الجمعة، 28 يونيو 2019

الانقسام، بصراحة - د. رياض عبد الكريم عواد

الانقسام ، بصراحة
د. رياض عبد الكريم عواد
الكل يطالب بإنهاء الانقسام، لكن دون أن ينتهي 
أشعر ان هذا الشعار أصبح شعارا مضللا، بكسر اللام
فهل الانقسام الذي نعيشه سببا ام نتيجة؟. بالتأكيد، هو نتيجة 
هل يمكن علاج النتيجة دون علاج اسبابها؟ لا اعتقد
      هذا الانقسام نتيجة لما حصل في يونيو 2007، بغض النظر عن تسميته، حسم أو انقلاب، رغم أهمية ذلك 
     هذا النقاش حول اسباب الانقسام هو ما يحاول أن يهرب منه الكثيرين، اقصد هنا الكتاب والسياسيين الوطنيين

الكاتب حسن خضر أجاب اجابة قاطعة قال: كل ما لا يبدأ بالانقلاب وينتهي به لا يعول عليه. لا اعتقد ان أحدا من الكتاب الوطنيين، على حد علمي، أجاب بمثل هذه الإجابة القاطعة، رغم ان الجميع يعرفها، قد يكون للجغرافيا ثقل في تقديم الإجابة المناسبة!

اذن لنعود إلى السؤال الجوهري، ما هو سبب/أسباب ما حدث في الانقلاب أو الحسم
هل هذا الذي حدث كان في إطار التنافس على السلطة، ورفض الطرف المسيطر تسهيل مهمة المنتخبين الجدد في انتخابات صحيحة ونزيهة؟! الإجابة بالتأكيد لا، وهذا لا ينفي وجود مثل هذه العراقيل والمعيقات الموضوعية في جانب منها، والمتعمدة في جوانب أخرى.

لكن هل هذا السبب كان كافيا ليطيل عمر الانقسام كل هذه السنوات ويعمقه ويجذره، وصولا إلى التهديد أو الإعداد إلى الانفصال، مرة أخرى بالتأكيد لا.

الانقسام في جوهره كان نتيجة لذلك الانقلاب/الحسم في سياق رؤية دولية إقليمية محلية، هي رؤية أوباما وخطة كونداليزا رايز التي ترى ضرورة تسليم الحكم إلى الإسلام السياسي في المنطقة، خاصة إلى الاخوان المسلمين. ساهم في تطبيق هذه الرؤيا وتمويلها على الصعيد الإقليمي كل من قطر وتركيا.

كما ان هذا الانقلاب/الحسم كان في سياق انقلاب اليمين اليهودي في إسرائيل وفي العالم على رؤية اتفاقية اوسلو للحل، وعدم الموافقة على حل الدولتين والنظر له على أنه الخطر الذي يهدد أمن ووجود دولة إسرائيل، وبالتالي من الهام القضاء عليه من خلال تقويض السلطة الفلسطينية وطردها من غزة، للتحلل من استحقاقات اسلو، بحجة انقسام الفلسطينيين وعدم وجود جهة فلسطينية موحدة تمثلهم.

الانقلاب/الحسم اتى ايضا في سياق رؤية إيران لدورها الإقليمي وضرورة السيطرة على أطراف في دول الإقليم لتستخدمها سياسيا وعسكريا وفقا لمصالحها.

هذه هي السياقات الثلاثة الدولية والإقليمية والمحلية التي حدث فيها الانقلاب/الحسم، باختصار راى الاخوان المسلمين، واهمين، في نجاح حماس في الانتخابات التشريعية في يناير 2006 فرصة لتطبيق مشروعهم وخلق دولتهم/امارتهم كرأس حربة لنشر وتمدد هذا المشروع إلى مختلف دول المنطقة، وهذا ما حدث فيما عرف فيما بعد بالربيع العربي.

اعتقد ان الايام والواقع اثبت عدم واقعية هذا الطرح/الوهم، وتراجع الأطراف الدولية والإقليمية مضطرة عن إعادة محاولة تطبيق هذا المفهوم. المشروع انهزم في سوريا، وقضي عليه مبكرا في مصر، وعلى وشك الانهزام في ليبيا، ويتراجع في تونس واليمن، وتلقى ضربة جديدة في السودان، وغير قادر على التململ في الجزائر.

مازال هذا المشروع يلقى قبولا فقط من اليمين الصهيوني الذي يرى في غزة جوهر الحل للقضية الفلسطينية، وقد تكون صفقة القرن ومقررات ورشة المنامة تصب في هذا الاتجاه.

السؤال المهم الان، هل من الممكن تطبيق هذا الحل للقضية الفلسطينية في غزة باستخدام حماس؟! يزعم ويتوقع البعض ذلك!!

انا اجزم أن إسرائيل لن تقبل ذلك مهما تغيرت أو تمكيجت حماس، لأن إسرائيل لا يمكن أن تقبل أن توقع اتفاقيات مع اي طرف فلسطيني دون أن تعريه من كل أوراقه وعوامل القوة التي يمتلكها، مهما كانت متواضعة، وحماس في نظر إسرائيل حركة مقاومة فلسطينية.

مسيرة المفاوضات السياسية مع السلطة الوطنية أثبتت ما نقول، كما يثبت ذلك التفاوض المتواصل وغير المباشر، من خلال أطراف عربية، بين حماس وإسرائيل على ما يسمى بالتفاهمات التي تعيد وتنتج من جديد التفاهمات السابقة، والتي تتلخص بتحسينات وثوابت حياتية، كما عبر عنها احد قادة قطاع غزة.

ما الهدف من هذا الطرح، الهدف هو مواجهة الواقع والحقيقة بطريقة مباشرة. الاعتراف بهذه الحقيقة ليس فقط من مصلحة الشعب الفلسطيني، بل ايضا من مصلحة حركة حماس وحلفائها.

يجب إقناع حماس أن لا امل لها في السيطرة وحكم قطاع غزة، ولا يمكن أن تقبل إسرائيل بحماس أن تكون شريكا سياسيا لها وجارة على حدودها، وآن لحماس التخلي عن هذا المشروع الموهوم، على طريق تاكيد وطنيتها واستقلاليتها عن المشروع العالمي لحركة الاخوان المسلمين، كما اعلنت في وثيقتها الاخيرة.

طبعا، هذا إضافة الى عوامل ووقائع كثيرة، محلية وعربية، لا يمكن أن تقبل أو تسمح لحماس بتحقيق هذا المشروع، مشروع حكم/اقامة دولة/إمارة غزة.

إسرائيل تعمل على فصل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية وإقامة شكل من الحكم المستقل فيه، لكن بالتأكيد لن تسلم غزة لحماس أو لاي طرف فلسطيني مستقل، يحمل أي معاني او حتى بذور من الوطنية والمقاومة.

غزة ليست لحماس، لن تسلم إسرائيل غزة لحماس مهما تشاطرت!. غزة مقبلة على عملية جراحية كبرى يعاد فيها ترتيبها وفق خطة كوشنر.

اذا استطاع المثقفون والسياسيون إقناع حماس، والأطراف التي مازالت تؤمن بهذا الوهم، بهذه الحقيقة البسيطة نكون قد قطعنا شوطا هاما في وضع ايدينا على الحقيقة وعلاجها وصولا الى إنهاء الانقسام، والاقتراب من الوحدة.

اما في حال واصلنا نفس الخطاب ونفس المطالبة بإنهاء الانقسام، وترديد لازمة طرفي الانقسام، وكيل التهم للفريقين، ومطالبة الرئيس بالقدوم إلى غزة، وإعادة جولات المصالحات المكوكية، في الداخل والخارج، وزيارة القيادات الأمنية والسياسية والواسطات الفلسطينية والعربية، دون معالجة السبب الحقيقي الذي أدى لهذا الانقسام، فسنبقى نراوح في نفس المكان ونجتر نفس الكلمات، هذا ما لا نتمنى!.

ليست هناك تعليقات: