الأحد، 23 يونيو 2019

النكبة والموروث الحضاري للشعب الفلسطيني - بقلم : سري القدوة

النكبة والموروث الحضاري للشعب الفلسطيني
بقلم : سري القدوة

فلسطين الارض والوطن والهوية والعنوان يتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل هذه هي فلسطين حكاية شعب وقصة كفاح وطني طويل، ومسيرة عمدت بدماء الشهداء، يتوارثها الاجيال بمضمونها الحضاري والتاريخي والكفاحي، لقد مر على هذا الموروث الحضاري واحد وسبعين عاما هي ذكرى النكبة الفلسطينية التي يقف اليوم ابناء الشعب الفلسطيني لإعادة احياء هذا الموروث الحضاري وما تعرض له الاجداد من تطهير وتشريد من أرضيهم، كما أن هذا الجيل الغاضب المتمرس حول حقه الغير قابل للتصرف يزداد اصرارا على التمسك أكثر بقضيته وهويته، وحقه الرئيسي والأساسي المتمثل في حق العودة.
شعب فلسطين الذي يعاني من اطول فترة احتلال ومن حقه العمل على نيل حريته، تمكن من اثبات ذاته من خلال مقوماته النضالية حيث عملت منظمة التحرير الفلسطينية علي تحديد اولويات العمل وفي مقدمة هذه الاولويات كان العمل الدبلوماسي والكفاحي وصولا لما نحن عليه اليوم من اعترافات دولية بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وحقه فى اقامة دولته وحمايتها والعيش بحرية، وان تلك الموقف والانجازات الوطنية الهامة التى تحققت خلال مراحل الكفاح الوطني لا بد من حمايتها والحفاظ عليها مما يتطلب مضاعفة الجهود والعمل على بذل كل الطاقات الممكنة من اجل ايصال صوت الشعب الفلسطيني الي المحافل الدولية من خلال تفعيل دور الكفاءات الاعلامية والدبلوماسية والحقوقية ليكونوا على قدر المهمة الدقيقة والحساسة والتي تتطلب امكانيات عقلية وذهنية وإعلامية وسياسية عالية وإدراك المفهوم الوطني الفلسطيني لتشكيل اكبر فريق دولي للدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه وفضح جرائم الاحتلال على المستوى الدولي ومواجهة سياسات الاحتلال الاسرائيلي التي تحاك ضد نضال شعبنا التحرري والكفاحي على مدار سنوات طويلة من الصراع العربي الاسرائيلي.
الاحتلال الاسرائيلي هو محور الصراع العربي الإسرائيلي ولا سلام مع الاحتلال ولا سلام في ظل استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية، السلام الحقيقي يبدأ عند إعلان الجيش الإسرائيلي انسحابه من المدن الفلسطينية وإعلانه عن تفكيك المستوطنات والعمل على التزام حكومة الاحتلال الإسرائيلية بوقف انتهاكاتها والإعلان عن حل ادارة المناطق الفلسطينية وفك الارتباط بمؤسسات الاحتلال والإدارة المدنية الاسرائيلية العاملة بالمناطق الفلسطينية ووقف أنشطتها وإخضاع الاراضي الفلسطينية للرقابة والحماية دولية تمهيداً لبناء المؤسسات الاقتصادية الفلسطينية والعمل على اصدار بطاقة التعريف الهوية الفلسطينية وجواز السفر الفلسطيني وإصدار العملة الفلسطينية واعتماد تداولها فى دولة فلسطين وضرورة اتخاذ موقف حاسم ببدء تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، والشروع بخطوات ملموسة وفعلية لإنهاء الاتفاقات مع دولة الاحتلال، ووقف العلاقات السياسية والاقتصادية والامنية، وتعزيز صمود ابناء شعبنا فوق ارضهم وإنهاء الانقسام الداخلي، والتوحد في جبهة موحدة للمقاومة الشعبية، والعمل على الشروع فى الحوار الوطني الشامل على قاعدة تعزيز الصمود الوطني، وتحصين الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات رفضا لمواقف ادارة الرئيس ترامب وحكومة الاحتلال الاسرائيلي.
إننا نتطلع إلى ضرورة الالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية ودعمها لتكن قوية موحده في معركة الدولة الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن والمؤامرات التى يديرها الاحتلال والإدارة الامريكية بحق الشعب الفلسطيني وإن منظمة التحرير الفلسطينية وقاعدتها الجماهيرية الفلسطينية لقادرين على المضي قدماً تجاه تحقيق الحلم الفلسطيني ومشروع الدولة الفلسطينية التي هي صمام أمان الحرية والاستقلال والسيادة ولنوجه آلية البناء نحو دعم مؤسسات الدولة وضرورة بناء وتطوير المؤسسات الفلسطينية ومؤسسات المنظمة التى هي العمود الفقري للدولة الفلسطينية والحفاظ على صورتها الكفاحية والوطنية وعمقها العربي والدولي وحمايتها من مؤامرات الاحتلال الاسرائيلي الذي يعتمد على اتباع سياسة تشويه صورة النضال الوطني الفلسطيني ويعمل على ذلك من خلال وسائل الاعلام الإسرائيلية التي تختلق الأكاذيب وتفتعل المشاكل وتصور الشعب الفلسطيني بأنه شعب إرهابي.
ان جماهير الشعب الفلسطيني في ذكرى النكبة تؤكد مجددا ومن امام ضريح الشهيد الرئيس ياسر عرفات في رام الله وليعلو الصوت الفلسطيني من جميع انحاء العالم ان حقنا فى فلسطين هو حق ثابت وان الموروث الحضاري في فلسطين تتناقله الاجيال جيلا وراء جيل ولن تسقط راية النضال الوطني وستستمر حتى قيام الدولة الفلسطينية واحده موحدة فوق التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.

سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com


فى ذكري النكبة : الموت على الارصفة الباردة

بقلم : سري القدوة

بين متاهات الحياة تضيع الحقائق .. يقف الإنسان عاجزا عما يريد فعله .. تفاصيل كثيرة هيا التى شكلت الإنسان الفلسطيني ليكون بمنظومته الحياته وفكره ونظرته للحياة لها ما يستحق أن يكون لما تحمله من معانٍ وقيم تترك فى النفوس الآثار الكبيرة للعمل والنهوض واستدراك الواقع  .
الفلسطيني هذا الإنسان الذي حملته ظروف التهجير وما شكلت فى نفسيته وطبيعته ورؤيته الفلسفية الخاصة بالحياة ليبحث دائما عن الأفضل ودائما يرتحل ليحمل همومه ويكون الوطن صوب عينيه ولتكون ذاكرته الوطنية هيا الحاضرة في تصرفاته وسلوكه .
ما دفعنا هنا لهذه المقدمة الوصفية لحياة الفلسطيني هو واقع الحال الذي الم به في ظل المتغيرات الدولية والمعطيات الحياتية والتي يبحث وما زال يحمل هموم البحث عن الوطن ويعيش حياة التهجير والابتعاد عن الأرض الخالدة فى قلوب الفلسطينيين جميعا .
الموت في بلادي أصبح مجرد حروف تكتب علي صفحات هزائمنا المتلاحقة.. والموت أصبح بأشكال متعددة منها من يعدم رميا بالرصاص ومنا من يعدم دهسا أو في انفجار ومنا من يعدم ضربا حتى الموت ومنا من يعدم شنقا ومنا من يعدم وهو ميت ومنا من يعدم بالسم .. ومن من يعدم حرقا ..  القتل له أشكال متعددة والهدف هو واحد .. الهدف هو إنهاء حياة الآخرين دون ثمن أو بثمن بخس .. من اجل الحفاظ على كرسي شيخ القبيلة .. كم كانت وحشية المفردات بشعة لدرجة أن تكون عديمة الأخلاق وحتى عديمة الإنسانية في تلك المساحة التي هيا أساسا خارج التكوين الجغرافي لمعني الكينونة والنظام والدولة .
كم مرعبة هي رائحة الموت التي تنبعث من وطن أصبح بدون عنوان .. كم مرعب أن تعيش خارج القانون وان تبحث عن شربة ماء ساعة الظهيرة .. كم مرعب أن تقف منتظراً في طابور الموت .. وأن يقرر موتك هؤلاء المارقون القتلة .. كم هو مرعب ان تكون بدون مأوي وان تفترش الأرصفة الباردة وان يبكيك الاطفال في انتظار ما يسد لوعة جوعهم وينقذ حياتهم .. كم هو مرعب ان يتحدد لونك من اختيار مسجدك لأداء الصلاة وتصبح عبادة الله شرطا لتحديد لونك ولفهم من تكون أنت .. فتتوحد مع نفسك للعبادة وترفض ان تنصاع للأوامر فتسجل في سجلات الخارجين عن القانون ويفتح لك ملف وتنتظر ان يزج بك في زنزانة الحقد الأسود ..
لم نستوعب أن نكون قتلة في زمن التشرد والهزيمة ولم نستوعب معنى أن يكون الفلسطيني بدون وطن وان يكون العالم وصيا علي شعب سجل في سجلات الانروا وينتظر المساعدات بداية كل شهر فهذا يعني أن نكون أسيادا للقبيلة وان تكون قبيلتنا هي الوهم المتجدد فينا فتلك المساحة الضيقة بين أن نكون أو لا نكون أفقدتنا البوصلة .. كما افتقدنا الوطن فغابت عناوين المرحلة وتبدد الحلم وأصبح رمادا .. مجرد سراب ينبعث مع رائحة الموت الكريهة ونفايات القمامة المتراكمة على أزقة الهزيمة في مدينة الخراب والدمار والحلكة السوداء .. انها هي غزة .. انها بقايا وطني الضائع فينا ..
أنها حقيقة نعيشها بكل جوارحها وهمومها .. أنها حقيقة نتجرعها كل يوم .. أنها وقائع الهزيمة التي تلاحقنا .. فما أصعب ان لا نرى سوى أنفسنا .. ما أصعب أن نرى الوطن بقناع أسود وان نكون خارج الإنسانية ..
ما أصعب زماننا وما أصعب أن نتنفس هواء الليل الملوث بالحقد الأسود وان نأكل طعامنا برغيف خبز ممزوج بدماء المقتولين غدرا في زمن أصبح فيه القتل هواية ..
يا الله ارحم شعبنا وارحم أهلنا وكن معنا في بقاع الأرض ونحن نفترش الغربة ونتألم بوجع الانقسام ونقهر في وطن يسمي وطننا ..
انا من هناك .. من ارض الحب والخير والعطاء .. انا من وحي الأنبياء .. انا من تلك المساحة المنسية في عالم أصبحت فيه الإنسانية وجهة نظر .. انا من مكونات الأشياء كنت ومن بقايا الهزيمة شكلت لغتي .. انا ابن لهذه البلد المطعونة في خاصرتها .. انا من بلد يقتل الأخ أخاه ويطعن الابن أباه .. انا من بلد التناقضات والعجب .. انا ابن المرحلة .. انا صوت من لا صوت لهم .. انا البحر الهادر حزنا من جنوبه الى شماله .. انا السماء .. انا الارض .. انا الفكرة .. انا العودة .. انا المخيم .. انا الفجر القادم ..
من لشعبنا الان من ينقذ السفينة قبل الغرق ومن ينقذ اهلنا قبل الدمار .. من لشبابنا الذين يفضلون الموت على البقاء من لشبابنا الذين يعانون البطالة والعجز ويبحثون عن الحياة فمنهم من يموت في عرض البحار ومنهم من يقرر الموت ويرحل ..
ستلاحقنا ارواحهم غضبا وستلعننا السماء اذا ما استيقظنا من سباتنا فلم يعد هناك منقذ .. وليرحل تجار الاوطان وينتصر الوطن .. ينتصر المستقبل .. ينتصر جيل الدولة والقانون والهوية الفلسطينية .

سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com


ليست هناك تعليقات: