات لتجييش كل شذاذ الآفاق والحرامية والدشر والصيع، والمضحوك على عقولهم باسم الله والدين والشريعة والسنة.

حج إلى بلاد الربيع العربي الشباب والشيوخ، الرجال والنساء، كل وله أهدافه الخاصة، بدءا من الدولارات الخضراء، التي يسيل لها اللعاب، إلى الزواج من فتيات ونساء الشام، ذوات اللحم الطري الابيض، مرورا الى الموت في سبيل الله، ضد النظام النصيري، ودخول الجنة وملاقاة سبعين من الحور العين، بالتمام والكمال. قدمت الفتيات من تونس والمغرب وبلاد اوروبا، لتجد زوجا من بين المجاهدين لينقذهن من عناء العنوسة الطويلة، او للترفيه عنهم وقت الفراغ وما بين الغزوات، وفقا لما أشيع عن ما يسمى جهاد النكاح، وفتوى المشايخ جاهزة وفقا للشريعة السمحاء؟!

تجمع كل شذاذ الآفاق من بلاد العرب إلى بلاد الافرنج، من تونس والمغرب إلى الاردن وفلسطين، من غزة هاشم إلى فلسطيني ال 48، من أفغانستان إلى باكستان إلى الشيشان الى جمهوريات روسيا الاسلامية إلى بلاد الصين البعيدة، حتى الاوروبيين من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا، شاركوا في هذه الحرب غير المقدسة، وكله من أجل الدولار والدين؟!

انقسم المثقفون والكتاب والصحفيون، وانحاز الليبراليون واليساريون للثورات، تحت ضغط توقهم التاريخي للحريات ومعاداتهم للقمع والدكتاتوريات، وسلموا رقابهم إلى الأحزاب الاسلامية، من إخوان وسلفية، متناسين أن هؤلاء لا يؤمنون، لا بالاوطان ولا بالوطنية، وأن كلمة من الخليفة اوردغان، او إشارة مرفوعة بأصابعه الأربعة، أو غمزة من الأمير او موزته، هي اهم عندهم من كل هؤلاء المنافقين، من الوطنيين واليساريين؟!

ماذا لو توفرت كل هذه العوامل او بعضا منها؟!
هل يبقى ما يحدث في فرنسا أمرا داخليا؟
هل يسكت الجيش ولا يتدخل خوفا من منظمات حقوق الإنسان؟
هل تسكت الكنيسة عن الذين يستخدمون الله والدين ضد الوطن؟
هل تتغاضى الدولة عمن يقتل جنودها وشرطتها ويدمر مؤسسات البلد؟
هل سيتم مواجهة ذلك بالديمقراطية والحوار والنقاش؟
أسئلة كثيرة بحاجة إلى اجابات؟!

ليست هناك تعليقات: