الأحد، 23 يونيو 2019

الانقلاب / الحسم و الانقسام - د.رياض عبدالكريم عواد

الانقلاب / الحسم و الانقسام  
د.رياض عبدالكريم عواد 
الفلسطينيون كباقي الشعوب العربية منقسمون، منقسمون في كل شيء، يعيشون في جزر معزولة، على الاقل كل شعب يعيش في جزيرتين، كل جزيرة لها علاقاتها ومفاهيمها ومواقفها المتناقضة تماما، بل المعادية، لما يؤمن به سكان الجزيرة الأخرى. 
لم يعد هناك أهداف ولا مصالح مشتركة بين سكان الوطن الواحد، بل ان أفعال وممارسات كل طرف تضر عن عمد وسبق إصرار بالطرف الآخر. لذلك لا غرابة من الكراهية المنتشرة والحروب الطويلة الدائرة بين شعوب هذه الجزر المتقاتلة؟ 
تحول الشعب إلى مجموعة من الجاليات ترتبط بالدولة الام أكثر بكثير من ارتباطها بالوطن وبمن يشاركها العيش فوق نفس التراب، رغم الادعاء أن هذه الارتباطات لم تكن الا لمصلحة الوطن. فهناك جالية تركية واخرى قطرية واماراتية ومصرية وايرانية وسعودية ووووو... هذا لا يقتصر على دولة عربية دون الاخرى، فالبلاء أصبح عاما؟ 
حتى العداء لاسرائيل، كعدو قومي واضح ضد الفلسطينيين، على الاقل، لم يعد يوحدهم، رغم كل الادعاءات ورغم ما نعانيه جميعا من هذا العدو..... لا عدو يجمعنا ولا صديق يوحدنا؟!
هذه الانقسامات اضحت دائمة وموجودة باستمرار ولكنها تتجلى أكثر في بعض المواقف المفصلية، يطفو كل شيء بوضوح على السطح، دون خجل أو وجل أو حتى حياء! 
في 14 حزيران من كل سنة يتجلى هذا الانقسام وهذه الفرقة بين جميع أبناء الشعب الفلسطيني بصفة عامة وفيما بين اهل غزة بصفة خاصة، رغم الألم الذي يقع فيه الجميع منذ اثنى عشرة سنة بغض النظر عن مواقف كل طرف.
هذا يوم اسود، هذا يوم النكبة، بل النكبة الكبرى، هذا يوم انتصر فيه السلاح على الشعب، يوم أن صفقت اليد الاسرائيلية فرحآ، يومــ بلا تاريـخ، كان الملثمون عراه، وكانت البندقية بلا شرف، انقلاب أسود وتطببق لاجنده صهيونيه اقليميه، انتصرت البندقية الماجورة على شعب قد اثخنته الجراح، هو ليس انقلاب حماس على فتح أو العكس.. بل انقلاب سلاح المقاومة على القضية الفلسطينية!!، هو بداية انحراف البوصلة!، يوم أن سقطت حماس ضحية لطمع بعض قادتها!! يوم ان انقلب الفلسطينيُ على نفسِه، واستباح دمَ أخيه، لا القاتل ينسى ولا المقتول يصفح، يوم ان هُتكت حرمة الدم باسم الدين..... تطول قائمة التوصيفات من هذا الفريق من الشعب؟!
وعلى الجانب الآخر من الشعب الذي يرفض كل هذه التوصيفات ويسمي ما حصل ب " الحسم المبارك"، بدأ من غزة وقريبا سيكون في الضفة بإذن الله، سوف نحرر غزة والضفة من العلمانية، عباد الأصنام، لولا الحسم العسكري المُبارك لرأيتم المغتصب يُحمل على الأكتاف بدلاً عن قاذفات ال ار بي جي، الحمد لله على نعمة الحسم المبارك الذي مَنَّ الله علينا به في قطاع غزة ونسأل الله أن يكرمنا بحسم عسكري قريب في الضفة الغربية. انه أعظم يوم في مسيرة النضال الفلسطيني .... عام 2007.... لولا الحسم في غزة وتنظيف العملاء .... لما وصلت المقاومة لما وصلت إليه.... نعم رفعنا السلاح في وجه الناس اللي بخافوش الله، اللي أغلقوا المساجد وبنوا الخمارات، لا عندهم شرف ولا بعملو حرمة لمساجد ولا نساء .... ولولا الحسم لحصل لنا ما لا يُعقل؟!.... هنا ايضا تطول قائمة التوصيفات والاتهامات وووو 
طبعا هناك آراء خجولة أخرى تحمل الطرفين المسؤولية عما حدث وعن استمرار هذا الانقسام "الانقسام خطأ مشترك بين حماس وفتح!! استمرار الانقسام جريمة مشتركة بين حماس وفتح"!!
السؤال، كيف لنا الشفاء من هذا الذي حدث، كيف نخرج من هذا النفق المظلم.... من اقسي وأصدق ما كتب عن ذلك محمود درويش في ذكرى الانقلاب..... رحل درويش وبقي الانقلاب يذكرنا بـ عارنا الاسود .. يوم اصبح دم الفلسطيني على الفلسطيني حلال.! أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ ‏يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!
قد يكون الإنقلاب/الحسم أي شيئ وقد يجوز تسميته بأي شيئ. لكنه بالتأكيد لم يكن نجاحآ لأحد بل كان إنجاحآ لخطة الفصل أحادي الجانب الشارونية. بدون الإنقلاب ما كان لتلك الخطة أن تعني شيئآ لإسرائيل. وبدون الإنقلاب ما كان يحق ليد اسرائيلية أن تصفق فرحآ، يعلق احد النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي.
هل نجحت حماس بالسيطرة بسهولة على قطاع غزة.. أم تركت لهم غزة لتوريطهم فيما لا يطيقون.. فالترويض لن يتم إلا لحامل مسؤولية!!، يتساءل ناشط اخر؟!
رغم كل هذه التساؤلات وهذا الألم يبقى السؤال الاساسي الذي يجب أن يسأله الجميع ويحاول الكل الوطني أن يجيب عليه، هل لنا شفاء مما حصل؟
هل نملك هذا الدواء/العلاج ام مازال واقعنا ومستقبلنا لعبة في أيدي من صنعوا هذا الانقلاب/الحسم من قوى دولية وإقليمية ومحلية، ليس بعيدا عن أعين إسرائيل واذرعها الاخطبوطية واهدافها البعيدة والقريبة... 
لم يعد لم نكتب ونعيد كتابته ونصرخ وننادي من قيمة ما لم نخرج من هذه الحفرة العميقة السوداء التي هوينا جميعا فيها.
لابد من التكرار أن لا حل الا بالجميع، ولا حل الا الحل الوطني، بعد أن نتخلص جميعنا من ذاتيتنا واوهامنا؟!

ليست هناك تعليقات: